کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير روح البيان

الجزء العاشر

تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم سورة الملك مكية تفسير سورة ن تفسير سورة الحاقة تفسير سورة المعارج سورة نوح تفسير سورة الجن تفسير سورة المزمل تفسير سورة المدثر تفسير سورة القيامة تفسير سورة الإنسان تفسير سورة المرسلات تفسير سورة النبأ تفسير سورة النازعات تفسير سورة عبس تفسير سورة التكوير تفسير سورة الانفطار تفسير سورة المطففين تفسير سورة الانشقاق تفسير سورة البروج تفسير سورة الطارق تفسير سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد تفسير سورة الشمس تفسير سورة الليل تفسير سورة الضحى تفسير سورة الم نشرح تفسير سورة التين تفسير سورة العلق تفسير سورة القدر تفسير سورة القيامة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة تفسير سورة التكاثر تفسير سورة العصر تفسير سورة الهمزة تفسير سورة الفيل تفسير سورة الإيلاف تفسير سورة الماعون تفسير سورة الكوثر تفسير سورة الكافرين تفسير سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص تفسير سورة الفلق تفسير سورة الناس

تفسير روح البيان


صفحه قبل

تفسير روح البيان، ج‏10، ص: 529

و فتح قريب و الفتح المبين هو ما يفتح على العبد من مقام الولاية و تجليات أنوار الأسماء الالهية المفنية لصفات القلب و كمالاته المشار اليه بقوله انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك و ما تأخر يعنى من الصفات النفسانية و القلبية و الفتح المطلق هو أعلى الفتوحات و أكملها و هو ما انفتح على العبد من تجلى الذات الاحدية و الاستغراق فى عين الجمع بفناء الرسوم الخلقية كلها و هو المشار اليه بقوله إذا جاء نصر اللّه و الفتح انتهى و قد سبق بعبارة اخرى فى سورة الفتح و على هذا فالمراد بالنصر هو المدد الملكوتي و التأييد القدسي بتجليات الأسماء و الصفات و بالفتح هو الفتح المطلق الذي لا فتح وراءه و هو فتح باب الحضرة الالهية الاحدية و الكشف الذاتي و لا شك ان الفتح الاول هو فتح ملكوت الافعال فى مقام القلب بكشف حجاب حس النفس بالفناء افعالها فى افعال الحق و الثاني هو فتح جبروت الصفات فى مقام الروح بكشف حجاب خيالها بافناء صفاتها فى صفاته و الثالث هو فتح لاهوت الذات فى مقام السر بكشف حجاب و همها بافناء ذاتها فى ذاته و من حصل له هذا النصر و الفتح الباطني حصل له النصر و الفتح الظاهري ايضا لان النصر و الفتح من باب الرحمة و عند الوصول الى نهاية النهايات لا يبقى من السخط اثر أصلا و يستوعب الظاهر و الباطن اثر الرحمة مطلقا و من ثمة تفاوت احوال الكمل بداية و نهاية فظهر من هذا ان كلا من النصر و الفتح فى الآية ينبغى ان يحمل على ما هو المطلق لكنى اقتفيت اثر أهل التفسير فى تقديم ما هو المقيد لكنه قول مرجوح تسامح اللّه عن قائله‏ وَ رَأَيْتَ النَّاسَ‏ أبصرتهم او علمتهم يعنى العرب و اللام للعهد او الاستغراق العرفي جعلوه خطابا للنبى عليه السلام يحتمل الخطاب العام لكل مؤمن و حينئذ يظهر جواب آخر عن امر النبي عليه السلام بالاستغفار مع انه لا تقصير له إذ الخطاب لا يخصه فالامر بالاستغفار لمن سواه و إدخاله فى الأمر تغليب‏ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ‏ اى ملة الإسلام التي لا دين يضاف اليه تعالى غيرها و الجملة على تقدير الرؤية البصرية حال و على تقدير الرؤية القلبية مفعول ثان و قال بعضهم و مما يختلج فى القلب ان المناسب لقوله يدخلون إلخ ان يحمل قوله و الفتح على فتح باب الدين عليهم‏ أَفْواجاً حال من فاعل يدخلون اى يدخلون فيه جماعات كثيرة كأهل مكة و الطائف و اليمن و هو ازن و سائر قبائل العرب و كانوا قبل ذلك يدخلون فيه واحدا واحدا و اثنين اثنين روى انه عليه السلام لما فتح مكة أقبلت العرب بعضها على بعض فقالوا إذا ظفر بأهل الحرم فلن يقاومه أحد و قد كان اللّه اجارهم من اصحاب الفيل و من كل من أرادهم فكانوا يدخلون فى دين الإسلام أفواجا من غير قتال (قال الكاشفى) در سال نزول اين سوره تتابع وفود بود چون بنى اسد و بنى مرة و بنى كلب و بنى كنانة و بنى هلال و غير ايشان از أكناف و أطراف بخدمت آن حضرت آمده بشرف اسلام مشرف ميشدند. قال ابو عمر ابن عبد البر لم يمت رسول اللّه عليه السلام و فى العرب رجل كافر بل دخل الكل و فى الإسلام بعد حنين منهم من قدم و منهم من قدم وافده و قال ابن عطية و المراد و اللّه اعلم العرب عبدة الأوثان و اما نصارى بنى تغلب‏

تفسير روح البيان، ج‏10، ص: 530

فما اسلموا فى حياته عليه السلام و لكن اعطوا الجزية و فى عين المعاني الناس أهل البحر قال عليه السلام الايمان يمانى و الحكمة يمانية و قال وجدت نفس ربكم من جانب اليمن اى تنفيسه من الكرب و عن جابر بن عبد اللّه رضى اللّه عنه انه بكى ذات يوم فقيل له فى ذلك فقال سمعت رسول اللّه عليه السلام يقول دخل الناس فى دين اللّه أفواجا و سيخرجون منه أفواجا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ‏ التسبيح مجاز عن التعجب بعلاقة السببية فان من رأى أمرا عجيبا يقول سبحان اللّه قال ابن الشيخ لعل الوجه فى اطلاق هذه الكلمة عند التعجب كما ورد فى الاذكار و لكل اعجوبة سبحان اللّه هو أن الإنسان عند مشاهدة الأمر العجيب الخارج عن حد أمثاله يستبعد وقوعه و تنفعل نفسه منه كانه استقصر قدرة اللّه فلذلك خطر على قلبه ان يقول من قدر عليه و أوجده ثم انه فى هذا الزعم مخطئ فقال سبحان اللّه تنزيها للّه عن العجز عن خلق امر عجيب يستبعد وقوعه لتيقنه بأن اللّه على كل شى‏ء قدير قال الامام السهيلي رحمه اللّه سر اقتران الحمد بالتسبيح ابدا نحو سبح بحمد ربك و ان من شى‏ء الا يسبح بحمده ان معرفة اللّه تنقسم قسمين معرفة ذاته و معرفة أسمائه و صفاته و لا سبيل الى إثبات أحد القسمين دون الآخر و اثبات وجود الذات من مقتضى العقل و اثبات الأسماء و الصفات من مقتضى الشرع فبالعقل عرف المسمى و بالشرع عرفت الأسماء و لا يتصور فى العقل اثبات الذات إلا مع نفى سمات الحدوث عنها و ذلك هو التسبيح و مقتضى العقل مقدم على مقتضى الشرع و انما جاء الشرع المنقول بعد حصول النظر و العقول فنبه العقول على النظر فعرفت ثم علمها ما لم تكن تعلم من الأسماء فانضاف لها التسبيح و الحمد و الثناء فما أمرنا تسبيحه الا بحمده انتهى و معنى الآية فقل سبحان اللّه حال كونك ملتبسا بحمده اى فتعجب لتيسير اللّه ما لم يخطر ببال أحد من ان يغلب أحد على أهل حرمه المحترم و احمده على جميع صنعه هذا على الرواية الاولى ظاهر و اما على الثانية فلعله امر بأن يداوم على ذلك استعظاما لنعمته لا باحداث التعجب لما ذكر فانه انما يناسب حالة الفتح و قال بعضهم و الأشبه ان يراد نزهه عن العجز فى تأخير ظهور الفتح و احمده على التأخير وصفه بأن توقيت الأمور من عنده ليس الا بحكم لا يعرفها الا هو انتهى او فاذكره مسبحا حامدا و زد فى عبادته و الثناء عليه لزيادة انعامه عليك او فصل له حامدا على نعمه فالتسبيح مجاز عن الصلاة بعلاقة الجزئية لانها تشتمل عليه فى الأكثر روى انه عليه السلام لما فتح باب الكعبة صلى صلاة الضحى ثمانى ركعات و حملها بعضهم على صلاة الشكر لا على صلاة الضحى و بعضهم على ان أربعا منها للشكر و أربعا للضحى او فنزهه عما يقول الظلمة حامدا له على ان صدق وعده او فأثن على اللّه بصفات الجلال يعنى الصفات السلبية حامدا له على صفات الإكرام يعنى الصفات الثبوتية اى على آثارها او على تنزيلها منزلة الأوصاف الاختيارية لكفاية الذات المقدس فى الاتصاف بها فان المحمود عليه يجب ان يكون امرا اختياريا و قال القاشاني نزه ذاتك عن الاحتجاب بمقام القلب الذي هو معدن النبوة بقطع علاقة البدن و الترقي الى مقام حق اليقين الذي هو معدن الولاية حامدا له بإظهار كمالاته‏

تفسير روح البيان، ج‏10، ص: 531

و أوصافه التامة عند التجريد بالحمد الفعلى‏ وَ اسْتَغْفِرْهُ‏ هضما لنفسك و استقصارا لعملك و استعظاما لحقوق اللّه و استدراكا لما فرط منك من ترك الاولى او استغفره لذنبك و للمؤمنين و هو المناسب لما فى سورة محمد و تقديم التسبيح ثم الحمد على الاستغفار على طريقة النزول من الخالق الى الخلق حيث لم تشتغل على رؤية الناس باستغفارهم اولا مع ان رؤيتهم تستدعى ذلك بل اشتغل اولا بتسبيح اللّه و حمده لانه رأى اللّه قبل رؤية الناس كما قيل ما رأيت شيأ الا و رأيت اللّه قبله و ذلك لان الناس مرءاة العارف و صاحب المرآة يتوجه اولا الى المرئي و برؤية المرئي تلتفت نفسه الى المرآة و لك ان تقول ان فى التقديم المذكور تعليم ادب الدعاء و هو ان لا يسأل فجأة من غير تقديم الثناء على المسئول عنه عن عائشة رضى اللّه عنها انه كان عليه السلام يكثر قبل موته ان يقول سبحانك اللهم و بحمدك استغفرك و أتوب إليك و عنه عليك السلام انى لاستغفر اللّه فى اليوم و الليلة مائة مرة و منه يعلم ان ورد الاستغفار لا يسقط ابدا لانه لا يخلو الإنسان عن الغين و التلوين و روى انه لما قرأها النبي عليه السلام على أصحابه استبشروا و بكى العباس فقال عليه السلام ما يبكيك يا عم قال نعيت إليك نفسك اى ألقى إليك خبر موت نفسك و النعي ألقاء خبر الموت قال عليه السلام انها لكما تقول فلم ير عليه السلام بعد ذلك ضاحكا مستبشرا و قيل ان ابن عباس رضى اللّه عنهما هو الذي قال ذلك فقال عليه السلام لقد اوتى هذا الغلام علما كثيرا و لذلك كان عمر يدنيه و يأذن له مع اهل يدر و لعل ذلك للدلالة على تمام امر الدعوة و تكامل امر الدين كقوله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم و الكمال دليل الزوال كما قيل. توقع زوالا إذا قيل تم. او لان الأمر بالاستغفار تنبيه على قرب الاجل كأنه قال قرب الوقت و دنا الرحيل فتأهب للامر و نبه به على ان العاقل إذا قرب اجله ينبغى ان يستكثر من التوبة و روى انها لما نزلت خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال ان عبدا خيره اللّه بين الدنيا و بين لقائه فاختار لقاء اللّه فعلم ابو بكر رضى اللّه عنه فقال فديناك بانفسنا و أموالنا و آبائنا و أولادنا و عنه عليه السلام انه دعا فاطمة رضى اللّه عنها فقال يا بنتاه انه نعيت الى نفسى يعنى خبر وفات من دهند

نامه رسيد از ان جهان بهر مراجعت برم‏

عزم رجوع ميكنم رخت بچرخ ميبرم‏

فبكت فقال لا تبكى فانك أول أهلي لحوقا بي فضحكت و عن ابن مسعود ان هذه السورة تسمى سورة التوديع لما فيها من الدلالة على توديع الدنيا قال على رضى اللّه عنه لما نزلت هذه السورة مرض رسول اللّه عليه السلام فخرج الى الناس فخطبهم و ودعهم ثم دخل المنزل فتوفى بعد ايام قال الحسن رحمه اللّه أعلم انه قد اقترب اجله فامر بالتسبيح و التوبة ليختم له بالعمل الصالح و فيه تنبيه لكل عاقل‏ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً مبالغا فى قبول توبتهم منذ خلق المكلفين فليكن كل تائب مستغفر متوقعا للقبول و ذلك ان قبول التوبة من الصفات الاضافية و لا منازعة فى حدوثها فاندفع ما يرد ان المفهوم من الآية انه تعالى تواب فى الماضي‏

تفسير روح البيان، ج‏10، ص: 532

و كونه تواباى الماضي كيف يكون علة للاستغفار فى الحال و المستقبل و فى اختيار انه كان توابا على غفارا مع انه الذي يستدعيه قوله و استغفر حتى قيل و تب مضمر بعده و إلا لقال غفارا تنبيه على ان الاستغفار انما ينفع إذا كان مع التوبة و الندم و العزم على عدم العود ثم ان من أضمر و تب يحتمل انه جعل الآية من الاحتباك حيث دل بالأمر بالاستغفار على التعليل بأنه كان غفارا و بالتعليل بأنه كان توابا على الأمر بالتوبة اى استغفره و تب.

ذكر البرهان الرشيدي ان صفات اللّه تعالى التي على صيغة المبالغة كلها مجاز لانها موضوعة للمبالغة و لا مبالغة فيها لان المبالغة ان يثبت للشئ اكبر اكثر مما له و صفاته تعالى منزهة عن ذلك و استحسنه الشيخ تقى الدين السبكى رحمه اللّه و قال الزركشي فى البرهان التحقيق ان صيغة المبالغة قسمان أحدهما ما تحصل المبالغة فية بحسب زيادة الفعل و الثاني بحسب تعدد المفعولات و لا شك ان تعددها لا يوجب للفعل زيادة إذ الفعل الواحد قد يقع على جماعة متعددين و على هذا القسم تنزل صفاته و يرفع الاشكال و لهذا قال بعضهم فى حكيم معنى المبالغة فيه تكرار حكمه بالنسبة الى الشرائع و قال فى الكشاف المبالغة فى التواب للدلالة على كثرة من يتوب عليه او لانه بليغ فى قبول التوبة بحيث ينزل صاحبها منزلة من لم يذنب قط لسعة كرمه (تمت سورة النصر بعون من اقسم بالعصر بعد ظهر يوم السبت)

تفسير سورة المسد

خمس آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم‏

تَبَّتْ‏ اى أهلكت فان التباب الهلاك و منه قولهم أ شابة أم تابة اى هالكة من الهرم و العجز او خسرت فان التباب ايضا خسران يؤدى الى الهلاك‏ يَدا أَبِي لَهَبٍ‏ تثنية يد و اللهب و اللهيب اشتعال النار إذا خلص من الدخان او لهبها لسانها و لهيبها حرها ابو لهب و تسكن الهاء كنية عبد العز بن عبد المطلب لجماله او لماله كما فى القاموس يعنى ان التكنى لاشراق و جنتيه و تلهبهما و الا فليس له ابن يسمى باللهب و إيثار التباب على الهلاك و اسناده الى يديه لما روى انه لما نزل و أنذر عشيرتك الأقربين رقى رسول اللّه عليه السلام الصفاء و جمع أقاربه فأنذرهم فقال فقال يا بنى عبد المطلب يا بنى فهر ان أخبرتكم ان بسفح هذا الجبل خيلا أ كنتم مصدقى قالوا نعم يعنى اگر من شما را خبر كنم بآنكه در پاى اين كوه جمعى آمده‏اند بداعيه آنكه بر شما شبيخون كرده دست بقتل و غارت بگشايند مرا در ان تصديق ميكنيد يا نه كفتند چرا نكنيم و تو پيش ما بدروغ متهم نشده. قال فانى نذير لكم بين يدى الساعة فقال عمه ابو لهب تبا لك يعنى هلاكت باد.

أ لهذا دعوتنا و أخذ حجرا بيده ليرميه عليه السلام به فمنعه اللّه من ذلك حيث لم يستطع ان يرميه فلا كناية فى ذكر اليدين و وجه وصف يديه بالهلاك ظاهر و اما

تفسير روح البيان، ج‏10، ص: 533

وصفهما بالخسران فلرد ما اعتقده من نفعه و ربحه فى اذية رسول اللّه عليه السلام و رميه بالحجر و ذكر فى التأويلات الماتريدية انه كان كثير الإحسان الى رسول اللّه عليه السلام و كان يقول ان كان الأمر لمحمد فيكون لى عنده يدوان كان لقريش فلى عندها يد فاخبر أنها خسرت يده التي كانت عند محمد عليه السلام بعناده له و يده التي عند قريش ايضا لخسران قريش و هلاكهم فى يد محمد وَ تَبَ‏ اى و هلك كله فهو اخبار بعد اخبار و التعبير بالماضي لتحقق وقوعه و قيل المراد بالأولى هلاك جملته كقوله تعالى و لا تلقوا بايديكم الى التهلكة على ان ذكر اليد كناية عن النفس و الجملة و معنى و تب و كان ذلك و حصل و يؤيده قراءة من قرأ و قد تب فان كلمة قد لا تدخل على الدعاء و قيل كلاهما دعاء عليه بالهلاك و المراد بيان استحقاقه لان يدعى عليه بالهلاك فان حقيقة الدعاء شأن العاجز و انما كناه و التكنية تكرمة لاشتهاره بكنيته فليست للتكريم او لكراهة ذكر اسمه القبيح إذ فيه اضافة الى الصنم او للتعريض يكونه جهنميا لانه سيصلى نارا ذات لهب يعنى ان أبا لهب باعتبار معناه الإضافي يصلح ان بكون كناية عن حاله و هى كونه جهنميا لان معناه باعتبار إضافته ملابس اللهب كما ان معنى ابو الخير و أخو الحرب بذلك الاعتبار ملابس الخير و الحرب و اللهب الحقيقي لهب جهنم و هذا المعنى يلزمه انه جهنمى ففيه انتقال من الملزوم الى اللازم فهى كنية تفيد الذم فاندفع ما يقال هذا يخالف قولهم و لا يكنى كافر فاسق و مبتدع إلا لخوف فتنة او تعريف لان ذلك خاص بالكنية التي تفيد المدح لا الذم و لم يشتهر بها صاحبها قال فى الإتقان ليس فى القرآن من الكنى غير انى لهب و لم يذكر اسمه و هو عبد العزى اى الصنم لانه حرام شرعا انتهى و فيه ان الحرام وضع ذلك لا استعماله و فى كلام بعضهم ما يفيدان الاستعمال حرام ايضا الا ان يشهر بذلك كما فى الأوصاف المنقصة كالاعمش و كان بعد نزول هذه السورة لا يشك المؤمن انه من أهل النار بخلاف غيره و لم يقل فى هذه السورة قل تبت إلخ لئلا يكون مشافها لعمه بالشتم و التغليظ و ان شتمه عمه لان للعم حرمة كحرمة الأب لانه مبعوث رحمة للعالمين و له خلق عظيم فاجاب اللّه عنه و قرئ ابو لهب بالواو كما قيل على بن ابو طالب و معاوية بن ابو سفيان مع ان القياس الياء لكونه مضافا اليه كيلا يغير منه شى‏ء فيشكل على السامع و الحاصل ان الكنية بمنزلة العلم و الاعلام لا تتغير فى شى‏ء من الأحوال و كان لبعض أمراء مكة ابنان أحدهما عبد اللّه بالجر و الآخر عبد اللّه بالفتح‏ ما أَغْنى‏ عَنْهُ مالُهُ وَ ما كَسَبَ‏ اى لم يغن عنه حين حل به التبات و لم ينفعه أصلا على ان ما نافية او أي شى‏ء اغنى عنه على انها استفهامية فى معنى الإنكار منصوبة بما بعدها على انها مفعول به او أي إغناء اغنى عنه على انها مفعول مطلق اصل ماله و ما كسبه به من الأرباح و النتائج و المنافع و الوجاهة و الاتباع و لا أحد اكثر مالا من قارون و ما دفع عنه الموت و العذاب و لا أعظم ملكا من سليمان عليه السلام و قد قيل فيه‏

نه بر باد رفتى سحرگاه و شام‏

سرير سليمان عليه السلام‏

بآخر نديديكه بر باد رفت‏

خنك آنكه با دانش و داد رفت‏

او ماله الموروث من أبيه و الذي كسبه بنفسه او عمله الخبيث الذي هو كيده فى عداوة النبي‏

تفسير روح البيان، ج‏10، ص: 534

عليه السلام او عمله الذي ظن انه منه على شى‏ء كقوله تعالى و قدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا و قال بعضهم ما كسب منفعة و عن ابن عباس رضى اللّه عنهما ما كسب ولده (و روى) انه كان يقول ان كان ما يقول ابن أخي حقا فانا افتدى منه نفسى بمالى و ولدي فاستخلص منه و قد خاب رجاه و ما حصل ما تمناه فافترس ولده عتبة اسد فى طريق الشام و ذلك ان عتبة بن ابى لهب و كان تحته ابنة رسول اللّه عليه السلام أراد الخروج الى الشام فقال لآتين محمدا فلأوذينه فأتاه فقال يا محمد هو كافر بالنجم إذا هوى و بالذي دنا فتدلى ثم تفل فى وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ورد عليه ابنته و طلقها فقال عليه السلام اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فرجع عتبة الى أبيه فأخبره ثم خرجوا الى الشام فنزلوا منزلا فأشرف عليهم راهب من الدير فقال ان هذه ارض مسبعة فقال ابو لهب أعينوني يا معشر قريش هذه الليلة فانى أخاف على ابني دعوة محمد فجمعوا جمالهم و أناخوها حولهم و أحدقوا بعتبة فجاء الأسد يتخللهم و يتشمم وجوههم حتى ضرب عتبة فقتله و هلك ابو لهب بالعدسة بعد وقعة بدر لسبع ليال و العدسة بثرة تخرج فى البدن تشبه العدسة و هى من جنس الطاعون تقتل غالبا فاجتنبه أهله مخافة العدوى و كانت قريش تتقيها كالطاعون فبقى ثلاثا حتى أنتن ثم استأجروا بعض السودان و احتملوه و دفنوه فكان الأمر كما اخبر به القرآن و فى انسان العيون لم يحفروا له حفيرة و لكن أسندوه الى حائط و قذفوا عليه الحجارة خلف الحائط حتى واروه و فى رواية حفروا له ثم دفعوه بعود فى حفرته و قذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه و عن عائشة رضى اللّه عنها انها كانت إذا مرت بموضعه ذلك غطت وجهها و القبر الذي يرجم خارج باب الشبيكة الآن ليس بقبر ابى لهب و انما هو قبر رجلين لطخا الكعبة بالعذرة و ذلك فى دولة بنى العباس فان الناس أصبحوا يوما فوجدوا الكعبة ملطخة بالعذرة فرصدوا للفاعل فأمسكوهما بعد ايام فصلبا فى ذلك الموضع فصارا يرجمان الى الآن‏ سَيَصْلى‏ اى ما ذكر من العذاب مآل امره فى النشأة الاولى و فى النشأة الآخرة سيدخل لا محالة ناراً ذاتَ لَهَبٍ‏ نارا عظيمة ذات اشتعال و توقد و هى نار جهنم و ليس هذا نصا فى انه لا يؤمن ابدا حتى يلزم من تكليفه الايمان بالقرءان ان يكون مكلفا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن ابدا فيكون مأمورا بالجمع بين النقيضين كما هو المشهور فان صلى النار غير مختص بالكفار فيجوز أن يفهم ابو لهب من هذا ان دخوله النار لفسقه و معاصيه لا لكفره فلا اضطرار الى الجواب المشهور من ان ما كلفه هو الايمان بجميع ما جاء به النبي عليه السلام اجمالا لا الايمان بتفاصيل ما نطق به القرآن حتى يلزم ان يكلف الايمان بعدم إيمانه المستمر وَ امْرَأَتُهُ‏ عطف على المستكن فى سيصلى لكون الفصل بالمفعول يعنى زن او نيز با او درآيد و داخل نار شود و هى أم جميل بنت حرب بن امية اخت ابى سفيان عمة معاوية رضى اللّه عنه و اسمها العوراء و آن در همسايكئ حضرت عليه السلام خانه داشت و كانت تحمل حزمة من الشوك و الحسك و السعدان فتنشرها بالليل فى طريق النبي عليه السلام تا خارى نعوذ باللّه در دامنش آويزد يا در پايش خلد و كان عليه السلام يطأه كما يطأ الحرير و فى تفسير أبى الليث حتى صار النبي عليه السلام و أصحابه فى شدة

تفسير روح البيان، ج‏10، ص: 535

و عناء و فى تفسير الكاشفى و آن حضرت كه بنماز بيرون آمدى آنها بر سر راه بر كرفتى و بطريق ملايمت كفتى اين چه نوع همسايكيست كه با من ميكنيد

ميريختند در ره تو خار با همه‏

چون كل شكفته بود رخ كلستان تو

حَمَّالَةَ الْحَطَبِ‏ الحطب ما أعد من الشجر شبوبا كما فى القاموس و نصب حمالة على الشتم و الذم اى أذم حمالة الحطب قال الزمخشري و انا استحب هذه القراءة و قد توسل الى رسول اللّه عليه السلام بجميل من أحب شتم أم جميل انتهى و قيل على الحالية بناء على ان الاضافة غير حقيقية إذا المراد انها تحمل يوم القيامة حزمة حطب كالزقوم و الضريع و فى جيدها سلاسل النار كما يعذب كل مجرم بما يناسب حاله فى جرمه و عن قتادة انها مع كثرة مالها تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها فعيرت بالبخل فالنصب حينئذ على الشتم حتما و قيل كانت تمشى بالنميمة و تفسد بين الناس تحمل الحطب بينهم اى توقد بينهم النائرة و تورث الشر. پس هيزم كشى عبارتست از سخن چينى كه آتش خصومت ميان دو كس بر مى‏افروزد

ميان دو كس جنك چون آتش است‏

سخن چين بدبخت هيزم كش است‏

كنند اين و آن خوش دكر باره دل‏

وى اندر ميان كور بخت و خجل‏

ميان دو كس آتش افروختن‏

نه عقلست خود در ميان سوختن‏

صفحه بعد