کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب


صفحه قبل

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 76

الخيرين المنتجبين‏ «1» و بالتقية الحسنة التي يسلم بها، من شر أعداء «2» اللّه، و من الزيادة، في آثام أعداء اللّه و كفرهم، بأن تداريهم‏ «3» و لا تغريهم‏ «4» ، بأذاك و أذى المؤمنين، و بالمعرفة، بحقوق الاخوان من المؤمنين.

(حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن ابراهيم، قال: حدثني عبيد بن كثير، قال: حدثنا «5» محمد بن مروان، قال: حدثنا عبيد بن يحيى بن مهران العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله‏ - في قوله اللّه- عز و جل: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ، قال: شيعة علي- عليه السلام- الذين أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب- عليه السلام- لم يغضب عليهم و لم يضلوا) «6» .

و في كتاب كمال الدين و تمام النعمة «7» : بإسناده الى خيثمة الجعفي، عن أبي جعفر- عليه السلام- حديث طويل، و فيه يقول- عليه السلام‏ -: و نحن الطريق الواضح، و الصراط المستقيم إلى اللّه- عز و جل. و نحن من نعمة اللّه على خلقه.

(و في شرح الآيات الباهرة: ذكر أبو علي الطبرسي- رحمه اللّه- في‏

(1) ليس في المصدر.

(2) المصدر: عباد.

(3) أ: تداويهم.

(4) المصدر: و لا تعزيهم.

(5) المصدر: حدثني.

(6) ما بين القوسين مشطوب في المتن و ليس في ر.

(7) كمال الدين و تمام النعمة 1/ 205، ح 20.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 77

تفسيره‏ «1» : انهم النبي و الأئمة- صلوات اللّه عليهم- بدليل قوله: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ‏ «2» . (الاية) و يؤيد ذلك ما جاء في تفسيره‏ «3» - عليه السلام‏

- قال الامام- صلوات اللّه عليه‏ : صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ ، أي: قولوا: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، بالتوفيق لدينك و طاعتك. و هم الذين قال اللّه: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً و ليس هؤلاء المنعم عليهم، بالمال و الولد و صحة البدن. و ان كان كل ذلك‏ «4» ، نعمة من اللّه، ظاهرة.

ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا او فساقا؟ فما ندبتم الى‏ «5» أن تدعوا بأن ترشدوا الى صراطهم. و انما أمرتم بالدعاء، أن ترشدوا الى صراط الذين أنعم عليهم، بالايمان باللّه و تصديق رسوله و الولاية «6» لمحمد و آله الطيبين و أصحابه الخيرين المنتجبين، و بالتقية الحسنة التي تسلم بها من شر أعداء «7» اللّه و من الزيادة «8» في آثام‏ «9» أعداء اللّه، و كفرهم‏ «10» بأن تداريهم، و لا تغريهم‏ «11» بأذاك و لا أذى المؤمنين،

(1) مجمع البيان 1/ 30.

(2) النساء/ 69.

(3) تفسير العسكري/ 22- 23.

(4) المصدر: هذا.

(5) ليس في المصدر.

(6) المصدر: بالولاية.

(7) المصدر: عباد.

(8) المصدر: شر الزنادقة.

(9) المصدر: ايام.

(10) المصدر: بكفرهم.

(11) المصدر: فلا تعزيهم.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 78

و بالمعرفة بحقوق الاخوان من المؤمنين. فانه ما من عبد و لا أمة و الى محمدا و آل محمد و أصحاب محمد، و عادى أعداءهم‏ «1» ، الا «كانا قد اتخذا» «2» من عذاب اللّه حصنا منيعا و جنة حصينة) «3» .

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ : بدل من الذين أنعمت عليهم‏ «4» ، أو صفة له. مبنية، بناء على اجراء الموصول، مجرى النكرة، كقوله: و لقد أمر على اللئيم يسبّني.

أو على جعل «غير المغضوب عليهم» معرفة، بناء على اشتهار المنعم عليهم، بمغايرة الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ ، كما في قولك: عليك بالحركة «5» ، غير السكون.

أو يقيده‏ «6» على معنى، أن المنعم عليهم، هم الذين جمعوا بين النعمة المطلقة، و هي نعمة الايمان، و بين السلامة من الغضب و الضلال.

و قرئ بالنصب، على الحال. و ذوي الحال، الضمير في عليهم. و العامل، أنعمت. أو بإضمار أعني. أو بالاستثناء، ان فسر النعم، بما يعم القبيلين.

و «الغضب»: ثوران النفس، ارادة الانتقام. فإذا أسند الى اللّه، أريد الانتهاء و الغاية.

و «عليهم»، في محل الرفع، على الفاعلية. و انما جاء بالانعام، مبنيا للفاعل،

(1) المصدر: من عاداهم.

(2) المصدر: كان قد اتخذ.

(3) ما بين القوسين ليس في أ.

(4) ليس في أو ر.

(5) ليس في أ.

(6) أ: يفتده.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 79

ليدل على ثبوت انعام اللّه، عليهم. و بالغضب، مبنيا للمفعول، لأن‏ «1» طلبت منه الهداية.

و نسب اليه «الانعام»، لا يناسبه نسبة الغضب اليه. لأن المقام، مقام تلطف و ترضي‏ «2» ، لطلب الإحسان. فلا يحسن مواجهته، بصفة الانتقام.

و في كتاب الأهليلجة «3» : قال الصادق- عليه السلام‏ -: و أما الغضب، فهو منّا، إذا غضبنا، تغيرت طبائعنا، و ترتعد- أحيانا- مفاصلنا، و حالت‏ «4» ألواننا. ثم تجي‏ء «5» من بعد ذلك بالعقوبات. فسمي «غضبا».

فهذا كلام الناس المعروف.

و الغضب شيئان: أحدهما في القلب، و أما المعنى الذي هو في القلب، فهو منفي عن اللّه- جل جلاله، و كذلك رضاه و سخطه و رحمته، على هذه الصفة.

(و في كتاب الاحتجاج‏ «6» ، للطبرسي- رحمه اللّه-: و روينا بالأسانيد المقدم ذكرها، عن أبي الحسن العسكري- عليه السلام- أن أبا الحسن الرضا قال‏ : ان من تجاوز بأمير المؤمنين، العبودية، فهو من المغضوب عليهم و من الضالين‏ «7» .

وَ لَا الضَّالِّينَ‏ : و قرئ «و غير الضالين». و «لا» هذه، هي المسماة بالمزيدة، عند البصريين. و هي انما «8» ، تقع بعد الواو، في سياق النفي، للتأكيد

(1) أ: الا من.

(2) أ: ترقى.

(3) بحار الأنوار 3/ 196.

(4) أ: مالت.

(5) أ: يجي‏ء.

(6) الاحتجاج 2/ 233.

(7) يوجد في أ.

(8) ر: و انما هي.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 80

و التصريح، بتعلق النفي، بكل من المعطوفين، لئلا يتوهم أن المنفي، هو المجموع، من حيث هو، فيجوز- حينئذ- ثبوت أحدهما. و النفي الذي، وقعت «لا» بعد الواو، في سياقه، هو ما يتضمنه «غير». تقول: أنا زيدا غير ضارب. مع امتناع قولك: أنا زيدا مثل ضارب. لأنه بمنزلة قولك: أنا زيدا لا ضارب.

و قال الكوفيون: هي بمعنى «غير». و هذا قريب من كونها زائدة. فانه لو صرح «بغير» كان للتأكيد، أيضا.

(و قرئ «و لا الضالون» بالرفع «و لا الضالين»، بالهمزة، على لغة من جد في الهرب، عن التقاء الساكنين) «1» .

و «الضلال»: العدول عن الطريق السويّ- عمدا أو خطأ. و له عرض عريض و التفاوت ما بين أدناه و أقصاه، كثير.

قيل‏ «2» : الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ . اليهود، لقوله تعالى: لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ‏ «3» .

و «الضالين»، النصارى، لقوله تعالى: قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً «4» .

[و قد روى مرفوعا] «5» .

و قيل‏ «6» : يتجه أن يقال: المغضوب عليهم، العصاة، «و الضالون»، الجاهلون باللّه. لأن المنعم عليه، من وفق للجمع بين معرفة الحق، لذاته و الخير للعمل به.

(1) ما بين القوسين ليس في أ.

(2) ر. البيضاوي، أنوار التنزيل 1/ 11.

(3) المائدة/ 60.

(4) المائدة/ 77.

(5) يوجد في المصدر.

(6) ليس في المصدر.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 81

فكان‏ «1» المقابل له، من اختل احدى قوّتيه العاقلة و العاملة. و المخل بالعمل، فاسق، فمغضوب‏ «2» عليه، لقوله تعالى، في القاتل عمدا: وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ‏ «3» .

و المخل بالعلم، جاهل ضال، لقوله تعالى: فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ‏ «4» .

و أقول: يحتمل أن يكون المراد، بالمغضوب عليهم، الكفار، الذين غضب عليهم. فلم يهتدوا الى طريق من طرق الحق، أصلا. و «بالضالين»، الذين منّ اللّه عليهم، بالإسلام، و أدخلهم في زمرة أهل الايمان. فضلوا الطريق.

و لم يتفطنوا لما هو المرام.

و في تفسير علي بن ابراهيم‏ «5» : حدثني أبي، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام‏ -، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم و غير الضالين، قال: المغضوب عليهم، النصاب.

«و الضالين»، اليهود و النصارى.

و عنه‏ «6» : عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام‏ - في قوله: غير المغضوب عليهم و غير الضالين، قال: المغضوب عليهم النصاب. «و الضالين»، الشكاك الذين لا يعرفون الامام.

و في كتاب معاني الأخبار «7» : حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال:

(1) المصدر: و كان.

(2) المصدر: مغضوب.

(3) النساء/ 92.

(4) يونس/ 32.

(5) تفسير القمي 1/ 29.

(6) نفس المصدر.

(7) معاني الاخبار/ 32، ح 8.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 82

حدثنا فرات بن ابراهيم، قال: حدثنا عبيد بن كثير، قال: حدثنا محمد بن مروان، قال: حدثني عبيد بن يحيى بن مهران العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله‏ - في قول اللّه- عز و جل: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ، قال:

شيعة علي- عليه السلام- الذين أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب- عليه السلام لم يغضب عليهم و لم يضلوا.

و في من لا يحضره الفقيه‏ «1» : و فيما ذكره الفضل من العلل، عن الرضا- عليه السلام- أنه قال‏ : صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ ، توكيد في السؤال و الرغبة، و ذكر لما قد تقدم من نعمه، على أوليائه، و رغبة في مثل تلك النعم.

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ ، استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به و بأمره و نهيه.

«و لا الضالين»، اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله، من غير معرفة.

و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

و في مجمع البيان‏ «2» : و قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله‏ : ان اللّه تعالى، منّ عليّ، بفاتحة الكتاب- الى قوله- غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ ، اليهود. وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ، النصارى.

و في كتاب الاحتجاج‏ «3» ، للطبرسي- رحمه اللّه: و روينا بالأسانيد المقدم ذكرها، عن أبي الحسن العسكري- عليه السلام: ان أبا الحسن الرضا- عليه السلام- قال‏ : ان من تجاوز بأمير المؤمنين، العبودية، فهو من «المغضوب عليهم» و من‏

(1) من لا يحضره الفقيه 1/ 204، عيون الاخبار 2/ 107، ح 1.

(2) مجمع البيان 1/ 31.

صفحه بعد