کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن

الجزء الأول

الفصل الأول في فضل القرآن الكريم و تلاوته، و تعلمه، و تعليمه الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، و ما يكره منها، و ما يحرم، و اختلاف الناس في ذلك الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن و العلم من الرياء، و غيره الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، و لا يغفل عنه الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، و تعليمه، و الحث عليه، و ثواب من قرأ القرآن معربا الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، و أهله الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، و وضعه الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، و من هو، و فيمن عاداه الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارى‏ء القرآن، و حامله من تعظيم القرآن و حرمته الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسنة الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلم، و الفقه لكتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم. و ما جاء أنه يسهل على من تقدم العمل به، دون حفظه الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم:«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، و سبب كتب عثمان المصاحف، و إحراقه ما سواه، و ذكر من حفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، و كلماته، و حروفه الفصل السابع عشر في أجزائه، و أحزابه، و أرباعه، و أنصافه، و أثلاثه، و أسباعه الفصل الثامن عشر في تعشيره و تخميسه، و الكتابة في فواتح السور، أو خواتمها، و وضع النقط في منتهى الآية، و غير ذلك الفصل التاسع عشر في بيان أول من وضع النقط، و الشكل، و الشدة، و المدة، و الهمزة، و علامة الغنة في المصاحف، و أول من وضع النحو، و جعل الإعراب فيها الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية الفصل الحادي و العشرون في بيان معنى القرآن، و معنى السورة، و الكلمة، و الحرف الفصل الثاني و العشرون في بيان معنى النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، و أقسامه، و شرائطه، و الرد على من أنكره، و بيان معنى الناسخ، و المنسوخ، و غير ذلك الفصل الثالث و العشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، و المنسوخ الفصل الرابع و العشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف. الفصل الخامس و العشرون في بيان قواعد أصولية لأسباب النزول الفصل السادس و العشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، و غيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغرا الفصل السابع و العشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الرد على من طعن في القرآن، و خالف مصحف عثمان بالزيادة، و النقصان الفصل الثامن و العشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا؟ الفصل التاسع و العشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، و شرائط المعجزة، و حقيقتها الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات الفهرس مقدمة مقدمة في مبادى‏ء فن التفسير

سورة البقرة

فائدة:

المجلد التاسع

استهلال:

تابع إلى سورة الأنعام:

[سورة الأنعام(6): الآيات 145 الى 153]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

سورة الأعراف

المناسبة: و مناسبة ذكرها بعد سورة الأنعام الناسخ و المنسوخ:

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 18]

[سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 43]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: التكرار في قوله: يا بني آدم و منها: المجاز المرسل في قوله: عند كل مسجد و منها: الجناس المغاير بين و لا تسرفوا و بين المسرفين و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادخلوا في أمم و منها: عطف العام على الخاص في قوله: و الإثم و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سلطانا و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الطباق بين لا يستأخرون.. و لا يستقدمون و منها: الاعتراض في قوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها و منها: التهكم في قوله: فذوقوا العذاب و منها: الكناية في قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله: و منها: المجاز المرسل في قوله: و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أن تلكم الجنة و منها: الاستعارة في قوله: لهم من جهنم مهاد و من فوقهم غواش و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع

[سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 58]

المناسبة الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: المقابلة في قوله: و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار و منها: المشاكلة في قوله: ما وعد ربكم و منها: التعبير بالماضي عما في المستقبل، في قوله: و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: فأذن مؤذن و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: حرمهما و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: و منها: الالتفات في قوله: سقناه لبلد ميت و منها: التتميم في قوله: و البلد الطيب... و منها: تخصيص خروج النبات الطيب بقوله: و منها: الكناية في قوله: بإذن ربه و منها: الطباق بين قوله: و البلد الطيب و قوله: و الذي خبث و منها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: كذلك نخرج الموتى و منها: إيجاز القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر و منها: الاكتفاء في قوله: يغشي الليل النهار و منها: التكرار في قوله: و نادى و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: من شفعاء فيشفعوا لنا و منها: الجناس المماثل في قوله: فاليوم ننساهم كما نسوا و منها: الاستفهام التوبيخي في مواضع و منها: الإنكاري في قوله: هل ينظرون إلا تأويله و منها: الإضافة للتشريف في قوله: رسل ربنا و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع و منها: القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر

[سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 74]

المناسبة الإعراب

المجلد العاشر

تتمة سورة الأعراف

خاتمة في خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة من الموضوعات شعر الفهرس

المجلد السادس عشر

سورة الإسراء

شعر الفهرس

المجلد الرابع و العشرون

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن


صفحه قبل

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 102

ما أحل اللّه لكم من الحرث و الأنعام، أو كلوا من هذه الأنعام و غيرها، و انتفعوا بها بسائر ضروب الانتفاع المباحة شرعا وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ‏ ؛ أي: و لا تسلكوا السبل التي يسوّلها لكم الشيطان بتحريم الحرث و الأنعام، فتحرموا ما لم يحرمه اللّه تعالى، فإن ذلك إغواء و إضلال منه، و اللّه المبدع قد أباحها لكم، فليس لغيره أن يحرم أو يحلل، و لا يتعبدكم به، و يقال: لمن اتبع آخر و بالغ في التأسي به: اتبع خطواته، و لا شك أن تحريم ما أحل اللّه من أقبح المبالغات في اتباع إغواء الشيطان؛ لأنه اتباع له في حرمان النفس من الطيبات لا في الاستمتاع باللذات كما هو أكثر غوايته. ثم علل النهي عن اتباعه بقوله: إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ‏ ؛ أي: ظاهر العداوة، فقد أخرج آدم من الجنة، و قال: لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ؛ أي: لا تتبعوه لأنه ظاهر العداوة بينها لا يأمر إلا بكل قبيح يسوء فعله حالا، أو استقبالا، و يأمركم بالافتراء على اللّه بغير علم، كما قال تعالى:

إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَ الْفَحْشاءِ وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ‏ .

و بعد أن ذكر سبحانه أن الأنعام؛ إما حمولة و إما فرش .. فصلها و قسمها إلى ثمانية أزواج، فإن الحمولة؛ إما إبل، و إما بقر، و الفراش؛ إما ضأن، و إما معز، و كل من الأقسام الأربعة؛ إما ذكر، و إما أنثى، و كل هذا الإيضاح المحال التي تقولوها على اللّه تعالى بالتحريم و التحليل،

ثم تبكيتهم بإظهار كذبهم و افترائهم في كل محل من هذه المحال بتوجيه الإنكار إليها مفصلة، فقال:

و هو سبحانه و تعالى أنشأ لكم‏ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ‏ ؛ أي: ثمانية أصناف من الأنعام أنشأ لكم‏ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ‏ ؛ أي: زوجين الكبش و النعجة، و قدم الضأن على المعز؛ لغلاء ثمنه، و طيب لحمه، و عظم الانتفاع بصوفه، و الضأن ذوات الصوف من الغنم، و المعز ذوات الشعر منها. و قرأ طلحة بن مصرف و الحسن و عيسى بن عمر: من الضأَن- بفتح الهمزة- و قرأ أبان بن عثمان:

اثنان- بالرفع على الابتداء و الخبر مقدم- وَ أنشأ لكم‏ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ‏ ؛ أي: زوجين التيس و العنز. و قرأ ابن عامر و ابن كثير و أبو عمرو: من المعَز- بفتح العين- و قرأ باقي السبعة بسكونها، و قرأ أبي: و من المعزي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 103

و هذه الأنواع الأربعة تفصيل للفرش ف قُلْ‏ لهم أيها الرسول تبكيتا و توبيخا و إنكارا عليهم‏ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ‏ ؛ أي: هل حرم اللّه سبحانه و تعالى الذكرين الكبش و التيس من ذينك النوعين؟ أَمِ‏ حرم‏ الْأُنْثَيَيْنِ‏ النعجة و العنز (أم) حرم (ما) اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ‏ ؛ أي: ما حملته إناث النوعين ذكرا كان أو أنثى؟ أي: قل لهم إن كان حرم الذكور .. فكل ذكر حرام، و إن كان حرم الإناث .. فكل أنثى حرام، و إن كان حرم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين، يعني؛ من الضأن و المعز .. فكل مولود حرام ذكرا كان أو أنثى، و كلها مولود، فيستلزم أن كلها حرام، فمن أين أخذتم تحريم البحائر و السوائب مثلا، و تحليل غيرها. و قوله: آلذَّكَرَيْنِ‏ فيه قراءتان لا غير، مد الهمزة مدا لازما بقدر ثلاث ألفات، و تسهيل الهمزة الثانية على حد قوله في «الخلاصة»:

و ايمن همز أل كذا و يبدل‏

مدّا في الاستفهام أو يسهّل‏

نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ‏ ؛ أي: أخبروني ببينة و حجة تدل على ذلك من كتاب اللّه، أو خبر من أنبيائه‏ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ في دعوى التحريم، و المراد من هذا التبكيت لهم، و إلزام الحجة؛ لأنه يعلم أنه لا علم عندهم‏

وَ أنشأ لكم‏ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ‏ ؛ أي: زوجين الجمل و الناقة وَ أنشأ لكم‏ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ‏ ؛ أي: زوجين الثور و البقرة ف قُلْ‏ لهم يا محمد تبكيتا و تقريعا لهم‏ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ‏ ؛ أي: هل حرم اللّه سبحانه و تعالى الذكرين الجمل و الثور؟ أَمِ‏ الْأُنْثَيَيْنِ‏ منهما الناقة و البقرة؟ (أم) حرم (ما) اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ‏ ؛ أي: ما حملته إناث النوعين يعني من الإبل و البقر ذكرا كان أو أنثى؟

و خلاصة ذلك:

أن المشركين في الجاهلية كانوا يحرمون بعض الأنعام، فاحتج سبحانه على إبطال ذلك بأن لكل من الضأن و المعز، و الإبل و البقر ذكرا و أنثى، فإن كان قد حرم منها الذكر .. وجب أن يكون كل ذكورها حراما، و إن كان حرم جل شأنه الأنثى .. وجب أن يكون كل إناثها حراما، و إن كان حرم ما اشتملت عليه أرحام الإناث .. وجب تحريم الأولاد كلها؛ لأن الأرحام تشتمل على الذكور و الإناث.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 104

و قصارى‏ «1» ذلك: أنه تعالى ما حرم عليهم من هذه الأنواع الأربعة، و أنهم كاذبون في دعوى التحريم، و قد فصل ذلك أتم التفصيل مبالغة في الرد عليهم، ثم زاد في الإنكار و التهكم بهم، فقال: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا ؛ أي: هل‏ «2» شاهدتم اللّه حرم هذا عليكم و وصاكم به؟ لا؛ أي: لم تكونوا شهداء، فإنكم لا تقرون بنبوة أحد من الأنبياء، فكيف تنبئون هذه الأحكام، و تنسبونها إلى اللّه تعالى.

و أَمِ‏ «3» هنا منقطعة بمعنى (بل)، و همزة الإنكار، و (بل) للانتقال من توبيخهم بنفي العلم عنهم المستفاد من قوله: نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ‏ إذ هو أمر تعجيز؛ أي: لا علم لكم بذلك إلى توبيخهم بنفي حضورهم وقت إيصائهم بالتحريم؛ أي: أعندكم‏ «4» علم يؤثر عن أحد من رسله، فتنبئوني به، أم شاهدتم ربكم، فوصاكم بهذا التحريم مشافهة بغير واسطة؛ كلا ما حصل هذا و لا ذاك، فما هو إلا محض افتراء على اللّه يقلد فيه بعضكم بعضا بقوله: إن اللّه حرم علينا كذا و كذا كما قال تعالى: وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ‏ .

و الخلاصة: أنكم إذا لم تؤمنوا بنبي .. فلا طريق لكم إلى علم ذلك بحسب ما تقولون إلا أن تشاهدوا ربكم، و تتلقوا منه أحكام الحلال و الحرام.

و بعد أن نفى الأمرين بالبرهان .. أثبت أنه افتراء على اللّه لإضلال عباده، و هو ظلم يجنيه الإنسان على نفسه و على غيره، و يجني سوء عاقبته، فقال: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً و الاستفهام للإنكار؛ أي: لا أحد أشد ظلما ممن اختلق على اللّه كذبا بنسبة التحريم إليه‏ لِيُضِلَّ النَّاسَ‏ عن دين اللّه‏ بِغَيْرِ عِلْمٍ‏ و لا حجة حال‏ «5» من فاعل (يضل)؛ أي: ليضل الناس حال كونه متلبسا بغير علم بما يؤدي بهم إليه، أو حال من فاعل‏ افْتَرى‏ ؛ أي: افترى على اللّه‏

(1) المراغي.

(2) الخازن.

(3) الفتوحات.

(4) المراغي.

(5) المراح.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 105

تعالى جاهلا بصدور التحريم عنه تعالى؛ أي: فمن افترى عليه تعالى جاهلا بصدور التحريم عنه تعالى مع احتمال الصدور عنه كان أظلم ظالم، فما ظنك بمن افترى عليه تعالى؛ و هو يعلم أنه لم يصدر عنه.

أي: لا أحد أظلم منكم لأنكم من هؤلاء المفترين على اللّه بقصد الإضلال عن جهل تام.

و الخلاصة: أن في ذلك تسجيل الغباوة عليهم، و عمى البصيرة باتباعهم محض التقليد من غير عقل و لا هوى، فإن عملهم ليس له إثارة من علم و لا قصد إلى شي‏ء من الهدى إلى حق أو خير إِنَّ اللَّهَ‏ سبحانه و تعالى‏ لا يَهْدِي‏ ؛ أي: لا يوفق للرشاد الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‏ ؛ أي: لا يهدي أولئك المشركين؛ أي: لا ينقلهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان؛ أي: لا يهدي من افترى عليه الكذب، و قال عليه الزور و البهتان، و لا يهديه إلى الحق و العدل، لا من طريق الوحي، و لا من طريق العلم، بل يصده عن استعمال عقله فيما يهديه إلى الصواب، و عما فيه صلاحه عاجلا و آجلا، و هؤلاء كعمرو بن لحي و أضرابه.

و قد وجد في البشر «1» ؛ ناس فكروا و بحثوا فيما يجب عليهم للّه من الشكر و العبادة، و اتباع الحق و العدل و فعل الخير بحسب ما يرشد إليه عقولهم، و أخطؤوا في بعض، و كانوا خير الناس للناس على حين فترة من الرسل كما فعل قصي؛ إذ وضع للعرب سننا حسنة كسقاية الحاج، و رفادتهم، و إطعامهم، و سن الشورى في مهام الأمور.

الإعراب‏

وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هذا لِشُرَكائِنا .

وَ جَعَلُوا (الواو): استئنافية. جَعَلُوا : فعل و فاعل، و الجملة مستأنفة.

(1) المراغي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 106

لِلَّهِ‏ جار و مجرور في محل النصب مفعول ثان ل (جعل). مِمَّا جار و مجرور حال من‏ نَصِيباً ؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها. ذَرَأَ : فعل ماض، و فاعله ضمير يعود على اللّه، و الجملة صلة ل (ما)، أو صفة لها، و العائد أو الرابط محذوف تقديره: مما ذرأه. مِنَ الْحَرْثِ‏ : جار و مجرور حال من العائد المحذوف، أو من (ما). وَ الْأَنْعامِ‏ : معطوف عليه. نَصِيباً :

مفعول أول ل (جعل)، و يحتمل كون‏ «1» (جعل) متعديا إلى واحد بمعنى عينوا و ميزوا نصيبا، و كل من الظرفين متعلق ب جَعَلُوا ، أو الثاني بدل من الأول.

فَقالُوا : (الفاء): حرف عطف و تفصيل، (قالوا): فعل و فاعل، و الجملة معطوفة على‏ جَعَلُوا . هذا لِلَّهِ‏ : مبتدأ و خبر، و الجملة في محل النصب مقول (قال). بِزَعْمِهِمْ‏ : جار و مجرور و مضاف إليه متعلق ب فَقالُوا . وَ هذا لِشُرَكائِنا : مبتدأ و خبر، و الجملة في محل النصب معطوفة على جملة قوله:

هذا لِلَّهِ‏ .

فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ‏ .

فَما (الفاء): فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت ما قالوه في التقسيم، و أردت بيان عاقبة كل من النصيبين ..

فأقول لك: (ما): موصولة، أو موصوفة في محل الرفع مبتدأ. كانَ‏ :

فعل ماض ناقص و اسمها ضمير يعود على (ما). لِشُرَكائِهِمْ‏ : جار و مجرور و مضاف إليه خبر كانَ‏ ، و جملة كانَ‏ صلة ل (ما)، أو صفة لها.

فَلا : (الفاء): رابطة الخبر بالمبتدأ جوازا لما في المبتدأ من العموم، (لا): نافية. يَصِلُ‏ : فعل مضارع، و فاعله ضمير يعود على (ما). إِلَى اللَّهِ‏ : متعلق ب يَصِلُ‏ ، و الجملة الفعلية في محل الرفع خبر المبتدأ، و الجملة الاسمية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، و جملة إذا المقدرة مستأنفة استئنافا بيانيا واقعا في سؤال مقدر كأنه قيل: ما عاقبة النصيبين؟.

وَ ما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى‏ شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ‏ .

(1) الفتوحات.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 107

وَ ما (الواو): عاطفة. ما : اسم موصول في محل الرفع مبتدأ أول.

كانَ‏ : فعل ماض ناقص، و اسمها ضمير يعود على‏ ما . لِلَّهِ‏ : جار و مجرور خبرها، و جملة كانَ‏ صلة ل ما . فَهُوَ : (الفاء): رابطة الخبر بالمبتدأ، (هو): مبتدأ ثان، و جملة يَصِلُ‏ خبره. إِلى‏ شُرَكائِهِمْ‏ متعلق ب يَصِلُ‏ ، و جملة المبتدأ الثاني خبر للمبتدأ الأول، و الجملة من المبتدأ الأول و خبره في محل النصب معطوفة على جملة قوله: فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ‏ على كونها مقولا لجواب إذا المقدرة. ساءَ : فعل ماض من أفعال الذم. ما : موصولة في محل الرفع فاعل، و جملة يَحْكُمُونَ‏ صلتها، و العائد محذوف تقديره: ما يحكمونه، و جملة ساءَ في محل الرفع خبر لمبتدأ محذوف وجوبا هو المخصوص بالذم تقديره: ساء ما يحكمون حكمهم.

وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ‏ .

وَ كَذلِكَ‏ (الواو): استئنافية. كَذلِكَ‏ : جار و مجرور صفة لمصدر محذوف تقديره: و تزييننا مثل تزيين قسمة القرابين بين اللّه و آلهتهم. زَيَّنَ‏ :

فعل ماض. لِكَثِيرٍ : متعلق به. مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏ : صفة ل (لكثير).

قَتْلَ أَوْلادِهِمْ‏ : مفعول به و مضاف إليه. شُرَكاؤُهُمْ‏ : فاعل و مضاف إليه، و التقدير: و زين لكثير من المشركين شركاؤهم قتل أولادهم تزيينا مثل تزيين قسمة القرابين بين اللّه و آلهتهم، و الجملة الفعلية مستأنفة.

لِيُرْدُوهُمْ وَ لِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ‏ .

لِيُرْدُوهُمْ‏ (اللام): لام كي، (يردوهم): فعل و فاعل و مفعول منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، و الجملة الفعلية في تأويل مصدر مجرور بلام كي تقديره: لإردائهم إياهم، الجار و المجرور متعلق ب زَيَّنَ‏ . وَ لِيَلْبِسُوا (الواو): عاطفة، (اللام): لام كي، (يلبسوا): فعل و فاعل منصوب بأن مضمرة بعد لام كي. عَلَيْهِمْ‏ : متعلق به. دِينَهُمْ‏ : مفعول به و مضاف إليه، و الجملة الفعلية صلة أن المضمرة، أن مع صلتها في تأويل مصدر مجرور باللام تقديره: و للبسهم عليهم دينهم، الجار و المجرور معطوف على الجار و المجرور

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 108

قبله، فعلل التزيين بشيئين بالإرداء و بالتخليط، و إدخال الشبهة عليهم في دينهم.

وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ‏ .

وَ لَوْ (الواو): استئنافية. لَوْ : حرف شرط غير جازم. شاءَ اللَّهُ‏ :

فعل و فاعل و المفعول محذوف تقديره: عدم فعلهم، و الجملة فعل شرط ل لَوْ .

ما : نافية. فَعَلُوهُ‏ : فعل و فاعل و مفعول، و الجملة جواب الشرط ل لَوْ ، و جملة لَوْ الشرطية مستأنفة. فَذَرْهُمْ‏ : (الفاء): فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت أن تزيينهم بمشيئة اللّه تعالى، و أردت بيان ما هو المطلوب لك .. فأقول لك، (ذرهم): فعل و مفعول، و فاعله ضمير يعود على محمد. وَ ما : (الواو): عاطفة. ما : مصدرية، أو موصولة في محل النصب معطوف على ضمير المفعول. يَفْتَرُونَ‏ : فعل و فاعل، و الجملة صلة ما المصدرية، ما مع صلتها في تأويل مصدر معطوف على ضمير المفعول تقديره: فذرهم و افتراءهم، أو صلة ل ما الموصولة، و العائد محذوف تقديره: فذرهم و الذي يفترونه، و جملة (ذرهم):

من الفعل و الفاعل في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، و جملة إذا المقدرة مستأنفة لا محل لها من الإعراب.

وَ قالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَ حَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَ أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَ أَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ (138) .

وَ قالُوا (الواو): استئنافية. قالُوا : فعل و فاعل، و الجملة مستأنفة.

هذِهِ أَنْعامٌ‏ إلى قوله: افْتِراءً عَلَيْهِ‏ مقول محكي ل قالُوا ، و إن شئت قلت:

هذِهِ أَنْعامٌ‏ : مبتدأ و خبر. وَ حَرْثٌ‏ : معطوف على‏ أَنْعامٌ‏ ، و الجملة الاسمية في محل النصب مقول‏ قالُوا . حِجْرٌ : صفة أولى ل أَنْعامٌ وَ حَرْثٌ‏ ؛ لأنه مصدر على فعل يوصف به المفرد و المثنى و الجمع و المذكر و المؤنث كذبح بمعنى: مذبوح كما سيأتي في مبحث التصريف إن شاء اللّه تعالى.

صفحه بعد