کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب


صفحه قبل

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 72

أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏، أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ «1» .

قال: ان اللّه ضرب مثل من حاد عن ولاية علي، كمثل‏ «2» من يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره. و جعل من تبعه سويا على صراط مستقيم. و الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ أمير المؤمنين- عليه السلام-.

و في شرح الآيات الباهرة «3» : قال الامام- عليه السلام-: قال جعفر بن محمد الصادق- عليهما السلام‏ - فقوله عز و جل: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» :

يقول: أرشدنا الصراط المستقيم، للزوم الطريق المؤدي الى محبتك و المبلغ [الى‏] «4» جنتك، و المانع من أن نتبع أهواءنا، فنعطب، او نأخذ بآرائنا، فنهلك.

و قال أمير المؤمنين- عليه السلام-: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- عن جبرئيل، عن اللّه- عز و جل- «انه قال» «5» : يا عبادي! كلكم ضال، الا من هديته. فسلوني الهدى أهدكم.

و منه: يا عبادي! اعملوا أفضل الطاعات و أعظمها لأسامحكم‏ «6» ، و ان قصرتم فيما سواها. و اتركوا أعظم المعاصي و أقبحها لئلا «7» أناقشكم في ركوب ما عداها.

ان أعظم الطاعات، توحيدي و تصديق نبيي و التسليم لمن نصبه بعده، و هو علي ابن أبي طالب و الائمة الطاهرون- عليهم السلام- من نسله. و ان أعظم المعاصي‏

(1) الملك/ 22.

(2) المصدر: كمن‏

(3) تأويل الآيات الباهرة/ 5.

(4) يوجد في المصدر.

(5) المصدر: قل.

(6) المصدر: لأني مسامحكم.

(7) المصدر: لأني لا.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 73

عندي، الكفر بي و بنبيي و منابذة وصي محمد من بعده، علي بن أبي طالب و أوليائه بعده. فان أردتم أن تكونوا عندي، في المنظر الأعلى، و الشرف الأشرف، فلا يكونن أحد من عبادي آثر عنده من محمد، و بعده من أخيه علي، و بعدهما من أبنائهما، القائمين بأمور عبادي، بعدهما. فان من كانت تلك عقيدته، جعلته من أشراف ملوك جناتي.

و اعلموا ان أبغض الخلق الي، من تمثل بي و ادعى ربوبيتي. و أبغضهم الي بعده، من تمثل بمحمد و نازعه نبوته، و ادعاها. و أبغضهم الي بعده، من تمثل بوصي محمد- صلى اللّه عليه و آله- و نازعه محله و شرفه، و ادعاهما. و أبغض الخلق الي من بعد هؤلاء، المدعين لما به‏ «1» لسخطي، يتعرضون من كان لهم على ذلك من المعاونين. و أبغض الخلق الي بعد هؤلاء، من كان بفعلهم من الراضين و ان لم يكن لهم من المعاونين.

و كذلك أحب الخلق الي، القوامون بحقي. و أفضلهم لدي و أكرمهم عليّ، محمد، سيد الورى، و أكرمهم و أفضلهم بعده، علي، أخو المصطفى، المرتضى ثم بعدهما، القوامون بالقسط، من‏ «2» أئمة الحق. و أفضل الناس بعدهم، من أعانهم على (حقهم. و أحب الخلق الي) «3» بعدهم، من أحبهم و أبغض أعداءهم و ان لم يمكنه معونتهم.

صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ : بدل من الاول، بدل الكل، لفائدتين:

إحداهما: التأكيد بذكر «الصراط»، مرتين، لفظا. و تكرير العامل، تقديرا.

و يلزمهما تكرير النسبة.

(1) المصدر: فيه.

(2) ليس في المصدر.

(3) ليس في المصدر.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 74

و ثانيتهما: الإيضاح بتفسير المبهم. و فيه- أيضا- نوع تأكيد. فان ذكر الشي‏ء مبهما و تفسيره، يفيد تقريره و تأكيده.

و قرئ «من أنعمت عليهم». و «عليهم» في محل النصب، على المفعولية.

و «الانعام»، إيصال النعمة. و هي في الأصل، الحالة التي يستلذها الإنسان.

فأطلقت على ما يستلذه، من النعمة، و هي التنعم. و نعم اللّه و ان كانت لا تحصى كما قال: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها «1» ، تنحصر في جنسين: دنيوي و أخروي.

و الأول قسمان: موهبي و كسبي.

و الموهبي قسمان: روحاني، كالروح و ما يتبعه من القوى، كالفهم و الفكر و النطق. و جسماني، كالبدن و القوى الحالة فيه و الهيئات العارضة له من الصحة و كمال الأعضاء.

و الكسبي: تزكية النفس عن الرذائل، و تحليتها بالأخلاق و الملكات الفاضلة، و تزيين البدن بالهيئات المطبوعة، و الحلي المستحسنة، و حصول الجاه و المال.

و الثاني: أن يغفر ما فرط منه، و يرضى عنه، و يبوّؤه في أعلى عليين، مع الملائكة المقربين، أبد الآبدين.

و المراد، هو القسم الأخير و ما يكون وصلة الى نيله من القسم الآخر. و ما عدا ذلك، يشترك فيه المؤمن و الكافر. فالمراد بالمنعم عليهم، هم المؤمنون- مطلقا.

و أطلق الانعام و لم يقيد بنعمة خاصة، ليشمل كل انعام. و وجه صحة الشمول هو ادعاء أن من أنعم اللّه عليه، بنعمة الإسلام، لم يبق نعمة الا اصابته. و قيل: الأنبياء- عليهم السلام- و قيل: أصحاب موسى) «2» و عيسى- عليهما السلام- قبل التحريف‏

(1) ابراهيم/ 43.

(2) ما بين القوسين ليس في أ.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 75

و النسخ.

و في كتاب معاني الأخبار «1» : بإسناده الى جعفر بن محمد- عليهما السلام- قال‏ : قول اللّه- عز و جل- في «الحمد»: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ ، يعني: محمدا و ذريته- صلوات اللّه عليهم.

حدثنا «2» محمد بن القاسم الأسترآبادي [، المفسر] «3» : حدثني يوسف بن «المتوكل، عن» «4» محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب- عليهم السلام‏- في قول اللّه تعالى: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ ، أي: قولوا: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، بالتوفيق لدينك و طاعتك.

و هم الذين قال اللّه- عز و جل‏ «5» : وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ، فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً .

و حكى هذا بعينه عن أمير المؤمنين- عليه السلام- قال: ثم قال: ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال و صحة البدن. و ان كان كل هذا، نعمة من اللّه، ظاهرة. ألا ترون أن هؤلاء، قد يكونون كفارا أو فساقا. فما ندبتم الى أن تدعوا، بان ترشدوا الى صراطهم. و انما أمرتم بالدعاء الى أن‏ «6» ترشدوا، الى صراط الذين أنعم عليهم، بالايمان باللّه و تصديق رسوله و بالولاية لمحمد و آله الطيبين و أصحابه‏

(1) معاني الاخبار/ 31، ح 7.

(2) نفس المصدر/ 32، ح 9.

(3) يوجد في ر.

(4) ليس في المصدر.

(5) النساء/ 69.

(6) المصدر: بأن.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 76

الخيرين المنتجبين‏ «1» و بالتقية الحسنة التي يسلم بها، من شر أعداء «2» اللّه، و من الزيادة، في آثام أعداء اللّه و كفرهم، بأن تداريهم‏ «3» و لا تغريهم‏ «4» ، بأذاك و أذى المؤمنين، و بالمعرفة، بحقوق الاخوان من المؤمنين.

(حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن ابراهيم، قال: حدثني عبيد بن كثير، قال: حدثنا «5» محمد بن مروان، قال: حدثنا عبيد بن يحيى بن مهران العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله‏ - في قوله اللّه- عز و جل: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ، قال: شيعة علي- عليه السلام- الذين أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب- عليه السلام- لم يغضب عليهم و لم يضلوا) «6» .

و في كتاب كمال الدين و تمام النعمة «7» : بإسناده الى خيثمة الجعفي، عن أبي جعفر- عليه السلام- حديث طويل، و فيه يقول- عليه السلام‏ -: و نحن الطريق الواضح، و الصراط المستقيم إلى اللّه- عز و جل. و نحن من نعمة اللّه على خلقه.

(و في شرح الآيات الباهرة: ذكر أبو علي الطبرسي- رحمه اللّه- في‏

(1) ليس في المصدر.

(2) المصدر: عباد.

(3) أ: تداويهم.

(4) المصدر: و لا تعزيهم.

(5) المصدر: حدثني.

(6) ما بين القوسين مشطوب في المتن و ليس في ر.

(7) كمال الدين و تمام النعمة 1/ 205، ح 20.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 77

تفسيره‏ «1» : انهم النبي و الأئمة- صلوات اللّه عليهم- بدليل قوله: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ‏ «2» . (الاية) و يؤيد ذلك ما جاء في تفسيره‏ «3» - عليه السلام‏

- قال الامام- صلوات اللّه عليه‏ : صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ ، أي: قولوا: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، بالتوفيق لدينك و طاعتك. و هم الذين قال اللّه: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً و ليس هؤلاء المنعم عليهم، بالمال و الولد و صحة البدن. و ان كان كل ذلك‏ «4» ، نعمة من اللّه، ظاهرة.

ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا او فساقا؟ فما ندبتم الى‏ «5» أن تدعوا بأن ترشدوا الى صراطهم. و انما أمرتم بالدعاء، أن ترشدوا الى صراط الذين أنعم عليهم، بالايمان باللّه و تصديق رسوله و الولاية «6» لمحمد و آله الطيبين و أصحابه الخيرين المنتجبين، و بالتقية الحسنة التي تسلم بها من شر أعداء «7» اللّه و من الزيادة «8» في آثام‏ «9» أعداء اللّه، و كفرهم‏ «10» بأن تداريهم، و لا تغريهم‏ «11» بأذاك و لا أذى المؤمنين،

(1) مجمع البيان 1/ 30.

(2) النساء/ 69.

(3) تفسير العسكري/ 22- 23.

(4) المصدر: هذا.

(5) ليس في المصدر.

(6) المصدر: بالولاية.

(7) المصدر: عباد.

(8) المصدر: شر الزنادقة.

(9) المصدر: ايام.

(10) المصدر: بكفرهم.

(11) المصدر: فلا تعزيهم.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 78

و بالمعرفة بحقوق الاخوان من المؤمنين. فانه ما من عبد و لا أمة و الى محمدا و آل محمد و أصحاب محمد، و عادى أعداءهم‏ «1» ، الا «كانا قد اتخذا» «2» من عذاب اللّه حصنا منيعا و جنة حصينة) «3» .

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ : بدل من الذين أنعمت عليهم‏ «4» ، أو صفة له. مبنية، بناء على اجراء الموصول، مجرى النكرة، كقوله: و لقد أمر على اللئيم يسبّني.

أو على جعل «غير المغضوب عليهم» معرفة، بناء على اشتهار المنعم عليهم، بمغايرة الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ ، كما في قولك: عليك بالحركة «5» ، غير السكون.

أو يقيده‏ «6» على معنى، أن المنعم عليهم، هم الذين جمعوا بين النعمة المطلقة، و هي نعمة الايمان، و بين السلامة من الغضب و الضلال.

و قرئ بالنصب، على الحال. و ذوي الحال، الضمير في عليهم. و العامل، أنعمت. أو بإضمار أعني. أو بالاستثناء، ان فسر النعم، بما يعم القبيلين.

و «الغضب»: ثوران النفس، ارادة الانتقام. فإذا أسند الى اللّه، أريد الانتهاء و الغاية.

و «عليهم»، في محل الرفع، على الفاعلية. و انما جاء بالانعام، مبنيا للفاعل،

(1) المصدر: من عاداهم.

(2) المصدر: كان قد اتخذ.

(3) ما بين القوسين ليس في أ.

(4) ليس في أو ر.

(5) ليس في أ.

صفحه بعد