کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن

الجزء الأول

الفصل الأول في فضل القرآن الكريم و تلاوته، و تعلمه، و تعليمه الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، و ما يكره منها، و ما يحرم، و اختلاف الناس في ذلك الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن و العلم من الرياء، و غيره الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، و لا يغفل عنه الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، و تعليمه، و الحث عليه، و ثواب من قرأ القرآن معربا الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، و أهله الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، و وضعه الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، و من هو، و فيمن عاداه الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارى‏ء القرآن، و حامله من تعظيم القرآن و حرمته الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسنة الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلم، و الفقه لكتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم. و ما جاء أنه يسهل على من تقدم العمل به، دون حفظه الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم:«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، و سبب كتب عثمان المصاحف، و إحراقه ما سواه، و ذكر من حفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، و كلماته، و حروفه الفصل السابع عشر في أجزائه، و أحزابه، و أرباعه، و أنصافه، و أثلاثه، و أسباعه الفصل الثامن عشر في تعشيره و تخميسه، و الكتابة في فواتح السور، أو خواتمها، و وضع النقط في منتهى الآية، و غير ذلك الفصل التاسع عشر في بيان أول من وضع النقط، و الشكل، و الشدة، و المدة، و الهمزة، و علامة الغنة في المصاحف، و أول من وضع النحو، و جعل الإعراب فيها الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية الفصل الحادي و العشرون في بيان معنى القرآن، و معنى السورة، و الكلمة، و الحرف الفصل الثاني و العشرون في بيان معنى النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، و أقسامه، و شرائطه، و الرد على من أنكره، و بيان معنى الناسخ، و المنسوخ، و غير ذلك الفصل الثالث و العشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، و المنسوخ الفصل الرابع و العشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف. الفصل الخامس و العشرون في بيان قواعد أصولية لأسباب النزول الفصل السادس و العشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، و غيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغرا الفصل السابع و العشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الرد على من طعن في القرآن، و خالف مصحف عثمان بالزيادة، و النقصان الفصل الثامن و العشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا؟ الفصل التاسع و العشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، و شرائط المعجزة، و حقيقتها الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات الفهرس مقدمة مقدمة في مبادى‏ء فن التفسير

سورة البقرة

فائدة:

المجلد التاسع

استهلال:

تابع إلى سورة الأنعام:

[سورة الأنعام(6): الآيات 145 الى 153]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

سورة الأعراف

المناسبة: و مناسبة ذكرها بعد سورة الأنعام الناسخ و المنسوخ:

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 18]

[سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 43]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: التكرار في قوله: يا بني آدم و منها: المجاز المرسل في قوله: عند كل مسجد و منها: الجناس المغاير بين و لا تسرفوا و بين المسرفين و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادخلوا في أمم و منها: عطف العام على الخاص في قوله: و الإثم و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سلطانا و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الطباق بين لا يستأخرون.. و لا يستقدمون و منها: الاعتراض في قوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها و منها: التهكم في قوله: فذوقوا العذاب و منها: الكناية في قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله: و منها: المجاز المرسل في قوله: و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أن تلكم الجنة و منها: الاستعارة في قوله: لهم من جهنم مهاد و من فوقهم غواش و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع

[سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 58]

المناسبة الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: المقابلة في قوله: و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار و منها: المشاكلة في قوله: ما وعد ربكم و منها: التعبير بالماضي عما في المستقبل، في قوله: و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: فأذن مؤذن و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: حرمهما و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: و منها: الالتفات في قوله: سقناه لبلد ميت و منها: التتميم في قوله: و البلد الطيب... و منها: تخصيص خروج النبات الطيب بقوله: و منها: الكناية في قوله: بإذن ربه و منها: الطباق بين قوله: و البلد الطيب و قوله: و الذي خبث و منها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: كذلك نخرج الموتى و منها: إيجاز القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر و منها: الاكتفاء في قوله: يغشي الليل النهار و منها: التكرار في قوله: و نادى و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: من شفعاء فيشفعوا لنا و منها: الجناس المماثل في قوله: فاليوم ننساهم كما نسوا و منها: الاستفهام التوبيخي في مواضع و منها: الإنكاري في قوله: هل ينظرون إلا تأويله و منها: الإضافة للتشريف في قوله: رسل ربنا و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع و منها: القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر

[سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 74]

المناسبة الإعراب

المجلد العاشر

تتمة سورة الأعراف

خاتمة في خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة من الموضوعات شعر الفهرس

المجلد السادس عشر

سورة الإسراء

شعر الفهرس

المجلد الرابع و العشرون

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن


صفحه قبل

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏10، ص: 39

بمرفوع كقولهم: عاد السعر رخيصا، و استشكلوا على كونها بمعناها الأصلي أنّ شعيبا عليه السلام لم يكن قط على دينهم، و لا في ملتهم، فكيف يحسن أن يقال: أو لتعودن؛ أي: ترجعن إلى حالتكم الأولى، و الخطاب له و لأتباعه؟ و قد أجيب عنه بثلاثة أجوبة:

أحدها: أنّ هذا القول من رؤسائهم قصدوا به التلبيس على العوام، و الإيهام لهم أنّه كان على دينهم و على ملتهم.

الثاني: أن يراد بعوده رجوعه إلى حاله قبل بعثته من السكون؛ لأنّه قبل أن يبعث إليهم كان يخفي إيمانه، و هو ساكت عنهم، بري‏ء من معبوداتهم غير اللّه.

الثالث: تغليب الجماعة على الواحد؛ لأنّهم لما أصحبوه مع قومه في الإخراج .. سحبوا عليه و عليهم حكم العود إلى الملة تغليبا لهم عليه، و أما إذا جعلنا بمعنى صار .. فلا إشكال في ذلك، إذ المعنى: لتصيرن في ملتنا بعد أن لم تكونوا، و في ملتنا حال على الأول، خبر على الثاني، و عدي عاد بفي الظرفية تنبيها على أنّ الملة صارت لهم بمنزلة الوعاء المحيط بهم.

رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا ؛ أي: اقض؛ لأنهم يسمون القاضي: الفاتح و الفتاح؛ لأنّه يفتح مواضع الحق اه كرخي، و في «السمين»: أن الفتح: الحكم بلغة حمير، و قيل: بلغة مراد، و في «المراغي» الفتح: إزالة الإغلاق و الإشكال و هو قسمان: حسي يدرك بالبصر، كفتح العين و القفل و الكلام الذي يكون من القاضي، و معنوي يدرك بالبصيرة، كفتح أبواب الرزق و المغلق من مسائل العلم، و النصر في وقائع الحرب، و المبهم من قضايا الحكم، و يقال: فتح اللّه عليه إذا جد و أقبلت عليه الدنيا، و فتح اللّه عليه نصره، و فتح الحاكم بينهم، و ما أحسن فتاحته؛ أي: حكمه كما قال شاعرهم:

ألا أبلغ بني وهب رسولا

بأنّي عن فتاحتهم غنيّ‏

و يقال: بينهم فتاحات؛ أي: خصومات، و ولي الفتاحة؛ أي: القضاء.

انتهى.

فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ الرجف الحركة و الاضطراب، و المراد منها: الزلزلة

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏10، ص: 40

الشديدة، و منه: يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ‏ و قال هنا و في سورة العنكبوت:

الرجفة، و في سورة هود وَ أَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ؛ أي: صيحة جبريل و صرخته عليهم من السماء، و لعلها؛ أي: الصيحة كانت في مبادى‏ء الرجفة، فأسند هلاكهم إلى السبب القريب تارة، و إلى البعيد أخرى. اه أبو السعود.

و قال قتادة «1» : بعث اللّه شعيبا إلى أصحاب الأيكة و إلى أهل مدين، فأما أصحاب الأيكة .. فأهلكوا بالظلة، و أمّا أهل مدين .. فأخذتهم الرجفة، صاح بهم جبريل عليه السلام صيحة فهلكوا جميعا، و قال أبو عبد اللّه البجلي: كان أبو جاد و هوز، و حطي، و كلمن، و سعفص، و قرشت، ملوك مدين، و كان ملكهم في يوم الظلة اسمه كلمن، فلما هلك رثته ابنته بشعر اه.

كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أصله يغنيوا بوزن يفعلوا، استثقلت الضمة على الياء ثم حذفت، فالتقى ساكنان، فحذفت الياء، أو يقال: تحركت الياء و انفتح ما قبلها، قلبت ألفا، فالتقى ساكنان ثم حذفت الألف فصار: يغنوا بوزن يفعوا، و في «المصباح»: غني بالمال يغنى غنى، مثل رضي يرضى رضى، فهو غني، و الجمع أغنياء، و غني بالمكان: إذا نزل به و اقام فيه فهو غان. اه.

فَكَيْفَ آسى‏ و الأسى شدة الحزن، و أصل آسى أأسى بهمزتين، قلبت الثانية ألفا، و في «المصباح» و أسى أسا- من باب تعب- حزن، فهو أسى مثل حزين. اه.

ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ قال أهل اللغة: السيئة كل ما يسوء صاحبه، و الحسنة: كل ما يستحسنه الطبع و العقل، فأخبر اللّه تعالى في هذه الآية بأنه يؤاخذ أهل المعاصي و الكفر تارة بالشدة، و تارة بالرخاء على سبيل الاستدراج.

وَ ما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ القرية المدينة الجامعة لزعماء الأمة و رؤسائها- العاصمة- و البأساء الشدة و المشقة، كالحرب و الجدب، و شدة الفقر، و الضراء ما

(1) الفتوحات.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏10، ص: 41

يضر الإنسان في بدنه، أو نفسه، أو معيشته، و الأخذ بها، جعلها عقابا لهم.

و التضرع إظهار الضراعة؛ أي: الضعف و الخوضع‏ حَتَّى عَفَوْا ؛ أي: حتى نموا و كثروا عددا و عددا، من عفا النبات و الشعر إذا كثر و تكاثف‏ بَغْتَةً ؛ أي:

فجأة، فهو الأخذ حال السعة و الرخاء، لا حال الجدب كما قيل؛ فإنّه قد بدل بالسعة. اه أبو السعود.

بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ تشمل معارف الوحي العقلية، و نفحات الإلهام الربانية، و المطر، و نحوه مما يوجب الخصب و الخير في الأرض، و بركات الأرض، النبات و الثمار، و جميع ما فيها من الخيرات و الأنعام و الأرزاق، و الأمن، و السلامة من الآفات، و كل ذلك من فضل اللّه و إحسانه على عباده، و أصل البركة: ثبوت الخير الإلهي في الشي‏ء، و سمي المطر بركة السماء لثبوت البركة فيه، و كذا ثبوت البركة في نبات الأرض، لأنّه نشأ من بركات السماء، و هي المطر، و قال البغوي: أصل البركة المواظبة على الشي؛ أي: تابعنا عليهم المطر من السماء، و النبات من الأرض، و رفعنا عنهم القحط و الجدب. اه خازن.

بَأْسُنا بَياتاً البأس العذاب، بياتا؛ أي: وقت بيات، و هو الليل.

ضُحًى‏ ؛ أي: ضحوة النهار، و هي في الأصل ضوء الشمس إذا ارتفعت، اه أبو السعود، و في «السمين»: و الضحى: انبساط الشمس، و امتداد النهار، و سمى به الوقت، و يقال: ضحى و ضحاء، إذا ضممته قصرته، و إذا فتحته مددته، و قال بعضهم: الضحى- بالضم و القصر- لأول ارتفاع الشمس، و الضحاء- بالفتح و المد- لقوة ارتفاعها قبل الزوال، و الضحى مؤنث اه.

يَلْعَبُونَ‏ ؛ أي: يلهون من فرط غفلتهم‏ مَكْرَ اللَّهِ‏ : و المكر التدبير الخفي الذي يفضي بالممكور به إلى ما لا يحتسب، و في «المختار»: المكر الاحتيال و الخديعة، و قد مكر من باب نصر، فهو ماكر و مكّار. اه و في «السمين»: و المراد بمكر اللّه هنا: فعل يعاقب به الكفرة على كفرهم، و أضيف إلى اللّه لما كان عقوبة على ذنبهم‏ أَ وَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ‏ يقال: هداه‏

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏10، ص: 42

السبيل و هداه إليه، و هداه له؛ أي: دله عليه و بينه له.

مِنْ عَهْدٍ العهد الوصية، و الوصية تارة يراد بها إنشاؤها و إيجادها، و أخرى يراد بها ما يوحى به، و يقال: عهدت إليه بكذا؛ أي: وصيته بفعله أو حفظه، و هو إما أن يكون بين طرفين- و هو المعاهدة- و إما من طرف واحد، بأن يعهد إليك بشي‏ء، أو تلزم بشي‏ء، و الميثاق: هو العهد الموثق بضرب من ضروب التوكيد.

و قال الراغب‏ «1» : عهد اللّه تارة يكون بما ركزه في عقولنا، و تارة يكون بما أمرنا به في الكتاب و ألسنة رسله، و تارة بما نلتزمه و ليس بلازم في أصل الشرع، كالنذور و ما يجري مجراها اه (الفاسقين) و الفسوق: الخروج عن كل عهد فطري و شرعي، بالنكث و الغدر و غير ذلك من المعاصي، و وجدنا الأولى بمعنى ألفينا، و الثانية بمعنى علمنا.

البلاغة

و قد تضمنت هذه الأيات أنواعا من البلاغة و الفصاحة و البيان و البديع:

فمنها: تغليب حكم الجماعة على الواحد في قوله: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا ؛ لأنّ شعيبا لم يكن في ملتهم قط، فيعود فيها.

و منها: الاستفهام الإنكاري في قوله: أَ وَ لَوْ كُنَّا كارِهِينَ‏ .

و منها: التكرار في قوله: وَ قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا .

و منها: الإطناب في قوله: أَ فَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى‏ ، و قوله: أَ وَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرى‏ لزيادة التقرير.

و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: وَسِعَ رَبُّنا ؛ لأنّه كناية عن الإحاطة، و في قوله: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا ؛ لأن الفتح حقيقة في الأجسام كفتح الباب، و في قوله: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ‏ ؛ لأنّه استعارة لاستدراجه العبد و أخذه من حيث لا يحتسب، كما ذكره أبو السعود. و في قوله: لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ‏

(1) المراغي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏10، ص: 43

السَّماءِ شبه تيسير البركات عليهم بفتح الأبواب في سهولة التناول، فهو من باب الاستعارة التصريحية التبعية؛ أي: وسعنا عليهم الخير من جميع الأطراف.

و منها: المجاز العقلي في قوله: فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ، من الإسناد إلى السبب؛ أي: فأخذهم اللّه بالرجفة.

و منها: الطباق بين لفظ الْحَسَنَةَ و السَّيِّئَةِ و بين لفظ الضَّرَّاءِ و (السراء) في قوله: إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ ، و قوله: ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ و بين قوله: الضَّرَّاءُ و السَّرَّاءُ في قوله: قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَ السَّرَّاءُ .

و منها: التفخيم‏ «1» و التهويل في تكرار لفظ أَهْلَ الْقُرى‏ لما في ذلك من التسميع و الإبلاغ و التهديد، ما لا يكون في الضمير لو قال: أو أمنوا؛ فإنّه متى قصد التفخيم و التعظيم و التهويل جي‏ء بالاسم الظاهر.

و منها توسيط «2» النداء باسمه العلمي بين المعطوفين في قوله: لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ‏ ، لزيادة التقرير و التهديد، الناشئة عن غاية الوقاحة و الطغيان؛ أي: و اللّه لنخرجنك و أتباعك.

و منها: الإخبار المتضمن معنى التعجب في قوله: قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً ، كأنّه قيل: ما أكذبنا على اللّه إن عدنا إلى الكفر، قاله الزمخشري.

و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع.

و اللّه سبحانه و تعالى أعلم‏

(1) البحر المحيط.

(2) أبو السعود.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏10، ص: 44

قال اللّه سبحانه جلّ و علا:

[سورة الأعراف (7): الآيات 103 الى 126]

ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى‏ بِآياتِنا إِلى‏ فِرْعَوْنَ وَ مَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَ قالَ مُوسى‏ يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلى‏ أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (105) قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقى‏ عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (107)

وَ نَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ (110) قالُوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ أَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (112)

وَ جاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (113) قالَ نَعَمْ وَ إِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) قالُوا يا مُوسى‏ إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ وَ جاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَ أَوْحَيْنا إِلى‏ مُوسى‏ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (117)

فَوَقَعَ الْحَقُّ وَ بَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَ انْقَلَبُوا صاغِرِينَ (119) وَ أُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (120) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسى‏ وَ هارُونَ (122)

قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قالُوا إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (125) وَ ما تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَ تَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (126)

المناسبة

لما قص‏ «1» اللّه سبحانه و تعالى على نبيه أخبار نوح و هود و صالح و لوط و شعيب، و ما آل إليه أمر قومهم، و كان هؤلاء لم يبق منهم أحد أتبع بقصص موسى و فرعون و بني إسرائيل، إذ كانت معجزاته من أعظم المعجزات، و أمته من أكثر الأمم تكذيبا و تعنتا و اقتراحا و جهلا، و كان قد بقي من أتباعه عالم و هم اليهود .. فقص اللّه علينا قصصهم لنعتبر و نتعظ و ننزجر عن أن نتشبه بهم.

(1) البحر المحيط.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏10، ص: 45

و مناسبة هذه الآية لما قبلها «1» : أنّ بين موسى و شعيب عليهما السلام مصاهرة- كما حكى اللّه تعالى في كتابه- و نسبا لكونهما من نسل إبراهيم، و لما استفتح قصة نوح بأرسلنا بنون العظمة .. أتبع ذلك قصة موسى فقال: ثُمَّ بَعَثْنا ، ذكره أبو حيان في «البحر».

و عبارة «المراغي» هنا: هذه هي القصة السادسة من قصص الأنبياء التي ذكرت في هذه السورة، و فيها من الإيضاح و التفصيل ما لم يذكر في غيرها؛ لأن معجزات موسى كانت أقوى من معجزات غيره ممن سبق ذكرهم، و جهل قومه كان أفحش، و قد ذكرت قصته في عدة سور مكية بين مطولة و مختصرة، و ذكر اسمه في سور كثيرة، زادت على مئة و ثلاثين مرة، و سر هذا أنّ قصته أشبه قصص الرسل بقصص النبي صلى اللّه عليه و سلّم، إذ أنّه أوتي شريعة دينية دنيوية، و كوّن اللّه تعالى به أمة عظيمة، ذات ملك و مدنية.

التفسير و أوجه القراءة

ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى‏ ؛ أي: ثمّ بعثنا من بعد نوح و هود و صالح و لوط و شعيب عليهم السلام، أو من بعد إهلاك الأمم المذكورة؛ أي: ثم بعدما فرغنا من ذكر قصص الأنبياء المذكورين و أممهم، نذكر قصة موسى و قومه فنقول:

و عزتي و جلالي لقد أرسلنا موسى بن عمران من بعد إرسالنا لهؤلاء الرسل المذكورين في هذه السورة، و إهلاك أممهم، و قطع دوابرهم، حالة كونه مؤيدا بِآياتِنا و معجزاتنا التسع، و ملتبسا بأدلتنا و حججنا الدالة على صدقه، مثل العصا و اليد، و غيرهما من الآيات التي جاء بها موسى عليه السلام، كما سيأتي التعبير عنها بهذا العدد في سورة الإسراء إن شاء اللّه تعالى: إِلى‏ فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ‏ ؛ أي: أشراف قومه، و تخصيصهم‏ «2» بالذكر مع عموم الرسالة لهم و لغيرهم؛ لأنّ من عداهم كالأتباع لهم، سموا «3» ملأ لأنّهم يملؤون المجالس بأجرامهم،

(1) البحر المحيط.

(2) الشوكاني.

صفحه بعد