کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن

الجزء الأول

الفصل الأول في فضل القرآن الكريم و تلاوته، و تعلمه، و تعليمه الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، و ما يكره منها، و ما يحرم، و اختلاف الناس في ذلك الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن و العلم من الرياء، و غيره الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، و لا يغفل عنه الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، و تعليمه، و الحث عليه، و ثواب من قرأ القرآن معربا الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، و أهله الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، و وضعه الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، و من هو، و فيمن عاداه الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارى‏ء القرآن، و حامله من تعظيم القرآن و حرمته الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسنة الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلم، و الفقه لكتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم. و ما جاء أنه يسهل على من تقدم العمل به، دون حفظه الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم:«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، و سبب كتب عثمان المصاحف، و إحراقه ما سواه، و ذكر من حفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، و كلماته، و حروفه الفصل السابع عشر في أجزائه، و أحزابه، و أرباعه، و أنصافه، و أثلاثه، و أسباعه الفصل الثامن عشر في تعشيره و تخميسه، و الكتابة في فواتح السور، أو خواتمها، و وضع النقط في منتهى الآية، و غير ذلك الفصل التاسع عشر في بيان أول من وضع النقط، و الشكل، و الشدة، و المدة، و الهمزة، و علامة الغنة في المصاحف، و أول من وضع النحو، و جعل الإعراب فيها الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية الفصل الحادي و العشرون في بيان معنى القرآن، و معنى السورة، و الكلمة، و الحرف الفصل الثاني و العشرون في بيان معنى النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، و أقسامه، و شرائطه، و الرد على من أنكره، و بيان معنى الناسخ، و المنسوخ، و غير ذلك الفصل الثالث و العشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، و المنسوخ الفصل الرابع و العشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف. الفصل الخامس و العشرون في بيان قواعد أصولية لأسباب النزول الفصل السادس و العشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، و غيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغرا الفصل السابع و العشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الرد على من طعن في القرآن، و خالف مصحف عثمان بالزيادة، و النقصان الفصل الثامن و العشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا؟ الفصل التاسع و العشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، و شرائط المعجزة، و حقيقتها الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات الفهرس مقدمة مقدمة في مبادى‏ء فن التفسير

سورة البقرة

فائدة:

المجلد التاسع

استهلال:

تابع إلى سورة الأنعام:

[سورة الأنعام(6): الآيات 145 الى 153]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

سورة الأعراف

المناسبة: و مناسبة ذكرها بعد سورة الأنعام الناسخ و المنسوخ:

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 18]

[سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 43]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: التكرار في قوله: يا بني آدم و منها: المجاز المرسل في قوله: عند كل مسجد و منها: الجناس المغاير بين و لا تسرفوا و بين المسرفين و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادخلوا في أمم و منها: عطف العام على الخاص في قوله: و الإثم و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سلطانا و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الطباق بين لا يستأخرون.. و لا يستقدمون و منها: الاعتراض في قوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها و منها: التهكم في قوله: فذوقوا العذاب و منها: الكناية في قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله: و منها: المجاز المرسل في قوله: و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أن تلكم الجنة و منها: الاستعارة في قوله: لهم من جهنم مهاد و من فوقهم غواش و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع

[سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 58]

المناسبة الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: المقابلة في قوله: و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار و منها: المشاكلة في قوله: ما وعد ربكم و منها: التعبير بالماضي عما في المستقبل، في قوله: و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: فأذن مؤذن و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: حرمهما و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: و منها: الالتفات في قوله: سقناه لبلد ميت و منها: التتميم في قوله: و البلد الطيب... و منها: تخصيص خروج النبات الطيب بقوله: و منها: الكناية في قوله: بإذن ربه و منها: الطباق بين قوله: و البلد الطيب و قوله: و الذي خبث و منها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: كذلك نخرج الموتى و منها: إيجاز القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر و منها: الاكتفاء في قوله: يغشي الليل النهار و منها: التكرار في قوله: و نادى و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: من شفعاء فيشفعوا لنا و منها: الجناس المماثل في قوله: فاليوم ننساهم كما نسوا و منها: الاستفهام التوبيخي في مواضع و منها: الإنكاري في قوله: هل ينظرون إلا تأويله و منها: الإضافة للتشريف في قوله: رسل ربنا و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع و منها: القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر

[سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 74]

المناسبة الإعراب

المجلد العاشر

تتمة سورة الأعراف

خاتمة في خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة من الموضوعات شعر الفهرس

المجلد السادس عشر

سورة الإسراء

شعر الفهرس

المجلد الرابع و العشرون

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن


صفحه قبل

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 84

و قال الآخر:

آمين آمين لا أرضى بواحدة

حتى أكمّلها ألفين آمينا

و من القصر قول الآخر:

أمين فزاد اللّه ما بيننا بعدا

قال الجوهري: و تشديد الميم خطأ، و روي عن الحسن، و جعفر الصادق، و الحسين بن فضل: التشديد من أمّ إذا قصد؛ أي: نحن قاصدون نحوك، و منه قوله تعالى: وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ‏ حكى ذلك القرطبيّ. و قيل: ليست اسم فعل، بل هي من أسماء اللّه، و التقدير: يا آمين، و ضعفه أبو البقاء بوجهين:

أحدهما: أنه لو كان كذلك لكان ينبغي أن يبنى على الضمّ؛ لأنّه منادى مفرد معرفة.

الثاني: أنّ أسماء اللّه تعالى توقيفيّة. و وجّه الفارسيّ قول من جعله اسما للّه تعالى على معنى: أنّ فيه ضميرا يعود على اللّه تعالى، فكأنّه اسم فعل، و هو توجيه حسن، نقله صاحب المغرب، و يكون المعنى: إنّا نتوجه إليك يا إلهنا فإليك المرجع و المصير.

و في «الخطيب»: و السنّة للقارى‏ء: أن يقول بعد فراغه من (الفاتحة): آمين مفصولا عن‏ الضَّالِّينَ‏ بسكتة؛ ليتميّز ما هو قرآن عمّا ليس بقرآن، و هو اسم الفعل الذي معناه: استجب دعاءنا.

فائدة: في مشروعيّة التأمين بعد قراءة (الفاتحة):

اعلم: أنّ السنّة الصحيحة، الصريحة، الثابتة تواترا، قد دلّت على ذلك، فمن ذلك: ما أخرجه أحمد، و أبو داود، و الترمذي عن وائل بن حجر قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قرأ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ فقال: آمين، مدّ بها صوته. و لأبي داود: رفع بها صوته، و قد حسّنه الترمذي. و أخرجه أيضا النسائي، و ابن أبي شيبة، و ابن ماجه، و الحاكم و صحّحه، و في لفظ من حديثه:

أنّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «رب اغفر لي آمين». و أخرجه الطبراني و البيهقي. و في لفظ أنه‏

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 85

قال: آمين ثلاث مرّات، و أخرجه الطبراني. و أخرج وكيع، و ابن أبي شيبة عن أبي ميسرة قال: لمّا أقرأ جبريل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فاتحة الكتاب، فبلغ‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ قال: قل: «آمين»، فقال: «آمين». و أخرج ابن ماجه عن عليّ قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا قال: وَ لَا الضَّالِّينَ‏ قال: آمين. و أخرج مسلم، و أبو داود، و النسائي، و ابن ماجه عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إذا قرأ- يعني: الإمام- غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ فقولوا: آمين يحبّكم اللّه».

و أخرج البخاري، و مسلم، و أصحاب السنن، و أحمد، و ابن أبي شيبة، و غيرهم عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إذا أمّن الإمام فأمّنوا، فإنّه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه».

و أخرج أحمد، و ابن ماجه، و البيهقي بسند. قال السيوطي صحيح عن عائشة: أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «ما حسدتكم اليهود على شي‏ء، ما حسدتكم على السلام و التأمين». و أخرج ابن عديّ من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّ اليهود قوم حسّد، حسدوكم على ثلاثة: إفشاء السلام، و إقامة الصفّ، و آمين».

و أخرج الديلميّ عن أنس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من قرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم، ثمّ قرأ فاتحة الكتاب، ثمّ قال: آمين. لم يبق ملك في السماء مقرّب إلّا استغفر له».

و أخرج الترمذي الحكيم في «نوادر الأصول» عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّ اللّه سبحانه، أعطى أمتي ثلاثا، لم تعط أحدا قبلهم: السلام، و هو تحية أهل الجنة، و صفوف الملائكة، و آمين، إلّا ما كان موسى و هارون». قال أبو عبد اللّه: معناه: أنّ موسى دعا على فرعون، و أمّن هارون، فقال اللّه تبارك و تعالى عند ما ذكر دعاء موسى في تنزيله: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما ، و لم يذكر مقالة هارون، و قال موسى: رَبَّنا* ، فكان من هارون التأمين، فسمّاه داعيا في تنزيله، إذ صير ذلك دعوة منه. و قيل: إنّ آمين خاصّ بهذه الأمّة، كما مرّ قريبا.

فائدة أخرى: في حكم (الفاتحة):

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 86

اختلف العلماء في وجوب قراءة (الفاتحة): فذهب مالك، و الشافعيّ، و أحمد، و جمهور العلماء إلى وجوب (الفاتحة)، فإنّها متعيّنة في الصلاة، و لا تجزى‏ء إلّا بها، و احتجّوا بما روى عبادة بن الصامت: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:

«لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب»، أخرجاه في الصحيحين. و بحديث أبي هريرة: «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج ثلاثا غير تمام» الحديث و قد تقدم في بحث فضل (سورة الفاتحة). و ذهب أبو حنيفة: إلى أنّ (الفاتحة) لا تتعيّن على المصلّي، بل الواجب عليه قراءة آية من القرآن طويلة، أو ثلاث آيات قصار، و احتج بقوله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ‏ ، و بقوله صلّى اللّه عليه و سلّم في حديث الأعرابيّ المسي‏ء صلاته: «ثمّ اقرأ بما تيّسر معك من القرآن»، أخرجاه في الصحيحين.

دليل الجمهور: ما تقدم من الأحاديث، فإن قيل: المراد من الحديث: لا صلاة كاملة. قلت: هذا خلاف ظاهر لفظ الحديث، و مما يدل عليه حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا تجزى‏ء صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب»، أخرجه الدارقطني، و قال: إسناده صحيح. و عنه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أمره أن يخرج فينادي «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب، فما زاد» أخرجه أحمد، و أبو داود. و أجيب عن حديث الأعرابيّ: بأنه محمول على (الفاتحة)، فإنّها متيسرة، أو على ما زاد على (الفاتحة)، أو على العاجز عن قراءة (الفاتحة)، و اللّه أعلم.

الإعراب‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ (2).

الْحَمْدُ مبتدأ مرفوع بالابتداء. لِلَّهِ‏ جار و مجرور، متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ، تقديره: مستحقّ للّه، و الجملة الإسمية مستأنفة استئنافا نحويّا، أو في محل النصب مقول لقول محذوف تقديره: قولوا: الحمد للّه ربّ العالمين.

رَبِ‏ صفة أولى للجلالة، مجرور بالكسرة الظاهرة، و هو مضاف. الْعالَمِينَ‏ مضاف إليه مجرور بالياء؛ لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 87

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ (6).

الرَّحْمنِ‏ صفة ثانية للجلالة، مجرور بالكسرة الظاهرة. الرَّحِيمِ‏ صفة ثالثة لها. مالِكِ‏ صفة رابعة لها، و هو مضاف. يَوْمِ الدِّينِ‏ مضاف إليه.

إِيَّاكَ‏ إيّا ضمير نصب منفصل، في محل النصب مفعول به مقدم؛ لغرض الحصر، و الكاف حرف دالّ على الخطاب. نَعْبُدُ فعل مضارع مرفوع بالضمة، و فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا؛ لإسناده إلى المتكلم، تقديره: نحن يعود على القارى‏ء و من معه، أو على المعظم نفسه، و الجملة مستأنفة استئنافا نحويا.

وَ إِيَّاكَ‏ الواو عاطفة. إِيَّاكَ‏ ضمير نصب منفصل في محل النصب مفعول مقدم. نَسْتَعِينُ‏ فعل مضارع مرفوع، و فاعله ضمير مستتر يعود على القارى‏ء و من معه، و الجملة معطوفة على جملة نَعْبُدُ . اهْدِنَا (اهد) فعل دعاء سلوكا مسلك الأدب مع البارى‏ء سبحانه، و فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا؛ لإسناده إلى المخاطب، تقديره: أنت يعود على اللّه، و الجملة مستأنفة لا محلّ لها من الإعراب، أو في محلّ النصب مقول قولوا كسابقها، أو جملة دعائية لا محل لها من الإعراب. (نا) ضمير نصب متصل، يعود على القارى‏ء و من معه، في محل النصب مفعول أول، مبني بسكون على الألف المحذوفة؛ للتخلّص من التقاء الساكنين. الصِّراطَ مفعول ثان‏ الْمُسْتَقِيمَ‏ صفة للصراط.

صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ (7).

صِراطَ بدل من الصراط، بدل كلّ من كلّ، و هو مضاف. الَّذِينَ‏ اسم موصول للجمع المذكر في محلّ الجر بالإضافة، مبني على الفتح، أو على الياء على الخلاف المذكور في محلّه؛ لشبهه بالحرف شبها افتقاريا، و إنّما حرك مع كون الأصل في المبني السكون؛ ليعلم أنّ له أصلا في الإعراب، و كانت الحركة فتحة؛ للخفة مع ثقل الموصول. أَنْعَمْتَ‏ فعل و فاعل. عَلَيْهِمْ‏ متعلّق بأنعمت، و الجملة صلة الموصول، و العائد ضمير عليهم. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ‏ غَيْرِ بدل من الذين، أو من الضمير في عليهم، بدل كلّ من كلّ، أو نعت للموصول، مجرور بالكسرة الظاهرة، و هو مضاف. الْمَغْضُوبِ‏ مضاف إليه،

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 88

مجرور بالكسرة الظاهرة. عَلَيْهِمْ‏ جار و مجرور في محلّ الرفع نائب فاعل للمغضوب؛ لأنّه اسم مفعول يعمل عمل الفعل المغيّر. وَ لَا الواو عاطفة. لا:

زائدة زيدت؛ لتأكيد النفي المفهوم من غير. الضَّالِّينَ‏ . معطوف على المغضوب عليهم، مجرور بالياء؛ لأنّه جمع مذكر سالم، و النون عوض عن التنوين و الحركة اللذين كانا في الاسم المفرد.

آمين: اسم فعل أمر؛ أي: دعاء سلوكا مسلك الأدب مع البارى‏ء سبحانه؛ بمعنى: استجب، مبنّي على الفتح؛ لشبهه بالحرف شبها استعماليا، و الشبه الاستعمالي: هو أن يشبه الاسم الحرف في كونه عاملا لا معمولا، و إنّما حرك؛ ليعلم أنّ له أصلا في الإعراب، أو فرارا من التقاء الساكنين، كما في أين و كيف، و كانت الحركة فتحة؛ للخفة، و فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا لإسناده إلى المخاطب، تقديره: أنت يعود على البارى‏ء سبحانه، و الجملة من اسم الفعل و فاعله لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّ اسم الفعل عامل غير معمول، أو جملة دعائية، و المعنى: اسمع يا اللّه قراءتنا و استجب دعاءنا! و تقدم الخلاف في معناه.

التّصريف و مفردات اللغة

رَبِّ الْعالَمِينَ‏ و الرب: هو السيّد، و المالك، و المصلح، و غير ذلك من المعاني المارّة، فهو اسم فاعل من ربّ يربّ ربّا، نظير: نمّ ينم نمّا، إذا نقل الحديث على وجه الإفساد، فهو ربّ و ذاك مربوب. أصله: رابّ، حذفوا ألفه؛ اعتباطا، كما في برّ و بارّ. الْعالَمِينَ‏ : جمع عالم بفتح اللام، و جمع جمع المذكر السالم العاقل؛ تغليبا للعقلاء، و المراد به جميع الكائنات، و العالم لا واحد له من لفظه، و لا من غير لفظه؛ لأنّه اسم جمع لأشياء مختلفة الحقائق.

مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ و المالك: إمّا من الملك بضمّ الميم، و هو عبارة عن السلطان القاهر و الاستيلاء الباهر، أو من الملك بكسر الميم، و هو السلطنة الخاصّة، و الدين: الجزاء، و هو المراد هنا، و يوم الجزاء: هو يوم القيامة، و الطاعة، كقوله تعالى: فِي دِينِ الْمَلِكِ‏ ، و الدين أيضا الملّة، و في «القرطبي» ما نصّه: إن قال قائل: كيف قال: مالك يوم الدين، و يوم الدين لم يوجد بعد،

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 89

فكيف وصف نفسه سبحانه بملك ما لم يوجد؟ قيل له: اعلم أنّ مالكا: اسم فاعل من ملك يملك، و اسم الفاعل في كلام العرب قد يضاف إلى ما بعده، و هو بمعنى الفعل المستقبل، و يكون ذلك عندهم كلاما سديدا معقولا صحيحا، كقولك: هذا ضارب زيد غدا؛ أي: سيضرب زيدا، و هكذا حاجّ بيت اللّه في العام المستقبل تأويله: سيحج في العام المستقبل، أفلا ترى أنّ الفعل قد ينسب إليه و هو لم يفعل بعد؛ و إنّما أريد به الاستقبال، فكذلك قوله عزّ و جل: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ على تأويل الاستقبال؛ أي: سيملك يوم الدين، أو في يوم الدين إذا حضر.

وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ أصله: نستعون بوزن نستخرج، فهو سداسيّ أجوف واويّ؛ لأنّه من العون، ففيه إعلال بالنقل و القلب، فاستثقلت الكسرة على الواو، فنقلت إلى الساكن قبلها على حدّ قول ابن مالك في «الخلاصة» في باب التصريف:

لساكن صحّ انقل التحريك من‏

ذي لين آت عين فعل كأبن‏

فسكنت الواو بعد النقل، و انكسر ما قبلها فقلبت ياء، و هذه قاعدة مطردة عند الصرفيّين، نحو: ميزان و ميقات، و هما من الوزن و الوقت. اه. «سمين» مع زيادة. و في «المصباح»: استعان به فأعانه، و قد يتعدى بنفسه، فيقال: أعانه، و الاسم: المعونة و المعانة بالفتح. اه. و الاستعانة: طلب العون، و الطلب أحد معاني استفعل، و هي ثلاثة عشر، فمنها: هذا، و الاتخاذ، و التحوّل، و إلقاء الشي‏ء بمعنى: ما صيغ منه و عدّه كذلك، و مطاوعة أفعل و موافقته، و موافقة تفعّل، و افتعل، و الفعل المجرد، و الاغناء عنه و عن فعّل، و موافقة تفاعل. مثل ذلك: استطعم، و استعبده، و استنسر، و استعظمه، و استحسنه، و إن لم يكن كذلك، و استشلى مطاوع أشلّ، و استنبل موافق و مطاوع أبل، و استكبر موافق تكبّر، و استعصم موافق اعتصم، و استغنى موافق غني، و استنكف، و استحيا مغنيان عن المجرّد، و استرجع، و استعان حلق عانته مغنيا عن فعل، فاستعان طلب العون، كاستغفر، و استعظم، و استمسك بالشي‏ء، و تماسك به، و مسك به بمعنى واحد أي: احتبست به. اه. من «البحر المحيط». و قد بسطنا الكلام على‏

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 90

أبنية الفعل المزيد، و وضعنا لها جدولا في كتابنا «مناهل الرجال على لاميّة الأفعال» في الصرف، فراجعه.

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ و وزن اهد إفع، حذفت لامه، و هي الياء حملا للأمر على المضارع المجزوم، و المجزوم تحذف لامه إذا كانت حرف علة.

و الصراط، كالطريق و السبيل في التذكير و التأنيث، كما مرّ، يجمع على صرط، ككتاب و كتب. و المستقيم: اسم فاعل من استقام السداسيّ الذي من باب استفعل بمعنى: الفعل المجرد من الزوائد، فهو هنا بمعنى: قام إذا استوى و انتصب، و أصله: مستقوم بوزن مستفعل، استثقلت الكسرة على الواو، ثمّ نقلت إلى الساكن قبلها، فقلبت الواو ياء؛ لسكونها و انكسار ما قبلها، فصار مستقيم.

أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ و همزة أنعم؛ لجعل الشي‏ء صاحب ما صيغ منه؛ أي:

جعلتهم أصحاب نعمة، و هذا أحد المعاني التي لأفعل، و هي أربعة و عشرون معنى، و هذا أحدها، و التعدية، و الكثرة، و الصيرورة، و الإعانة، و التعريض، و السلب إلى آخر ما في مطوّلات الصرف فراجعها. و التاء المتصلة بأنعمت:

ضمير المخاطب المنزه عن الذكورة و الأنوثة الباري سبحانه، و هي حرف خطاب في أنت، و الضمير هناك أن، فهو مركب من اسم و حرف.

وَ لَا الضَّالِّينَ‏ جمع ضالّ، اسم فاعل من ضلّ الثلاثي، فأصله:

الضّاللين، سكّنت اللام الأولى؛ لثقل توالي كسرتين فالتقى ساكنان، فأدغمت اللام في اللام، فصار ضالّين، و وزن ضالّين فاعلين، و قد تقدم لك أنّ أيّوب السختياني يقرأ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ؛ فرارا من التقاء الساكنين، قال أبو زيد: سمعت عمرو بن عبيد يقرأ فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌ‏ ، فظننته قد لحن، حتى سمعت من العرب دأبّة، و شأبّة.

البلاغة

صفحه بعد