کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن

الجزء الأول

الفصل الأول في فضل القرآن الكريم و تلاوته، و تعلمه، و تعليمه الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، و ما يكره منها، و ما يحرم، و اختلاف الناس في ذلك الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن و العلم من الرياء، و غيره الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، و لا يغفل عنه الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، و تعليمه، و الحث عليه، و ثواب من قرأ القرآن معربا الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، و أهله الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، و وضعه الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، و من هو، و فيمن عاداه الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارى‏ء القرآن، و حامله من تعظيم القرآن و حرمته الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسنة الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلم، و الفقه لكتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم. و ما جاء أنه يسهل على من تقدم العمل به، دون حفظه الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم:«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، و سبب كتب عثمان المصاحف، و إحراقه ما سواه، و ذكر من حفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، و كلماته، و حروفه الفصل السابع عشر في أجزائه، و أحزابه، و أرباعه، و أنصافه، و أثلاثه، و أسباعه الفصل الثامن عشر في تعشيره و تخميسه، و الكتابة في فواتح السور، أو خواتمها، و وضع النقط في منتهى الآية، و غير ذلك الفصل التاسع عشر في بيان أول من وضع النقط، و الشكل، و الشدة، و المدة، و الهمزة، و علامة الغنة في المصاحف، و أول من وضع النحو، و جعل الإعراب فيها الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية الفصل الحادي و العشرون في بيان معنى القرآن، و معنى السورة، و الكلمة، و الحرف الفصل الثاني و العشرون في بيان معنى النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، و أقسامه، و شرائطه، و الرد على من أنكره، و بيان معنى الناسخ، و المنسوخ، و غير ذلك الفصل الثالث و العشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، و المنسوخ الفصل الرابع و العشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف. الفصل الخامس و العشرون في بيان قواعد أصولية لأسباب النزول الفصل السادس و العشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، و غيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغرا الفصل السابع و العشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الرد على من طعن في القرآن، و خالف مصحف عثمان بالزيادة، و النقصان الفصل الثامن و العشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا؟ الفصل التاسع و العشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، و شرائط المعجزة، و حقيقتها الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات الفهرس مقدمة مقدمة في مبادى‏ء فن التفسير

سورة البقرة

فائدة:

المجلد التاسع

استهلال:

تابع إلى سورة الأنعام:

[سورة الأنعام(6): الآيات 145 الى 153]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

سورة الأعراف

المناسبة: و مناسبة ذكرها بعد سورة الأنعام الناسخ و المنسوخ:

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 18]

[سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 43]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: التكرار في قوله: يا بني آدم و منها: المجاز المرسل في قوله: عند كل مسجد و منها: الجناس المغاير بين و لا تسرفوا و بين المسرفين و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادخلوا في أمم و منها: عطف العام على الخاص في قوله: و الإثم و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سلطانا و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الطباق بين لا يستأخرون.. و لا يستقدمون و منها: الاعتراض في قوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها و منها: التهكم في قوله: فذوقوا العذاب و منها: الكناية في قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله: و منها: المجاز المرسل في قوله: و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أن تلكم الجنة و منها: الاستعارة في قوله: لهم من جهنم مهاد و من فوقهم غواش و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع

[سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 58]

المناسبة الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: المقابلة في قوله: و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار و منها: المشاكلة في قوله: ما وعد ربكم و منها: التعبير بالماضي عما في المستقبل، في قوله: و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: فأذن مؤذن و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: حرمهما و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: و منها: الالتفات في قوله: سقناه لبلد ميت و منها: التتميم في قوله: و البلد الطيب... و منها: تخصيص خروج النبات الطيب بقوله: و منها: الكناية في قوله: بإذن ربه و منها: الطباق بين قوله: و البلد الطيب و قوله: و الذي خبث و منها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: كذلك نخرج الموتى و منها: إيجاز القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر و منها: الاكتفاء في قوله: يغشي الليل النهار و منها: التكرار في قوله: و نادى و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: من شفعاء فيشفعوا لنا و منها: الجناس المماثل في قوله: فاليوم ننساهم كما نسوا و منها: الاستفهام التوبيخي في مواضع و منها: الإنكاري في قوله: هل ينظرون إلا تأويله و منها: الإضافة للتشريف في قوله: رسل ربنا و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع و منها: القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر

[سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 74]

المناسبة الإعراب

المجلد العاشر

تتمة سورة الأعراف

خاتمة في خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة من الموضوعات شعر الفهرس

المجلد السادس عشر

سورة الإسراء

شعر الفهرس

المجلد الرابع و العشرون

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن


صفحه قبل

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 475

و الثالث: أنّ أصله أدون مأخوذ من الشي‏ء الدون؛ أي: الردي‏ء، نقلت الواو التي هي عين الكلمة إلى ما بعد النون التي هي لامها، فصار أدنو بوزن أفلع، فلما تحركت الواو و انفتح ما قبلها قلبت ألفا. اه. من «السمين».

اهْبِطُوا ؛ أي: انزلوا و انتقلوا من هذا المكان إلى مكان آخر فيه ما تطلبون، فالهبوط لا يختص بالنزول من المكان العالي إلى الأسفل، بل قد يستعمل في الخروج من أرض إلى أرض مطلقا. اه. من «الشهاب» و في «المصباح» و هبطت من موضع إلى موضع من بابي ضرب و قعد، انتقلت و هبطت الوادي هبوطا نزلته.

اه. مِصْراً و المصر في أصل اللغة: الحد الفاصل بين الشيئين، و حكي عن أهل هجر أنهم إذا كتبوا بيع دار، قالوا: اشترى فلان الدار بمصورها؛ أي: حدودها اه.

«سمين» و في «الخطيب» المصر البلدة العظيمة. اه. و قال عديّ بن زيد:

و جاعل الشمس مصرا لا خفاء به‏

بين النهار و بين الليل قد فصلا

فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ‏ و السؤال الطلب، و يقال: سأل يسأل سؤالا و السؤل المطلوب، و سال يسال على وزن خاف يخاف، و يجوز تعليق فعله و إن لم يكن من أفعال القلوب، كما في قوله تعالى: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ‏ قالوا: لأن السؤال سبب إلى العلم فأجري مجرى العلم‏ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ؛ أي:

ألزموها و قضي عليهم بها، و الذلة بالكسر: الصغار، و الهوان، و الحقارة، و الذّلّ بالضم ضدّ العزّ، و الذلّة مصدر ذلّ يذلّ ذلا و ذلّة. و قيل: الذلة كأنها هيئة من الذلّ، كالجلسة، و الذّلّ الخضوع و ذهاب الصعوبة وَ الْمَسْكَنَةُ المسكنة: مفعلة من السكون، و منه سمي المسكين؛ لقلة حركاته و فتور نشاطه، فهو مفعيل منه.

وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ‏ و أصل باء بوأ بوزن فعل، تحركت الواو و انفتح ما قبلها فقلبت ألفا، ثم أسند الفعل إلى واو الجماعة فبني على الضم، فألف باء منقلبة عن واو لقولهم: باء يبوء، مثل: قال يقول، و قال صلّى اللّه عليه و سلّم: (أبوء بنعمتك) و المصدر البواء، و معناه: الرجوع. يقال: باء بكذا؛ أي: رجع قاله الكسائيّ، أو اعترف قاله أبو عبيدة، أو استحقّ قاله أبو روق، أو نزل و تمكّن قاله المبرد، أو تساوى قاله الزجاج، و انشدوا لكل قول ما يستدل به من كلام العرب، و حذفنا ذلك. اه. من «البحر».

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 476

وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ‏ جمع نبي أصله: فعيل فمن قرأه بالهمز، كنافع لم يحدث فيه تغييرا، على أن آخر الكلمة همزة هي لامها، و من قرأ بترك الهمز، إما أن يكون أبدلت فيه الهمزة ياء، ثم أدغمت فيها ياء فعيل، ثم جاءت ياء الجمع، و على أنّ لام الكلمة أصلها واو من النبوة، فهو فعيل بمعنى مفعول، اجتمعت الواو و الياء؛ لأن الأصل على هذا نبيو، فلمّا اجتمعتا و سبقت إحداهما ساكنة، قلبت الواو ياء و أدغمت فيها الياء، على حدّ قول ابن مالك:

إن يسكن السّابق من واو و يا

و اتّصلا و من عروض عريا

فياء الواو اقلبنّ مدغما

و شذّ معطى غير ما قد رسما

قال الكسائيّ: النّبيّ: الطريق، سمّي به؛ لأنه يهتدى به. قالوا: و به سمي الرسول؛ لأنه طريق إلى اللّه تعالى‏ بِما عَصَوْا أصله: عصيوا بوزن فعلوا، تحركت الياء و انفتح ما قبلها فقلبت ألفا، فالتقى ساكنان الألف و واو الجماعة، فحذفت الألف لكونها أوّل الساكنين، و بقيت الفتحة دالّة عليها وَ كانُوا يَعْتَدُونَ‏ أصله: يعتديون من اعتدى من باب افتعل، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، ثم حذفت الياء لمّا سكنت مع واو الجماعة، و ضمت الدال؛ لمناسبة الواو، فوزنه يفتعون‏ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا أصله: أأمنوا أبدلت الهمزة الساكنة حرف مد للأول، و كذلك القول في آمن‏ وَ الَّذِينَ هادُوا من هاد يهود من باب قال إذا تاب و رجع، قلبت الواو ألفا؛ لتحركها و انفتاح ما قبلها، فهو أجوف واويّ. و قيل: من هاد يهيد من باب باع إذا تحرّك، و عليه قلبت الياء ألفا، فهو أجوف يائي، و الأول أولى، لقوله تعالى: إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ‏ وَ النَّصارى‏ جمع نصران، كندامى جمع ندمان، و ألفه للتأنيث، و لذلك منع الصرف في قوله تعالى:

الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى‏* و الياء في نصراني؛ للمبالغة، كما في أحمري، سموا بذلك؛ لأنهم نصروا المسيح؛ أو لأنهم كانوا معه في قرية يقال لها: نصران؛ أو ناصرة فسموا باسمها، أو باسم من أسسها. اه. «بيضاوي» وَ الصَّابِئِينَ‏ جمع صابى‏ء. و في «السمين» و الصابى‏ء التارك لدينه. اه. و في «المصباح» و صبا يصبو صبوا من باب قعد، و صبوة أيضا، مثل شهوة إذا مال و صبأ من دين إلى دين،

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 477

يصبأ مهموز بفتحتين خرج فهو صابى‏ء، ثم جعل هذا اللقب علما على طائفة من الكفار. يقال: إنها تعبد الكواكب في الباطن، و تنسب إلى النصرانية في الظاهر، و هم الصابئة و الصابئون، و يدّعون أنهم على دين صابى‏ء بن شيث بن آدم، و يجوز التخفيف، فيقال: الصابون و قرأ به نافع. اه. فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ‏ و الأجر في الأصل مصدر. يقال: أجره اللّه يأجره أجرا من بابي ضرب و قتل، و قد يعبّر به عن نفس الشي‏ء المجازى به، و الآية الكريمة تحتمل المعنيين. اه. «سمين» وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ‏ أصله: موثاق مفعال من التوثيق، سكنت الواو بعد كسرة فقلبت ياء حرف مد وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ و الطّور: يطلق على أيّ جبل كان، كما في «القاموس» و يطلق أيضا: على جبال مخصوصة بأعيانها، و هذا الجبل الذي رفع فوقهم كان من جبال فلسطين، كما في «الخازن» عن ابن عباس. اه. «كرخي» لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏ لعلّ تعليلية؛ أي: لكي تتقوا المعاصي، أو رجاء منكم أن تكونوا متقين. اه. «بيضاوي». و أصل تتقون: توتقيون بوزن تفتعلون؛ لأن أصل المادة من الوقاية، فأصل التقوى وقيا، أبدلت الواو تاء و الياء واوا، فقيل:

تقوى، و بعد هذا الإعلال يصير الإفتعال منه، كما هنا توتقوون بواوين، فتبدل الواو الأولى ياء؛ لكسر ما قبلها و هي في الطرف، و استثقلت الضمة على الياء، فحذفت فسكنت، فالتقى ساكنان الياء، و واو الجماعة، فحذفت الياء، ثم ضمت القاف؛ لمناسبة الواو، و سبب تشديد التاء؛ أنّ فاء الكلمة التي هي واو، كما مر آنفا أن المادة من الوقاية، أبدلت تاء، ثم أدغمت في تاء الافتعال؛ لأنّ فاء الكلمة إذا كان حرف لين و بني منها افتعال، أبدل تاء، و أدغم في تاء الافتعال على حدّ قول ابن مالك:

ذو اللّين فاتا في افتعال أبدلا

ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ‏ التولي تفعّل من الولي، و أصله: الإعراض و الإدبار عن الشي‏ء بالجسم، ثم استعمل في الإعراض عن الأمور و الاعتقادات اتساعا و مجازا. اه. «سمين» وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ‏ علمتم بمعنى عرفتم فيتعدّى لواحد فقط. و الفرق بين العلم و المعرفة: أنّ العلم يستدعي معرفة الذات، و ما هي عليه من الأحوال، نحو: علمت زيدا قائما، أو ضاحكا، و المعرفة تستدعي معرفة

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 478

الذات فقط، أو يقال في الفرق بينهما: إن المعرفة يسبقها جهل، و العلم قد لا يسبقه جهل، و لذلك لا يجوز إطلاق المعرفة على اللّه سبحانه و تعالى‏ الَّذِينَ اعْتَدَوْا أصله: اعتديوا؛ لأنه من العدوان واويّ اللام، أبدلت الواو ياء في الافتعال؛ لوقوعها خامسة، فاتصل بالفعل واو الجماعة فضمت الياء؛ لمناسبتها، ثم أبدلت الياء ألفا؛ لتحركها بعد فتح، فالتقى ساكنان فحذفت الألف؛ فقيل:

اعتدوا بوزن افتعوا فِي السَّبْتِ‏ و السبت في الأصل مصدر سبت؛ أي؛ قطع، و قال ابن عطية: و السبت إما مأخوذ من السّبوت الذي هو الراحة و الدعة، و إما من السبت و هو القطع؛ لأن الأشياء فيه سبتت و تمّ خلقها، ثم سمي به اليوم من الأسبوع، و منه قولهم: سبت رأسه؛ أي حلقه‏ كُونُوا قِرَدَةً أمر من كان يكون، و أصل يكون: يكون بوزن يفعل بضم العين، نقلت حركة الواو إلى الكاف، فسكنت إثر ضمها فصارت حرف مد، فلمّا بني الأمر من مضارعه حذف منه حرف المضارعة و نون الرفع، فقيل: كونوا بوزن فعلوا خاسِئِينَ‏ و في «المختار»: خسأ الكلب طرده من باب قطع، و خسأ هو بنفسه خضع و انخسأ أيضا، و خسأ البصر حسر من باب قطع و خضع. اه. فَجَعَلْناها نَكالًا و النكال المنع، و منه النكل، و النكل: اسم للقيد من الحديد و اللّجام؛ لأنه يمنع به، و سمي العقاب نكالا؛ لأنه يمنع به غير المعاقب أن يفعل فعله، و يمنع المعاقب أن يعود إلى فعله الأول، و التنكيل: إصابة الغير بالنكال ليرتدع غيره، و نكل عن كذا ينكل نكولا من باب قعد إذا امتنع. اه. «سمين».

البلاغة

و قد تضمنت هذه الآيات الكريمة ضروبا من البلاغة، و أنواعا من الفصاحة و البيان و البديع:

فمنها: الإضافة للتشريف في قوله: رَبَّكَ‏ .

و منها: المجاز العقلي في قوله: مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ‏ ؛ لما فيه من إسناد ما للفاعل إلى المحل؛ لأن المنبت الحقيقي هو اللّه سبحانه و تعالى، علاقته‏

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 479

المحلية؛ لأن الأرض لما كانت محلا للإنبات أسند إليها.

و منها: الإجمال ثم التفصيل في قوله: مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها . إلخ؛ لأنه أوقع في النفس.

و منها: الاستفهام الإنكاري المضمن للتوبيخ في قوله: أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى‏ .

و منها: الاستعارة بالكناية في قوله: وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ ؛ لأن ضربهما عليهم كناية عن إحاطتهما بهم، كما تحيط القبة بمن ضربت عليه نظير قول الشاعر:

إنّ السّماحة و المروءة و النّدى‏

في قبّة ضربت على ابن الحشرج‏

و منها: الأمر للتعجيز و الإهانة في قوله: اهْبِطُوا مِصْراً على حد قوله:

كُونُوا حِجارَةً ؛ لأنهم لا يمكنهم هبوط مصر لانسداد الطرق عليهم، إذ لو عرفوا طريق مصر لما أقاموا أربعين سنة متحيرين لا يهتدون إلى طريق من الطرق.

و منها: التنوين في قوله: وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ‏ ؛ للتعظيم.

و منها: تقييد قتل الأنبياء بغير الحق في قوله: وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِ‏ ؛ للإيذان بأن ذلك عندهم أيضا بغير الحق، إذ لم يكن أحد منهم معتقدا بحقية قتل نبي من الأنبياء، و إنما حملهم على ذلك حب الدنيا و اتباع الهوى، كما يفصح عنه قوله تعالى: ذلِكَ بِما عَصَوْا ... إلخ. اه. من «أبي السعود».

و منها: تكرير اسم الإشارة في قوله: ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ‏ ؛ للتأكيد إن قلنا: إن الثاني مشار به إلى ما أشير إليه بالأول.

و منها: التعبير بالمضارع عن الماضي في قوله: بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ‏ . الخ؛ لإفادة الاستمرار و الدوام.

و منها: الإيجاز بالحذف في قوله: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ ؛ لأنه على تقدير القول؛ أي: قلنا لهم: خذوا ما آتيناكم بقوة و اجتهاد.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 480

و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ‏ إذ التولي حقيقة في الإعراض و الإدبار عن الشي‏ء بالجسم، ثم استعمل في الإعراض عن الأمور و الاعتقادات اتساعا و مجازا. اه. «سمين».

و منها: استعمال الأمر في الإهانة و التحقير في قوله: كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ‏ ؛ لأنه ليس لهم قدرة على تحولهم إلى القردة، بل المراد بالأمر الإخبار عن تعلق القدرة، بنقلهم من حقيقة البشرية إلى حقيقة القردة.

و منها: الاستعارة في قوله: لِما بَيْنَ يَدَيْها وَ ما خَلْفَها ؛ لأنه استعير فيه ما بين يديها للزمان الماضي، و ما خلفها للمستقبل.

و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع.

و اللّه سبحانه و تعالى أعلم‏

***

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 481

قال اللّه سبحانه جل و علا:

[سورة البقرة (2): الآيات 67 الى 74]

وَ إِذْ قالَ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (67) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (68) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَ إِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَ لا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا يَفْعَلُونَ (71)

وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَ اللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى‏ وَ يُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)

المناسبة

مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن اللّه سبحانه و تعالى، لما ذكر «1» فيما سبق بعض قبائح بني إسرائيل، و جرائمهم، من نقض المواثيق، و اعتدائهم في السبت، أردفه بذكر نوع آخر من مساوئهم و قبائحهم، ألا و هو مخالفتهم لأنبيائهم و تكذيبهم لهم، و عدم مسارعتهم لامتثال الأوامر التي يوحيها اللّه إليهم، مع كثرة اللجاج و العناد للرسل- صلوات اللّه و سلامه عليهم- و جفائهم في مخاطبة نبيهم موسى عليه السلام.

و عبارة أبي حيان هنا: و وجه مناسبة هذه الآية لما قبلها «2» : أنه تقدم ذكر مخالفتهم لأنبيائهم، و تكذيبهم لهم في أكثر أنبائهم، فناسب ذلك ذكر هذه الآية؛ لما تضمنت من المراجعة، و التعنت، و العناد مرة بعد مرة. اه.

(1) العمدة.

صفحه بعد