کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن

الجزء الأول

الفصل الأول في فضل القرآن الكريم و تلاوته، و تعلمه، و تعليمه الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، و ما يكره منها، و ما يحرم، و اختلاف الناس في ذلك الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن و العلم من الرياء، و غيره الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، و لا يغفل عنه الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، و تعليمه، و الحث عليه، و ثواب من قرأ القرآن معربا الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، و أهله الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، و وضعه الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، و من هو، و فيمن عاداه الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارى‏ء القرآن، و حامله من تعظيم القرآن و حرمته الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسنة الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلم، و الفقه لكتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم. و ما جاء أنه يسهل على من تقدم العمل به، دون حفظه الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم:«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، و سبب كتب عثمان المصاحف، و إحراقه ما سواه، و ذكر من حفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، و كلماته، و حروفه الفصل السابع عشر في أجزائه، و أحزابه، و أرباعه، و أنصافه، و أثلاثه، و أسباعه الفصل الثامن عشر في تعشيره و تخميسه، و الكتابة في فواتح السور، أو خواتمها، و وضع النقط في منتهى الآية، و غير ذلك الفصل التاسع عشر في بيان أول من وضع النقط، و الشكل، و الشدة، و المدة، و الهمزة، و علامة الغنة في المصاحف، و أول من وضع النحو، و جعل الإعراب فيها الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية الفصل الحادي و العشرون في بيان معنى القرآن، و معنى السورة، و الكلمة، و الحرف الفصل الثاني و العشرون في بيان معنى النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، و أقسامه، و شرائطه، و الرد على من أنكره، و بيان معنى الناسخ، و المنسوخ، و غير ذلك الفصل الثالث و العشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، و المنسوخ الفصل الرابع و العشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف. الفصل الخامس و العشرون في بيان قواعد أصولية لأسباب النزول الفصل السادس و العشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، و غيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغرا الفصل السابع و العشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الرد على من طعن في القرآن، و خالف مصحف عثمان بالزيادة، و النقصان الفصل الثامن و العشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا؟ الفصل التاسع و العشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، و شرائط المعجزة، و حقيقتها الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات الفهرس مقدمة مقدمة في مبادى‏ء فن التفسير

سورة البقرة

فائدة:

المجلد التاسع

استهلال:

تابع إلى سورة الأنعام:

[سورة الأنعام(6): الآيات 145 الى 153]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

سورة الأعراف

المناسبة: و مناسبة ذكرها بعد سورة الأنعام الناسخ و المنسوخ:

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 18]

[سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 43]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: التكرار في قوله: يا بني آدم و منها: المجاز المرسل في قوله: عند كل مسجد و منها: الجناس المغاير بين و لا تسرفوا و بين المسرفين و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادخلوا في أمم و منها: عطف العام على الخاص في قوله: و الإثم و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سلطانا و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الطباق بين لا يستأخرون.. و لا يستقدمون و منها: الاعتراض في قوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها و منها: التهكم في قوله: فذوقوا العذاب و منها: الكناية في قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله: و منها: المجاز المرسل في قوله: و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أن تلكم الجنة و منها: الاستعارة في قوله: لهم من جهنم مهاد و من فوقهم غواش و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع

[سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 58]

المناسبة الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: المقابلة في قوله: و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار و منها: المشاكلة في قوله: ما وعد ربكم و منها: التعبير بالماضي عما في المستقبل، في قوله: و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: فأذن مؤذن و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: حرمهما و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: و منها: الالتفات في قوله: سقناه لبلد ميت و منها: التتميم في قوله: و البلد الطيب... و منها: تخصيص خروج النبات الطيب بقوله: و منها: الكناية في قوله: بإذن ربه و منها: الطباق بين قوله: و البلد الطيب و قوله: و الذي خبث و منها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: كذلك نخرج الموتى و منها: إيجاز القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر و منها: الاكتفاء في قوله: يغشي الليل النهار و منها: التكرار في قوله: و نادى و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: من شفعاء فيشفعوا لنا و منها: الجناس المماثل في قوله: فاليوم ننساهم كما نسوا و منها: الاستفهام التوبيخي في مواضع و منها: الإنكاري في قوله: هل ينظرون إلا تأويله و منها: الإضافة للتشريف في قوله: رسل ربنا و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع و منها: القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر

[سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 74]

المناسبة الإعراب

المجلد العاشر

تتمة سورة الأعراف

خاتمة في خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة من الموضوعات شعر الفهرس

المجلد السادس عشر

سورة الإسراء

شعر الفهرس

المجلد الرابع و العشرون

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن


صفحه قبل

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 76

و الزاي: لغة لبني عذرة، و كعب، و بني القين، و قال أبو بكر بن مجاهد: و هذه القراءة تشير: إلى أنّ قراءة من قرأ بين الزاي و الصاد تكلّف حرف بين حرفين، و ذلك صعب على اللسان، و ليس بحرف يبنى عليه الكلام و لا من حروف المعجم، لست أدفع أنّه من كلام فصحاء العرب إلّا أنّ الصاد أفصح و أوسع.

و قرأ زيد بن علي، و الضحاك، و نصر بن علي، عن الحسن اهدنا صراطا مستقيما بالتنوين من غير لام التعريف، كقوله: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ‏ . و قرأ جعفر الصادق في صراط مستقيم بالإضافة.

و اعلم‏ «1» : أنّ هداية اللّه للإنسان على ضروب.

1- هداية الإلهام: و تكون للطفل منذ ولادته فهو يشعر بالحاجة إلى الغذاء، و يصرخ طالبا له.

2- هداية الحواسّ: و هاتان الهدايتان يشترك فيهما الإنسان و الحيوان الأعجم، بل هما في الحيوان أتم منهما في الإنسان، إذ إلهامه و حواسّه يكملان بعد ولادته بقليل، و يحصلان في الإنسان تدريجا.

3- هداية العقل: و هي هداية أعلى من هداية الحسّ و الإلهام، فالإنسان قد خلق ليعيش مجتمعا مع غيره، و حواسّه و إلهامه لا يكفيان لهذه الحياة، فلا بدّ له من العقل الذي يصحّح له أغلاط الحواسّ. ألا ترى الصّفراويّ يذوق الحلو مرّا، و الرّائي يبصر العود المستقيم في الماء معوجّا.

4- هداية الأديان و الشرائع: و هي هداية لا بدّ منها لمن استرقّت الأهواء عقله، و سخّر نفسه للذّاته و شهواته، و سلك مسالك الشرور و الآثام، و عدا على بني جنسه، و حدث بينه و بينهم التّجاذب و التدافع، فبها يحصل الرشاد، إذا غلبت الأهواء العقول، و تتبينّ للناس الحدود و الشرائع، ليقفوا عندها، و يكفّوا أيديهم عمّا وراءها إلى أنّ في غرائز الإنسان الشعور بسلطان غيبيّ متسلط على الأكوان،

(1) روح البيان.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 77

إليه ينسب كل ما لا يعرف له سببا، و بأن له حياة وراء هذه الحياة المحدودة، و هو بعقله لا يدرك ما يجب لصاحب هذا السلطان، و لا يصل فكره إلى ما فيه سعادته في هذه الحياة، فاحتاج إلى هداية الدين التي تفضّل اللّه بها عليه و وهبه إيّاها.

و إلى تلك الهدايات أشار الكتاب الكريم في آيات كثيرات، كقوله:

وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ‏ أي: طريق الخير و الشرّ، و السعادة و الشقاء، و قوله: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ ؛ أي: أرشدناهم إلى طريق الخير و الشرّ، فاختاروا الثاني الذي عبّر عنه بالعمى. و هناك نوع آخر من الهداية.

و هي المعونة و التوفيق للسير في طريق الخير، و هي التي أمرنا اللّه بطلبها في قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ ، إذ المراد: دلّنا دلالة تصحبها من لدنك معونة غيبيّة تحفظنا بها من الوقوع في الخطاء و الضلال، و هذه الهداية خاصّة به سبحانه لم يمنحها أحدا من خلقه، و من ثم نفاها عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ، و قوله: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ، و أثبتها لنفسه في قوله: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ .

أمّا الهداية بمعنى الدلالة على الخير و الحقّ مع بيان ما يعقب ذلك من السعادة، و الفوز، و الفلاح، فهي مما تفضّل اللّه بها على خلقه، و منحهموها، و من ثمّ أثبتها للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ .

هذا و الصراط المستقيم: هو جملة ما يوصل إلى السعادة في الدنيا، و الآخرة من عقائد، و أحكام، و آداب، و تشريع دينّي، كالعلم الصحيح باللّه و النبوة، و أحوال الكون، و أحوال الاجتماع. و قد سمّى هذا صراطا مستقيما؛ تشبيها له بالطريق الحسي، إذ كل منهما موصل إلى غاية، فهذا سير معنويّ يوصل إلى غاية يقصدها الإنسان، و ذاك سير حسيّ يصل به إلى غاية أخرى.

و قد أرشدنا اللّه سبحانه إلى طلب الهداية منه؛ ليكون عونا لنا بنصرنا على أهوائنا و شهواتنا، بعد أن نبذل ما نستطيع من الجهد في معرفة أحكام الشريعة، و نكلّف أنفسنا الجري على سننها؛ لنحصل على خير الدنيا و الآخرة.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 78

قال في «التيسير» «1» : إِيَّاكَ نَعْبُدُ لإظهار التوحيد، وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ لطلب العون عليه، اهْدِنَا لسؤال الثبات على دينه، و هو تحقيق عبادته و استعانته؛ و ذلك لأنّ الثبات على الهداية أهمّ الحاجات، إذ هو الذي سأله الأنبياء و الأولياء، كما قال يوسف عليه السلام: تَوَفَّنِي مُسْلِماً ، و سحرة فرعون: وَ تَوَفَّنا مُسْلِمِينَ‏ ، و الصحابة: وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ ؛ و ذلك لأنه لا ينبغي أن يعتمد على ظاهر الحال، فقد يتغيّر في المآل كما لإبليس، و برصيصا، و بلعم بن باعورا. اه.

صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ بدل‏ «2» من الصراط، بدل كلّ من كلّ، فهو على نيّة تكرار العامل، و فائدته: التأكيد و الإشعار بأنّ الصراط المستقيم هو صراط هؤلاء الذين أنعمت عليهم. و يجوز أن يكون عطف بيان، و فائدته الإيضاح.

و الذين أنعم اللّه عليهم هم المذكورون في (سورة النساء)، حيث قال:

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (69) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ عَلِيماً ، و أطلق الإنعام؛ ليشمل كلّ إنعام.

و المعنى: أي أرشدنا إلى صراط الأقوام الذين مننت عليهم بالهداية، و أكرمتهم بالتوفيق. و قال ابن عباس- رضي اللّه عنهما-: هم قوم موسى و عيسى الذين لم يغيّروا و لم يبدّلوا. و قيل: هم أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و سلّم و أهل بيته.

و قرى‏ء «3» : صراط من أنعمت عليهم. و الإنعام: إيصال النعمة، و هي في الأصل الحالة التي يستلذّها الإنسان، فأطلقت لما يستلذه من النعمة، و هي اللين. و نعم اللّه، و إن كانت لا تحصى كما قال: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها ، تنحصر في جنسين دنيوي و أخروي. و الأول قسمان: موهبيّ و كسبيّ.

(1) عمدة التفاسير.

(2) البيضاوي.

(3) البحر المحيط.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 79

و الموهبيّ قسمان: روحاني: كنفخ الروح فيه، و إشراقه بالعقل، و ما يتبعه من القوى، كالفهم، و الفكر، و النطق. و جسماني: كتخليق البدن و القوى الحالّة فيه، و الهيئات العارضة له من الصحة و كمال الأعضاء. و الكسبيّ: تزكية النفس عن الرذائل، و تحليتها بالأخلاق السنيّة و الملكات الفاضلة، و تزيين البدن بالهيئات المطبوعة، و الحلي المستحسنة، و حصول الجاه، و المال. و الثاني: أن يغفر ما فرط منه، و يرضى عنه و يبوّئه في أعلى عليّين مع الملائكة المقربين أبد الآبدين.

و المراد هنا: هو القسم الأخير، و ما يكون وصلة إلى نيله من القسم الآخر، فإنّ ما عدا ذلك يشترك فيه المؤمن و الكافر.

و حكى اللّغويّون في‏ عَلَيْهِمْ‏ عشر لغات‏ «1» : ضمّ الهاء و إسكان الميم، و هي قراءة حمزة، و كسرها و إسكان الميم، هي قراءة الجمهور، و كسر الهاء و الميم و ياء بعدها، و هي قراءة الحسين، و زاد ابن مجاهد، أنها قراءة عمر بن قائد، و كذلك بغير ياء، و هي قراءة عمرو بن فائد، و كسر الهاء و ضمّ الميم و واو بعدها، و هي قراءة ابن كثير، و قالون بخلاف عنه، و كسر الهاء و ضمّ الميم بغير واو، و ضمّ الهاء و الميم و واو بعدها، و هي قراءة الأعرج، و الخفاف، عن أبي عمرو، و كذلك بدون واو، و ضمّ الهاء و كسر الميم بياء بعدها، و كذلك بغير ياء، و قرى‏ء بهما. و توضيح هذه القراءات بالخط و الشكل: عليهم، عليهم، عليهمي، عليهم، عليهمو، عليهم، عليهمو، عليهم، عليهمي، عليهم.

و في «القرطبي»: «2» و في‏ عَلَيْهِمْ‏ عشر لغات قرى‏ء بعامّتها: عليهم بضمّ الهاء و إسكان الميم، و عَلَيْهِمْ‏ بكسر الهاء و إسكان الميم، و عليهمي بكسر الهاء و الميم، و إلحاق ياء بعد الكسرة، و عليهمو بكسر الهاء و ضمّ الميم، و زيادة واو بعد الضمّة، و عليهمو بضمّ الهاء و الميم، و زيادة واو بعد الميم، و عليهم بضمّ الهاء و الميم من غير زيادة واو. و هذه الأوجه الستّة مأثورة عن أئمّة القرّاء. الثلاثة الأول منها: سبعيّة، و أوجه أربعة منقولة عن العرب‏

(1) الفتوحات.

(2) البيضاوي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 80

غير محكيّة عن القرّاء. عليهمي بضمّ الهاء و كسر الميم، و زيادة ياء بعد الميم، حكاها الأخفش البصري عن العرب، و عليهم بضمّ الهاء و كسر الميم من غير زيادة ياء، و عليهم بكسر الهاء و ضمّ الميم من غير إلحاق واو، و عليهم بكسر الهاء و الميم و لا ياء بعد الميم. و كلّها صواب قاله ابن الأنباري. اه.

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ بدل من‏ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ بدل كلّ من كلّ. أي: صراط غير اليهود الذين غضبت عليهم و خذلتهم، و انتقمت منهم؛ لقوله تعالى فيهم: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ‏ .

وَ لَا الضَّالِّينَ‏ . أي: و صراط غير النصارى الذين ضلّوا و أخطأوا عن الهدى لقوله تعالى فيهم: وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ‏ و قيل: غير المغضوب عليهم بالبدعة، و لا الضالّين عن السنّة، و اللّه أعلم.

و المعنى: وفّقنا طريق الهدى و الرشاد التي هي طريق الأنبياء و المؤمنين، و جنّبنا عن طريق أهل الغضب و الضلال التي هي طريق الكفار و المنافقين. و ورد في الحديث: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إنّ المغضوب عليهم اليهود، و إنّ الضالّين هم النصارى» رواه ابن حبّان و صحّحه. و إنّما سمّي كلّ من اليهود و النصارى بما ذكر، مع أنّ كلّا منهم مغضوب عليه و ضالّ؛ لاختصاص كلّ منهما بما غلب عليه. اه. خطيب. و يتجه أن يقال: المغضوب عليهم العصاة، و الضالون الجاهلون باللّه؛ لأنّ المنعم عليه من وفّق للجمع بين معرفة الحقّ لذاته، و الخير للعمل به، و كان المقابل له من اختلّ إحدى قوّتيه العاقلة و العاملة، و المخل بالعمل فاسق مغضوب عليه؛ لقوله تعالى في القاتل عمدا: وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ‏ ، و المخل بالعلم جاهل ضالّ؛ لقوله تعالى: فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ‏ .

اه. من «البيضاوي».

و الحاصل: أنّ‏ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ بدل‏ «1» من‏ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ‏ على‏

(1) الشوكاني.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 81

معنى: أنّ المنعم عليهم هم الذين سلموا من الغضب و الضلال، أو صفة له مبيّنة، أو مقيّدة على معنى: أنّهم جمعوا بين النعمة المطلقة، و هي نعمة الإيمان، و بين السلامة من الغضب و الضلال، و ذلك إنّما يصحّ بأحد تأويلين: أجراء الموصول مجرى النكرة في الإبهام، إذ لم يقصد به معهود كالمحلّى ب (أل) الجنسية في قوله:

و لقد أمرّ على اللئيم يسبّني‏

فمضيت ثم قلت لا يعنيني‏

و كقولهم: إنّي لأمرّ على الرجل مثلك فيكرمني. أو جعل‏ غَيْرِ معرّفا بالإضافة؛ لأنه أضيف إلى ما له ضدّ واحد، و هو المنعم عليه، فيتعيّن تعيّن الحركة من غير السكون، و عن ابن كثير: نصبه على الحال من الضمير المجرور في‏ عَلَيْهِمْ‏ ، و العامل‏ أَنْعَمْتَ‏ أو بإضمار أعني أو بالاستثناء، إن فسّر المنعم بما يعمّ القبيلين، و به قرأ عمر، و ابن مسعود، و عليّ، و ابن الزبير و ليست في المتواتر عن ابن كثير.

و الغضب: ثوران النفس لإرادة الانتقام، و معنى الغضب في صفة اللّه: إرادة العقوبة، فهو صفة ذاته، أو نفس العقوبة. و منه الحديث: «إنّ الصدقة تطفى‏ء غضب الربّ»، فهو صفة فعله. قال في «الكشاف»: غضب اللّه إرادته الانتقام من العصاة، و إنزال العقوبة بهم، و أن يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على من تحت يده.

و الفرق‏ «1» بين‏ عَلَيْهِمْ‏ الأولى و عَلَيْهِمْ‏ الثانية: أنّ الأولى في محل نصب على المفعولية، و الثانية في محل رفع على النيابة عن الفاعل. و (لا) في قوله: وَ لَا الضَّالِّينَ‏ زائدة لتأكيد النفي المفهوم من‏ غَيْرِ ، فكأنّه قال: لا المغضوب عليهم و لا الضّالّين.

و قرأ عمر و أبيّ‏ «2» : و غير الضالّين، و روي عنهما في الراء في الحرفين النصب و الخفض، و يدلّ على أنّ المغضوب عليهم هم غير الضالين. و التأكيد

(1) البحر المحيط.

(2) المراغي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 82

فيها أبعد، و التأكيد في لا، أقرب. و قرأ أيوب السختياني‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ بإبدال الألف همزة؛ فرارا من التقاء الساكنين. و حكى أبو زيد: دأبّة و شأبّة في دابّة و شابّة في كتاب الهمز، و مع ذلك فلا ينقاس هذا الإبدال؛ لأنّه لم يكثر كثرة توجب القياس، نصّ على أنّه لا ينقاس النحويّون.

قال القرطبي: الضلال في لسان العرب: هو الذهاب عن سنن القصد و طريق الحقّ، و منه ضلّ اللبن في الماء؛ أي: غاب. و منه: أَ إِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ‏ ؛ أي: غبنا بالموت و صرنا ترابا. و يقال: ضللت الشي‏ء: جهلت المكان الذي وضعته فيه، و أضللت الشي‏ء: ضيعته، و أضل أعمالهم و ضلّ: غفل و نسي، وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ‏ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما ، و الضلال: سلوك سبيل غير القصد. ضل عن الطريق: سلك غير جادتها، و الضلال: الحيرة و التردّد. و منه: قيل لحجر أملس يردده الماء في الوادي: ضلضلة.

و في «الخطيب»: و في قوله: وَ لَا الضَّالِّينَ‏ مدّان: مدّ لازم، و مدّ عارض، فاللازم: هو الذي على الألف بعد الضاد و قبل اللام المشدّدة، و العارض: هو الذي على الياء قبل النون. اه. و الأصل في الضالّين: الضاللين، ثمّ أدغمت اللام في اللام، فاجتمع ساكنان مدّت الألف و اللام المدغمة.

و الحاصل من معنى الآيتين، كما قاله المراغي: أنّ اللّه سبحانه و تعالى أمرنا «1» باتباع صراط من تقدّمنا؛ لأنّ دين اللّه واحد في جميع الأزمان، فهو إيمان باللّه و رسله، و اليوم الآخر، و تخلّق بفاضل الأخلاق، و عمل الخير، و ترك الشرّ، و ما عدا ذلك فهو فروع و أحكام تختلف باختلاف الزمان و المكان، يرشد إلى ذلك قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى‏ نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ‏ .

ع‏ق‏2%) الْمَغْضُوبِ‏ قيل: هم الذين بلغهم الدين الحقّ الذي شرعه اللّه تعالى لعباده، فرفضوه و نبذوه وراءهم ظهريّا، و انصرفوا عن النظر في الأدلّة؛ تقليدا لما ورثوه عن الآباء و الأجداد، و هؤلاء عاقبتهم النكال و الوبال في نار جهنم و بئس القرار.

صفحه بعد