کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب


صفحه قبل

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 26

و بإسناده‏ «1» الى هشام بن الحكم‏ ، أنه سأل أبا عبد اللّه- عليه السلام- عن أسماء اللّه- عز و جل- و اشتقاقها. فقال: «اللّه» هو مشتق من «اله». و «اله» يقتضى مألوها. و الاسم غير المسمى. فمن عبد الاسم دون المعنى، فقد كفر. و لم يعبد شيئا.

و من عبد الاسم و المعنى، فقد أشرك و عبد اثنين. و من عبد المعنى دون الاسم فذلك التوحيد. أ فهمت يا هشام؟

قال: قلت: زدني.

قال: للّه- عز و جل- تسعة و تسعون اسما. فلو كان الاسم هو المسمى، لكان كل اسم منها هو إلها، و لكن اللّه- عز و جل- معنى يدل عليه هذه الأسماء. و كلها غيره.

يا هشام! الخبز، اسم للمأكول. و الماء، اسم للمشروب. و الثوب، اسم للملبوس. و النار، اسم للمحرق. أ فهمت يا هشام؟ فهما تدفع به و تنافر به أعداءنا و الملحدين في اللّه و المشركين مع اللّه- عز و جل- غيره؟

قلت: نعم.

قال: نفعك اللّه به. و ثبتك يا هشام.

قال هشام: فواللّه ما قهرني أحد في التوحيد [حينئذ] «2» ، حتى قمت مقامي هذا.

و بإسناده‏ «3» الى عبد الأعلى، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام- حديث طويل- قال- عليه السلام- في آخره‏ : و اللّه يسمى بأسمائه. و هو «4» غير أسمائه. و الأسماء

(1) نفس المصدر/ 221، ح 13.

(2) يوجد في المصدر.

(3) نفس المصدر/ 143- 142، ح 7.

(4) المصدر: فهو.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 27

غيره.

و فيه: و اسم اللّه، غير اللّه. و كل شي‏ء وقع عليه اسم شي‏ء، فهو مخلوق، ما خلا اللّه.

و بإسناده‏ «1» الى الحسن بن راشد، عن أبي الحسن، موسى بن جعفر- عليهما السلام- قال‏ : سألته عن معنى «اللّه».

قال: استولى على ما دقّ و جلّ.

و في كتاب معاني الأخبار «2» ، بإسناده الى أبي إسحاق الخزاعي، عن أبيه، قال‏ : دخلت مع أبي عبد اللّه- عليه السلام- على بعض مواليه، يعوده. فرأيت الرجل يكثر من قول «آه».

فقلت له: يا اخي، أذكر ربك، و استغث به.

فقال أبو عبد اللّه- عليه السلام: ان «آه»، اسم من اسماء اللّه- عز و جل.

فمن قال «آه»، فقد استغاث باللّه- تبارك و تعالى) «3» .

(و في تهذيب الأحكام‏ «4» : محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن حماد بن زيد، عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي، عن أبى عبد اللّه، عن أبيه- عليهما السلام- قال‏ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، أقرب الى اسم اللّه الأعظم من ناظر العين الى بياضها.

(1) نفس المصدر/ 230، ح 4.

(2) معاني الاخبار/ 336، ح 1.

(3) ما بين القوسين ليس في أ.

(4) تهذيب الأحكام 2/ 289، ح 1159، مجمع البيان 1/ 18، عيون الاخبار 2/ 5 و تفسير البرهان نقلا عن التهذيب 1/ 41.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 28

و في مهج الدعوات‏ «1» : باسنادنا الى محمد بن الحسن الصفار، من كتاب فضل الدعاء، بإسناده الى معاوية بن عمار، عن الصادق- عليه السلام- أنه قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ من‏ «2» اسم اللّه الأكبر. و قال: الأعظم.

و برواية ابن عباس‏ «3» ، قال- صلى اللّه عليه و آله‏ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ اسم من أسماء اللّه الأكبر. و ما بينه و بين اسم اللّه الأكبر، الا كما بين سواد العين و بياضها) «4» .

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ : صفتان للمبالغة. من «رحم»، بالضم. كالغضبان من غضب. و العليم من علم، بعد نقله الى فعل. و هي انعطاف‏ «5» للقلب. يصير سبب الإحسان. و منه الرحم، لانعطافها على ما فيها.

و أسماء اللّه تعالى، تؤخذ باعتبار الغايات التي هي الأفعال دون المبادئ التي هي الانفعالات.

في نهج البلاغة «6» : رحيم لا يوصف بالرقّة.

و في كتاب الأهليلجة «7» : قال الصادق- عليه السلام- : ان الرحمة و ما يحدث لنا، منها شفقة و منها جود. و ان رحمة اللّه، ثوابه لخلقه. و الرحمة من العباد شيئان:

أحدهما: يحدث في القلب الرأفة و الرقّة، لما يرى بالمرحوم من الضرر و الحاجة و ضروب البلاء.

(1) مهج الدعوات/ 317.

(2) ليس في المصدر.

(3) نفس المصدر/ 319.

(4) ما بين القوسين في «ر» و «أ».

(5) ر: و هي بالضم. و الرحمة انعطاف ...

(6) نهج البلاغة، ط/ 179.

(7) بحار الأنوار 3/ 169.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 29

و الاخر: ما يحدث منا بعد «1» الرأفة و اللطف على المرحوم. و الرحمة منا بما نزلت به.

و قد يقول القائل: أنظر الى رحمة فلان، و انما يريد الفعل الذي أحدث‏ «2» عن الرأفة «3» التي في قلب فلان. و انما يضاف الى اللّه- عز و جل- من فعل «ما عنى» «4» من هذه الأشياء.

و أما المعنى الذي في‏ «5» القلب، فهو منفي عن اللّه. كما وصف عن نفسه فهو رحيم، لا رحمة «6» رقّة.

و في‏ الرَّحْمنِ‏ من المبالغة، ما ليس في‏ الرَّحِيمِ‏ ، لأن زيادة البناء يكون لزيادة المعنى، كما يكون للإلحاق و التزيين. و يكون ذلك باعتبار الكمية أو الكيفية.

فعلى الأول: يقال: رحمان الدنيا، لأنه يعم المؤمن و الكافر. و رحيم الاخرة، لأنه يخص المؤمن.

و على الثاني: رحمن الدنيا و الاخرة و رحيم الدنيا، لأن النعم الأخروية، كلها جسام.

و أما الدنيوية فجليلة و حقيرة و قدم. و القياس يقتضي الترقّي من الأدنى الى الأعلى، لأنه صار كالعلم، من حيث أنه لا يوصف به غيره.

(1) أ: يحدث منا ما بعد الرأفة. المصدر: ما يحدث منا من بعد الرأفة.

(2) المصدر: حدث.

(3) المصدر: الرقة.

(4) أ: ما حدث بحال. المصدر: ما حدث عنا.

(5) المصدر: هو في.

(6) أ: ليس للرحمة في.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 30

أو، لأن‏ الرَّحْمنِ‏ لما دل على أصول النعم، ذكر الرَّحِيمِ‏ ليشمل ما يخرج منها، فيكون كالتتمة له.

أو، للمحافظة على رؤوس الآي.

أو، لتقدم نعم الدنيا.

أو، لما ذهب اليه الصوفية، من أن الرحمة هي الوجود.

فان اعتبرت من حيث وحدتها و إطلاقها، نظرا الى وحدتها، اشتق منه‏ الرَّحْمنِ‏ .

و ان اعتبرت من حيث تخصصها و تخصصها باعتبار متعلقاتها، اشتق منه‏ الرَّحِيمِ‏ .

و لا شك أن الحيثية الأولى متقدمة على الثانية. و هو غير منصرف، حملا على نظيره في بابه، و ان منع اختصاصه باللّه، أن يكون له مؤنث على فعلى أو فعلانة.

(و في مجمع البيان‏ «1» : و روى أبو سعيد الخدري عن النبي- صلى اللّه عليه و آله‏ -: ان عيسى بن مريم قال: الرَّحْمنِ‏ ، رحمن الدنيا. و الرَّحِيمِ‏ ، رحيم الاخرة.

و روى عن الصادق- عليه السلام- : الرَّحْمنِ‏ اسم خاص، بصفة عامة.

و الرَّحِيمِ‏ اسم عام، بصفة خاصة.

و في عيون الأخبار «2» : بإسناده عن الرضا- عليه السلام- انه قال‏ في دعائه:

رحمن الدنيا و الاخرة و رحيمهما. صل على محمد و آل محمد.

و في شرح الآيات الباهرة: و ذكر في تفسير الامام الحسن العسكري- عليه السلام‏ «3» - قال‏ : و تفسير قوله- عز و جل- الرَّحْمنِ‏ ، أن‏ الرَّحْمنِ‏ مشتق من الرحمة.

و قال: قال أمير المؤمنين- صلوات اللّه عليه-: سمعت رسول اللّه- صلى‏

(1) مجمع البيان 1/ 21.

(2) عيون الاخبار 2/ 16، 37 ح.

(3) تفسير العسكري/ 17.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 31

اللّه عليه و آله- يقول‏ : قال اللّه تعالى: أنا الرحمن. و هي من‏ «1» الرحم. شققت لها أسماء من اسمي. من وصلها وصلته. و من قطعها بتتّه‏ «2» . ثم قال أمير المؤمنين- عليه السلام-: ان الرحم التي اشتقها اللّه تعالى من اسمه‏ «3» بقوله «أنا الرحمن»، هي رحم محمد «4» - صلى اللّه عليه و آله-. و ان من إعظام اللّه، إعظام محمد- صلى اللّه عليه و آله- و ان من إعظام محمد- صلى اللّه عليه و آله-، إعظام رحم محمد.

و ان كل مؤمن و مؤمنة من شيعتنا، هو من رحم محمد «5» . و ان إعظامهم من إعظام محمد- صلى اللّه عليه و آله-. فالويل لمن استخف بشي‏ء من «حرمة رحم محمد- صلى اللّه عليه و آله» «6» -. و طوبى لمن عظم حرمته و أكرم رحمه، و وصلها.

و قال الامام- عليه السلام: و أما قوله: الرَّحِيمِ‏ ، فان أمير المؤمنين- عليه السلام- قال: رحيم بعباده المؤمنين. و من رحمته أنه خلق مائة رحمة و جعل منها رحمة واحدة في الخلق كلهم. فبها تتراحم الناس، و ترحم الوالدة ولدها «7» ، و تحن الأمهات من الحيوان على أولادها. فإذا كان يوم القيامة، أضاف هذه الرحمة الواحدة «8» الى تسع و تسعين رحمة، فيرحم بها أمة محمد- صلى اللّه عليه و آله- ثم يشفعهم فيمن يحبون له الشفاعة من أهل الملة، حتى أن الواحد ليجي‏ء الى مؤمن‏

(1) ليس في المصدر.

(2) المصدر: قطعته.

(3) المصدر: رحمته.

(4) المصدر: آل محمد.

(5) أيضا.

(6) المصدر: حرمته.

(7) المصدر: لولدها.

(8) ليس في المصدر.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 32

من الشيعة، فيقول له‏ «1» : اشفع لي! فيقول له‏ «2» : أي حق لك عليّ؟

يقول: سقيتك يوما ماء.

فيذكر ذلك، فيشفع له، فيشفع فيه.

و يجي‏ء آخر فيقول: أنا «3» لي عليك حق [فاشفع لي!] «4» .

فيقول: [و] «5» ما حقك؟

فيقول: استظللت بظل جداري ساعة في يوم حارّ.

«فيشفع له» «6» فيشفع فيه. فلا يزال يشفع حتى يشفع في جيرانه و خلطائه و معارفه. و ان المؤمن أكرم على اللّه تعالى مما يظنون.

و في كتاب التوحيد «7» : بإسناده الى عبد اللّه بن سنان، قال‏ : سألت أبا عبد اللّه- عليه السلام- عن‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ .

فقال: الباء، بهاء اللّه. و السين، سناء اللّه. و الميم، مجد اللّه- و روى بعضهم:

ملك اللّه-. و اللَّهِ‏ ، اله كل شي‏ء. و الرَّحْمنِ‏ ، بجميع خلقه. و الرَّحِيمِ» ، بالمؤمنين، خاصة.

و في أصول الكافي‏ «8» مثله، سواء.

و في كتاب التوحيد «9» - أيضا-: بإسناده الى صفوان بن يحيى، عمن حدّثه،

1 و 2- ليس في المصدر.

(3) المصدر: ان.

4 و 5- يوجد في المصدر.

(6) ليس في المصدر.

(7) التوحيد/ 230.

(8) الكافي 1/ 114.

صفحه بعد