کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان

الجزء الأول

مقدمة المصنف

(سورة البقرة)

الفهرس

الجزء الثاني

(سورة آل عمران و هي مدنية)

(سورة النساء

الفهرس

الجزء الثالث

(تفسير سورة الأنعام

(سورة الأعراف)

الفهرس

الجزء الرابع

الفهرس

الجزء الخامس

الفهرس

الجزء السادس

الفهرس

تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان


صفحه قبل

تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان، ج‏5، ص: 244

السنانير فيها. و منها أن الشافعي نص على أن غسالة النجاسة طاهرة إذا لم تتغير بنجس، و أي فرق بين أن يلاقي الماء النجاسة بالورود عليها أو بورودها عليه، و أي معنى لقول القائل: إن قوة الورود تدفع النجاسة مع أن قوة الورود لم تمنع المخالطة؟ و منها أنهم كانوا يستنجون على أطراف المياه الجارية القليلة. و قال الشافعي: إذا وقع بول في ماء جار و لم يتغير جاز الوضوء به. و أيّ فرق بين الجاري و الراكد؟ و التعويل على قوة الماء بسبب الجريان ليس أولى من التعويل على عدم التغير. و منها أنه لو وقعت نجاسة في قلتين فكل كوز يؤخذ منه فهو طاهر عنده، و معلوم أن البول ينتشر فيه و هو قليل فأي فرق بينه إذا وقع ذلك البول في ذلك القدر من الماء ابتداء و بينه إذا وصل إليه عند اتصال غيره به؟. و منها أن الحمامات لم تزل في الأعصار الخالية يتوضأ منها المتقشفون مع علمهم بأن الأيدي و الأواني الطاهرة و النجسة كانت تتوارد عليها، و لو كان التقدير بالقلتين و غير ذلك معتبرا لاشتهر و تواتر. و منها أن النصوص في التقدير متخالفة؛ أما تقدير أبي حنيفة بالعشر في العشر فمجرد تحكم، و أما تقدير الشافعي بالقلتين بناء على‏

قوله صلى اللّه عليه و سلم‏ «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا» «1»

فضعيف. لأن راويه مجهول، فإن الشافعي لما روى هذا الخبر قال: أخبرني رجل. فيكون الحديث مرسلا و المرسل عنده ليس بحجة. سلمناه و لكن القلة مجهولة فإنها تصلح للكوز و للجرة و لكل ما يقل باليد و هي أيضا اسم لهامة الرجل و لقلة الجبل. سلمنا لكن في متن الخبر اضطراب،

فقد روي‏ «إذا بلغ الماء قلتين» «2»

و روي‏ «إذا بلغ قلة»

و روي‏ «أربعين» «و إذا بلغ كرين»

سلمنا صحة المتن لكنه متروك الظاهر لأن قوله «لم يحمل خبثا» لا يمكن إجراؤه على ظاهره، فإن الخبث إذا ورد عليه فقد حمله. سلمنا إجراءه على الظاهر لكن الخبث لغوي و شرعي و حمله على اللغوي لكونه حقيقة أولى، فمعنى الحديث أن لا يصير مستقذرا طبعا. و نحن نقول: بموجبه لكن لم قلتم: إنه لا ينجس شرعا؟ سلمنا أن المراد هو الخبث الشرعي لكن لم لا يجوز أن يكون معنى‏

قوله‏ «لم يحمل خبثا»

أنه يضعف عن حمله أي يتأثر به؟ أجاب بعض الشافعية عن هذه المنوع بأن كثيرا من المحدثين عينوا اسم الراوي في حديث القلتين، فإن يحيى بن معين قال: إنه جيد الإسناد. فقيل له:

إن ابن علية وقفه على ابن عمر. فقال: إن كان ابن علية وقفه فحماد بن سلمة رفعه. و قوله «القلة مجهولة» غير مسلم لأن ابن جريج قال في روايته: بقلال هجر. ثم قال: و قد شاهدت‏

(1، 2) رواه أبو داود في كتاب الطهارة باب 33. الترمذي في كتاب الطهارة باب 50. النسائي في كتاب الطهارة باب 43. ابن ماجة في كتاب الطهارة باب 75. الدارمي في كتاب الوضوء باب 55. أحمد في مسنده (2/ 23، 27).

تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان، ج‏5، ص: 245

قلال هجر و كانت القلة تسع قربتين و شيئا. و إذا كانت هذه الرواية معتبرة فقط لم يكن في متن الحديث اضطراب، و حمل الخبث على الشرعي أولى لأن المسألة شرعية و تفسير عدم حمل الخبث بالتأثر تعسف لأنه صح‏

في بعض الروايات‏ «إذا كان الماء قلتين لم ينجس» «1»

و لأنه لا يبقى لذكر القلتين حينئذ فائدة لأن ما دون القلتين أيضا بتلك المثابة، و زيف بأنه بعد التصحيح يوجب تخصيص عموم الكتاب و السنة الظاهرة البعيدة عن الاحتمال بمثل هذا الخبر المجمل. حجة من حكم بنجاسة الماء الذي خالطه نجاسة كيف كانت قوله تعالى:

وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ‏ [الأعراف: 157] و قوله‏ إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ‏ [النحل: 115] و قال في الخمر رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ‏ [المائدة: 90] حرم هذه الأشياء مطلقا و لم يفرق بين حال انفرادها و حال اختلاطها بالماء، فوجب تحريم استعمال كل ماء تيقنا فيه جزءا من النجاسة. و أيضا الدلائل التي ذكرتموها مبيحة و دلائلنا حاظرة و الحاظر غالب على المبيح بدليل أن الجارية المشتركة لا يحل لواحد منهما وطؤها و أيضا

قال صلى اللّه عليه و سلم‏ «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه من جنابة» «2»

أطلق من غير فرق بين القليل و الكثير. أجاب مالك بأنه لا نزاع في تحريم استعمال النجاسات، لكن الكلام في أنه متى ما لم يتغير فليس للنجاسة أثر لأنها انقلبت عن صفتها فكأنها معدومة و النهي عن البول في الماء لتنفر الطبع أو للتنزيه لا للتحريم.

و اعلم أنه سبحانه بين في سورة الأنفال أن من غاية إنزال الماء من السماء تطهير المكلفين به حين قال: وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ‏ [الأنفال: 11] ففي وصفه هاهنا بكونه طهورا إشارة إلى ذلك. ثم رتب على الإنزال غايتين أخريين. أولاهما تتعلق بالنبات، و الثانية بالحيوان الأعجم فالناطق. و في هذا الترتيب تنبيه على أن الكائنات تبتدئ في الرجوع من الأخس إلى الأشرف، و فيه أن الغرض من الكل هو نوع الإنسان مع أن حياة الأناسي بحياة أرضهم و أنعامهم. قال‏ مَيْتاً مع قوله‏ بَلْدَةً بالتأنيث لأن «فيعلا» غير جار على الفعل فكأنه اسم جامد وصف به، أو بتأويل البلد و المكان. و الأناسيّ جمع أنسي أو جمع إنسان على أن أصله أناسين فقلبت النون ياء. و «فعيل» قد يستوي فيه الواحد

(1) المصدر السابق.

(2) رواه البخاري في كتاب الوضوء باب 68. مسلم في كتاب الطهارة حديث 95، 96. الترمذي في كتاب الطهارة باب 51. النسائي في كتاب الطهارة باب 45. الدارمي في كتاب الوضوء باب 45.

أحمد في مسنده (2/ 259، 265).

تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان، ج‏5، ص: 246

و الجمع فلهذا لم يقل و أناسي كثيرين و مثله‏ وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً . أسئلة أوردها جار اللّه مع أجوبتها: الأول: أن إنزال الماء موصوفا بالطهارة و تعليله بالإحياء و السقي يؤذن بأن الطهارة شرط في صحة الإحياء و السقي كما تقول: حملني الأمير على فرس جواد لأصيد به الوحش. الجواب لما كان سقي الأناسي من جملة ما أنزل له الماء وصفه بالطهور إكراما لهم و تتميما للمنة عليهم و إشارة إلى أن من حق استعمال الماء في الباطن و الظاهر أن يكون طاهرا غير مخالط لشي‏ء من القاذورات. قلت: قد قررنا فائدة هذا الوصف بوجه آخر آنفا.

السؤال الثاني: لم خص الأنعام من بين ما خلق من الحيوان المنتفع بالماء؟ الجواب لأن الطير و الوحش تبعد في طلب الماء فلا يعوزها الشرب بخلاف الأنعام، و لأنها قنية الإنسان و عامة منافعه متعلقة بها فسقيها إنعام عليه. الثالث: ما معنى تنكير الأنعام و الأناسي و وصفهم بالكثرة؟ الجواب لأن بعض الأنعام و الأناسي الذين هم بقرب الأودية و الأنهار العظام لا يحتاجون إلى ماء السماء احتياجا بينا، و لمثل هذا نكر البلدة في قوله‏ بَلْدَةً مَيْتاً قوله سبحانه‏ وَ لَقَدْ صَرَّفْناهُ‏ الأكثرون على أن الضمير عائد إلى ما ذكر من الدلائل أي كررنا أحوال الإظلال و ذكر إنشاء السحاب و إنزال المطر في القرآن و في سائر الكتب السماوية ليتفكروا و يعتبروا و يعرفوا حق النعمة فيه و يشكروا، فأبى أكثرهم إلا كفران النعمة و جحودها. و قال آخرون: إنه يرجع إلى أقرب المذكورات و هو المطر أي صرفنا المطر بينهم في البلدان المختلفة و الأوقات المتغايرة و على الصفات المتباينة من وابل و طل و غير ذلك فأبوا إلا كفورا و أن يقولوا: مطرنا بنوء كذا استقلالا. فإن جعلوا الأنواء كالوسائط و الأمارات فلا بأس. و النوء سقوط نجم من المنازل الثمانية و العشرين للقمر في المغرب مع الفجر و طلوع رقيبه و هو نجم آخر في المشرق يقابله من ساعته في كل ليلة إلى ثلاثة عشر يوما و هو أكثر، أو إلى أربعة عشر و هو أقل. و العرب تضيف الأمطار و الحر و البرد إلى الساقط منها أو إلى الطالع. فإذا مضت مدة النوء و لم يحدث شي‏ء من مطر و غيره يقال:

خوى نجم كذا أي سقط و لم يكن عنده أثر علوي. عن ابن عباس: ما من عام أقل مطرا من عام و لكن اللّه عز و جل قسم ذلك بين عباده على ما يشاء و تلا هذه الآية. و يؤيد هذا التفسير تنكير البلدة و الأنعام و الأناسي. قال الجبائي: في قوله‏ لِيَذَّكَّرُوا دليل على أنه تعالى أراد من الكل التذكر و الإيمان. و في قوله‏ فَأَبى‏ أَكْثَرُ النَّاسِ‏ دلالة على أن المكلف له قدرة على الفعل و الترك إذ لا يقال للزمن مثلا إنه أبى أن يسعى. و قال الكعبي: الضمير في‏ بَيْنَهُمْ‏ لكل الناس فيكون الأكثر داخلا في ذلك العام إذ لا يجوز أن يقال: أنزلناه على قريش ليؤمنوا فأبى أكثر بني تميم إلا كفورا. و عند هذا يظهر أنه أراد من جميع المكلفين أن يؤمنوا و يعتبروا و معارضة الأشاعرة معلومة.

تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان، ج‏5، ص: 247

التأويل:

وَ يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ سماء القلب عن غمام البشرية و هو يوم سعادة الطالبين الصادقين، و نزل ملائكة الصفات الروحانية الْمُلْكُ‏ الحقيقي‏ يَوْمَئِذٍ لِلرَّحْمنِ‏ إذ لم يبق غيره و رجع الكل إليه و ذلك مقام الوحدة و الفناء في اللّه و البقاء به:

وَ كانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً إذ لم يبق من صفات النفوس الكافرة و حظوظها أثر و لا عين: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ‏ نفسه و هو المشرك شركا ظاهرا أو خفيا عَلى‏ يَدَيْهِ‏ و الآية حكمها عام في كل متحابين اجتمعا على معصية اللّه تعالى. و عن مالك بن دينار: إنك إن تنقل الحجارة مع الأبرار خير من أن تأكل كل الخبيص مع الفجار. لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ‏ بأن نخلق قلبك بقلب القرآن و كان بذر التوحيد أوقع في قلب النبي صلى اللّه عليه و سلم في سر أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ‏ [الشرح: 1] و كان يتربى بما أنزل عليه بل على قلبه منجما، فلما أورق كان ورقه‏ الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ‏ [الرحمن: 1] فلما أزهر كان زهره‏ فَأَوْحى‏ إِلى‏ عَبْدِهِ ما أَوْحى‏ [النجم: 10] فلما أثمر كانت ثمرته‏ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ‏ [محمد: 19] يُحْشَرُونَ عَلى‏ وُجُوهِهِمْ‏ لأن توجههم إلى أسفل سافلي الطبيعة فيحشرون منكوسين إلى جهنم البعد عن الحضرة أَ لَمْ تَرَ إِلى‏ رَبِّكَ‏ فيه أن نبينا صلى اللّه عليه و سلم رآه و قد قال لموسى‏ لَنْ تَرانِي‏ [الأعراف: 143] و ذلك لبقاء أنانيته‏ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ‏ عالم الأجسام‏ وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً في كتم العدم‏ ثُمَّ جَعَلْنَا شمس عالم الأرواح على وجود ذلك الظل دليلا بأن كانت محركة لها إلى غاياتها المخلوقة هي لأجلها، فعرف من ذلك أنه لو لا الأرواح لم تخلق الأجساد و لم تتكون بالأجسام. و في قوله: ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا إشارة إلى أن كل مركب فإنه سيحل إلى بسائطه إذا حصل على كماله الأخير. و بوجه آخر الظل ما سوى نور الأنوار يستدل به على صانعه الذي هو شمس عالم الوجود و هذا شأن الذاهبين من غيره إليه. و في قوله‏ ثُمَّ جَعَلْنَا إشارة إلى مرتبة أعلى من ذلك و هي الاستدلال به على غيره كقوله:

أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيدٌ [فصلت: 53] و هذه مرتبة الصديقين. و قوله‏ ثُمَّ قَبَضْناهُ‏ كقوله‏ كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ‏ [القصص: 88] أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ و بوجه آخر الظل هو حجاب الذهول و الغفلة و الشمس شمس التجلي المعروفة من أفق العناية عند صباح الهداية: وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ‏ دائما لا يزول و إنما يستدل على الذهول بالعرفان. و في قوله: ثُمَّ قَبَضْناهُ‏ إشارة إلى أن الكشف التام يحصل بالتدريج عند انقضاء مدة التكليف.

ثم بين حكمة الإظلال بقوله: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ‏ ليلة البشرية لِباساً كيلا تحترقوا بدوام شمس تجلي الربوبية، و جعل ليوم الغفلة راحة بعد سطوة التجلي، و جعل نهار العرفان نشورا أي حياة بنور الربوبية وَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ‏ رياح الإشراق على قلوب الأحباب فتزعجها عن المساكنات عند الستر فلا تستقر إلا بالكشف و التجلي‏ وَ أَنْزَلْنا من سماء

تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان، ج‏5، ص: 248

الكرم‏ ماءً حياة العرفان الذي يطهر قلوب المشتاقين عن الجنوح إلى المساكنات و ما يتداخلها في بعض الأوقات من الغفلات‏ لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً القلوب الميتة عن نور اللّه بنور اللّه‏ وَ نُسْقِيَهُ‏ من جملة مخلوقاتنا من هو على طبع الأنعام لغلبة الصفات الحيوانية عليه فيسقي زرع إيمانه بماء الرحمة و الذكر كما

قال صلى اللّه عليه و سلم‏ «لا إله إلا اللّه تنبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء البقلة»

و نسقيه من الأنس من سكن إلى رياض الأنس يفطمه به عن مراضع الإنسانية إلى المشارب الروحانية، و يطهره عن وصمة الملاحظات و يذيقه طعم المكاشفات.

وَ لَقَدْ صَرَّفْناهُ‏ الذي هو ماء حياة القلوب بينهم‏ لِيَذَّكَّرُوا به أيام جوار الحق و أوطانهم الحقيقية فَأَبى‏ أَكْثَرُ الناسين تلك المعاهدة و المشاهدة إِلَّا كُفُوراً بنعمة القرآن و ما عرفوا قدرها و اللّه المستعان و إليه المآب.

[سورة الفرقان (25): الآيات 51 الى 77]

وَ لَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً (51) فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ جاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً (52) وَ هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَ جَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَ حِجْراً مَحْجُوراً (53) وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً (54) وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَ لا يَضُرُّهُمْ وَ كانَ الْكافِرُ عَلى‏ رَبِّهِ ظَهِيراً (55)

وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً (56) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى‏ رَبِّهِ سَبِيلاً (57) وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَ كَفى‏ بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (58) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (59) وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَ مَا الرَّحْمنُ أَ نَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَ زادَهُمْ نُفُوراً (60)

تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَ جَعَلَ فِيها سِراجاً وَ قَمَراً مُنِيراً (61) وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (62) وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (63) وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً (64) وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (65)

إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً (66) وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (67) وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (68) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (69) إِلاَّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70)

وَ مَنْ تابَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (71) وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (72) وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً (73) وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (74) أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً (75)

خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً (76) قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً (77)

تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان، ج‏5، ص: 249

القراآت:

ملح بفتح الميم و كسر اللام كحذر أو لأنه مقصور مالح و كذلك في «فاطر»: قتيبة يأمرنا على الغيبة: حمزة و علي سرجا بضمتين: حمزة و علي و خلف.

أَنْ يَذَّكَّرَ من الذكر: حمزة و خلف. يَقْتُرُوا بضم التاء: حمزة و علي و خلف و عاصم سوى المفضل، و بضم الياء و كسر التاء من الإقتار: أبو جعفر و نافع و ابن عامر و المفضل.

الباقون بفتح الياء و كسر التاء. يُضاعَفْ‏ وَ يَخْلُدْ بالرفع فيهما من المضاعفة و من الخلود: أبو بكر و حماد مثله، و لكن يخلد مجهولا من الإخلاد: المفضل يضاعف بالتشديد و الرفع‏ وَ يَخْلُدْ بالرفع من الخلود: ابن عامر مثله و لكن بالجزم فيهما: ابن كثير و يعقوب و زيد. الآخرون كالأول و لكن بالجزم فيهما. فيهي بإشباع الكسرة: ابن كثير و حفص: يبدل من الإبدال: البرجمي و ذريتنا على التوحيد: أبو عمرو و علي و خلف و عاصم و المفضل: وَ يُلَقَّوْنَ‏ بفتح الياء و سكون اللام و تخفيف القاف من اللقاء: حمزة و علي و خلف و عاصم سوى حفص و المفضل. الباقون بضم الياء و فتح اللام و تشديد القاف من باب التفعيل.

الوقوف:

نَذِيراً ه و الوصل أولى للفاء كَبِيراً ه‏ أُجاجٌ‏ ج لعطف الجملتين المتفقتين مع العارض‏ مَحْجُوراً ه‏ وَ صِهْراً ه‏ قَدِيراً ه‏ وَ لا يَضُرُّهُمْ‏ ط ظَهِيراً ه‏ وَ نَذِيراً ه‏ سَبِيلًا ه‏ بِحَمْدِهِ‏ ط خَبِيراً ه ج لأن الذي يصلح صفة للحي و الوقف على العرش على تقدير هو الرحمن إذ لا وقف عليه أيضا بناء على أن‏ الرَّحْمنُ‏ بدل من المستتر في‏ اسْتَوى‏ و يصلح أن يكون‏ الَّذِي‏ مبتدأ و الرَّحْمنُ‏ خبره‏ خَبِيراً ه‏ وَ مَا الرَّحْمنُ‏ ه قد قيل: و لا وجه له لأن الكل مقول قالوا نُفُوراً ه سجدة مُنِيراً ه‏ شُكُوراً ه‏ سَلاماً ه‏ وَ قِياماً ه‏ جَهَنَّمَ‏ ق قد قيل: و الوصل أولى لاتحاد القائل‏ غَراماً ه كذلك‏ وَ مُقاماً ه‏ قَواماً ه‏ وَ لا يَزْنُونَ‏ ج للشرط مع واو العطف‏ أَثاماً ه لمن قرأ يُضاعَفْ‏ بالرفع على الاستئناف دون الجزم على إبدال الجملة من الجملة لتقارب معنييهما مُهاناً ه لا و قد يوقف على جعل إلا بمعنى «لكن»

تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان، ج‏5، ص: 250

و الوصل أولى لأن «لكن» تقتضي الوصل أيضا حَسَناتٍ‏ ط رَحِيماً ه‏ مَتاباً ه‏ الزُّورَ ه لا كِراماً ه‏ وَ عُمْياناً ه‏ إِماماً ه‏ وَ سَلاماً ه لا لاتصال الحال‏ فِيها ط وَ مُقاماً ه‏ دُعاؤُكُمْ‏ ج لاختلاف الجملتين‏ لِزاماً ه.

التفسير:

صفحه بعد