کتابخانه تفاسیر
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج9، ص: 49
حرصا على رياستهم و فسقهم و فسادهم .. لم يكونوا يشعرون بأن عاقبة مكرهم تحيق بهم لجهلهم بسنن اللّه في خلقه، و هم خليقون بهذا الجهل. و أما في الآخرة فالأمر واضح و النصوص متظاهرة على ذلك. و هذه الجملة متضمنة لوعيد الماكرين من مجرمي أهل مكة، و فيها وعد و تسلية للنبي صلى اللّه عليه و سلم و المؤمنين.
وَ إِذا جاءَتْهُمْ ؛ أي: و إذا جاءت مشركي العرب كالوليد بن المغيرة و عبد ياليل و أبي مسعود الثقفي آيَةٌ من القرآن تأمرهم باتباع محمد صلى اللّه عليه و سلم و تخبرهم بصنيعهم قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ ؛ أي: قالوا: لن نصدقك حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ سبحانه و تعالى؛ أي: حتى يوحى إلينا و يأتينا جبريل، فيخبرنا أنك رسول اللّه، و أنك صادق. قال تعالى ردا عليهم: اللَّهِ سبحانه و تعالى:
أَعْلَمُ ؛ أي: عالم حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ؛ أي: الموضع الذي يجعل فيه رسالته؛ أي: أعلم من يليق برسالته؛ أي: بإرسال جبريل إليه لأمر من الأمور، و هذا إعلام بأنهم لا يستحقون ذلك التشريف، و هذا «1» المعنى قول الحسن، و منقول عن ابن عباس.
[معنى آخر للآية:]
و قيل معنى الآية: و إذا جاءتهم آية على صدق النبي صلى اللّه عليه و سلم .. قالوا: لن نؤمن برسالته أصلا حتى نؤتى نحن من الوحي و النبوة مثل إيتاء رسل اللّه. قال تعالى:
إنه تعالى يعلم من يستحق الرسالة، فيشرفه بها و يعلم من لا يستحقها، و أنتم لستم أهلا لها، و لأن النبوة لا تحصل لمن يطلبها، خصوصا لمن عنده حسد و مكر و غدر.
[معنى آخر للآية أيضا:]
و قيل المعنى «2» : و إذا جاءت أولئك المشركين آية بينة من القرآن تتضمن صدق الرسول صلى اللّه عليه و سلم فيما جاء به عن ربه من التوحيد و الهدى .. قالوا: لن نؤمن إلا إذا أتى على يديه من الآيات الكونية التي يؤيده اللّه بها مثل ما أوتي رسل اللّه كفلق البحر لموسى، و إبراء الأكمه و الأبرص و إحياء الموتى لعيسى. و قال ابن
(1) المراح.
(2) المراغي.
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج9، ص: 50
كثير: أي: حتى تأتينا الملائكة من اللّه بالرسالة كما تأتي إلى الرسل، بمعنى قوله تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا ... الآية.
و خلاصة ذلك:
أنهم لا يؤمنون بالرسالة إلا إذا صاروا رسلا يوحى إليهم، و قد رد عليهم جهالتهم و بين لهم خطأهم بقوله: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ؛ أي: هو أعلم حيث يضع رسالته و من يصلح لها من خلقه، و هذا كقوله حكاية عنهم: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ... الآية، يريدون لو لا نزل هذا القرآن على رجل عظيم مبجل في أعينهم من القريتين مكة و الطائف، ذلك أنهم جازاهم اللّه تعالى بما يستحقون، كانوا يزدرون الرسول صلى اللّه عليه و سلم بغيا و حسدا و عنادا و استكبارا كما قال تعالى: وَ إِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَ هذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَ هُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ (36) و هم مع ذلك كانوا يعترفون بشرفه و نسبه، و طهارة بيته و مرباه و منشئه، و كانوا يسمونه بالأمين، فكان ينبغي أن يكون في ذلك مقنع لهم بأنه أولى من أولئك الأكابر الحاسدين له بالرسالة و بكل ما فيه الكرامة، و لكن الحسد و البغي و التقليد كل أولئك كان الباعث لهم على تلك الأقوال، و عمل هاتيك الأفعال في عداوته و معاندته.
و الخلاصة: أن الرسالة فضل من اللّه يمنحه من يشاء من خلقه لا يناله أحد بكسب، و لا يصل إليه بسبب و لا نسب، و لا يعطيه إلا من كان أهلا له لسلامة الفطرة و طهارة القلب و حب الخير و الحق، و قد اختار أن يجعل الرسالة في محمد صفيه و حبيبه، فدعوا طلب ما ليس من شأنكم. و قرأ حفص و ابن كثير:
رِسالَتَهُ بالإفراد، و الباقون على الجمع.
فائدة:
و يستجاب «1» الدعاء بين هاتين الجلالتين و هذا دعاء عظيم يدعى به بينهما و وجد بخط بعض الفضلاء؛ و هو «اللهم من الذي دعاك فلم تجبه، و من الذي استجارك فلم تجره، و من الذي سألك فلم تعطه، و من الذي استعان بك فلم
(1) المراح.
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج9، ص: 51
تعنه، و من الذي توكل عليك فلم تكفه، يا غوثاه يا غوثاه يا غوثاه بك أستغيث أغثني يا مغيث و اهدني هداية من عندك، و اقض حوائجنا، و اشف مرضانا، و اقض ديوننا، و اغفر لنا و لآبائنا و لأمهاتنا بحق القرآن العظيم و الرسول الكريم برحمتك يا أرحم الراحمين».
ثم أوعدهم و بين سوء عاقبتهم لحرمانهم من الاستعداد للإيمان فقال:
سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ؛ أي: سيصيب الذين أشركوا بقولهم: لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل اللّه و مكروا بك صَغارٌ ؛ أي: ذل و هوان و حقارة في الدنيا عِنْدَ اللَّهِ ؛ أي: ثابت لهم في حكم اللّه تعالى بالقتل و الأسر وَ عَذابٌ شَدِيدٌ بالنار في الآخرة بِما كانُوا يَمْكُرُونَ ؛ أي: بسبب مكرهم بقولهم ذلك، و حسدهم للنبي صلى اللّه عليه و سلم، و تكذيبهم له و طلبهم ما لا يستحقون.
و قال اسماعيل الضرير «1» : في الكلام تقديم و تأخير؛ أي: صغار و عذاب شديد عند اللّه في الآخرة انتهى. أي: سيصيب «2» المجرمين الماكرين الذين قد قضت سنة اللّه أن يكونوا زعماء في كل شعب دب فيه الفساد عذاب شديد مكان ما تمنوه و علقوا به آمالهم من عز النبوة و شرف الرسالة. و معنى كونه من عند اللّه:
أنه مما اقتضاه حكمه و عدله و سبق به تقديره، فإن ما هو ثابت عند اللّه في حكمه التكويني الذي دبر به نظام الخلق و حكمه الشرعي التكليفي الذي أقام به العدل و الحق .. يقال: إنه من عند اللّه، و يكون هذا جزاء لهم على استكبارهم عن الحق في دار الدنيا كما قال تعالى: كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (26) .
و عذاب الأمم في الدنيا بذنوبها مطرد، و عذاب الأفراد لا يطرد، و إن كانوا من المجرمين الماكرين، و قد عذب اللّه في الدنيا أكابر مجرمي أهل مكة الذين
(1) البحر المحيط.
(2) المراغي.
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج9، ص: 52
تصدوا لإيذاء النبي صلى اللّه عليه و سلم و الكيد له، فقتل منهم من قتل في بدر، و لحق الصغار و الهوان بالباقين.
ثم أردف ذلك بالموازنة بينهم و بين المستعدين للإيمان، فقال: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ ؛ أي: فمن يرد اللّه سبحانه و تعالى هدايته للحق و يرشده لدينه يَشْرَحْ صَدْرَهُ ؛ أي: يوسع قلبه لِلْإِسْلامِ حتى يقبله بصدر منشرح منبسط له.
و معنى الآية
«1» : فمن يرد اللّه تعالى أن يهديه للإيمان باللّه و برسوله و بما جاء به من عنده .. يوفقه له و يشرح صدره لقبوله و يهونه عليه، و يسهله له بفضله و كرمه و لطفه به و إحسانه إليه، فعند ذلك يستنير الإسلام في قلبه، فيضيء به و يتسع له صدره.
و الخلاصة
«2» : فمن كان أهلا بإرادة اللّه و تقديره لقبوله دعوة الإسلام الذي هو دين الفطرة و الهادي إلى طريق الحق و الرشاد .. وجد لذلك في نفسه انشراحا و اتساعا بما يشعر به قلبه من السرور، فلا يجد مانعا من النظر الصحيح فيما ألقي إليه فيتأمله و تظهر له عجائبه، و تتضح له دلالته، فتتوجه إليه إرادته، و يذعن له قلبه بما يرى من ساطع النور الذي يستضيء به لبه، و باهر البرهان الذي يتملك نفسه.
و لما نزلت هذه الآية «3» .. سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن شرح الصدر، فقال:
«هو نور يقذفه اللّه تعالى في قلب المؤمن، فينشرح له و ينفسح»، فقالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال: «نعم، الإنابة إلى الدار الخلود، و التجافي عن دار الغرور، و الاستعداد للموت قبل نزول الموت». و أسند الطبري عن ابن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: قيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين نزلت عليه هذه الآية:
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ قال: «إذا دخل النور القلب ..
انفسح و انشرح». قالوا: فهل لذلك من آية يعرف بها؟ قال: «الإنابة إلى دار
(1) الخازن.
(2) المراغي.
(3) الخازن.
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج9، ص: 53
الخلود، و التجافي عن دار الغرور، و الاستعداد للموت قبل لقاء الموت».
وَ مَنْ يُرِدْ اللّه سبحانه و تعالى أَنْ يُضِلَّهُ ؛ أي: إضلاله و شقاوته يَجْعَلْ صَدْرَهُ و قلبه ضَيِّقاً عن قبول الإسلام غير متسع له حَرَجاً ؛ أي: شديد الضيق لا يتسع لشيء من الهدي، و لا يخلص إليه شيء من الإيمان فهو بمعنى الضيق مع المبالغة كرره تأكيدا، و حسن ذلك اختلاف اللفظ كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ ؛ أي: كأنما يتكلف صدره الصعود في السماء، و يحاول الطلوع إليها، و يزاول أمرا غير ممكن. قال ابن جرير: و هذا «1» مثل ضربه اللّه لقلب هذا الكافر في شدة ضيقه عن وصول الإيمان إليه مثل امتناعه من الصعود إلى السماء و عجزه عنه؛ لأنه ليس في وسعه، أي: أن «2» من فسدت فطرته بالشرك و تدنست نفسه بالآثام و الذنوب .. يجد في صدره ضيقا أيما ضيق إذا طلب إليه التأمل فيما يدعى له من دلائل التوحيد، و النظر في الآفاق و الأنفس لما استحوذ على قلبه من باطل التقاليد و الاستكبار عن مخالفة ما ألفه و سار عليه الناس، و تضعف إرادته عن ترك ما هو عليه، فتكون إجابته الداعي إلى الدين الجديد ثقيلة عليه، و يشعر بالعجز عن احتمالها، و يكون مثله مثل من صعد في الطبقات العليا في جو السماء إذ يشعر بضيق شديد في التنفس، و كلما صعد في الجو أكثر شعر بضيق أشد، حتى إذا ما ارتفع إلى أعلى من ذلك شعر بتخلخل الهواء، و لم يستطع سبيلا إلى البقاء، فإن هو قد بقي فيها مات اختناقا.
و خلاصة ذلك : أن اللّه ضرب مثلا لضيق النفس المعنوي يجده من دعي إلى الحق، و قد ألف الباطل و ركن إليه بضيق التنفس الذي يجده من صعد بطائرة إلى الطبقات العليا من الجو حتى لقد يشعر بأنه أشرف على الهلاك، و هو لا محالة هالك إن لم يتدارك نفسه، و ينزل من هذا الجو إلى طبقات أسفل.
سبحانك ربي، نطق كتابك الكريم بقضية لم يتفهم سرّها البشر، و لم يفقه
(1) الطبري.
(2) المراغي.
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج9، ص: 54
معرفة كنهها إلا بعد أن مضى على نزولها نحو أربعة عشر قرنا، و تقّدم فنّ الطيران، الآن علم الطيارين بالتجربة صدق ما جاء في كتابك، و دل على صحة ما ثبت في علم الطبيعة من اختلاف الضغط الجوي في مختلف طبقات الهواء، و قد علم الآن أن الطبقات العليا أقل كثافة في الهواء من الطبقات التي هي أسفل منها، و أنه كلما صعد الإنسان إلى طبقة أعلى شعر بالحاجة إلى الهواء و بضيق في التنفس نتيجة لقلة الهواء الذي يحتاج إليه حتى لقد يحتاجون أحيانا إلى استعمال جهاز التنفس؛ ليساعدهم على السير في تلك الطبقات.
و هذه الآيات و أمثالها لم يستطع العلماء أن يفسروها تفسيرا جليا؛ لأنهم لم يهتدوا لسرها، و جاء الكشف الحديث و تقدم العلوم، فأمكن شرح مغزاها و بيان المراد منها بحسب ما أثبته العلم، و من هذا صح قولهم: الدين و العلم صنوان لا عدوان، و هكذا كلما تقدم العلم أرشد إلى إيضاح قضايا خفي أمرها على المتقدمين من العلماء و المفسرين.
و خلاصة معنى الآية
«1» : فمن يرد اللّه أن يهديه قوّى في قلبه ما يدعوه إلى الإيمان؛ بأن اعتقد أن نفعه زائد و خيره راجح و ربحه ظاهر، فمال طبعه إليه و قويت رغبته في حصوله و حصل في القلب استعداد شديد لتحصيله، و من يرد أن يضله ألقى في قلبه ما يصرفه عن الإيمان و يدعوه إلى الكفر بأن اعتقد أن شر الإيمان زائد و ضرره راجح، فعظمت النفرة عنه، فإن الكافر إذا دعي إلى الإسلام شق عليه جدا، كأنه كلف أن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه، و لا يقدر على ذلك، أو المعنى: كان قلب الكافر يصعد إلى السماء تكبرا عن قبول الإسلام.
و قرأ ابن كثير «2» : ضَيِّقاً - بالتخفيف- مثل هين و لين، و قرأ الباقون بالتشديد، و هما لغتان، و قرأ نافع و أبو بكر عن عاصم: حرجا- بكسر الراء-
(1) المراح.
(2) الشوكاني و ابن الجوزي.
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج9، ص: 55
و معناه الضيق، فيكون تأكيدا لما قبله، و قرأ الباقون: حرجا- بفتح الراء- جمع حرجة، و هي شدة الضيق. و قرأ ابن كثير: كأنما يصعد- بالتخفيف من الصعود- و قرأ النخعي: يصّاعد- بتشديد الصاد مع الألف- و أصله يتصاعد، و قرأ الباقون: يَصَّعَّدُ - بالتشديد بدون ألف- و أصله يتصعد. و قرأ ابن مسعود و طلحة: تصعد- بتاء من غير ألف- و قرأ أبي بن كعب: يتصاعد بتاء و ألف.
كَذلِكَ ؛ أي: كما جعل اللّه سبحانه و تعالى صدر من أراد إضلاله ضيقا حرجا بالإسلام يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ ؛ أي: اللعنة في الدنيا و العذاب في الآخرة عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بآيات اللّه و يعرضون عن الإيمان بها، أو يسلط اللّه الشيطان عليهم، فيظهر أثر ذلك في تصرفاتهم و أعمالهم، فيكون غالبا قبيحا سيئا في ذاته، أو فيما بعث عليه من قصد و نية؛ لأن الإيمان الذي اجتنبوه هو الذي يصد عنه و يطهر الأنفس منه.
وَ هذا الإسلام الذي يشرح له صدر من أراد هدايته هو صِراطُ رَبِّكَ الذي بعثك به، و بين لك أصوله و عقائده بالبراهين الواضحة و البينات الظاهرة حالة كونه مُسْتَقِيماً في نظر العقول الراجحة و الفطر السليمة بعيدا من الإفراط و التفريط، فلا اعوجاج فيه و لا التواء، بل هو السبيل السوي و ما عداه من الملل و النحل فهو معوج ملتو بما فيه من زيغ و فساد، و خروج عن الجادة التي يؤيدها العقل، و تستند إلى النقل، كما قال عليّ- كرم اللّه وجهه- في نعت القرآن: هو الصراط المستقيم، و حبل اللّه المتين، و هو الذكر الحكيم. قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ ؛ أي: قد فسرنا آيات القرآن و أوضحناها، و بيناها بالوعد و الوعيد، و الثواب و العقاب، و الحلال و الحرام، و الأمر و النهي و غير ذلك لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ؛ أي: