کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن

الجزء الأول

الفصل الأول في فضل القرآن الكريم و تلاوته، و تعلمه، و تعليمه الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، و ما يكره منها، و ما يحرم، و اختلاف الناس في ذلك الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن و العلم من الرياء، و غيره الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، و لا يغفل عنه الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، و تعليمه، و الحث عليه، و ثواب من قرأ القرآن معربا الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، و أهله الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، و وضعه الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، و من هو، و فيمن عاداه الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارى‏ء القرآن، و حامله من تعظيم القرآن و حرمته الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسنة الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلم، و الفقه لكتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم. و ما جاء أنه يسهل على من تقدم العمل به، دون حفظه الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم:«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، و سبب كتب عثمان المصاحف، و إحراقه ما سواه، و ذكر من حفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، و كلماته، و حروفه الفصل السابع عشر في أجزائه، و أحزابه، و أرباعه، و أنصافه، و أثلاثه، و أسباعه الفصل الثامن عشر في تعشيره و تخميسه، و الكتابة في فواتح السور، أو خواتمها، و وضع النقط في منتهى الآية، و غير ذلك الفصل التاسع عشر في بيان أول من وضع النقط، و الشكل، و الشدة، و المدة، و الهمزة، و علامة الغنة في المصاحف، و أول من وضع النحو، و جعل الإعراب فيها الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية الفصل الحادي و العشرون في بيان معنى القرآن، و معنى السورة، و الكلمة، و الحرف الفصل الثاني و العشرون في بيان معنى النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، و أقسامه، و شرائطه، و الرد على من أنكره، و بيان معنى الناسخ، و المنسوخ، و غير ذلك الفصل الثالث و العشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، و المنسوخ الفصل الرابع و العشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف. الفصل الخامس و العشرون في بيان قواعد أصولية لأسباب النزول الفصل السادس و العشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، و غيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغرا الفصل السابع و العشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الرد على من طعن في القرآن، و خالف مصحف عثمان بالزيادة، و النقصان الفصل الثامن و العشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا؟ الفصل التاسع و العشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، و شرائط المعجزة، و حقيقتها الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات الفهرس مقدمة مقدمة في مبادى‏ء فن التفسير

سورة البقرة

فائدة:

المجلد التاسع

استهلال:

تابع إلى سورة الأنعام:

[سورة الأنعام(6): الآيات 145 الى 153]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

سورة الأعراف

المناسبة: و مناسبة ذكرها بعد سورة الأنعام الناسخ و المنسوخ:

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 18]

[سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 43]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: التكرار في قوله: يا بني آدم و منها: المجاز المرسل في قوله: عند كل مسجد و منها: الجناس المغاير بين و لا تسرفوا و بين المسرفين و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادخلوا في أمم و منها: عطف العام على الخاص في قوله: و الإثم و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سلطانا و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الطباق بين لا يستأخرون.. و لا يستقدمون و منها: الاعتراض في قوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها و منها: التهكم في قوله: فذوقوا العذاب و منها: الكناية في قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله: و منها: المجاز المرسل في قوله: و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أن تلكم الجنة و منها: الاستعارة في قوله: لهم من جهنم مهاد و من فوقهم غواش و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع

[سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 58]

المناسبة الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: المقابلة في قوله: و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار و منها: المشاكلة في قوله: ما وعد ربكم و منها: التعبير بالماضي عما في المستقبل، في قوله: و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: فأذن مؤذن و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: حرمهما و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: و منها: الالتفات في قوله: سقناه لبلد ميت و منها: التتميم في قوله: و البلد الطيب... و منها: تخصيص خروج النبات الطيب بقوله: و منها: الكناية في قوله: بإذن ربه و منها: الطباق بين قوله: و البلد الطيب و قوله: و الذي خبث و منها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: كذلك نخرج الموتى و منها: إيجاز القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر و منها: الاكتفاء في قوله: يغشي الليل النهار و منها: التكرار في قوله: و نادى و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: من شفعاء فيشفعوا لنا و منها: الجناس المماثل في قوله: فاليوم ننساهم كما نسوا و منها: الاستفهام التوبيخي في مواضع و منها: الإنكاري في قوله: هل ينظرون إلا تأويله و منها: الإضافة للتشريف في قوله: رسل ربنا و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع و منها: القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر

[سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 74]

المناسبة الإعراب

المجلد العاشر

تتمة سورة الأعراف

خاتمة في خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة من الموضوعات شعر الفهرس

المجلد السادس عشر

سورة الإسراء

شعر الفهرس

المجلد الرابع و العشرون

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن


صفحه قبل

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 328

و منها: الجناس المغاير بين‏ وَ لا تُسْرِفُوا و بين‏ الْمُسْرِفِينَ‏

. و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ‏

و بين أولاهم و أخراهم، في قوله: قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ‏ و بين مهاد و غواش، في قوله: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَ مِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ‏ .

و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ‏

؛ أي: ادخلوا حال كونكم في أمم.

و منها: عطف العام على الخاص في قوله: وَ الْإِثْمَ‏

؛ لأنه معطوف على‏ الْفَواحِشَ‏ ، فيشمل الفواحش و غيرها.

و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به‏

في الثلاثة المذكورة بعد الْإِثْمَ‏ .

و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سُلْطاناً

استعاره للحجة؛ لأن لها تسلطا على القلب.

و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ‏

. و منها: الطباق بين‏ لا يَسْتَأْخِرُونَ‏ .. وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ‏

. و منها: الاعتراض في قوله: لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها

اعترض به بين المبتدأ و الخبر.

و منها: التهكم في قوله: فَذُوقُوا الْعَذابَ‏

. و منها: الكناية في قوله: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ

لأنه كناية عن عدم قبول عملهم و دعائهم.

و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله:

حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ‏ فاستفيد منه أن دخول الكافر الجنة مستحيل.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 329

و منها: المجاز المرسل في قوله:

وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ‏ لأن المراد ما في قلوبهم علاقته المحلية.

و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ

إشارة إلى عظم رتبتها و مكانتها على حد قوله: ذلِكَ الْكِتابُ‏ .

و منها: الاستعارة في قوله: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَ مِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ‏

قال أبو حيان: هذا استعارة لما يحيط بهم من النار.

و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع‏

. و اللّه سبحانه و تعالى أعلم‏

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 330

قال اللّه سبحانه جلّ و علا:

[سورة الأعراف (7): الآيات 44 الى 58]

وَ نادى‏ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ يَبْغُونَها عِوَجاً وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (45) وَ بَيْنَهُما حِجابٌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَ نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَ إِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَ نادى‏ أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى‏ عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48)

أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49) وَ نادى‏ أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَ لَعِباً وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَ ما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (51) وَ لَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى‏ عِلْمٍ هُدىً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (53)

إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (54) ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى‏ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ الَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)

. المناسبة

قوله تعالى: وَ نادى‏ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ ... الآية، مناسبة هذه الآية لما

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 331

قبلها: أن اللّه سبحانه و تعالى، لما ذكر «1» وعيد الكفار و ثواب أهل الإيمان ..

أردف ذلك ببيان بعض ما يكون بين الفريقين، فريق أهل الجنة و فريق أهل النار من المناظرة و الحوار بعد استقرار كل منهما في داره.

و فيها دليل على أن الدارين في أرض واحدة يفصل بينهما سور لا يمنع إشراف أهل الجنة، و هم في أعلى عليين على أهل النار؛ و هم في هاوية الجحيم، و أن بعضهم يخاطب بعضا بما يزيد أهل الجنة عرفانا بقيمة النعمة، و يزيد أهل النار حسرة و شقاء على ما كان من التفريط في جنب اللّه تعالى.

و هذا التخاطب لا يقتضي قرب المكان على ما هو معهود في الدنيا، فعالم الآخرة عالم تغلب فيه الروحانية على ظلمة الكثافة الجسدية، فيمكن الإنسان أن يسمع من بعيد المسافات، و يرى من أقاصي الجهات. و إن ما جد الآن من المخترعات و الآلات التي يتخاطب بها الناس من شاسع البلاد، و تفصل بينهما ألوف الأميال، إما بالإشارات الكتابية كالبرق- التلغراف اللاسلكي و السلكي- و إما بالكلام اللساني كالمسرة التليفون اللاسلكي و السلكي، ليقرب هذا أتم التقريب، و يزيدنا فهما له. و قد تم لهم الآن أن يروا صورة المتكلم بالتليفون مطبوعة على الآلة التي بها الكلام، و أن ينقلوا الصور من أقصى البلدان إلى أقصاها بهذه الآلة التلفاز.

قوله تعالى: وَ نادى‏ أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ ... الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن اللّه سبحانه و تعالى، لما ذكر «2» مقال أهل الجنة لأهل النار، و مقال أصحاب الأعراف لأهل النار .. أردف ذلك بما قال أهل النار لأهل الجنة، و طلبهم منهم بعض ما عندهم من نعم اللّه عليهم.

قوله تعالى: وَ لَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى‏ عِلْمٍ ... الآية، مناسبة هذه‏

(1) المراغي.

(2) المراغي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 332

الآية لما قبلها: أن اللّه سبحانه و تعالى، لما ذكر أحوال أهل الجنة، و أهل النار، و أهل الأعراف، و ذكر الحوار الذي كان بين هذه الفرق الثلاثة على وجه يحمل الناظر فيها على الحذر و الاحتراس، و التأمل في العواقب لعله يرعوي عن غيه، و يهتدي إلى سبيل رشده .. عقب ذلك بذكر حال الكتاب الكريم، و عظيم فضله، و جليل منفعته، و أنه حجة اللّه على البشر كافة، و أنه أزاح به علل الكفار، و أبطل معاذيرهم، ثم يذكر حال المكذبين، و ما يكون منهم يوم القيامة من الندم و الحسرة، و تمني العودة إلى الدنيا لإصلاح أعمالهم.

قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ ... الآيات، علمت مما سلف من قبل أن الأسس التي عني القرآن الكريم بشأنها هي التوحيد و النبوة و المعاد و القضاء و القدر، و إثبات المعاد موقوف على إثبات الوحدانية للّه تعالى، و العلم الشامل و القدرة التامة. و مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن اللّه سبحانه و تعالى لما «1» بسط القول فيما سلف في أمر المعاد، و بين فئات الناس في ذلك اليوم، و ما يدور من حوار بين أصحاب النار و أصحاب الجنة .. قفى على ذلك بذكر الخلق و التكوين، و بيان مقدوراته تعالى و عظيم مصنوعاته؛ لتكون دليلا على الربوبية و الألوهية، و أنه لا معبود سواه.

قوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً ... الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: لما ذكر الأدلة على توحيد الربوبية .. قفى على ذلك بالأمر بتوحيد الألوهية بإفراده تعالى بالعبادة، و روحها و مخها الدعاء و التضرع له.

قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً ... الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن اللّه سبحانه و تعالى لما ذكر «2» تفرده بالملك و الملكوت، و تصرفه في العلوي و السفلي و تدبيره الأمر وحده، و طلب إلينا أن ندعوه متضرعين خفية و جهرا، و نهانا عن الإفساد في الأرض بعد إصلاحها، و أبان لنا أن رحمته‏

(1) المراغي.

(2) المراغي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 333

قريب من المحسنين .. قفى على ذلك بذكر بعض ضروب من رحمته؛ إذ أرسل إلينا الرياح و ما فيها من منافع للناس فيها ينزل المطر الذي هو مصدر الرزق و سبب حياة كل حي في هذه الأرض، و في ذلك عظيم الدلالة على قدرته تعالى على البعث و النشور.

و قال أبو حيان: مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن اللّه سبحانه و تعالى لما «1» ذكر الدلائل على كمال إلهيته و قدرته و علمه من العالم العلوي .. أتبعها بالدلائل من العالم السفلي؛ و هي محصورة في آثار العالم العلوي، منها الريح و السحاب و المطر، و في المعدن و النبات و الحيوان، و يترتب على نزول المطر أحوال النبات، و ذلك هو المذكور في الآية، و انجر مع ذلك الدلالة على صحة الحشر و النشر، و البعث و القيامة، و انتظمت هاتان الآيتان محصلتين المبدأ و المعاد.

انتهى.

التفسير و أوجه القراءة

وَ نادى‏ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ حين استقرار أهل الجنة في الجنة، و استقرار أهل النار في النار إذا ما وجهوا إليهم أبصارهم يسألونهم سؤال افتخار على حسن حالهم، و سؤال تهكم و تذكير بجناية أهل النار على أنفسهم بتكذيب الرسل، و سؤال تقرير لهم بصدق ما بلغهم الرسل من وعد ربهم لمن آمن و اتقى بجنات النعيم قائلين لهم: أَنْ قَدْ وَجَدْنا ؛ أي: قد وجدنا و تيقنا ما وَعَدَنا رَبُّنا على ألسنة رسله من النعيم و الكرامة حَقًّا و صدقا لا شبهة فيه، و ها نحن نستمتع بما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر فَهَلْ وَجَدْتُمْ‏ يا أهل النار ما وَعَدَ رَبُّكُمْ‏ ؛ أي: ما أوعدكم ربكم من الخزي و النكال و العذاب على الكفر حَقًّا ؛ أي: صدقا قالُوا ؛ أي: قال أهل النار مجيبين لأهل الجنة: نَعَمْ‏ ؛ أي: وجدنا ما أوعدنا به ربنا حقا كما بلغنا على ألسنة الرسل، و نَعَمْ‏ حرف يجاب به عن الاستفهام في إثبات المستفهم عنه، و نونها

(1) البحر المحيط.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏9، ص: 334

و عينها مفتوحتان، و يقرأ بكسر العين؛ و هي لغة، و يجوز كسرهما جميعا على الإتباع. ذكره أبو البقاء.

فإن قلت‏ «1» : هل هذا النداء من كل أهل الجنة لكل أهل النار، أو من البعض للبعض؟

قلت: ظاهر قوله: وَ نادى‏ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ يفيد العموم، و الجمع إذا قابل الجمع يوزع الفرد على الفرد، فكل فريق من أهل الجنة ينادي من كان يعرفه من الكفار في دار الدنيا. فإن قلت: إذا كانت الجنة في السماء، و النار في الأرض فكيف يمكن أن يبلغ هذا النداء، أو كيف يصح أن يقع؟

قلت: إن اللّه قادر على أن يقوي الأصوات و الأسماع، فيصير البعيد كالقريب. اه «خازن». و يحتمل أنه تعالى يقرب إحدى الدارين من الأخرى؛ إما بإنزال العليا، و إما برفع السفلى.

فإن قلت: كيف يرى أهل الجنة أهل النار و بالعكس مع أن بينهما حجابا و هو سور الجنة؟.

أجيب: باحتمال أن سور الجنة لا يمنع الرؤية لما وراءه لكونه شفافا كالزجاج، و باحتمال أن فيه طاقات تحصل الرؤية منها. و قرأ «2» ابن وثاب و الأعمش و الكسائي في جميع القرآن: نعم- بكسر العين-. قال مكي من قال:

نِعَم بكسر العين فكأنه أراد أن يفرق بين نعم التي هي جواب، و بين نعم التي هي اسم للبقر و الغنم و الإبل.

فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ‏ ؛ أي: فنادى مناد بَيْنَهُمْ‏ ؛ أي: بين أهل الجنة و أهل النار؛ أي: نادى مناد أسمع الفريقين كلهم قائلا: أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ‏ لأنفسهم الجانين عليها بما أوجب حرمانها من النعيم المقيم، و هذا المؤذن إما مالك خازن النار، و إما ملك غيره يأمره اللّه بذلك.

(1) الفتوحات.

صفحه بعد