کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب


صفحه قبل

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 80

و التصريح، بتعلق النفي، بكل من المعطوفين، لئلا يتوهم أن المنفي، هو المجموع، من حيث هو، فيجوز- حينئذ- ثبوت أحدهما. و النفي الذي، وقعت «لا» بعد الواو، في سياقه، هو ما يتضمنه «غير». تقول: أنا زيدا غير ضارب. مع امتناع قولك: أنا زيدا مثل ضارب. لأنه بمنزلة قولك: أنا زيدا لا ضارب.

و قال الكوفيون: هي بمعنى «غير». و هذا قريب من كونها زائدة. فانه لو صرح «بغير» كان للتأكيد، أيضا.

(و قرئ «و لا الضالون» بالرفع «و لا الضالين»، بالهمزة، على لغة من جد في الهرب، عن التقاء الساكنين) «1» .

و «الضلال»: العدول عن الطريق السويّ- عمدا أو خطأ. و له عرض عريض و التفاوت ما بين أدناه و أقصاه، كثير.

قيل‏ «2» : الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ . اليهود، لقوله تعالى: لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ‏ «3» .

و «الضالين»، النصارى، لقوله تعالى: قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً «4» .

[و قد روى مرفوعا] «5» .

و قيل‏ «6» : يتجه أن يقال: المغضوب عليهم، العصاة، «و الضالون»، الجاهلون باللّه. لأن المنعم عليه، من وفق للجمع بين معرفة الحق، لذاته و الخير للعمل به.

(1) ما بين القوسين ليس في أ.

(2) ر. البيضاوي، أنوار التنزيل 1/ 11.

(3) المائدة/ 60.

(4) المائدة/ 77.

(5) يوجد في المصدر.

(6) ليس في المصدر.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 81

فكان‏ «1» المقابل له، من اختل احدى قوّتيه العاقلة و العاملة. و المخل بالعمل، فاسق، فمغضوب‏ «2» عليه، لقوله تعالى، في القاتل عمدا: وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ‏ «3» .

و المخل بالعلم، جاهل ضال، لقوله تعالى: فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ‏ «4» .

و أقول: يحتمل أن يكون المراد، بالمغضوب عليهم، الكفار، الذين غضب عليهم. فلم يهتدوا الى طريق من طرق الحق، أصلا. و «بالضالين»، الذين منّ اللّه عليهم، بالإسلام، و أدخلهم في زمرة أهل الايمان. فضلوا الطريق.

و لم يتفطنوا لما هو المرام.

و في تفسير علي بن ابراهيم‏ «5» : حدثني أبي، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام‏ -، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم و غير الضالين، قال: المغضوب عليهم، النصاب.

«و الضالين»، اليهود و النصارى.

و عنه‏ «6» : عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام‏ - في قوله: غير المغضوب عليهم و غير الضالين، قال: المغضوب عليهم النصاب. «و الضالين»، الشكاك الذين لا يعرفون الامام.

و في كتاب معاني الأخبار «7» : حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال:

(1) المصدر: و كان.

(2) المصدر: مغضوب.

(3) النساء/ 92.

(4) يونس/ 32.

(5) تفسير القمي 1/ 29.

(6) نفس المصدر.

(7) معاني الاخبار/ 32، ح 8.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 82

حدثنا فرات بن ابراهيم، قال: حدثنا عبيد بن كثير، قال: حدثنا محمد بن مروان، قال: حدثني عبيد بن يحيى بن مهران العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله‏ - في قول اللّه- عز و جل: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ، قال:

شيعة علي- عليه السلام- الذين أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب- عليه السلام لم يغضب عليهم و لم يضلوا.

و في من لا يحضره الفقيه‏ «1» : و فيما ذكره الفضل من العلل، عن الرضا- عليه السلام- أنه قال‏ : صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ ، توكيد في السؤال و الرغبة، و ذكر لما قد تقدم من نعمه، على أوليائه، و رغبة في مثل تلك النعم.

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ ، استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به و بأمره و نهيه.

«و لا الضالين»، اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله، من غير معرفة.

و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

و في مجمع البيان‏ «2» : و قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله‏ : ان اللّه تعالى، منّ عليّ، بفاتحة الكتاب- الى قوله- غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ ، اليهود. وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ، النصارى.

و في كتاب الاحتجاج‏ «3» ، للطبرسي- رحمه اللّه: و روينا بالأسانيد المقدم ذكرها، عن أبي الحسن العسكري- عليه السلام: ان أبا الحسن الرضا- عليه السلام- قال‏ : ان من تجاوز بأمير المؤمنين، العبودية، فهو من «المغضوب عليهم» و من‏

(1) من لا يحضره الفقيه 1/ 204، عيون الاخبار 2/ 107، ح 1.

(2) مجمع البيان 1/ 31.

(3) الاحتجاج 2/ 233.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 83

«الضالين».

و في الاستبصار «1» : روى الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن معاوية ابن وهب، قال‏ : قلت لأبي عبد اللّه- عليه السلام- أقول: آمين- إذا قال الامام:

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ .

قال: هم اليهود و النصارى.

و في تهذيب الأحكام‏ «2» : محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسين‏ «3» بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه- عليه السلام‏ -: ان رجلين من أصحاب رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- اختلفا في صلاة رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله. فكتبا الى أبي بن كعب: كم كانت لرسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- من سكتة؟

فقال‏ «4» : كانت له سكتتان: إذا فرغ من أم القرآن، و إذا فرغ من السورة.

و في شرح الآيات الباهرة: قال الامام‏ «5» - عليه السلام-: قال أمير المؤمنين- صلوات اللّه عليه‏ -: أمر اللّه- عز و جل- عباده أن يسألوه‏ «6» ، طريق المنعم عليهم، و هم النبيون و الصديقون و الشهداء و الصالحون. و أن يستعيذوا به، من طريق المغضوب عليهم، و هم اليهود [الذين‏] «7» قال اللّه تعالى فيهم‏ «8» :

(1) الاستبصار 1/ 319، ح 1188.

(2) تهذيب الأحكام 2/ 297، ح 1196.

(3) المصدر: الحسن.

(4) المصدر: قال.

(5) تفسير العسكري/ 24.

(6) النسخ: يسألوا.

(7) يوجد في المصدر.

(8) المائدة/ 60.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 84

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ، مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ. وَ غَضِبَ عَلَيْهِ. وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ «1» و أن يستعيذوا به، من طريق «الضالين»، و هم الذين قال اللّه تعالى فيهم: قُلْ: يا أَهْلَ الْكِتابِ: لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ. وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ. وَ أَضَلُّوا كَثِيراً. وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ‏ ، و هم النصارى.

و في عيون الأخبار «2» : حدثنا محمد بن القاسم، المفسر الاسترآبادي- رضي اللّه عنه- قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي (بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب) «3» ، عن أبيه، علي بن محمد، عن أبيه، محمد بن علي، عن أبيه، علي بن موسى الرضا، عن أبيه، موسى بن جعفر، عن آبائه، عن أمير المؤمنين- عليهم السلام- قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله‏ : قال اللّه عز و جل: قسمت فاتحة الكتاب بيني و بين عبدي. فنصفها لي و نصفها لعبدي. و لعبدي ما سأل.

إذا قال العبد: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، قال اللّه- جل جلاله: بدأ عبدي باسمي و حق عليّ أن أتمم له أموره، و أبارك له في أحواله.

فإذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ ، قال اللّه- جل جلاله: حمدني عبدي و علم أن النعم التي له من عندي. و أن البلايا التي دفعت عنه، فبنطوّلي‏ «4» . أشهدكم، اني أضيف له الى نعم الدنيا، نعم الاخرة. و أدفع عنه بلايا الاخرة، كما دفعت عنه بلايا الدنيا.

(1) ليس في المصدر.

(2) عيون الاخبار.

(3) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(4) المصدر: فبطولي.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 85

و إذا «1» قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، قال اللّه- جل جلاله: شهد لي عبدي أني الرحمن الرحيم. أشهدكم لا و فرّن من رحمتي، حظه. و لأجزلن من عطائي، نصيبه.

فإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ ، قال اللّه تعالى: أشهدكم، كما اعترف أني أنا الملك يوم الدين، لأسهلن يوم الحساب، حسابه، و لأتجاوزن عن سيئاته.

فإذا قال العبد «2» : إِيَّاكَ نَعْبُدُ ، قال اللّه- عز و جل-: صدق عبدي اياي يعبد.

أشهدكم لأثيبنه على عبادته، ثوابا يغبطه كل من خالفه في عبادته لي.

فإذا قال: وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ ، قال اللّه تعالى: بي استعان عبدي. و «الي التجأ» «3» .

أشهدكم لأعينّنه على أمره، و لأغيثنه في شدائده، و لآخذن بيده يوم نوائبه.

فإذا قال: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ - الى آخر السورة- قال اللّه- جل جلاله: هذا لعبدي. و لعبدي ما سأل. فقد استجبت لعبدي. و أعطيته ما أمل و أمنته ما منه و جل) «4» .

(و قرئ «و لا الضالون»، بالرفع. «و لا الضالين»، بالهمزة، على لغة من جد في الهرب عن التقاء الساكنين.

و في الحديث‏ «5» : إذا قال العبد: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ - الى آخرها- قال اللّه: هذا لعبدي. و لعبدي ما سأل. قد استجبت لعبدي. و أعطيه ما أمل و أمنته ما منه و جل.

(1) المصدر: فإذا.

(2) ليس في المصدر.

(3) المصدر: التجأ الى.

(4) ما بين القوسين ليس في أ.

(5) عيون الاخبار 1/ 301.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏1، ص: 86

و روى علي بن ابراهيم‏ «1» ، بإسناده، عن علي بن عقبة، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام- قال‏ : ان إبليس رنّ رنّتين‏ «2» ، لما بعث اللّه نبيه- صلى اللّه عليه و آله- على حين فترة من الرّسل، و حين نزلت أم الكتاب.

و روي عن أبي محمد العسكري، عن آبائه، عن علي- عليهم السلام- قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله‏ -: ان‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ آيةِ من فاتحة الكتّاب. و هي سبع آيات تمامها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ . سمعت رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- يقول: ان اللّه- عز و جل- قال لي‏ «3» : يا محمد! وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏ . فأفرد الامتنان عليّ بفاتحة الكتاب.

و جعلها بإزاء القرآن العظيم. و ان فاتحة الكتاب، أشرف ما في كنوز العرش.

و أن اللّه- عز و جل- خصّ محمدا و شرّفه بها. و لم يشرك معه فيه‏ «4» أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان. فانه أعطاه منها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ . ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد و آله الطاهرين، منقادا «لأمرهم، مؤمنا بظاهرهم و باطنهم» «5» ، أعطاه اللّه- عز و جل- بكل حرف منها، حسنة، كل حسنة «6» منها، أفضل من الدنيا و ما فيها، من أصناف أموالها و خيراتها. و من استمع قارئا يقرأها، كان له ما للقارئ.

فليكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم. فانه غنيمة لا يذهبن أو انه. «فيبقي‏

(1) تفسير القمي 1/ 29.

(2) المصدر: أنينا.

(3) الحجر/ 87.

(4) المصدر: فيها.

(5) المصدر: لامرهما، مؤمنا بظاهرهما و باطنهما.

صفحه بعد