کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن

الجزء الأول

الفصل الأول في فضل القرآن الكريم و تلاوته، و تعلمه، و تعليمه الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، و ما يكره منها، و ما يحرم، و اختلاف الناس في ذلك الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن و العلم من الرياء، و غيره الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، و لا يغفل عنه الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، و تعليمه، و الحث عليه، و ثواب من قرأ القرآن معربا الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، و أهله الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، و وضعه الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، و من هو، و فيمن عاداه الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارى‏ء القرآن، و حامله من تعظيم القرآن و حرمته الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسنة الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلم، و الفقه لكتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم. و ما جاء أنه يسهل على من تقدم العمل به، دون حفظه الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم:«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، و سبب كتب عثمان المصاحف، و إحراقه ما سواه، و ذكر من حفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، و كلماته، و حروفه الفصل السابع عشر في أجزائه، و أحزابه، و أرباعه، و أنصافه، و أثلاثه، و أسباعه الفصل الثامن عشر في تعشيره و تخميسه، و الكتابة في فواتح السور، أو خواتمها، و وضع النقط في منتهى الآية، و غير ذلك الفصل التاسع عشر في بيان أول من وضع النقط، و الشكل، و الشدة، و المدة، و الهمزة، و علامة الغنة في المصاحف، و أول من وضع النحو، و جعل الإعراب فيها الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية الفصل الحادي و العشرون في بيان معنى القرآن، و معنى السورة، و الكلمة، و الحرف الفصل الثاني و العشرون في بيان معنى النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، و أقسامه، و شرائطه، و الرد على من أنكره، و بيان معنى الناسخ، و المنسوخ، و غير ذلك الفصل الثالث و العشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، و المنسوخ الفصل الرابع و العشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف. الفصل الخامس و العشرون في بيان قواعد أصولية لأسباب النزول الفصل السادس و العشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، و غيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغرا الفصل السابع و العشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الرد على من طعن في القرآن، و خالف مصحف عثمان بالزيادة، و النقصان الفصل الثامن و العشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا؟ الفصل التاسع و العشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، و شرائط المعجزة، و حقيقتها الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات الفهرس مقدمة مقدمة في مبادى‏ء فن التفسير

سورة البقرة

فائدة:

المجلد التاسع

استهلال:

تابع إلى سورة الأنعام:

[سورة الأنعام(6): الآيات 145 الى 153]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

سورة الأعراف

المناسبة: و مناسبة ذكرها بعد سورة الأنعام الناسخ و المنسوخ:

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 18]

[سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 43]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: التكرار في قوله: يا بني آدم و منها: المجاز المرسل في قوله: عند كل مسجد و منها: الجناس المغاير بين و لا تسرفوا و بين المسرفين و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادخلوا في أمم و منها: عطف العام على الخاص في قوله: و الإثم و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سلطانا و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الطباق بين لا يستأخرون.. و لا يستقدمون و منها: الاعتراض في قوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها و منها: التهكم في قوله: فذوقوا العذاب و منها: الكناية في قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله: و منها: المجاز المرسل في قوله: و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أن تلكم الجنة و منها: الاستعارة في قوله: لهم من جهنم مهاد و من فوقهم غواش و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع

[سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 58]

المناسبة الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: المقابلة في قوله: و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار و منها: المشاكلة في قوله: ما وعد ربكم و منها: التعبير بالماضي عما في المستقبل، في قوله: و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: فأذن مؤذن و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: حرمهما و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: و منها: الالتفات في قوله: سقناه لبلد ميت و منها: التتميم في قوله: و البلد الطيب... و منها: تخصيص خروج النبات الطيب بقوله: و منها: الكناية في قوله: بإذن ربه و منها: الطباق بين قوله: و البلد الطيب و قوله: و الذي خبث و منها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: كذلك نخرج الموتى و منها: إيجاز القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر و منها: الاكتفاء في قوله: يغشي الليل النهار و منها: التكرار في قوله: و نادى و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: من شفعاء فيشفعوا لنا و منها: الجناس المماثل في قوله: فاليوم ننساهم كما نسوا و منها: الاستفهام التوبيخي في مواضع و منها: الإنكاري في قوله: هل ينظرون إلا تأويله و منها: الإضافة للتشريف في قوله: رسل ربنا و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع و منها: القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر

[سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 74]

المناسبة الإعراب

المجلد العاشر

تتمة سورة الأعراف

خاتمة في خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة من الموضوعات شعر الفهرس

المجلد السادس عشر

سورة الإسراء

شعر الفهرس

المجلد الرابع و العشرون

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن


صفحه قبل

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 243

تتذكرون بتاءين أولاهما تاء المضارعة، و الثانية تاء المطاوعة، فحذفت إحداهما على الخلاف في المحذوفة منهما.

وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ (كم): اسم يفيد التكثير، و هي خبرية: هنا، و كذا في جميع القرآن حيثما وقعت، و كم في كلام العرب قسمان: خبرية: و هي التي بمعنى عدد كثير، و استفهامية: و هي التي تكون بمعنى أي عدد، و هي اسم‏ «1» بسيط لا مركب من كاف التشبيه، و ما الاستفهامية حذف ألفها لدخول حرف الجر عليها، و سكنت كما قالوا: لم؛ تركيبا لا ينفك، كما ركبت في كأين مع أي، و لم يأت تمييزها في القرآن إلا مجرورا و أحكامها في نوعيها مذكورة في كتب النحو.

و القرية تطلق على الموضع الذي يجتمع فيه الناس و على الناس معا، و تطلق على كل منهما كما جاء في قوله: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ ؛ أي: أهل القرية، و القرية هنا تصلح لأن يراد بها القوم أنفسهم، و أن يراد بها المكان؛ لأنه يهلك كما يهلك أهله. بَأْسُنا البأس العذاب.

بَياتاً و البيات: الإغارة على العدو ليلا، و الإيقاع به على غرة، و هو في الأصل مصدر بات يبيت بيتا و بيتة و بياتا و بيتوتة. قال الليث: البيتوتة دخولك في الليل، فقوله: بياتا؛ أي: بائتين.

أَوْ هُمْ قائِلُونَ‏ و القائلون: هم الذين يستريحون، أو ينامون وسط النهار؛ أي: حين القائلة، و قال الليث: القيلولة نوم نصف النهار؛ و هي القائلة، و قال الأزهري: القيلولة الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر و إن لم يكن نوم.

و قال الفراء: يقال: قال يقيل قيلا- كباع يبيع بيعا- و قائلة و قيلولة إذا استراح نصف النهار، فألفه منقلبة عن ياء بخلاف قال من القول، فهي منقلبة عن واو.

فَما كانَ دَعْواهُمْ‏ و الدعوى: ما يدعيه الإنسان، و تطلق على القول أيضا.

وَ لَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ‏ ؛ أي: جعلنا لكم‏ «2» فيها أمكنة تتبوؤنها، و تتمكنون من الإقامة فيها.

(1) البحر المحيط.

(2) المراغي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 244

وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ‏ بالياء «1» باتفاق السبعة، و إن قرى‏ء شاذا بالهمزة، و ليس كصحائف؛ لأن المد فيه زائد؛ لأنه من صحف بخلاف معيشة، فإن المد فيها أصلي؛ لأنه من عاش يعيش عيشا و معاشا و عيشة و معيشة و معيشا. قال رؤبة:

إليك أشكو شدّة المعيش‏

و جهد أيّام نتفن ريشي‏

فأصل معيشة معيشة كمكرمة، أو معيشة كمنزلة، أو معيشة كمتربة، فالياء فيه أصلية على كل حال، و قد قال في «الخلاصة»:

و المد زيد ثالثا في الواحد

همزا يرى في مثل كالفلائد

و ياء معيشة عين الكلمة، ثم إنه على الوجه الأول قلبت ضمة الياء كسرة، ثم نقلت للعين، و على الثاني نقلت كسرة الياء إلى العين، و الوجه الثالث لا صحة له في التصريف. اه من «السمين».

و في «المصباح»: عاش يعيش عيشا- من باب سار- صار ذا حياة، فهو عائش، و الأنثى عائشة، و عيّاش أيضا مبالغة، و المعيش و المعيشة مكسب الإنسان الذي يعبش به، و الجمع معايش هذا على قول الجمهور أنه من عاش، فالميم زائدة، و وزن معايش مفاعل، فلا يهمز، و به قرأ السبعة، و قيل: إنه من معش، فالميم أصلية، و وزن معيش و معيشة فعيل و فعيلة، و وزن معائش فعائل، فيهمز كصحائف، و به قرأ أبو جعفر المدني و الأعرج. اه.

و في «القاموس»: العيش الحياة، يقال: عاش يعيش عيشا و معاشا و معيشة و عيشة- بالكسر- و عيشوشة، و العيش أيضا الطعام و ما يعاش به و الخبز، و المعيشة أيضا ما يتعيش به من المطعم و المشرب، و ما تكون به الحياة، و ما يعاش به و فيه، و الجمع معايش، و المتعيش من له بلغة من العيش. اه.

وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ‏ الخلق: التقدير «2» ، يقال: خلق الخياط الثوب إذا قدره قبل قطعه، و خلق اللّه الخلق أوجدهم على تقدير أوجبته الحكمة.

(1) الفتوحات البحر المحيط.

(2) المراغي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 245

إِلَّا إِبْلِيسَ‏ مأخوذ من أبلس إبلاسا بمعنى أيس؛ لأنه آيس من رحمة اللّه تعالى.

فَاهْبِطْ مِنْها و الهبوط الانحدار و السقوط من مكان إلى ما دونه، أو من منزلة إلى ما دونها؛ فهو إما حسي، و إما معنوي.

أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها و التكبر جعل الإنسان نفسه أكبر مما هي عليه. مِنَ الصَّاغِرِينَ‏ و الصغار: الذلة و الهوان‏ أَنْظِرْنِي‏ : يقال: أنظره إذا أمهله و أخره.

فَبِما أَغْوَيْتَنِي‏ : و الإغواء: الإيقاع في الغواية، و هي ضد الرشاد، يقال: غوى يغوي- من باب رمى- غيا و غواية إذا فسد عليه أمره، و فسد هو في نفسه، و منه غوى الفصيل إذا أكثر من شرب لبن أمه حتى فسد جوفها، و أشرف على الهلاك، و قيل:

أصله الهلاك، و منه: فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا . وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ‏ الشمائل‏ «1» : جمع شمال، و هو جمع كثرة، و جمعه في القلة على أشمل. قال الشاعر:

يأتي لها من أيمن و أشمل‏

و شمال يطلق على اليد اليسرى، و على ناحيتها، و الشمائل أيضا جمع شمال؛ و هي الريح، و الشمائل أيضا: الأخلاق. يقال: هو حسن الشمائل.

مَذْؤُماً بالهمز «2» : اسم مفعول من ذأمه يذأمه ذأما- كقطعه يقطعه قطعا- إذا عابه و مقته، و في «المختار»: الذأم: العيب يهمز و لا يهمز، يقال: ذأمه- من باب قطع- إذا عابه و حقره، فهو مذؤوم. اه. و فيه مقته إذا أبغضه من باب نصر، فهو مقيت، و يجوز «3» إبدال الهمزة ألفا. قال الشاعر:

صحبتك إذ عيني عليها غشاوة

فلمّا انجلت قطّعت نفسي أذيمها

و في المثل: لن يعدم الحسناء ذأما، و قيل: أردت أن تذيمه فمدحته، و قال الليث: ذأمته حقرته، و قال ابن الأنباري و ابن قتيبة: ذأمه ذمه و عابه.

مَدْحُوراً يقال: دحره إذا أبعده و أقصاه، و دحر الجند العدو إذا طرده‏

(1) البحر المحيط.

(2) الفتوحات.

(3) البحر المحيط.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 246

و أبعده. قال الشاعر:

دحرت بني الحصيب إلى قديد

و قد كانوا ذوي أشر و فخر

يقال: دحره يدحره دحرا و دحورا- من باب خضع- و منه: وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (8) دُحُوراً .

البلاغة

و قد تضمنت هذه الآيات أنواعا من البلاغة و الفصاحة و البيان و البديع:

فمنها: المجاز المرسل في قوله:

فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ‏ لما فيه من إطلاق المسبب و إرادة السبب؛ لأن المراد النهي عن أسباب الحرج. قال أبو السعود: توجيه‏ «1» النهي إلى الحرج مع أن المراد نهيه صلى اللّه عليه و سلم عنه؛ إما للمبالغة في تنزيهه صلى اللّه عليه و سلم عن وقوع مثل الحرج منه، فإن النهي لو وجه له لأوهم إمكان صدور المنهي عنه منه، و إما للمبالغة في النهي، فإن وقوع الحرج في صدره سبب لاتصافه به، و النهي عن السبب نهي عن المسبب بالطريق البرهاني، و نفي له من أصله بالمرة، فالمراد نهيه عما يورث الحرج انتهى.

و منها: المجاز المرسل أيضا في قوله:

وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها : لما فيه من إطلاق المحل و إرادة الحال؛ أي: و كم من أهل قرية أهلكناهم.

و منها: الاعتراض بين الجار و متعلقه، في قوله:

فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ‏ ، لأنه معترض بين قوله: أُنْزِلَ‏ و بين قوله: لِتُنْذِرَ .

و منها: التعرض لوصف الربوبية مع الإضافة لضمير المخاطبين، في قوله:

اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ‏ لمزيد اللطف بهم و ترغيبهم في امتثال الأمر.

و منها: الطباق بين قوله: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ‏ و قوله:

وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ‏ ، و بين قوله: بَياتاً و قوله: أَوْ هُمْ قائِلُونَ‏ ؛ لأن البيات معناه ليلا، و قائلون معناه نهارا وقت الظهيرة.

(1) أبو السعود.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 247

و منها: المجاز بالحذف قوله:

وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ‏ ؛ أي: خلقنا أباكم آدم، و صورنا أباكم.

و منها: الاستعارة التصريحية في قوله:

لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ‏ لأن الصراط حقيقة في الطريق الحسي، فاستعارة لطريق الهداية الموصل إلى جنات النعيم.

و منها: المقابلة بين قوله: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ و قوله:

وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ‏ ، و بين قوله: مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ‏ و قوله: وَ مِنْ خَلْفِهِمْ‏ ، و بين قوله: وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ‏ و قوله:

وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ‏ .

و منها: تغليب الحاضر على الغائب في قوله:

لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ‏ لأن فيه تغليب الحاضر الذي هو إبليس على الغائب، و هو الناس.

و منها: التكرار في قوله: فَلَنَسْئَلَنَ‏ ، و قوله: وَ لَنَسْئَلَنَ‏

، و في قوله:

مَوازِينُهُ‏ .

و منها: الجناس المماثل في قوله: اسْجُدُوا فَسَجَدُوا

. و منها: المغاير في قوله: فَسَجَدُوا و قوله: مِنَ السَّاجِدِينَ‏

، و في قوله:

أَنْظِرْنِي‏ و قوله: مِنَ الْمُنْظَرِينَ‏ .

و منها: المقابلة في قوله: اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ‏ و قوله:

وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ .

و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع‏

. و اللّه سبحانه و تعالى أعلم‏

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 248

قال اللّه سبحانه جلّ و علا:

[سورة الأعراف (7): الآيات 19 الى 30]

وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَ قالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (20) وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (23)

قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى‏ حِينٍ (24) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَ فِيها تَمُوتُونَ وَ مِنْها تُخْرَجُونَ (25) يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ التَّقْوى‏ ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27) وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (28)

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقاً هَدى‏ وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30)

. المناسبة

قوله تعالى: وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ ... الآية، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنه لا يزال‏ «1» الحديث متصلا في الكلام في النشأة الأولى للبشر، و في شياطين الجن، و قد ذكرت تمهيدا لهداية الناس بما يتلوها من الآيات في وعظ بني آدم و إرشادهم إلى ما به تكمل فطرتهم، و في ذلك امتنان عليهم، و ذكر لكرامة أبيهم.

قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ ... الآية، مناسبة

(1) المراغي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 249

هذه الآيات لما قبلها «1» : أن اللّه سبحانه و تعالى لما ذكر أنه أنزل له و لبنيه كل ما يحتاجون إليه في دينهم و دنياهم كاللباس الذي يستترون به عوراتهم، و يتخذونه للزينة و اللباس الذي يستعملون في الحرب كالمغافر و الجواشن و نحوها، ..

فعليكم أن تشكروه سبحانه و تعالى على هذه المنن العظام، و تعبدوه وحده لا شريك له.

و عبارة أبي حيان هنا: مناسبة هذه الآيات لما قبلها «2» : هو أنه سبحانه و تعالى لما ذكر قصة آدم، و فيها ستر السوءات، و جعل له في الأرض مستقرا و متاعا .. ذكر ما امتن به على بنيه، و ما أنعم به عليهم من اللباس الذي يواري السوءات، و الرياش الذي يمكن به استقرارهم في الأرض و استمتاعهم بما خولهم.

قوله تعالى: وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا ... الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن اللّه تعالى، لما «3» بين أنه جعل الشياطين قرناء للكافرين مسلطين عليهم متمكنين من إغوائهم .. ذكر هنا أثر ذلك التسليط عليهم؛ و هو الطاعة لهم في أقبح الأشياء مع عدم شعورهم بذلك القبح.

التفسير و أوجه القراءة

و قوله: وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ‏ معطوف على قوله: ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ‏ عطف قصة على قصة؛ أي: و قلنا يا آدم اسكن أنت‏ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ ؛ أي:

انزل أنت و زوجك حواء في الجنة، و هذا القول بعد إخراج إبليس من الجنة، أو من السماء، أو من بين الملائكة، و قيل: معطوف‏ «4» على‏ اخْرُجْ‏ ؛ أي: و قلنا يا إبليس اخرج منها مذؤوما مدحورا، و يا آدم اسكن أنت و زوجك الجنة، و معنى‏

(1) المراغي.

(2) البحر المحيط.

(3) المراغي.

صفحه بعد