کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن

الجزء الأول

الفصل الأول في فضل القرآن الكريم و تلاوته، و تعلمه، و تعليمه الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، و ما يكره منها، و ما يحرم، و اختلاف الناس في ذلك الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن و العلم من الرياء، و غيره الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، و لا يغفل عنه الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، و تعليمه، و الحث عليه، و ثواب من قرأ القرآن معربا الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، و أهله الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، و وضعه الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، و من هو، و فيمن عاداه الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارى‏ء القرآن، و حامله من تعظيم القرآن و حرمته الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسنة الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلم، و الفقه لكتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم. و ما جاء أنه يسهل على من تقدم العمل به، دون حفظه الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم:«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، و سبب كتب عثمان المصاحف، و إحراقه ما سواه، و ذكر من حفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، و كلماته، و حروفه الفصل السابع عشر في أجزائه، و أحزابه، و أرباعه، و أنصافه، و أثلاثه، و أسباعه الفصل الثامن عشر في تعشيره و تخميسه، و الكتابة في فواتح السور، أو خواتمها، و وضع النقط في منتهى الآية، و غير ذلك الفصل التاسع عشر في بيان أول من وضع النقط، و الشكل، و الشدة، و المدة، و الهمزة، و علامة الغنة في المصاحف، و أول من وضع النحو، و جعل الإعراب فيها الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية الفصل الحادي و العشرون في بيان معنى القرآن، و معنى السورة، و الكلمة، و الحرف الفصل الثاني و العشرون في بيان معنى النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، و أقسامه، و شرائطه، و الرد على من أنكره، و بيان معنى الناسخ، و المنسوخ، و غير ذلك الفصل الثالث و العشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، و المنسوخ الفصل الرابع و العشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف. الفصل الخامس و العشرون في بيان قواعد أصولية لأسباب النزول الفصل السادس و العشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، و غيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغرا الفصل السابع و العشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الرد على من طعن في القرآن، و خالف مصحف عثمان بالزيادة، و النقصان الفصل الثامن و العشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا؟ الفصل التاسع و العشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، و شرائط المعجزة، و حقيقتها الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات الفهرس مقدمة مقدمة في مبادى‏ء فن التفسير

سورة البقرة

فائدة:

المجلد التاسع

استهلال:

تابع إلى سورة الأنعام:

[سورة الأنعام(6): الآيات 145 الى 153]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

سورة الأعراف

المناسبة: و مناسبة ذكرها بعد سورة الأنعام الناسخ و المنسوخ:

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 18]

[سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 43]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: التكرار في قوله: يا بني آدم و منها: المجاز المرسل في قوله: عند كل مسجد و منها: الجناس المغاير بين و لا تسرفوا و بين المسرفين و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادخلوا في أمم و منها: عطف العام على الخاص في قوله: و الإثم و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سلطانا و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الطباق بين لا يستأخرون.. و لا يستقدمون و منها: الاعتراض في قوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها و منها: التهكم في قوله: فذوقوا العذاب و منها: الكناية في قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله: و منها: المجاز المرسل في قوله: و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أن تلكم الجنة و منها: الاستعارة في قوله: لهم من جهنم مهاد و من فوقهم غواش و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع

[سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 58]

المناسبة الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: المقابلة في قوله: و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار و منها: المشاكلة في قوله: ما وعد ربكم و منها: التعبير بالماضي عما في المستقبل، في قوله: و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: فأذن مؤذن و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: حرمهما و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: و منها: الالتفات في قوله: سقناه لبلد ميت و منها: التتميم في قوله: و البلد الطيب... و منها: تخصيص خروج النبات الطيب بقوله: و منها: الكناية في قوله: بإذن ربه و منها: الطباق بين قوله: و البلد الطيب و قوله: و الذي خبث و منها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: كذلك نخرج الموتى و منها: إيجاز القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر و منها: الاكتفاء في قوله: يغشي الليل النهار و منها: التكرار في قوله: و نادى و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: من شفعاء فيشفعوا لنا و منها: الجناس المماثل في قوله: فاليوم ننساهم كما نسوا و منها: الاستفهام التوبيخي في مواضع و منها: الإنكاري في قوله: هل ينظرون إلا تأويله و منها: الإضافة للتشريف في قوله: رسل ربنا و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع و منها: القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر

[سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 74]

المناسبة الإعراب

المجلد العاشر

تتمة سورة الأعراف

خاتمة في خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة من الموضوعات شعر الفهرس

المجلد السادس عشر

سورة الإسراء

شعر الفهرس

المجلد الرابع و العشرون

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن


صفحه قبل

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 89

فكيف وصف نفسه سبحانه بملك ما لم يوجد؟ قيل له: اعلم أنّ مالكا: اسم فاعل من ملك يملك، و اسم الفاعل في كلام العرب قد يضاف إلى ما بعده، و هو بمعنى الفعل المستقبل، و يكون ذلك عندهم كلاما سديدا معقولا صحيحا، كقولك: هذا ضارب زيد غدا؛ أي: سيضرب زيدا، و هكذا حاجّ بيت اللّه في العام المستقبل تأويله: سيحج في العام المستقبل، أفلا ترى أنّ الفعل قد ينسب إليه و هو لم يفعل بعد؛ و إنّما أريد به الاستقبال، فكذلك قوله عزّ و جل: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ على تأويل الاستقبال؛ أي: سيملك يوم الدين، أو في يوم الدين إذا حضر.

وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ أصله: نستعون بوزن نستخرج، فهو سداسيّ أجوف واويّ؛ لأنّه من العون، ففيه إعلال بالنقل و القلب، فاستثقلت الكسرة على الواو، فنقلت إلى الساكن قبلها على حدّ قول ابن مالك في «الخلاصة» في باب التصريف:

لساكن صحّ انقل التحريك من‏

ذي لين آت عين فعل كأبن‏

فسكنت الواو بعد النقل، و انكسر ما قبلها فقلبت ياء، و هذه قاعدة مطردة عند الصرفيّين، نحو: ميزان و ميقات، و هما من الوزن و الوقت. اه. «سمين» مع زيادة. و في «المصباح»: استعان به فأعانه، و قد يتعدى بنفسه، فيقال: أعانه، و الاسم: المعونة و المعانة بالفتح. اه. و الاستعانة: طلب العون، و الطلب أحد معاني استفعل، و هي ثلاثة عشر، فمنها: هذا، و الاتخاذ، و التحوّل، و إلقاء الشي‏ء بمعنى: ما صيغ منه و عدّه كذلك، و مطاوعة أفعل و موافقته، و موافقة تفعّل، و افتعل، و الفعل المجرد، و الاغناء عنه و عن فعّل، و موافقة تفاعل. مثل ذلك: استطعم، و استعبده، و استنسر، و استعظمه، و استحسنه، و إن لم يكن كذلك، و استشلى مطاوع أشلّ، و استنبل موافق و مطاوع أبل، و استكبر موافق تكبّر، و استعصم موافق اعتصم، و استغنى موافق غني، و استنكف، و استحيا مغنيان عن المجرّد، و استرجع، و استعان حلق عانته مغنيا عن فعل، فاستعان طلب العون، كاستغفر، و استعظم، و استمسك بالشي‏ء، و تماسك به، و مسك به بمعنى واحد أي: احتبست به. اه. من «البحر المحيط». و قد بسطنا الكلام على‏

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 90

أبنية الفعل المزيد، و وضعنا لها جدولا في كتابنا «مناهل الرجال على لاميّة الأفعال» في الصرف، فراجعه.

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ و وزن اهد إفع، حذفت لامه، و هي الياء حملا للأمر على المضارع المجزوم، و المجزوم تحذف لامه إذا كانت حرف علة.

و الصراط، كالطريق و السبيل في التذكير و التأنيث، كما مرّ، يجمع على صرط، ككتاب و كتب. و المستقيم: اسم فاعل من استقام السداسيّ الذي من باب استفعل بمعنى: الفعل المجرد من الزوائد، فهو هنا بمعنى: قام إذا استوى و انتصب، و أصله: مستقوم بوزن مستفعل، استثقلت الكسرة على الواو، ثمّ نقلت إلى الساكن قبلها، فقلبت الواو ياء؛ لسكونها و انكسار ما قبلها، فصار مستقيم.

أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ و همزة أنعم؛ لجعل الشي‏ء صاحب ما صيغ منه؛ أي:

جعلتهم أصحاب نعمة، و هذا أحد المعاني التي لأفعل، و هي أربعة و عشرون معنى، و هذا أحدها، و التعدية، و الكثرة، و الصيرورة، و الإعانة، و التعريض، و السلب إلى آخر ما في مطوّلات الصرف فراجعها. و التاء المتصلة بأنعمت:

ضمير المخاطب المنزه عن الذكورة و الأنوثة الباري سبحانه، و هي حرف خطاب في أنت، و الضمير هناك أن، فهو مركب من اسم و حرف.

وَ لَا الضَّالِّينَ‏ جمع ضالّ، اسم فاعل من ضلّ الثلاثي، فأصله:

الضّاللين، سكّنت اللام الأولى؛ لثقل توالي كسرتين فالتقى ساكنان، فأدغمت اللام في اللام، فصار ضالّين، و وزن ضالّين فاعلين، و قد تقدم لك أنّ أيّوب السختياني يقرأ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ؛ فرارا من التقاء الساكنين، قال أبو زيد: سمعت عمرو بن عبيد يقرأ فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌ‏ ، فظننته قد لحن، حتى سمعت من العرب دأبّة، و شأبّة.

البلاغة

و قد تضمّنت هذه السورة الكريمة ضروبا من البلاغة، و أنواعا من الفصاحة، و البيان، و البديع:

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 91

فمنها: حسن الافتتاح و براعة المطلع، فإن كان أوّلها بسم اللّه الرحمن الرحيم على قول من عدّها منها، فناهيك بذلك حسنا، إذ كان مطلعها مفتتحا باسم اللّه، و إن كان أولها الحمد للّه فحمد اللّه و الثناء عليه بما هو أهله، و وصفه بما له من الصفات العليّة، أحسن ما افتتح به الكلام، و قدم بين يدي النثر و النظم، و قد تكرّر الافتتاح بالحمد في كثير من السور. و المطلع ينقسم إلى حسن و قبيح، و الحسن إلى ظاهر و خفيّ على ما قسم في علم البديع.

و منها: المبالغة في الثناء على اللّه؛ و ذلك لعموم أل في‏ الْحَمْدُ على التفسير الذي مرّ.

و منها: تلوين الخطاب على قول بعضهم، فإنّه ذكر أنّ‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ صيغته صيغة الخبر، و معناه الأمر، كقوله: لا ريب فيه و معناه: النهي؛ أي: لا ترتابوا فيه.

و منها: الاختصاص باللام التي في للّه، إذ دلّت على أنّ جميع المحامد مختصّة به تعالى، فهو مستحق لها، و بالإضافة في مالك يوم الدين؛ لزوال الأملاك و الممالك عن سواه تعالى في ذلك اليوم، و تفرّده فيه بالملك و الملك، قال تعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ‏ ؛ و لأنّه لا يجازي في ذلك اليوم على الأعمال سواه.

و منها: الحذف، و هو على قراءة من نصب الحمد ظاهر، و تقدم هل يقدّر من لفظ الحمد، أو من غير لفظه، قال بعضهم: و منه حذف العامل الذي هو في الحقيقة خبر عن الحمد، و هو الذي يقدّر بكائن، أو مستقرّ، قال: و منه حذف صراط من قوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ ، التقدير: صراط غير المغضوب عليهم و صراط غير الضالّين، و حذف سورة إن قدّرنا العامل في الحمد إذا نصبناه باذكروا، أو اقرؤا، تقديره: اقرءوا سورة الحمد.

و منها: الإتيان بالرحمن الرحيم عقب اتصافه بربّ العالمين؛ لإفادة الترغيب بعد الترهيب، فيكون أرغب للعبد على الطاعة، و أمنع من المعصية.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 92

و منها: تقديم المعمول على عامله في قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ ، لإفادة الحصر و الاختصاص.

و منها: الإضافة لأدنى ملابسة في‏ يَوْمِ الدِّينِ‏ كإضافة سائر الظروف إلى ما وقع فيها من الحوادث، كيوم الأحزاب، و يوم الفتح.

و منها: تقديم العبادة على الاستعانة في‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ ؛ ليوافق رؤوس الآي؛ و ليعلم أنّ تقديم الوسيلة على طلب الحاجة أدعى إلى الإجابة.

و منها: إعادة إيّاك مع الفعل الثاني؛ ليفيد أنّ كلّا من العبادة و الاستعانة مقصود بالذات، فلا يستلزم كلّ منهما الآخر.

و منها: الالتفات من الغيبة في قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ إلى الخطاب في قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ ... إلخ؛ تطريبا للنفس، و زيادة في نشاطها جريا على أساليبهم.

و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ حيث شبّه دين الإسلام بالطريق الحسّيّ، بجامع أنّ كلّا يوصل إلى المقصود، و استعير اسم المشبّه به للمشبّه.

و منها: طلب الشي‏ء مرادا به طلب دوامه و استمراره في قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ ، أي: ثبّتنا عليه.

و منها: التفسير و البيان في قوله: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ بعد الإبهام في قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ ؛ لأنّه أوقع في النفس، و أرسخ فيه.

و منها: نسبة الغضب إلى المجهول في قوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ ، حيث لم يقل: غير الذين غضبت عليهم؛ تعليما لعباده الأدب، حيث أسند الخير إلى نفسه، و أبهم في الشرّ، نظير قوله تعالى: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها ، فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما ، و قوله: وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ‏ .

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 93

و منها: زيادة لا في قوله: وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ؛ لتأكيد النفي المستفاد من غير.

و منها: الزيادة و الحذف في عدّة مواضع‏ «1» .

و اللّه سبحانه و تعالى أعلم‏

(1) إلى هنا انتهى تفسير سورة الفاتحة بعون اللّه و توفيقه، بعيد الظهر من يوم الاثنين، اليوم السابع من شهر ربيع الأول من شهور سنة ألف و أربع مئة و سبع عشرة سنة من الهجرة النبوية: 7/ 3/ 1417 ه على صاحبها أفضل الصلاة و أزكى التحية، و صلّى اللّه و سلم على سيّدنا و مولانا محمد خاتم النبيين، و على آله و صحبه أجمعين، و الحمد للّه ربّ العالمين.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 94

سورة البقرة

سورة البقرة مدنية كلّها، نزلت بعد المطفّفين في مدد شتّى، و هي أوّل ما نزل بالمدينة. قيل: إلّا قوله تعالى: وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ‏ الآية، فإنّها آخر آية نزلت من السماء، نزلت يوم النحر في حجة الوداع بمنى، و آيات الربا أيضا من أواخر ما نزل من القرآن، ذكره القرطبي في «تفسيره».

و هي‏ «1» مئتان و ستّ أو سبع أو ثمان و ثمانون آية، و ستّة آلاف كلمة، و مئة و إحدى و عشرون كلمة، و خمس و عشرون ألف حرف و خمس مئة حرف.

المناسبة: مناسبتها للفاتحة ظاهرة؛ لأنّ سورة الفاتحة ختمت بالأمر بطلب الهداية من اللّه سبحانه و تعالى، حيث قال فيها: قولوا: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ ، و سورة البقرة بدئت ببيان محلّ الهداية و الوسيلة إليها، حيث قال فيها: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ‏ . و قال صاحب «الروح»: فإن قلت: «2» ما الحكمة في ابتداء البقرة بآلم و الفاتحة بالحرف الظاهر المحكم و هو قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ ؟

فالجواب ما قاله السيوطي- رحمه اللّه- في «الإتقان»: أقول في مناسبة ابتداء البقرة بآلم: أنّه لما ابتدئت الفاتحة بالحرف المحكم الظاهر لكلّ أحد، بحيث لا يعذر في فهمه أحد، ابتدئت البقرة بمقابله، و هو الحرف المتشابه البعيد التأويل؛ ليعلم مراتبه للعقلاء و الحكماء: ليعجزهم بذلك؛ ليعتبروا و يدبّروا آياته.

التسمية: سمّيت السورة الكريمة بسورة البقرة: إحياء لذكرى تلك المعجزة الباهرة التي ظهرت في زمن موسى الكليم عليه السلام، حيث قتل شخص من بني‏

(1) الخازن.

(2) روح البيان.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 95

إسرائيل، و لم يعرفوا قاتله إلى آخر ما سيأتي. و سيأتي بيان الناسخ و المنسوخ منها في آخرها، إن شاء اللّه تعالى.

فضلها: و ورد في فضلها أحاديث كثيرة:

منها: ما أخرجه مسلم، و الترمذي، و أحمد، و البخاري في «تاريخه»، و محمد بن نصر، عن النوّاس بن سمعان قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:

«يؤتى بالقرآن و أهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا، تقدمهم سورة البقرة و آل عمران». قال: و ضرب لهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد، قال:

«كأنهما غمامتان، أو قال: كأنّهما غيايتان، أو كأنهما ظلتان سوداوان، أو كأنهما فرقان من طير صوافّ تحاجان عن صاحبهما».

و منها: ما أخرجه ابن أبي شيبة، و أحمد، و الدارمي، و أحمد، و محمد بن نصر، و الحاكم و صحّحه عن بريدة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «تعلّموا سورة البقرة و آل عمران فإنّهما الزهراوان تظلّان صاحبهما يوم القيامة، كأنّهما غمامتان، أو غيايتان، أو فرقان من طير صواف». قال ابن كثير: و إسناده حسن على شرط مسلم.

و منها: ما أخرجه مسلم، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إنّ الشيطان يفرّ من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة، و عنه أيضا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لكل شي‏ء سنام، و إن سنام القرآن سورة البقرة و فيها آية هي سيّدة آي القرآن، آية الكرسيّ»، أخرجه الترمذي، و قال حديث غريب.

و منها: ما أخرجه مسلم في «صحيحه» مطولا، عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: اقرءوا سورة البقرة فإنّ أخذها بركة، و تركها حسرة، و لا يستطيعها البطلة؛ يعني: السحرة.

صفحه بعد