کتابخانه تفاسیر
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 56
تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام في مولاه عزيز مصر: إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ و قوله: ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ و كقول عبد المطلب يوم الفيل لأبرهة قائد النجاشي: أمّا الإبل: فأنا ربّها، و أما البيت: فإنّ له ربّا يحميه.
و عبارة «الروح»: و الرّب: «1» بمعنى التربية، و الإصلاح، أمّا في حقّ العالمين: فيربّيهم بأغذيتهم، و سائر أسباب بقاء وجودهم، و أمّا في حقّ الإنسان:
فيربّيه تارة بأطواره، و فيض قوى أنواره في أعضائه. فسبحان من أسمع بعظم، و بصّر بشحم، و أنطق بلحم، و أخرى بترتيب غذائه في النبات بحبوبه، و ثماره، و في الحيوان بلحومه، و شحومه، و في الأراضي بأشجاره، و أنهاره، و في الأفلاك بكواكبه، و أنواره، و في الزمان بسكونك، و تسكين الحشرات، و الحركات المؤذية في الليالي، و حفظك، و تمكينك من ابتغاء فضله في النهار. فيا هذا! يربّيك كأنّه ليس له عبد سواك، و أنت لا تخدمه، أو تخدمه كأنّ لك ربّا غيره. انتهى.
و قرأ زيد بن عليّ، و طائفة «2» : رَبِّ الْعالَمِينَ بالنصب على المدح، و هي فصيحة، لو لا خفض الصفات بعدها، و ضعّفت إذ ذاك، على أنّ الأهوازي حكى في قراءة زيد بن عليّ أنّه قرأ: رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بنصب الثلاثة، فلا ضعف إذ ذاك، و إنّما ضعّفت قراءة نصب رب، و خفض الصفات بعدها؛ لأنّهم نصّوا على أنّه لا إتباع بعد القطع في النعوت، لكن تخريجها على أن يكون الرحمن بدلا، و لا سيّما على مذهب الأعلم، إذ لا يجيز في الرحمن أن يكون صفة، و حسّن ذلك على مذهب غيره، كونه وصفا خاصّا، و كون البدل على نيّة تكرار العامل، فكأنّه مستأنف من جملة أخرى، فحسن النصب. و قول من زعم:
أنّه نصب رب بفعل دلّ عليه الكلام قبله، كأنّه قيل: نحمد اللّه ربّ العالمين.
ضعيف؛ لأنّه مراعاة التوهّم، و هو من خصائص العطف، و لا ينقاس فيه.
دقيقة: «3» في لفظ ربّ خصوصيّة لا توجد في غيره من أسمائه تعالى، و هي:
(1) روح البيان.
(2) البحر المحيط.
(3) هداية الطالب.
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 57
أنك إذا قرأته طردا كان من أسمائه تعالى، و إن قلبته كان من أسمائه تعالى. انتهت.
و قوله: الْعالَمِينَ : اسم جمع لعالم بفتح اللام، لا جمع له؛ لعدم العلمية، أو الوصفية فيه، و قيل: جمع له شاذ. قال في «الكشاف»: ساغ ذلك لوجود معنى الوصفية فيه، و هي الدلالة على معنى العلم. و في البيضاوي: و العالم:
اسم لما يعلم به، كالخاتم، و القالب، من العلامة؛ لأنّه علامة على صانعه. و هو كلّ «1» ما سوى اللّه تعالى من الجواهر، و الأعراض، فإنّها لإمكانها و افتقارها إلى مؤثر واجب لذاته تدلّ على وجوده؛ لأنّها محدثة، و كلّ محدث له صانع، فالعالم له صانع. و إنّما جمعه؛ ليشمل جميع ما تحته من الأجناس المختلفة، و غلّب العقلاء منهم، فجمعه بالياء و النون، كسائر أوصافهم. اه.
فإن قلت «2» : لم جمع العالمين جمع قلّة، مع أنّ المقام مستدع للإتيان بجمع الكثرة، كالعوالم؟
قلت: تنبيها على أنهم، و إن كثروا فهم قليلون في جانب عظمته تعالى، و كبريائه.
فإن قلت: الجمع يقتضي اتفاق الأفراد في الحقيقة، و هي هنا مختلفة.
قلنا: بل هي متفقة من حيث إنّ كلّا منها علامة يعلم بها الخالق، و الاختلاف إنما عرض بواسطة أسمائها. اه. كرخي.
و قيل «3» : اسم وضع لذوي العلم من الملائكة، و الثقلين، و تناوله لغيره على سبيل الاستتباع. و قيل: عنى به الناس ههنا، فإنّ كلّ واحد منهم عالم من حيث، إنّه يشمل على نظائر ما في العالم الكبير من الجواهر و الأعراض، يعلم بها الصانع، كما يعلم بما أبدعه في العالم، و لذلك سوّى بين النظر فيهما، حيث قال: وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ .
و قد جرت «4» عادتهم، على أن لا يطلقوا هذا اللفظ، إلّا على كلّ جماعة
(1) البيضاوي.
(2) الفتوحات.
(3) البيضاوي.
(4) المراغي.
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 58
متمايزة لأفرادها صفات تقرّبها من العقلاء، إن لم تكن منهم، فيقولون: عالم الإنسان، و عالم الحيوان، و عالم النبات، و لا يقولون: عالم الحجر، و لا عالم التراب. ذلك أنّ هذه العوالم هي التي يظهر فيها معنى التربية الذي يفيده لفظ ربّ، إذ يظهر فيها الحياة، و التغذية، و التوالد.
و خلاصة معنى الآية: أنّ كلّ ثناء فهو للّه تعالى، إذ هو مصدر جميع الكائنات، و هو الذي يسوس العالمين، و يربّيهم من مبدئهم إلى نهايتهم، و يلهمهم ما فيه خيرهم، و صلاحهم، فللّه الحمد على ما أسدى، و الشكر له على ما أولى.
و في «الخازن»: و اختلف في مبلغ عددهم، فقيل: للّه ألف عالم، ستمائة عالم في البحر، و أربعمائة في البرّ. و قيل: ثمانون ألف عالم، أربعون ألفا في البرّ، و مثلهم في البحر. و قيل: ثمانية عشر ألف عالم، الدنيا منها عالم واحد، و ما العمران في الخراب إلّا كفسطاط في صحراء، قاله: وهب بن منبه.
الفسطاط: الخيمة. اه.
و في «الروح»: و قال الضحاك: للّه ثلاثمائة و ستّون عالما، ثلاثمائة منهم:
عراة حفاة لا يعرفون خالقهم، و هم حشو جهنم. و ستّون عالما: يلبسون الثياب، مرّ بهم ذو القرنين، و كلّمهم. و قال كعب الأحبار: لا يحصى؛ لقوله تعالى: وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ .
و عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه-: أنّ اللّه تعالى خلق الخلق أربعة أصناف:
الملائكة، و الشياطين، و الجنّ، و الإنس، ثمّ جعل هؤلاء عشرة أجزاء، تسعة منهم الملائكة، و واحد الثلاثة الباقية، ثمّ جعل هذه الثلاثة، عشرة أجزاء، تسعة منهم الشياطين، و جزء واحد الجنّ و الإنس، ثمّ جعلهما عشرة أجزاء، فتسعة منهم الجنّ، و واحد الإنس، ثمّ جعل الإنس مائة و خمسة و عشرين جزءا، فجعل مائة جزء في بلاد الهند، منهم ساطوح، و هم: أناس رؤوسهم مثل رؤوس الكلاب، و ماسوخ و هم: أناس آذانهم كآذان الفيلة، و مالوف، و هم: أناس لا يطاوعهم أرجلهم، يسمّون دوال باي، و مصير كلّهم إلى النار. و جعل اثني عشر
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 59
جزءا منهم في بلاد الروم: النسطورية، و الملكانية، و الإسرائيليّة، كلّ من الثلاث أربع طوائف، و مصيرهم إلى النار جميعا. و جعل ستّة أجزاء منهم في المشرق:
يأجوج و مأجوج، و ترك خاقان، و ترك حد خلخ، و ترك خزر، و ترك جرجير.
و جعل ستّة أجزاء في المغرب: الزنج، و الزّط، و الحبشة، و النوبة، و بربر، و سائر كفار العرب، و مصيرهم إلى النار. و بقي من الإنس من أهل التوحيد جزء واحد، فجزأهم ثلاثا و سبعين فرقة: اثنتان و سبعون على خطر، و هم أهل البدع و الضلالات، و فرقة ناجية و هم أهل السنة و الجماعة، و حسابهم على اللّه تعالى، يغفر لمن يشاء، و يعذب من يشاء.
و في الحديث: «إنّ اليهود افترقت إحدى و سبعين فرقة، و النصارى اثنتين و سبعين فرقة، و ستفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة، كلّهم في النار إلّا فرقة واحدة، قالوا: من هي يا رسول اللّه؟ قال: «هم من على ما أنا عليه و أصحابي».
يعني: ما أنا عليه و أصحابي من الاعتقاد، و الفعل، و القول، فهو حقّ، و طريق موصل إلى الجنة، و الفوز، و الفلاح، و ما عداه باطل. و طريق النار: إن كانوا إباحيين فهم خلود، و إلّا فلا. انتهى.
الرَّحْمنِ ؛ أي: المنعم بما لا يتصوّر صدور تلك النعمة من العباد.
الرَّحِيمِ ؛ أي: المنعم بما يتصوّر صدور تلك النعمة من العباد، فلا يقال لغير اللّه: رحمن، و يقال لغيره من العباد: رحيم، و قد مرّ ذكرهما في البسملة، و هو دليل على أنّ البسملة ليست من (الفاتحة)، إذ لو كانت منها لما أعادهما؛ لخلّو الإعادة من الإفادة. اه. «نسفي». و قيل: كرّرهما «1» مع بقيّة الأوصاف؛ تعليلا لاستحقاقه الحمد. و المعنى عليه: و إنّما استحقّ الحمد من عباده؛ لكونه ربّا موجدا لهم، منعما عليهم بالنعم كلّها ظاهرها و باطنها، عاجلها و آجلها، جليلها و حقيرها، مالكا لأمورهم يوم الثواب و العقاب. و قيل: كرّرهما «2» ؛ ليعلم أنّ العناية بالرحمة أكثر من غيرها من الأمور، و أنّ الحاجة إليه أكثر، فنبّه سبحانه
(1) عمدة التفاسير.
(2) الخازن.
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 60
و تعالى بتكرير ذكر الرحمة على كثرتها، و أنّه هو المتفضّل بها على خلقه. قال القرطبي: وصف سبحانه و تعالى نفسه بعد رَبِّ الْعالَمِينَ بأنه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ؛ لأنّه لمّا كان في اتصافه بربّ العالمين ترهيب، قرنه بالرحمن الرحيم لما تضمّن من الترغيب؛ ليجمع في صفاته بين الرهبة منه، و الرغبة إليه، فيكون أعون على طاعته و أمنع، كما قال تعالى: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَ أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ ، و قال: غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ .
و في «صحيح مسلم» عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «لو يعلم المؤمن ما عند اللّه من العقوبة، ما طمع في جنّته أحد، و لو يعلم الكافر ما عند اللّه من الرحمة، ما قنط من جنته أحد». انتهى.
و في «روح البيان»: في التكرار وجوه:
أحدها: ما سبق من أنّ رحمتي البسملة ذاتيّتان، و رحمتي (الفاتحة) صفاتيتان.
و الثاني: ليعلم أنّ التسمية ليست من (الفاتحة).
و الثالث: أنّه ندب العباد إلى كثرة الذكر، فإنّ من علامة حبّ اللّه، حبّ ذكر اللّه. و في الحديث: «من أحبّ شيئا أكثر ذكره».
و الرابع: أنّه ذكر ربّ العالمين، فبيّن أنّ ربّ العالمين: هو الرحمن الذي يرزقهم في الدنيا، الرحيم: الذي يغفر لهم في العقبى، و لذلك ذكر بعده مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ . يعني: أنّ الربوبية إمّا بالرحمانية: و هي رزق الدنيا، و إما بالرحيمية: و هي المغفرة في العقبى.
و الخامس: أنّه ذكر الحمد، و بالحمد تنال الرحمة، فإنّ أول من حمد اللّه تعالى من البشر: آدم عليه السلام حين عطس، فقال: الحمد للّه، و أجيب في الحال: يرحمك ربّك، و لذلك خلقه، فعلّم خلقه الحمد، و بين أنّهم ينالون رحمته بالحمد.
و السادس: أنّ التكرار للتعليل كما مرّ؛ لأنّ ترتيب الحمد على هذه الأوصاف أمارة علّيّة مأخذها، فالرحمانية، و الرحيمية من جملتها؛ لدلالتهما على
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 61
أنّه مختار في الإحسان لا موجب، و في ذلك استيفاء أسباب استحقاق الحمد، من فيض الذات بربّ العالمين، و فيض الكمالات بالرحمن الرحيم، و لا خارج عنهما في الدنيا، و فيض الأثوبة لطفا، و الأجزية عدلا في الآخرة، و من هذا يفهم وجه ترتيب الأوصاف الثلاثة.
و الفرق بين الرَّحْمنِ و الرَّحِيمِ : إمّا باختصاص الحق بالأوّل، أو بعمومه، أو بجلائل النعم، فعلى الأول: هو الرحمن بما لا يصدر جنسه من العباد، و الرحيم: بما يتصور صدوره منهم، فذا كما روي عن ذي النون المصري- رحمة اللّه تعالى- قال: وقعت ولولة في قلبي، فخرجت إلى شطّ النيل، فرأيت عقربا يعدو، فتبعته، فوصل إلى ضفدع على الشطّ، فركب ظهره، و عبر به النيل، فركبت السفينة و اتبعته، فنزل، و عدا إلى شابّ نائم، و إذا أفعى بقربه تقصده، فتواثبا، و تلادغا، و ماتا، و سلم النائم.
و يحكى: أنّ ولد الغراب إذا خرج من القشر يكون كلحم أحمر، و يفرّ الغراب منه، فيجتمع عليه البعوض، فيلتقمه إلى أن ينبت ريشه، فعند ذلك تعود الأمّ إليه، و لهذا قيل: يا رازق النّعاب في عشّه!
و أمّا على أنّ الرحمن عامّ، فقيل: كيف ذلك و قلّما يخلو أحد، بل حالة له عن نوع بلوى؟ قلنا: الحوادث منها ما يظنّ أنّه رحمة و يكون نقمة، و بالعكس، قال اللّه تعالى: فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ يَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ، فالأول كما قال الشاعر:
إنّ الشباب و الفراغ و الجده
مفسدة للمرء أيّ مفسده
و كلّ منها في الظاهر نعمة، و الثاني: كحبس الولد في المكتب، و حمله على التعلّم بالضرب، و كقطع اليد المتآكلة، فالأبله يعتبر الظواهر، و العاقل ينظر إلى السرائر، فما من بليّة و محنة إلّا و تحتها رحمة و منحة، و ترك الخير الكثير للشر القليل شرّ كبير، فالتكاليف؛ لتطهير الأرواح عن العلائق الجسمانية، و خلق النار؛ لصرف الأشرار إلى أعمال الأبرار، و خلق الشيطان؛ لتميّز المخلصين من العباد، فشأن المحقق أن يبني على الحقائق، كالخضر عليه السلام في قصّة
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 62
موسى معه. فكلّ ما يكره الطبع فتحته أسرار خفيّة، و حكمة بالغة. و أمّا على أنّ الرحمن لجلائل النعم: فإنّما أتبعه بالرحيم؛ لدفع توهم أن يكون طلب العبد الشيء اليسير سوء أدب، كما قيل لبعضهم: جئتك لحاجة يسيرة. قال: أطلب لها رجلا يسيرا، فكأنّ اللّه سبحانه يقول: لو اقتصرت على الرحمن؛ لاحتشمت عنّي، و لكنّي رحيم فاطلب منّي حتى شراك نعلك، و ملح قدرك. انتهى.
و عبارة المراغي هنا: و قد ذكر سبحانه هذين الوصفين؛ ليبيّن لعباده أن ربوبيته ربوبيّة رحمة و إحسان، ليقبلوا على عمل ما يرضيه، و هم مطمئنو النفوس منشرحو الصدور، لا ربوبيّة جبروت و قهر لهم. و العقوبات التي شرعها اللّه سبحانه و تعالى لعباده في الدنيا، و العذاب الأليم في الآخرة، لمن تعدّى حدوده، و انتهك حرماته، هي قهر في الظاهر، و رحمة في الحقيقة؛ لأنها تربية للناس و زجر لهم حتى لا ينحرفوا عن الجادّة التي شرعها لهم، إذ في اتباعها سعادتهم و نعيمهم، و في تجاوزها شقاؤهم و بلاؤهم، ألا ترى إلى الوالد الرؤوف كيف يربّي أولاده بالترغيب في عمل ما ينفع، و الإحسان إليهم إذا لزموا الجادّة، فإذا هم حادوا عن الصراط السويّ، لجأ إلى الترهيب بالعقوبة حين لا يجد منها محيصا؟. قال أبو تمّام:
فقسا ليزدجروا و من يك حازما
فليقس أحيانا على من يرحم
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ؛ أي: مالك الأمور و مدبّرها، و قاضيها يوم المجازاة للعباد على أعمالهم؛ بإثابة المؤمنين، و عقاب الكافرين، و هو يوم القيامة. هذا على قراءة الألف، و قرىء بلا ألف، و المعنى حينئذ؛ أي: ذي الملك، و السلطنة، و القهر في ذلك اليوم؛ لأنّه لا ملك ظاهر فيه لأحد إلّا للّه تعالى بدليل لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ، أمّا في الدنيا: ففيها الملك ظاهرا لكثير من الناس، فتحصّل: أنّ وصف الملكيّة ثابت له تعالى أزلا، و ظهوره يكون يوم القيامة؛ لإقرار جميع الخلق به.