کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير كتاب الله العزيز

الجزء الرابع

تفسير سورة ص و هي مكية كلها تفسير سورة الزمر، و هي مكية كلها تفسير سورة المؤمن، و هي مكية كلها تفسير سورة حم السجدة، و هي مكية كلها تفسير سورة حم عسق، و هي مكية كلها تفسير سورة الزخرف، و هي مكية كلها تفسير سورة الدخان، و هي مكية كلها تفسير سورة الجاثية، و هي مكية كلها تفسير سورة الأحقاف، و هي مكية كلها تفسير سورة محمد صلى الله عليه و سلم، و هي مدنية كلها تفسير سورة الفتح، و هي مدنية كلها تفسير سورة الحجرات، و هي مدنية كلها تفسير سورة ق، و هي مكية كلها تفسير سورة الذاريات، و هي مكية كلها تفسير سورة الطور، و هي مكية كلها تفسير سورة النجم، و هي مكية كلها تفسير سورة اقتربت الساعة، و هي مكية كلها تفسير سورة الرحمن، و هي مكية كلها تفسير سورة الواقعة، و هي مكية كلها تفسير سورة الحديد، و هي مدنية كلها تفسير سورة المجادلة، و هي مدنية كلها تفسير سورة الحشر، و هي مدنية كلها تفسير سورة الممتحنة، و هي مدنية كلها تفسير سورة الصف، و هي مدنية كلها تفسير سورة الجمعة، و هي مدنية كلها تفسير سورة المنافقون، و هي مدنية كلها تفسير سورة التغابن، و هي مدنية كلها تفسير سورة الطلاق، و هي مدنية كلها تفسير سورة التحريم، و هي مدنية كلها تفسير سورة الملك، و هي مكية كلها تفسير سورة ن، و هي مكية كلها تفسير سورة الحاقة، و هي مكية كلها تفسير سورة سأل سائل، و هي مكية كلها تفسير سورة نوح، و هي مكية كلها تفسير سورة الجن، و هي مكية كلها تفسير سورة المزمل، و هي مكية كلها تفسير سورة المدثر، و هي مكية كلها تفسير سورة القيامة، و هي مكية كلها تفسير سورة الإنسان، و هي مكية كلها تفسير سورة المرسلات، و هي مكية كلها تفسير سورة عم يتساءلون، و هي مكية كلها تفسير سورة النازعات، و هي مكية كلها تفسير سورة عبس، و هي مكية كلها تفسير سورة إذا الشمس كورت(1)، و هي مكية كلها تفسير سورة إذا السماء انفطرت، و هي مكية كلها تفسير سورة المطففين، و هي مكية كلها تفسير سورة الانشقاق و هي مكية كلها تفسير سورة و السماء ذات البروج و هي مكية كلها تفسير سورة و الطارق، و هي مكية كلها تفسير سورة سبح اسم ربك، و هي مكية كلها تفسير سورة الغاشية، و هي مكية كلها تفسير سورة الفجر، و هي مكية كلها تفسير سورة لا أقسم بهذا البلد، و هي مكية كلها تفسير سورة و الشمس و هي مكية كلها تفسير سورة و الليل إذا يغشى، و هي مكية كلها تفسير سورة و الضحى، و هي مكية كلها تفسير سورة أ لم نشرح، و هي مكية كلها تفسير سورة التين، و هي مكية كلها تفسير سورة اقرأ باسم ربك، و هي مكية كلها تفسير سورة القدر، و هي مكية كلها تفسير سورة لم يكن، و هي مكية كلها تفسير سورة إذا زلزلت، و هي مدنية تفسير سورة و العاديات، و هي مكية كلها، و قيل: إنها مدنية تفسير سورة القارعة، و هي مكية كلها تفسير سورة ألهاكم، و هي مكية كلها تفسير سورة و العصر، و هي مكية كلها تفسير سورة الهمزة، و هي مكية كلها تفسير سورة الفيل، و هي مكية كلها تفسير سورة قريش، و هي مكية كلها تفسير سورة أ رأيت الذي، و هي مكية كلها تفسير سورة الكوثر، و هي مكية كلها تفسير سورة الكافرين، و هي مكية كلها تفسير سورة إذا جاء نصر الله، و هي مدنية كلها تفسير سورة تبت يدا، و هي مكية كلها تفسير سورة الإخلاص، و هي مكية كلها تفسير سورة الفلق، و هي مكية كلها تفسير سورة الناس، و هي مكية كلها فهرس الجزء الرابع

تفسير كتاب الله العزيز


صفحه قبل

تفسير كتاب الله العزيز، ج‏3، ص: 273

[الزمر: 16] قال: وَ يَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ (55): أي ثواب ما كنتم تعملون في الدنيا.

قوله: يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ: [قال بعضهم: (إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ) قال: إذا عمل فيها بالمعاصي فاخرجوا منها. و قال مجاهد: فهاجروا و جاهدوا] «1» .

و قال بعضهم: أمرهم بالهجرة و أن يجاهدوا في سبيل اللّه، يهاجروا إلى المدينة، ثمّ يجاهدوا إذا أمروا بالجهاد.

قوله: فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ‏ (56): أي في تلك الأرض التي أمرتكم أن تهاجروا إليها، يعني المدينة، نزلت هذه الآية بمكّة قبل الهجرة.

قوله: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ: كقوله: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ‏ (15) [المؤمنون: 15] قال اللّه: ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ‏ (57): أي يوم القيامة.

قوله: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ: أي لنسكننّهم‏ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها: لا يموتون و لا يخرجون منها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ‏ (58): أي نعم ثواب العاملين في الدنيا، يعني الجنّة.

قال: الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ‏ (59).

قوله: وَ كَأَيِّنْ: أي و كم‏ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا: أي تأكل بأفواهها و لا تحمل شيئا لغد. قال مجاهد: يعني البهائم و الطير و الوحوش و السباع‏ اللَّهُ يَرْزُقُها وَ إِيَّاكُمْ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‏ (60): أي لا أسمع منه و لا أعلم.

قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ: يعني المشركين‏ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ يجريان‏ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ‏ (61): أي فكيف تصرفون عقولكم بعد إقراركم‏ «2» بأنّ اللّه واحد، و أنّه خالق هذه الأشياء.

قوله: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ: أي يوسّع الرزق لمن يشاء من عباده‏ وَ يَقْدِرُ لَهُ: أي و يقتر عليه نظرا له، يعني المؤمنين‏ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ‏ (62): كقوله:

(1) زيادة من سح ورقة 77 و القول الأوّل لسعيد بن جبير.

(2) كذا في ب و ع. و في سح ورقة 77 و في سع: «فكيف يصرفون بعد إقرارهم»، و هو أصحّ.

تفسير كتاب الله العزيز، ج‏3، ص: 274

(وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) أي: و لو لا أن يجتمعوا على الكفر (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ ...) إلى آخر الآية [الزخرف: 33].

ذكروا عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: لو كانت الدنيا تعدل عند اللّه جناح ذبابة أو بعوضة ما أعطى الكافر منها شيئا «1» . ذكروا عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «الدنيا سجن المؤمن، و هي جنّة الكافر» «2» .

قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ: يعني المشركين‏ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً: يعني المطر فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها: أي فأخرج به النبات بعد أن كانت تلك الأرض ميتة، أي: يابسة ليس فيها نبات‏ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ‏ (63): أي فيؤمنون. أي: إنّهم قد أقرّوا أنّ اللّه خالق هذه الأشياء، ثمّ عبدوا الأوثان من دونه.

قوله: وَ ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَ لَعِبٌ: أي أهل الدنيا أهل لهو و لعب، يعني المشركين و المنافقين هم أهل الدنيا الذين لا يريدون غيرها، أي: لا يقرّون بالآخرة. وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ: أي الجنّة لَهِيَ الْحَيَوانُ‏ «3» : أي يبقى أهلها لا يموتون. قال اللّه: لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ‏ (64): أي المشركون، لعلموا أنّ الآخرة خير من الدنيا.

(1) حديث صحيح أخرجه الترمذيّ عن سهل بن سعد مرفوعا، و أخرجه ابن ماجه أيضا عنه في كتاب الزهد، باب مثل الدنيا (رقم 4110) و أخرجه الحسن مرسلا. و لفظه: «لو كانت الدنيا تزن عند اللّه جناح بعوضة ما سقى كافرا منها قطرة ماء».

(2) حديث صحيح أخرجه مسلم و غيره عن أبي هريرة، و انظر ما سلف، ج 1 ص 552.

(3) قال أبو عبيدة في المجاز، ج 2 ص 117: «و مجاز الحيوان و الحياة واحد. و منه قولهم: نهر الحيوان، أي: نهر الحياة، و يقال: حييت حيّا، على تقدير: عييت عيّا. فهو مصدر، و الحيوان و الحياة اسمان منه فيما تقول العرب، قال العجاج:

و قد ترى إذ الحياة حيّ أي: الحياة».

و قال الزمخشريّ في الكشّاف، ج 3 ص 493: «... و في بناء الحيوان زيادة معنى ليس في بناء الحياة، و هي ما في بناء فعلان من معنى الحركة و الاضطراب ... مجيئه على بناء دالّ على معنى الحركة مبالغة في معنى الحياة، و لذلك اختيرت على الحياة في هذا الموضع المقتضي للمبالغة».

تفسير كتاب الله العزيز، ج‏3، ص: 275

قوله: فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ: أي إذا خافوا الغرق‏ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ: و قال في آية أخرى: * أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً [إبراهيم: 28]. قال: وَ لِيَتَمَتَّعُوا: أي في الدنيا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ‏ (66): أي إذا صاروا إلى النار. و هذا وعيد.

قوله: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً: أي بلى قد رأوا ذلك‏ وَ يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ: يعني أهل الحرم، إنّهم آمنون، و العرب حولهم يقتل بعضهم بعضا و يسبي بعضهم بعضا. قال اللّه: أَ فَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ: أفبإبليس يؤمنون، أي: يصدّقون، أي: يعبدونه بما وسوس إليهم من عبادة الأوثان، و هي عبادته. قال في آية أخرى: * أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَ أَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ‏ (61)

[يس: 60- 61]. قال: وَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ‏ (67): و هذا على الاستفهام، أي: قد فعلوا.

قوله: (وَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) يعني ما جاء به النبيّ عليه السّلام من الهدى.

قال: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً: فعبد الأوثان دونه‏ أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ: أي بالقرآن‏ لَمَّا جاءَهُ: أي لا أحد أظلم منه، ثمّ قال: أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ‏ (68): و هو على الاستفهام، أي: بلى فيها مثوى للكافرين.

قوله: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا: [يعني عملوا لنا] «1» لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا: أي سبيل الهدى، أي: الطريق إلى الجنّة. نزلت قبل أن يؤمر بالجهاد، ثمّ أمر بالجهاد بعد بالمدينة. قال اللّه:

وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ‏ (69): أي المؤمنين.

(1) زيادة من سح ورقة 111.

تفسير كتاب الله العزيز، ج‏3، ص: 276

تفسير سورة الروم و هي مكّيّة كلّها

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

قوله: الم‏ (1): قد فسّرناه في أوّل سورة البقرة.

قوله: غُلِبَتِ الرُّومُ‏ (2): أي قد غلبتهم فارس‏

فِي أَدْنَى الْأَرْضِ: أي في أدنى الروم، بأذرعات من الشام، بها كانت الوقعة. فلمّا بلغ ذلك أهل مكّة شمتوا أن غلب إخوانهم أهل الكتاب. و كان المسلمون يعجبهم أن يظهر الروم على فارس، لأنّ الروم أهل كتاب. و كان مشركو العرب يعجبهم أن يظهر المجوس على أهل الكتاب.

قال اللّه: وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ‏ (3): يعني الروم، من بعد ما غلبتهم فارس سيغلبون فارس.

فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ‏ أن يهزم الروم‏ وَ مِنْ بَعْدُ ما هزمت. وَ يَوْمَئِذٍ: أي يغلب الروم فارس‏ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ‏ (5).

قال أبو بكر للمشركين: لم تشمتون، فو اللّه ليظهرنّ الروم على فارس إلى ثلاث سنين، فقال أبيّ بن خلف: أنا أبايعك ألّا تظهر الروم على فارس إلى ثلاث سنين. فتبايعا على خطر «1» سبع من الإبل. ثمّ رجع أبو بكر إلى النبيّ عليه السّلام فأخبره. فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: اذهب فبايعهم إلى سبع سنين، مدّ في الأجل و زد في الخطر.

و لم يكن حرّم ذلك يومئذ؛ و إنّما حرّم القمار، و هو المسير، و الخمر بعد غزوة الأحزاب.

فرجع أبو بكر إليهم فقال: اجعلوا الوقت إلى سبع سنين و أزيدكم في الخطر. ففعلوا، فزاد في الخطر ثلاثا فصارت عشرا من الإبل، و في السنين أربعا، فكانت السنون سبعا، و وقع الخطر على يدي أبي بكر «2» .

(1) أي: تعاقدا و تعاهدا على خطر، و هو المقدار من المال أو أيّ شي‏ء آخر يجعل بين المتراهنين فمن غلب و سبق فهو له دون صاحبه، و يسمّى أيضا السبق (بفتح السين و الباء معا).

(2) قصّة أبي بكر رضي اللّه عنه مع المشركين أوردها ابن جرير الطبريّ في تفسيره، ج 21 ص 16- 19 عن ابن عبّاس و أوردها الترمذيّ و غيره عن نيار بن مكرم الأسلميّ بألفاظ متقاربة، و في بعض ألفاظ الحديث:-

تفسير كتاب الله العزيز، ج‏3، ص: 277

فلمّا مضت ثلاث سنين قال المشركون: قد مضى الوقت، و قال المسلمون: هذا قول ربّنا، و تبليغ نبيّنا، و البضع ما بين الثلاث إلى التّسع‏ «1» ما لم يبلغ العشر، و الموعود كائن.

فلمّا كان تمام سبع سنين ظهرت الروم على فارس، و كان اللّه وعد المؤمنين إذا غلبت الروم فارس أظهرهم اللّه على المشركين، فظهرت الروم على فارس و المؤمنون على المشركين في يوم واحد، و هو يوم بدر، و فرح المسلمون بذلك، و صدق اللّه قولهم و قول رسوله، و هو قوله:

(وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ). قال: وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ‏ (6). ذكروا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: إذا مات كسرى فلا كسرى بعده و إذا مات قيصر فلا قيصر بعده‏ «2» . يعني ملك الروم بالشام.

ذكروا عن عتبة بن نافع أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: تقاتلون جزيرة العرب فيفتح اللّه عليكم و تقاتلون الدجّال فيفتح اللّه عليكم‏ «3» فكان عتبة بن نافع يحلف باللّه لا يخرج الدجّال حتّى تفتح الروم.

قال: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا: أي حين نتاجهم و حين زروعهم و حصادهم‏ «4» و تجارتهم. بعض هذا تفسير الحسن و بعضه تفسير الكلبيّ.

ذكروا عن موسى بن عليّ عن أبيه قال: كنت عند عمرو بن العاص بالإسكندريّة إذ قال رجل من القوم: زعم جسطال‏ «5» هذه المدينة أنّ القمر يخسف به الليلة، فقال رجل: كذب هذا،

- «... إنّما البضع ما بين الثلاث إلى التسع، فزايده في الخطر، و مادّه في الأجل».

(1) في ب و ع: «البضع ما بين الثلاث إلى السبع»، و الصواب ما جاء في سع و سح: «إلى التسع».

(2) حديث متّفق عليه، انظر تخريجه فيما سلف، ج 1، تفسير الآية 27 من سورة آل عمران. و الجملة الأخيرة من يحيى بن سلّام كما في سح.

(3) كذا في ب و ق، و في سح ورقة 81 ورد الحديث أوفى بالسند التالي: «و حدّثني شريك بن عبد اللّه عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن عتبة بن نافع قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: تقاتلون فارس فيفتح اللّه عليكم، و تقاتلون جزيرة العرب فيفتح اللّه عليكم، و تقاتلون الروم فيفتح اللّه عليكم، و تقاتلون الدجال فيفتح اللّه عليكم ...».

(4) في ب و ع: «و صناعتهم بل: و حصادهم»، و أثبتّ ما رأيته مناسبا كما وردت الكلمة في سع و سح.

(5) وردت هذه اللفظة في ع هكذا: «جسطلل»، و في سح: «جسطال»، و على الهامش: «الحاسب» كأنّه شرح-

تفسير كتاب الله العزيز، ج‏3، ص: 278

يعلمون ما في الأرض فكيف يعلمون ما في السماء؟ فقال عمرو: بلى‏ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ‏ [لقمان: 34] و ما سوى ذلك يعلمه قوم و يجهله آخرون.

ذكروا عن الحسن أنّه قال: أضلّ رجل من المسلمين ناقته فذهب في طلبها. فلقى به رجلا من المشركين فأنشدها إيّاه‏ «1» فقال: أ لست مع هذا الذي يزعم أنّه نبيّ، أ فلا تأتيه فيخبرك بمكان راحلتك. فمضى الرجل قليلا فردّ اللّه عليه راحلته. فجاء إلى النبيّ عليه السّلام فأخبره فقال: فما قلت له؟ فقال الرجل: و ما عسيت أن أقول لرجل من المشركين مكذّب باللّه. قال: أ فلا قلت له:

إنّ الغيب لا يعلمه إلّا اللّه، و أنّ الشمس لا تطلع إلّا بزيادة أو نقصان‏ «2» .

قوله: وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ‏ (7): يعني المشركين. أي: لا يقرّون بها؛ إنّما هم عنها في غفلة، كقوله: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ‏ أي: غطاء الكفر فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) [سورة ق: 22]. أبصر حين لم ينفعه البصر.

قوله: أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ: أي للبعث و الحساب. أي: لو تفكّروا في خلق السماوات و الأرض لعلموا أنّ الذي خلقهما يبعث الخلق يوم القيامة. قال: وَ أَجَلٍ مُسَمًّى: يعني يوم القيامة. أي: خلق اللّه السماوات و الأرض للقيامة، ليجزي الناس بأعمالهم. و القيامة اسم جامع يجمع النفختين جميعا:

الأولى و الآخرة.

قال: وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ: يعني المشركين، و هم أكثر الناس‏ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ‏ (8).

قوله: أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ

- لها. و لم أجد الكلمة في معرّب الجواليقي و لا في المعاجم التي بين يديّ حتّى أتحقّق من أصلها و من معناها.

و هي معرّبة و لا شكّ.

(1) في سح ورقة 81 و في ع: «فأنشدها إيّاه»، و في سع: «فأنشده إيّاها»، يقال: نشد ضالّته نشدة و نشدانا، أي:

طلبها، و أنشدها إيّاه، أي عرّفها إيّاه ناشدا لها.

(2) لم أعثر على هذه القصّة فيما بحثت من مصادر التفسير و الحديث.

تفسير كتاب الله العزيز، ج‏3، ص: 279

مِنْهُمْ قُوَّةً: [يعني بطشا] «1» ، وَ أَثارُوا الْأَرْضَ: أي حرثوها وَ عَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها: أي أكثر ممّا عمرها هؤلاء وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ: [يعني كفّار الأمم الخالية الذين كذّبوا في الدنيا. يقول: لم يظلمهم فيعذّبهم على غير ذنب‏] «2» وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏ (9): أي يضرّون بكفرهم و تكذيبهم. و قال بعضهم: ينقضون. أي: قد ساروا في الأرض و رأوا آثار الذين من قبلهم؛ يخوّفهم أن ينزل بهم ما نزل بهم إن لم يؤمنوا.

قال: ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ: أي جزاء الَّذِينَ أَساؤُا: أي أشركوا السُّواى‏: أي جهنّم‏ أَنْ كَذَّبُوا: أي بأن كذّبوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ‏ (10). قال الحسن: يعني بالسوأى: العذاب، أي: في الدنيا و الآخرة.

قوله: اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ: يعني البعث‏ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏ (11): أي يوم القيامة.

قوله: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ‏ (12): أي ييأس المشركون‏ «3» ، أي: من الجنّة.

قوله: وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ: أي الذين عبدوا من دون اللّه‏ شُفَعاءُ حتّى لا يعذّبوا وَ كانُوا بِشُرَكائِهِمْ: يعني ما عبدوا، بعبادتهم إيّاهم‏ كافِرِينَ‏ (13).

قوله: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ‏ (14): أي فريق في الجنّة و فريق في السعير.

قال: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ‏ (15):

كقوله: فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ‏ [الشورى: 22]، و الروضة الخضرة، أي: يكرمون، في تفسير الحسن، و في تفسير الكلبيّ: (يُحْبَرُونَ) أي: يفرحون‏ «4» .

(1) زيادة من ز، ورقة 262، و من سح ورقة 28.

(2) زيادة من ز، ورقة 263، و من سح ورقة 28.

(3) قال أبو عبيدة في المجاز، ج 2 ص 120: « (يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) أي: يتندّمون و يكتئبون و ييأسون». و قال الفرّاء في المعاني، ج 2 ص 322: «ييأسون من كلّ خير، و ينقطع كلامهم و حججهم».

صفحه بعد