کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب


صفحه قبل

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏2، ص: 206

عليه و آله.

قلت: أليس اللّه يقول: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ‏ ؟

قال: بلى. و لكن قد قال فيهما: وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً. فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ‏ فلو كان السّعي فريضة، لم يقل‏ وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً.

قوله- عليه السّلام: و السعي سنة، أي: ليس وجوبه كوجوب الطّواف، و إن كان هو واجبا من سنّة رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله.

عليّ بن إبراهيم‏ «1» ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن ابن أبي عمير، عن معاويه بن عمّار، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام: أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- حين فرغ من طوافه و ركعتيه قال:

ابدأ بما بدأ اللّه- عزّ و جلّ- به من إتيان الصّفا. إنّ اللّه- عزّ و جلّ- يقول: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

عدّة من أصحابنا «2» ، عن سهل بن زياد، رفعه. قال: ليس للّه منسك أحبّ إليه من السّعي. و ذلك أنّه يذلّ فيه الجبّارين.

أحمد بن محمّد «3» ، عن التّيمليّ، عن الحسين بن أحمد الحلبيّ، عن أبيه، عن رجل، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام. قال: قال: جعل السّعي بين الصّفا و المروة، مذلّة للجبّارين.

وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً ، أي: فعل طاعة فرضا كان أو نفلا.

و «خيرا» نصب على أنّه صفة مصدر محذوف، أو بحذف الجار و إيصال الفعل إليه، أو بتعدية الفعل لتضمّنه معنى أتى.

و قرأ يعقوب و الكسائيّ و حمزة «يطّوّع». و أصله يتطوّع. فأدغم مثل يطّوّف.

فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ : مثيب على الطّاعة، عَلِيمٌ‏ (158): لا تخفى عليه طاعة.

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ‏ ، كأحبار اليهود،

(1) نفس المصدر 4/ 431، ح 1.

(2) نفس المصدر 4/ 434، ح 4.

(3) نفس المصدر و نفس الموضع، ح 5.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏2، ص: 207

ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ‏ ، كالآيات الشّاهدة على أمر محمّد- عليه السّلام.

وَ الْهُدى‏ : و ما يهدي إلى وجوب اتّباعه و الإيمان به.

و في تفسير العيّاشيّ‏ «1» : عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى‏ في عليّ.

و عن حمران‏ «2» بن أعين، عن أبي جعفر- عليه السّلام‏ - في قول اللّه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى‏ مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ‏ ، يعني بذلك نحن، و اللّه المستعان.

عن بعض أصحابنا «3» ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام. قال: قلت له: أخبرني عن قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى‏ مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ.

قال: نحن يعني بها. و اللّه المستعان. إنّ الرّجل منّا إذا صارت إليه لم يكن له، أو لم يسعه، إلّا أن يبيّن للنّاس من يكون بعده.

مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ‏ : لخّصناه لهم.

فِي الْكِتابِ‏ : في التوراة.

على ما سبق في الحديث، يشمل القرآن- أيضا.

أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ‏ (159)، أي: الّذين يتأتّى منهم اللّعن عليهم، من الملائكة و الثّقلين.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم‏ «4» : قوله‏ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ‏ قال:

كلّ من قد لعنه اللّه من الجنّ و الإنس، نلعنهم.

و في كتاب الاحتجاج‏ «5» ، للطّبرسيّ- رحمه اللّه- عن أبي محمّد العسكريّ- عليه السّلام- حديث طويل. فيه: قيل لأمير المؤمنين- عليه السّلام: من خير خلق اللّه بعد أئمة الهدى و مصابيح الدّجى؟

قال: العلماء، إذا صلحوا.

(1) تفسير العياشي 1/ 71، ح 136.

(2) نفس المصدر و نفس الموضع، ح 137.

(3) نفس المصدر و نفس الموضع، ح 139.

(4) تفسير القمي 1/ 64.

(5) الاحتجاج 2/ 264.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏2، ص: 208

قيل: فمن شرّ خلق اللّه بعد إبليس و فرعون و ثمود و بعد المتسمّين بأسمائكم و بعد المتلقّبين بألقابكم و الآخذين لأمكنتكم و المتآمرين‏ «1» في ممالككم.

قال: العماء، إذا فسدوا، هم المظهرون للأباطيل الكاتمون للحقائق. و فيهم قال اللّه- عزّ و جلّ: أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا. (الآية)

و في مجمع البيان‏ «2» : و روي عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- أنّه قال: من سئل عن علم يعلمه فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار.

[و في تفسير العيّاشيّ‏ «3» : عن عبد اللّه بن بكير، عمّن حدّثه، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام‏ - في قوله‏ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ‏ قال: نحن هم. و قد قالوا «4» هو امّ الأرض‏] «5»

إِلَّا الَّذِينَ تابُوا عن الكتمان و سائر ما يجب أن يتاب عنه، وَ أَصْلَحُوا ما أفسدوا بالتّدارك، وَ بَيَّنُوا ما بيّنه اللّه في كتابهم، لتتمّ توبتهم.

و قيل‏ «6» : ما أحدثوه من التّوبة ليمحو به سمة الكفر، عن أنفسهم، و يقتدي بهم أضرابهم، فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ‏ بالقبول و المغفرة.

وَ أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏ (160): المبالغ في قبول التّوبة و إفاضة الرّحمة.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ماتُوا وَ هُمْ كُفَّارٌ ، أي: و من لم يتب من الكاتمين حتّى مات، أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ‏ (161)، يعني: استقرّ عليهم لعنة اللّه و لعنة من يعتدّ بلعنه من خلقه.

و قيل‏ «7» : الأوّل لعنهم أحياء، و الثّاني لعنهم أمواتا.

(1) أ: المتأخرين.

(2) مجمع البيان 1/ 241.

(3) تفسير العياشي 1/ 72، ح 141.

(4) قيل في هامش المصدر: و قال المجلسي- ره- (البحار 1/ 89): ضمير «هم» راجع إلى «اللاعنين».

قوله: «و قد قالوا»، إمّا كلامه- عليه السّلام. فضمير الجمع راجع إلى العامّة، أو كلام المؤلف، أو الرواة.

فيحتمل إرجاعه إلى أهل بيت- عليهم السّلام- أيضا.

(5) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(6) أنوار التنزيل 1/ 92.

(7) أنوار التنزيل 1/ 92- 93.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏2، ص: 209

و قرئ‏ «1» برفع الملائكة و النّاس و أجمعون، عطفا على محلّ اسم «اللّه». لأنّه فاعل في المعنى، كقولك: اعجبني ضرب زيد و عمرو، أو فاعلا لفعل مقدّر، أي: و يلعنهم الملائكة.

خالِدِينَ فِيها : أي: في اللّعنة، أو النّار. و إضمارها قبل الذّكر، تفخيما لشأنها و تهويلا، أو اكتفاء بدلالة اللّعن عليها.

لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ‏ (162): أي: لا يمهلون، أو لا ينتظرون ليعتذروا، أو لا ينظر إليهم نظر رحمة.

و في الآية، دلالة على كفر من كتم ما أنزل في عليّ- عليه السّلام- بناء على ما سبق من الخبر.

وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ :

خطاب عامّ، اي: المستحقّ للعبادة منكم، واحد لا شريك له. يصحّ أن يعبد و يسمّى إلها.

لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، تقرير للواحدانيّة. و إزاحة لأن يتوهّم أنّ في الوجود إلها و لكنّه لا يستحقّ العبادة منهم.

الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ‏ (163) كالحجّة عليها. فإنّه لمّا كان مولى النّعم كلّها، أصولها و فروعها و ما بسواه، إمّا نعمة، أو منعم عليه، لم يستحقّ العبادة أحد غيره. و هما خبران آخران لقوله «إلهكم» أو لمبتدأ محذوف.

قيل‏ «2» : لمّا سمعه المشركون، تعجّبوا. و قالوا: إن كنت صادقا، فأت بآية نعرف بها صدقك. فنزلت.

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ :

و إنّما جمع السّموات و أفرد الأرض، لأنّها طبقات متفاصلة بالذّات، مختلفة بالحقيقة، بخلاف الأرضين.

وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ : تعاقبهما، كقوله‏ «3» : جعل‏ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً

(1) نفس المصدر و نفس الموضع.

(2) أنوار التنزيل 1/ 93.

(3) الفرقان/ 62.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏2، ص: 210

وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ‏ ، أي: ينفعهم، أو بالّذي ينفعهم.

و القصد به إلى الاستدلال بالبحر و أحواله و تخصيص الفلك بالذّكر، لأنّه سبب الخوض فيه و الاطّلاع على عجائبه. و لذلك قدّمه على ذكر المطر و السّحاب. لأن منشأهما البحر، في غالب الأمر. و تأنيث الفلك، لأنّه بمعنى السّفينة.

و قرئ بضمّتين، على الأصل، أو الجمع. و ضمّة الجمع، غير ضمّة الواحد، عند المحققين.

وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ :

من الأولى، للابتداء. و الثّانية، للبيان.

و «السّماء» يحتمل الفلك و السّحاب و جهة العلو.

فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها بالنبات.

وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ عطف على «أنزل». كأنّه استدلّ بنزول المطر و تكوّن النّبات به و بثّ الحيوانات في الأرض، أو على أحياء. فإنّ الدّوابّ ينمون بالخصب و يعيشون بالماء.

و «البثّ»: النّشر و التّفريق.

وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ‏ في مهابّها و أحوالها.

و قرأ حمزة و الكسائيّ على الإفراد.

وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ‏ : لا ينزل و لا يتقشّع، مع أنّ الطّبع يقتضي أحدهما حتّى يأتي أمر اللّه.

و قيل‏ «1» : المسخّر «2» للرّياح تقلّبه في الجوّ، بمشيئة اللّه تعالى. و اشتقاقه من السّحب.

لأنّ بعضه يجرّ بعضا.

لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ‏ (164)، يتفكّرون فيها. و ينظرون إليها، بعيون عقولهم.

و الكلام المجمل، في الاستدلال بهذه الأمور، إنّها ممكنة وجد كلّ منها بوجه مخصوص من وجوه محتملة و أنحاء مختلفة، إذ كان من الجائز، مثلا: أن لا تتحرّك السّموات، أو بعضها كالأرض، و أن تتحرّك بعكس حركتها، و بحيث تصير المنطقة دائرة مارّة بالقطبين، و أن لا يكون لها أوج و حضيض أصلا، أو على هذا الوجه لبساطتها

(1) أنوار التنزيل 1/ 93.

(2) المصدر: مسخّر.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏2، ص: 211

و تساوى أجزائها، فلا بدّ لها من موجد قادر حكيم، يوجدها على ما تستدعيه حكمته و تقتضيه مشيئته، متعاليا عن معارضة غيره، إذ لو «1» كان معه إله يقدر على ما يقدر عليه، فإن توافقت إرادتهما، فالفعل إن كان لهما، لزم اجتماع المؤثّرين على أثر واحد، و إن كان لأحدهما، لزم ترجيح الفاعل بلا مرجّح و عجز الآخر المنافي للإلهيّة، و إن اختلفت، لزم التّمانع و التّطارد، كما أشار إليه بقوله‏ «2» : لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا.

و في أصول الكافي‏ «3» : بعض أصحابنا، رفعه عمّن رفعه، عن هشام بن الحكم.

قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر- عليه السّلام: يا هشام! إنّ اللّه- تبارك و تعالى- أكمل للنّاس الحجج بالعقول، و نصر النبيّين بالبيان، و دلّهم على ربوبيّته بالأدلة. فقال: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ. لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ. إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ، لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.

و في كتاب الإهليلجة «4» : قال الصّادق- عليه السّلام- في كلام طويل: ثمّ نظرت العين إلى العظيم مثل السّحاب المسخّر بين السّماء و الأرض و الجبال. يتخلّل الشّجر فلا يحرّك منها شيئا و لا يقصّر منها غصنا و لا يتعلّق منها يعترض الرّكبان فيحول بين بعضهم و بين بعض من ظلمته و كثافته يحمل من ثقل الماء و كثرته ما لا يقدر على صفته مع ما فيه من الصّواعق الصّارعة و البروق اللّامعة و الرّعد و الثّلج و البرد «5» ما لا يبلغ الأوهام نعته و لا تهتدي القلوب إليه. فخرج مستقّلا في الهواء يجتمع بعد تفرّقه و ينفجر بعد تمسّكه- إلى ان قال عليه السّلام- و لو أنّ ذلك السّحاب و الثّقل من الماء هو الّذي يرسل نفسه بعد احتماله، لما مضى به ألف فرسخ و أكثر و أقرب من ذلك و أبعد ليرسله قطرة بعد قطرة بلا هزّة و لا فساد و لا ضار به إلى بلدة و ترك أخرى.

و في عيون الأخبار «6» ، عن الرّضا- عليه السّلام- في حديث طويل. يقول فيه: إنّي لمّا نظرت إلى جسدي، فلم يمكنني فيه زيادة و لا نقصان في العرض أو الطّول و دفع‏

(1) ليس في ر.

(2) الأنبياء/ 22.

(3) الكافي 1/ 13، ح 12.

(4) بحار الأنوار 3/ 164، مع اختلاف في النقل.

(5) المصدر: البرد و الجليد.

(6) عيون الاخبار 1/ 108، ح 28.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏2، ص: 212

المكاره عنه و جرّ المنفعة إليه، علمت أنّ لهذا البنيان بانيا. فأقررت به مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته و إنشاء السّحاب و تصريف الرّياح و مجرى الشّمس و القمر و النّجوم و غير ذلك من الآيات العجيبات المتقنات، علمت أنّ لهذا مقدّرا و منشئا.

و في كتاب التوحيد «1» : قال هشام‏ فكان من سؤال الزّنديق أن قال: فما الدّليل عليه؟

قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام: وجود الأفاعيل التي‏ «2» دلّت على أنّ صانعا صنعها.

ألا ترى انّك إذا نظرت إلى بناء مشيّد «3» علمت أنّ له بانيا؟ و إن كنت لم تر الباني و لم تشاهده.

و في اصول الكافي، مثله، سواء «4» .

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً من الرّؤساء الّذين كانوا يطيعونهم، أو الأعمّ منهم، و من كلّ ما يتّخذونهم أندادا.

يُحِبُّونَهُمْ‏ : يعظّمونهم. و يطيعونهم.

كَحُبِّ اللَّهِ‏ : كتعظيمه‏ «5» و الميل إلى طاعته.

أي: يسوّون بينه و بينهم في المحبّة و الطّاعة، أو يحبّونهم كما ينبغي أن يحبّ اللّه، من المصدر المبنيّ للمفعول. و أصله من الحبّ. استعير لحبّة القلب. ثمّ اشتقّ منه الحبّ.

لأنّه أصابها و رسخ فيها.

و محبّة العبد للّه، إرادة طاعته و الاعتناء بتحصيل مرضاته. و محبّته للعبد، إرادة إكرامه و استعماله و صونه عن المعاصي.

وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ‏ : لأنّه لا تنقطع محبّتهم للّه بخلاف محبّة الأنداد. فإنّها لأغراض فاسدة موهومة، تزول بأدنى سبب.

وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا : و لو يعلم هؤلاء الّذين ظلموا باتّخاذهم الأنداد، إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ‏ : إذا عاينوه يوم القيامة.

و أجرى المستقبل مجرى الماضي، لتحقّقه، كقوله‏ «6» : و نادى أصحاب الجنّة.

أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً :

(1) التوحيد/ 244.

(2) ليس في الكافي.

(3) المصدر: مشيّد مبنيّ.

(4) الكافي 1/ 81، ح 5.

(5) أ: لتعظيمه.

صفحه بعد