کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن

الجزء الأول

الفصل الأول في فضل القرآن الكريم و تلاوته، و تعلمه، و تعليمه الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، و ما يكره منها، و ما يحرم، و اختلاف الناس في ذلك الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن و العلم من الرياء، و غيره الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، و لا يغفل عنه الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، و تعليمه، و الحث عليه، و ثواب من قرأ القرآن معربا الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، و أهله الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، و وضعه الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، و من هو، و فيمن عاداه الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارى‏ء القرآن، و حامله من تعظيم القرآن و حرمته الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسنة الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلم، و الفقه لكتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم. و ما جاء أنه يسهل على من تقدم العمل به، دون حفظه الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم:«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، و سبب كتب عثمان المصاحف، و إحراقه ما سواه، و ذكر من حفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، و كلماته، و حروفه الفصل السابع عشر في أجزائه، و أحزابه، و أرباعه، و أنصافه، و أثلاثه، و أسباعه الفصل الثامن عشر في تعشيره و تخميسه، و الكتابة في فواتح السور، أو خواتمها، و وضع النقط في منتهى الآية، و غير ذلك الفصل التاسع عشر في بيان أول من وضع النقط، و الشكل، و الشدة، و المدة، و الهمزة، و علامة الغنة في المصاحف، و أول من وضع النحو، و جعل الإعراب فيها الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية الفصل الحادي و العشرون في بيان معنى القرآن، و معنى السورة، و الكلمة، و الحرف الفصل الثاني و العشرون في بيان معنى النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، و أقسامه، و شرائطه، و الرد على من أنكره، و بيان معنى الناسخ، و المنسوخ، و غير ذلك الفصل الثالث و العشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، و المنسوخ الفصل الرابع و العشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف. الفصل الخامس و العشرون في بيان قواعد أصولية لأسباب النزول الفصل السادس و العشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، و غيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغرا الفصل السابع و العشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الرد على من طعن في القرآن، و خالف مصحف عثمان بالزيادة، و النقصان الفصل الثامن و العشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا؟ الفصل التاسع و العشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، و شرائط المعجزة، و حقيقتها الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات الفهرس مقدمة مقدمة في مبادى‏ء فن التفسير

سورة البقرة

فائدة:

المجلد التاسع

استهلال:

تابع إلى سورة الأنعام:

[سورة الأنعام(6): الآيات 145 الى 153]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

سورة الأعراف

المناسبة: و مناسبة ذكرها بعد سورة الأنعام الناسخ و المنسوخ:

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 18]

[سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 43]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: التكرار في قوله: يا بني آدم و منها: المجاز المرسل في قوله: عند كل مسجد و منها: الجناس المغاير بين و لا تسرفوا و بين المسرفين و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادخلوا في أمم و منها: عطف العام على الخاص في قوله: و الإثم و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سلطانا و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الطباق بين لا يستأخرون.. و لا يستقدمون و منها: الاعتراض في قوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها و منها: التهكم في قوله: فذوقوا العذاب و منها: الكناية في قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله: و منها: المجاز المرسل في قوله: و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أن تلكم الجنة و منها: الاستعارة في قوله: لهم من جهنم مهاد و من فوقهم غواش و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع

[سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 58]

المناسبة الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: المقابلة في قوله: و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار و منها: المشاكلة في قوله: ما وعد ربكم و منها: التعبير بالماضي عما في المستقبل، في قوله: و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: فأذن مؤذن و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: حرمهما و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: و منها: الالتفات في قوله: سقناه لبلد ميت و منها: التتميم في قوله: و البلد الطيب... و منها: تخصيص خروج النبات الطيب بقوله: و منها: الكناية في قوله: بإذن ربه و منها: الطباق بين قوله: و البلد الطيب و قوله: و الذي خبث و منها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: كذلك نخرج الموتى و منها: إيجاز القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر و منها: الاكتفاء في قوله: يغشي الليل النهار و منها: التكرار في قوله: و نادى و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: من شفعاء فيشفعوا لنا و منها: الجناس المماثل في قوله: فاليوم ننساهم كما نسوا و منها: الاستفهام التوبيخي في مواضع و منها: الإنكاري في قوله: هل ينظرون إلا تأويله و منها: الإضافة للتشريف في قوله: رسل ربنا و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع و منها: القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر

[سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 74]

المناسبة الإعراب

المجلد العاشر

تتمة سورة الأعراف

خاتمة في خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة من الموضوعات شعر الفهرس

المجلد السادس عشر

سورة الإسراء

شعر الفهرس

المجلد الرابع و العشرون

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن


صفحه قبل

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏24، ص: 426

قال اللّه سبحانه جلّ و علا:

[سورة ص (38): الآيات 88 الى 55]

المناسبة

قوله تعالى: هذا وَ إِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ ... الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن اللّه‏ «1» سبحانه لما وصف ثواب المتقين أولا .. أردفه بوصف عقاب الطاغين، ليكون ذلك متمما له، فيأتي الوعيد عقب الوعد، و الترهيب إثر الترغيب، فيكون المرء بين رجاء في الثواب، و خوف من العقاب، فيزداد في الطاعة، و ينأى عن المعصية، و تلك وسيلة التهذيب، و التأديب التي ترقى بها

(1) المراغي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏24، ص: 427

النفوس إلى سبيل الكمال، في دنياها و آخرتها.

قوله تعالى: قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ ... الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها:

أن اللّه سبحانه لما ذكر في أول السورة، أن محمدا صلى اللّه عليه و سلم دعا إلى التوحيد، و أثبت أنه نبي، و دعا إلى الحشر و النشر، فقابلوه بالسفاهة، و قالوا: إنه ساحر كذاب، ثم صبّره على ذلك، و قص عليه من قصص الأنبياء، قبله ما يكون سلوة له في الصبر على الأذى، ثم أردف ذلك بذكر ثواب أهل الجنة، و عذاب أهل النار ..

عاد هنا إلى تقرير هذه المطالب، التي ذكرها أول السورة، و هي تقرير التوحيد، و النبوة، و البعث.

قوله تعالى: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً ... الآيات، قد سلف‏ «1» ذكر هذه القصة في سور البقرة، و الأعراف، و الحجر، و الإسراء، و الكهف، كما ذكرت هنا، و العبرة منها النهي عن الحسد، و الكبر؛ لأن إبليس إنما وقع فيما وقع فيه بسببهما، و الكفار إنما نازعوا محمدا صلى اللّه عليه و سلم بسببهما، و كرر ذكرها ليكون زاجرا لهم عنهما، و المواعظ، و النصائح باب من أبواب التكرير، للمبالغة في النصح و الإرشاد.

التفسير و أوجه القراءة

هذا قال الزجاج: خبر مبتدأ محذوف؛ أي: الأمر في حق المؤمنين، هذا الذي ذكرناه. فيوقف على هذا، قال ابن الأنباري: و هذا وقف حسن، ثم يبتدى‏ء، و يجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر؛ أي: هذا المذكور للمؤمنين، و كلاهما من فصل الخطاب، و قال ابن الأثير: هذا في هذا المقام من الفصل، الذي هو خير من الوصل، و هي علاقة وكيدة بين الخروج من الكلام إلى كلام آخر، و قال بعضهم‏ «2» : هذا من قبيل، ما إذا فرغ الكاتب من فصل، و أراد الشروع في فصل آخر، منفصل عما قبله، قال: هذا ؛ أي: احفظ ما كان كيت و كيت، و انتظر إلى ما يجيى‏ء.

(1) المراغي.

(2) روح البيان.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏24، ص: 428

و المعنى؛ أي: هذا الذي تقدم، هو ما يكون جزاء للمؤمنين، كفاء ما قدموا من أعمال صالحة.

وَ إِنَّ لِلطَّاغِينَ‏ ؛ أي: و إن للذين طغوا على اللّه، و كذبوا الرسل؛ أي:

و إن للكافرين الخارجين عن طاعة اللّه تعالى، المكذبين لرسله‏ لَشَرَّ مَآبٍ‏ و أقبح مرجع في الآخرة و شر منقلب ينقلبون إليه، ثم بين ذلك فقال‏

جَهَنَّمَ‏ بدل من (شر مآب)، أو عطف بيان له أو منصوب بأعني. و قوله: يَصْلَوْنَها حال من المستكن في‏ لِلطَّاغِينَ‏ ؛ أي: حال كونهم يدخلونها، و يجدون حرها يوم القيامة، و لكن اليوم مهدوا لأنفسهم. فَبِئْسَ الْمِهادُ ؛ أي: قبح الفراش لهم جهنم، و المهد، و المهاد: الفراش، مستعار من فراش النائم، إذ لا مهاد في جهنم، و لا استراحة، و إنما مهادها نار، و غواشيها نار، كما قال في آية أخرى‏ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ ؛ أي: فراش من تحتهم. و مِنْ‏ تجريدية. وَ مِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ‏ ؛ أي:

أغطية.

و المعنى: أي هم يدخلون جهنم، و يقاسون شديد حرها، فبئس شرابا هي.

ثم أمرهم أمر تهكم و سخرية، بذوق هذا العذاب. فقال:

هذا فَلْيَذُوقُوهُ‏ ؛ أي: ليذوقوا هذا العذاب، و الذوق: وجود الطعم بالفم، و أصله في القليل، لكنه يصلح للكثير الذي يقال له: الأكل، و كثر استعماله في العذاب تهكما.

و ارتفاع‏ حَمِيمٌ وَ غَسَّاقٌ‏ على أنهما خبران لمبتدأ محذوف؛ أي: ذلك العذاب حميم؛ أي: ماء حار بلغ نهاية الحرارة، وَ غَسَّاقٌ‏ ؛ أي: قيح و صديد يسيل من أهل النار، و قيل: هذا في موضع رفع بالابتداء، و حَمِيمٌ وَ غَسَّاقٌ‏ خبران له، فيكون الكلام على التقديم و التأخير، فتقدير الآية: حميم و غساق فليذوقوه، قاله الفراء و الزجاج، و الحميم: الماء الذي انتهى حره، و الغساق: ما يسيل من جلد أهل النار من القيح و الصديد، كما مر آنفا. و في «القاموس»:

الغساق: الماء البارد المنتن، لو قطرت منه قطرة في المشرق، لنتنت أهل المغرب، و لو قطرت قطرة في المغرب، لنتنت أهل المشرق، و قال الحسن: هو عذاب لا يعلمه إلا اللّه، إن ناسا أخفوا للّه طاعة، فأخفى لهم ثوابا في قوله:

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏24، ص: 429

فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ‏ ، و أخفوا معصية، فأخفى لهم عقوبة، و قيل: هو مستنقع في جهنم، يسيل إليه سم كل ذي سم من عقرب و حية، يغمس فيه الآدمي، فيسقط جلده و لحمه عن العظام، و قيل: هو ما يسيل من فروج النساء الزواني، و من نتن لحوم الكفرة و جلودهم، و في «التأويلات النجمية»: هذا الذي مهدوا اليوم‏ فَلْيَذُوقُوهُ‏ يوم القيامة، يعني: قد حصلوا اليوم معنى صورته‏ حَمِيمٌ وَ غَسَّاقٌ‏ يوم القيامة، و لكن مذاقهم، بحيث لا يجدون ألم عذاب، ما حصلوه بسوء أعمالهم، فليذوقوه يوم القيامة، انتهى. فإذا تنعم المؤمنون بالفاكهة، و الشراب .. تعذب الكافرون بالحميم و الغساق، و قال مجاهد، و مقاتل: الغساق:

هو الثلج البارد، الذي قد انتهى برده. و تفسير الغساق بالبارد، أنسب بما تقتضيه لغة العرب، و منه قول الشاعر:

إذا ما تذكّرت الحياة و طيبها

إليّ جرى دمع من اللّيل غاسق‏

أي: بارد. و أنسب أيضا بمقابلة الحميم.

و الخلاصة: أي لهم في جهنم ماء حار، يشوي الوجوه، و ماء بارد، لا يستطاع شربه لبرودته.

و قرأ ابن أبي إسحاق، و قتادة، و ابن وثاب، و طلحة، و حمزة، و الكسائي، و حفص، و الفضل، و ابن سعدان، و هارون عن أبي عمرو: غَسَّاقٌ‏ بتشديد السين.

و قرأ باقي السبعة: بتخفيف السين، و هما لغتان بمعنى واحد، كما قال الأخفش.

و قيل: معناهما مختلف. فمن خفف، فهو اسم مثل: عذاب، و جواب، و صواب، و من شدد قال: هو اسم فاعل للمبالغة، نحو: ضراب، و قتال.

ثم زاد في التهديد، و بالغ في الوعيد. فقال:

وَ عذاب‏ آخَرُ أو مذوق آخر. و هو مبتدأ خبره‏ مِنْ شَكْلِهِ‏ ؛ أي: كائن لهم من شكل الحميم، و الغساق المذكورين، و مثلها في الشدة و الفظاعة، و قوله: أَزْواجٌ‏ صفة وَ آخَرُ . و معنى‏ أَزْواجٌ‏ ؛ أي: أجناس، و أنواع، و أشباه؛ أي: و عذاب آخر ذو ضروب، و أجناس كثيرة، كائن لهم من شكل الحميم و الغساق المذكورين، و مثلهما في الشدة و الفظاعة.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏24، ص: 430

و حاصل معنى الآية «1» : أن لأهل النار حميما و غساقا، و أنواعا أخر من العذاب، من مثل الحميم و الغساق في الشدة و الفظاعة، و في «التأويلات النجمية»؛ أي: فنون أخر، مثل ذلك العذاب، كائن لهم، يشير به إلى أن لكل نوع من المعاصي، نوعا آخر من العذاب، كما أن كل بذر يزرعونه يكون له ثمرة تناسب البذر.

و المعنى‏ «2» : أي ليس الأمر مقصورا على هذا فحسب، بل لهم فيها أشباه، و أمثال من مثله فظاعة و شدة، كالزقوم، و السموم، و الزمهرير.

و قرأ الجمهور «3» : وَ آخَرُ على الإفراد. فقيل: مبتدأ خبره محذوف تقديره: و لهم عذاب آخر، و قيل: خبره الجملة بعده؛ لأن قوله: أَزْواجٌ‏ مبتدأ، و مِنْ شَكْلِهِ‏ : خبره، و الجملة خبر آخَرُ ، و قيل: خبره‏ أَزْواجٌ‏ ، و مِنْ شَكْلِهِ‏ : في موضع الصفة، و جاز أن يخبر بالجمع عن الواحد، من حيث هو درجات، و رتب من العذاب، أو سمي كل جزء من ذلك الآخر، باسم الكل.

و قرأ الحسن، و مجاهد، و الجحدري، و ابن جبير، و عيسى، و أبو عمرو:

و أخر بضم الهمزة على الجمع، و هو مبتدأ، و مِنْ شَكْلِهِ‏ في موضع الصفة، و أَزْواجٌ‏ : خبره؛ أي: و مذوقات أخر من شكل هذا المذوق، و مثله في الشدة و الفظاعة أزواج و أجناس كثيرة. و أنكر «4» أبو عمرو على الجمهور قراءتهم بالإفراد وَ آخَرُ مفردا مذكرا لقوله: أَزْواجٌ‏ . و أنكر عاصم الجحدري قراءة أبي عمرو، و قال: لو كانت كما قرأ لقال: من شكلها. و قرأ مجاهد: مِنْ شَكْلِهِ‏ بكسر الشين، و الجمهور بفتحها، و هما لغتان بمعنى: المثل، و الضرب.

و قال خزنة جهنم لرؤساء الكفار في أتباعهم، إذا دخلوا النار:

هذا الجم الغفير فَوْجٌ‏ و جمع‏ مُقْتَحِمٌ‏ و داخل‏ مَعَكُمْ‏ في النار؛ أي‏ «5» هذا جمع‏

(1) الشوكاني.

(2) المراغي.

(3) البحر المحيط.

(4) الشوكاني.

(5) روح البيان.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏24، ص: 431

كثيف، قد دخل معكم النار، كما كانوا قد دخلوا معكم في الضلال.

و المعنى: يقول الخزنة لرؤساء الطاغين، إذا دخلوا النار مشيرين إلى الأتباع الذين أضلوهم: هذا ؛ أي: الأتباع فوج، و جمع تبعكم في دخول النار بالاضطرار، كما كانوا قد تبعوكم في الكفر و الضلالة بالاختيار، فانظروا إلى أتباعكم لم يحصل بينكم و بينهم تناصر، و انقطعت مودتكم، و صارت عداوة، قيل: يضرب الزبانية المتبوعين، و الأتباع معا بالمقامع، فيسقطون في النار خوفا من تلك المقامع. فذلك هو الاقتحام.

أي: و هذا حكاية لقول الملائكة، الذين هم خزنة النار، و ذلك أن القادة، و الرؤساء إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع، قالت الخزنة للقادة: هذا فوج، يعنون: الأتباع‏ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ‏ ؛ أي: داخل و مدفوع معكم إلى النار.

و قوله: لا مَرْحَباً بِهِمْ‏ من قول القادة و الرؤساء، لما قالت لهم الخزنة ذلك قالوا؛ أي: الرؤساء و القادة في شأن الأتباع: لا مَرْحَباً بِهِمْ‏ ؛ أي: لا اتسعت منازلهم في النار.

و المعنى: لا كرامة لهم، و جملة «1» لا مَرْحَباً بِهِمْ‏ دعائية، لا محل لها من الإعراب أو صفة للفوج أو حال منه، أو بتقدير القول؛ أي: مقولا في حقهم: لا مرحبا بهم. و قيل: إنها من تمام قول الخزنة، و الأول أولى كما يدل عليه جواب الأتباع الآتي.

و جملة إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ ؛ أي: داخلون فيها، كما دخلنا فيها تعليل من جهة القائلين؛ أي: إنهم صالوا النار كما صليناها، و مستحقون لها كما استحققناها. أو تعليل من جهة الخزنة، لاستحقاقهم الدعاء عليهم؛ أي: داخلون النار بأعمالهم السيئة، و باستحقاقهم.

و قوله: لا مَرْحَباً مصدر «2» بمعنى: الرحب، و هو السعة. و بِهِمْ‏ بيان‏

(1) الشوكاني.

(2) روح البيان.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏24، ص: 432

للمدعو عليهم، و انتصابه على أنه مفعول به لفعل مقدر؛ أي: لا يصادفون رحبا وسعة، أو لا يأتون رحب عيش، و لا وسعة مسكن، و لا غيره.

و حاصله: لا كرامة لهم، أو على المصدر؛ أي: لا رحبهم عيشهم.

و منزلهم رحبا بل ضاق عليهم، يقول الرجل لمن يدعوه: مرحبا؛ أي: أتيت رحبا من البلاد، و أتيت واسعا و خيرا كثيرا قاله الكاشفي. و قال غيره: يقصد به: إكرام الداخل، و إظهار المسرة بدخوله، ثم يدخل عليه كلمة لا في دعاء السوء.

و في بعض شروح الحديث: التكلم بكلمة مَرْحَباً سنة اقتداء بالنبي صلى اللّه عليه و سلم، حيث قال: مرحبا يا أم هانى‏ء حين ذهبت إلى رسول اللّه عام الفتح. و هي بنت أبي طالب، أسلمت يوم الفتح، و من أبواب الكعبة باب يسمى باب أم هانى‏ء، لكون بيتها في جانب ذلك الباب، و قد صح أنه صلى اللّه عليه و سلم، قد عرج به من بيتها.

و قال أبو حيان: و الظاهر «1» : أن قوله: هذا فوج مقتحم معكم، من قول رؤسائهم بعضهم لبعض. و الفوج: الجمع الكثير، و هم الأتباع، ثم دعوا عليهم بقولهم: لا مرحبا بهم؛ لأن الرئيس إذا رأى الخسيس قد قرن معه في العذاب ..

ساءه ذلك حيث وقع التساوي في العذاب، و لم يكن هو السالم من العذاب و أتباعه في العذاب.

و الحاصل: أن اللّه سبحانه، بعد ما وصف مساكنهم و مشاربهم، حكى ما يتناجون به، و يقوله بعضهم لبعض؛ أي: هم يتلاعنون، و يتكاذبون. فتقول الطائفة التي دخلت قبل الأخرى، حين تقبل التي بعدها مع الخزنة و الزبانية: هذا جمع كثيف داخل معكم، فلا مرحبا بهم. قال ابن عباس في تفسير الآية: إن القادة إذا دخلوا النار، ثم دخل بعدهم الأتباع، تقول الخزنة للقادة: هذا فوج داخل النار معكم، فيقول السادة: لا مرحبا بهم، و المراد بذلك الدعاء عليهم. قال النابغة:

لا مرحبا بغد و لا أهلا به‏

إن كان تفريق الأحبّة في غد

ثم علل استيجاب الدعاء عليهم بقوله: إنهم صالوا النار؛ أي‏ «2» : إنهم‏

(1) البحر المحيط.

صفحه بعد