کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب


صفحه قبل

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 46

و بإسناده‏ «1» الى العباد «2» بن عبد الخالق، عمن حدثه، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام- قال: ان للّه- عز و جل- اثني عشر ألف عالم. كل عالم منهم‏ «3» اكبر من سبع سماوات و سبع أرضين. ما يرى‏ «4» عالم منهم ان للّه- عز و جل- عالما غيرهم. و أنا الحجة عليهم.

و في عيون الأخيار «5» : حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر- رضي اللّه عنه- قال: حدثني‏ «6» يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، «عن أبيه عن جده» «7» - عليهم السلام- قال: جاء رجل الى الرضا- عليه السلام- فقال له: يا ابن رسول اللّه! أخبرني عن قول اللّه تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ ما تفسيره؟.

فقال: لقد حدثني أبي، عن جدي، عن الباقر، عن زين العابدين، عن أبيه- عليهم السلام-: ان رجلا جاء الى أمير المؤمنين- عليه السلام- فقال:

أخبرني عن قول اللّه تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ ، ما تفسيره؟

فقال: «الحمد للّه»، هو أن عرّف عباده بعض نعمه عليهم، جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها، بالتفصيل. لأنها أكثر من أن تحصى، أو تعرف، فقال لهم:

قولوا: «الحمد للّه» على ما أنعم به علينا، «رب العالمين»، و هم الجماعات،

(1) نفس المصدر 2/ 639.

(2) أ: العبازى.

(3) ليس في أ.

(4) المصدر: ما ترى.

(5) عيون الاخبار 1/ 284، ح 30.

(6) المصدر: حدثنا.

(7) ليس في أ.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 47

من كل مخلوق من الجمادات و الحيوانات. فأما «1» الحيوانات، فهو يقلبها في قدرته.

و يغذوها من رزقه. و يحوطها بكنفه. و يدبر كلا منها بمصلحته. و أما الجمادات، فهو يمسكها بقدرته. و يمسك المتصل منها أن يتهافت. و يمسك المتهافت منها أن يتلاصق. و يمسك السماء أن تقع على الأرض، الا باذنه. و يمسك الأرض أن تنخسف الا بأمره. انه بعباده رؤوف‏ «2» رحيم.

[و] «3» قال- عليه السلام- : و «رب العالمين»، مالكهم و خالقهم و سائق أرزاقهم اليهم، من حيث يعلمون و من حيث لا يعلمون. فالرزق مقسوم. و هو يأتي ابن آدم، على أي سيرة سارها من الدنيا. ليس تقوى متقي، بزائده. و لا فجور فاجر، بناقصه. و بينه و بينه ستر و هو طالبه. فلو أن أحدكم يفر من رزقه، لطلبه رزقه. كما يطلبه الموت. فقال اللّه- جل جلاله-: قولوا: «الحمد للّه» على ما أنعم به علينا، و ذكرنا به من خير في كتب الأولين، قبل أن نكون‏ «4» ففي هذا إيجاب على محمد و آل محمد- صلوات اللّه عليهم- و على شيعتهم، أن يشكروه بما فضلهم.

و ذلك‏

أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- قال‏ : لما بعث اللّه- عز و جل- موسى بن عمران- عليه السلام- و اصطفاه نجيا و فلق له البحر و نجى بني إسرائيل و أعطاه التوراة و الألواح، رأى مكانه من ربه- عز و جل- فقال: يا رب! لقد أكرمتني بكرامة، لم تكرم بها أحدا قبلي.

فقال اللّه- جل جلاله-: يا موسى! أما علمت «أن محمدا، أفضل عندي» «5»

(1) المصدر: و أما.

(2) المصدر: لرؤوف.

(3) يوجد في المصدر.

(4) أ: يكون، ر: تكون.

(5) المصدر: أن محمدا عندي أفضل.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 48

من جميع ملائكتي و جميع خلقي؟.

قال موسى: يا رب! فان كان محمد- صلى اللّه عليه و آله و سلم- أكرم عندك من جميع خلقك، فهل في آل الأنبياء، أكرم من آلي؟.

قال اللّه- جل جلاله-: يا موسى! أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين، كفضل محمد على جميع المرسلين؟

فقال موسى: يا رب! فان كان آل محمد كذلك، فهل في أمم الأنبياء، أفضل عندك من أمتي؟ ظللت عليهم الغمام. و أنزلت عليهم المنّ و السلوى. و فلقت لهم البحر.

فقال اللّه- جل جلاله-: يا موسى! أما علمت، أن فضل أمة محمد على جميع الأمم، كفضله على جميع خلقي؟

فقال موسى- عليه السلام: يا رب! ليتني كنت أراهم.

فأوحى اللّه- عز و جل- اليه: يا موسى! انك لن تراهم. و ليس هذا أو ان ظهورهم، و لكن سوف تراهم، في الجنات، جنات عدن و الفردوس، بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون، و في خيراتها يتبحبحون. أ فتحب ان أسمعك كلامهم؟

قال‏ «1» : نعم الهي!.

قال اللّه- جل جلاله-: قم بين يدي! و اشدد مئزرك!، قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل.

ففعل ذلك موسى- عليه السلام- فنادى ربنا- عز و جل: يا أمة محمد! فأجابوه كلهم. و هم في أصلاب آبائهم و أرحام أمهاتهم: لبيك. اللهم! لبيك.

لبيك. لا شريك لك. لبيك. ان الحمد و النعمة و الملك لك. لا شريك لك. لبيك‏ «2» .

(1) المصدر: فقال.

(2) ليس في أ و في المصدر أيضا.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 49

قال: فجعل اللّه- عز و جل- تلك الاجابة، شعار الحج‏ «1» . ثم نادى ربنا عز و جل: يا أمة محمد! ان قضائي عليكم، أن رحمتي سبقت غضبي. و عفوي قبل عقابي. فقد استجبت لكم، من قبل أن تدعوني. و أعطيتكم من قبل أن تسألوني.

من لقيني منكم بشهادة أن لا اله الا اللّه، وحده لا شريك له. و أن محمدا، عبده و رسوله، صادق في أقواله، محق في أفعاله، و أن علي بن أبي طالب، أخوه و وصيه من بعده، و وليه، و يلتزم طاعته، كما يلتزم طاعة محمد، و أن أولياءه، المصطفين الطاهرين المطهرين المنبئين‏ «2» بعجائب آيات اللّه و دلائل حجج اللّه من بعدهما، أولياؤه، أدخلته جنتي، و ان كانت ذنوبه مثل زبد البحر.

قال- عليه السلام-: فلما بعث اللّه- عز و جل- نبينا، محمدا- صلى اللّه عليه و آله-، قال: يا محمد! و ما كنت بجانب الطور، إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة.

ثم قال اللّه- عز و جل- لمحمد- صلى اللّه عليه و آله- قل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ ، على ما اختصني به، من هذه الفضيلة، و قال لأمته: قولوا أنتم: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ على ما اختصنا به من هذه الفضائل.

(و في شرح الآيات الباهرة: قال الامام أبو محمد الحسن العسكري‏ «3» - عليه السلام:- حدثني أبي عن جدي، عن الباقر، عن زين العابدين- عليهم السلام‏ -:

أن رجلا أتى أمير المؤمنين- عليه السلام- فقال له: أخبرني عن قول اللّه- عز و جل- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ ، ما تفسيره؟

فقال: «الحمد للّه»، هو أن اللّه قد عرّف عباده بعض نعمه عليهم، جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها، بالتفصيل. لأنها أكثر من أن تحصى، أو تعرف.

(1) المصدر و أ: الحاج.

(2) أ: المبانين.

(3) تفسير العسكري/ 13- 14. مع تفاوت في النقل.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 50

فقال لهم: قولوا: «الحمد للّه» على ما أنعم به علينا، و ذكرنا به من خير، في كتب الأولين، من قبل أن نكون.

ففي هذا إيجاب على محمد و آل محمد، «لما فضلهم به» «1» ، و على شيعتهم، أن يشكروه، بما فضلهم به على غيرهم.

و في كتاب الخصال‏ «2» : عن أبي عبد اللّه- عليه السلام- قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله‏ - أربع من كنّ فيه، كان في نور اللّه الأعظم- الى قوله- و من أصاب خيرا، قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ .

و في تفسير علي بن ابراهيم‏ «3» : في الموثق عن أبي عبد اللّه- عليه السلام‏ - في قوله: «الحمد للّه»، قال: الشكر للّه. و في قوله: «رب العالمين»، قال:

خالق المخلوقين.

و في من لا يحضره الفقيه‏ «4» : و فيما ذكره الفضل، من العلل، عن الرضا- عليه السلام- انه قال: «الحمد للّه»، انما هو أداء لما أوجب اللّه- عز و جل- على خلقه، من الشكر. و شكر لما وفق عبده من الخير.

«رب العالمين»، توحيد له. و تحميد «5» و اقرار بأنه هو الخالق المالك، لا غيره.

و في مجمع البيان‏ «6» : و قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله‏ -: ان اللّه تعالى،

(1) المصدر: بما فضله و فضلهم.

(2) الخصال 1/ 222، ح 49.

(3) تفسير القمي 1/ 28.

(4) من لا يحضره الفقيه 1/ 203، ضمن ح 927، عيون الاخبار 2/ 107، ح 1.

(5) المصدر: تمجيد.

(6) مجمع البيان 1/ 31.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 51

منّ عليّ بفاتحة الكتاب- الى قوله- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ دعوى أهل الجنة، حين شكروا اللّه، حسن الثواب.

و في أصول الكافي‏ «1» : بإسناده الى أبي عبد اللّه- عليه السلام- قال‏ : من قال أربع مرات، إذا أصبح: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ ، فقد أدى شكر يومه. و من قالها، إذا أمسى، فقد أدى شكر ليلته.

و بإسناده‏ «2» الى أبي عبد اللّه- عليه السلام-: قال‏ كان رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- إذا أصبح، قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ كثيرا، على كل حال، ثلاثمائة و ستين مرة. و إذا أمسى قال مثل ذلك.

علي بن ابراهيم‏ «3» ، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، قال‏ : عطس رجل عند أبي جعفر- عليه السلام- فقال: «الحمد للّه». فلم يشمّته أبو جعفر- عليه السلام- و قال: نقصنا حقنا. ثم قال: إذا عطس أحدكم، فليقل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ و صلى اللّه على [نبيه‏] «4» محمد و أهل بيته.

قال: فقال الرجل. فشمّته أبو جعفر- عليه السلام.

و بإسناده‏ «5» الى مسمع بن عبد الملك، قال‏ : عطس أبو عبد اللّه- عليه السلام- فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ . ثم جعل إصبعه على أنفه، فقال: رغم أنفي للّه، رغما داخرا.

و بإسناده‏ «6» الى محمد بن مروان، رفعه، قال: قال أمير المؤمنين- عليه السلام-:

(1) الكافي 2/ 503، ح 5.

(2) نفس المصدر 2/ 503، ح 4.

(3) نفس المصدر 2/ 654، ح 9.

(4) في ر.

(5) نفس المصدر 2/ 655، ح 14.

(6) نفس المصدر 2/ 655، ح 15.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 52

من قال إذا عطس‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» على كل حال، لم يجد وجع الأذنين و الأضراس.

و بإسناده الى أبي عبد اللّه- عليه السلام- قال‏ : من عطس ثم وضع يده على قصبة أنفه ثم قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ [حمدا]» «1» كثيرا «2» ، كما هو أهله و صلى اللّه على محمد النبي و آله و سلم، خرج من منخره الأيسر طائر أصغر من الجراد و أكبر من الذباب، حتى يصير تحت العرش، يستغفر اللّه له الى يوم القيامة) «3» .

(و في الحديث‏ «4» : إذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ ، قال اللّه:

حمدني عبدي. و علم أن النعم التي له من عندي. و أن البلايا التي اندفعت‏ «5» عنه، بتطوّلي. أشهدكم أني أضيف له الى نعم الدنيا، نعم الاخرة. و أدفع عنه بلايا الاخرة، كما دفعت عنه بلايا الدنيا) «6» .

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ : قد مر تفسيرهما. و كرره للتفصيل.

9 و قيل: يحتمل أن يكون المراد «بالرحمن الرحيم»، في البسملة، هو المتجلّي بصور الأعيان الثابتة، بفيضه الأقدس. فانه تعالى، باعتبار عموم هذا الفيض و إطلاقه، هو «الرحمن». و باعتبار تخصصه و تخصصه، هو «الرحيم». و المراد بهما فيما بعدها، هو المتجلي بصور الأعيان الوجودية، بالاعتبارين المذكورين.

و قيل: ذكر الرحمة بعد ذكر «العالمين» و قبل ذكر مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ ،

(1) موجود في المصدر.

(2) ليس في ر.

(3) ما بين القوسين ليس في أ.

(4) عيون الاخبار 1/ 300.

(5) المصدر: دفعت.

صفحه بعد