کتابخانه تفاسیر
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج13، ص: 194
و لكنّ اللّه معنى يدلّ عليه بهذه الأسماء، و كلّها غيره.
و
بإسناده «1» إلى هشام بن الحكم، أنّه سأل أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن أسماء اللّه و اشتقاقها: اللّه ممّا هو مشتقّ؟
فقال: يا هشام، اللّه مشتقّ من آله، و أله يقتضي مألوها، و الاسم غير المسمّى.
فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر و لم يعبد شيئا، و من عبد الاسم و المعنى فقد أشرك و عبد اثنين، و من عبد المعنى دون الاسم فذاك التّوحيد.
يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ : لتنزّهه عن النّقائص كلّها.
وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24): الجامع للكمالات بأسرها، فإنّها راجعة إلى الكمال في القدرة و العلم.
و
في مجمع البيان «2» : و عن أنس، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- قال: من قرأ:
لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ (إلى آخرها) فمات من ليلته، مات شهيدا.
و
عن أنس «3» ، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- قال «4» : [من قرأ آخر الحشر] «5» غفر له ما تقدّم من ذنبه «6» و ما تأخّر.
و
عن معقل بن يسار «7» ، أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- قال: من حين يصبح ثلاث مرّات: أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم، و قرأ ثلاث آيات من آخر الحشر، و كلّ اللّه به سبعين ألف ملك يصلّون عليه حتّى يمسي، فإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا. و من قاله حين يمسي، كان بتلك المنزلة.
و
عن أبي هريرة «8» قال: سألت حبيبي رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- عن اسم اللّه الأعظم.
فقال: عليك بآخر الحشر، و اكثر قراءتها.
فأعدت عليه فأعاد «9» عليّ.
(1) نفس المصدر/ 114، ح 2.
2 و 3- المجمع 5/ 266.
(4) يوجد في ي، المصدر.
(5) ليس في م، ش، ق.
(6) ق، ش، م: ذنوبه.
(7) نفس المصدر و الموضع.
(8) نفس المصدر و الموضع.
(9) كذا في المصدر. و في النسخ: فعاد.
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج13، ص: 195
و
عن أبي امامة «1» ، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- قال: من قرأ خواتيم الحشر من ليل أو نهار، فقبض في ذلك اليوم أو اللّيلة، فقد أوجبت له الجنّة.
و
في كتاب طبّ الأئمّة «2» : بإسناده إلى ميسر «3» : عن أبي عبد اللّه الصّادق- عليه السّلام- قال: إنّ هذه الآية لكلّ ورم في الجسد يخاف الرّجل أن يؤول إلى شيء، فإذا قرأتها فاقرأها و أنت طاهر قد أعدت وضوءك لصلاة الفريضة، فعوّذ بها ورمك قبل الصّلاة و دبرها، و هي: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ (إلى آخر السّورة) فإنّك إذا فعلت ذلك على ما حدّ لك، سكن الورم.
و
بإسناده «4» إلى عبد اللّه بن سنان: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: يا ابن سنان، لا بأس بالرّقية و العوذة و النّشرة «5» إذا كانت من القرآن. و من لم يشفه القرآن، فلا شفاه اللّه. و هل شيء أبلغ في هذه الأشياء من القرآن، أليس اللّه يقول: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ (الآية)؟
و
بإسناده «6» إلى جابر: عن أبي جعفر [محمّد بن عليّ الباقر] «7» - عليه السّلام- أنّ رجلا شكا إليه صمما.
فقال: امسح يدك عليه «8» و اقرأ عليه «9» : لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ (إلى آخر السّورة).
و
بإسناده «10» إلى جابر بن يزيد الجعفيّ: عن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب- عليهم السّلام- قال: قال لي: يا جابر.
قلت: لبّيك، يا ابن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-.
قال: اقرأ على كلّ ورم آخر سورة الحشر: لَوْ أَنْزَلْنا (إلى آخر السّورة) [و قل
(1) نفس المصدر و الموضع.
(2) طبّ الأئمّة/ 110.
(3) كذا في نور الثقلين 5/ 293، ح 79. و في النسخ: «أبي ميسر» مكان «بإسناده إلى ميسر».
(4) نفس المصدر/ 48.
(5) النشرة رقية يعالج بها المجنون أو المريض، سمّيت بذلك لأنّه ينشر بها عنه ما خامره من الدّاء، أي: يكشف و يزال.
(6) نفس المصدر/ 23.
(7) من المصدر.
(8) كذا في المصدر. و في ق، ش: إليها و في غير هما: عليها.
(9) كذا في المصدر. و في النسخ: عليها.
(10) نفس المصدر/ 34.
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج13، ص: 196
عليها] «1» ثلاثا، فإنّه يسكن بإذن اللّه.
و
في كتاب التّوحيد «2» ، بإسناده إلى سليمان بن مهران: عن الصّادق- عليه السّلام-، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب- عليهم السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: إنّ للّه- تبارك و تعالى- تسعة و تسعين اسما، مائة إلّا واحد، من أحصاها «3» دخل الجنّة، و هي:
اللّه، الإله، [الواحد،] «4» ، الأحد، الصّمد، الأوّل، الآخر، السّميع، البصير، القدير، القاهر، العليّ، الأعلى، الباقي، البديع، البارئ، الأكرم، الظّاهر، الباطن، الحيّ، الحكيم، العليم، الحليم، الحفيظ، الحقّ، الحسيب، الحميد، الحفيّ، الرّب، الرّحمن، الرّحيم، الذّارئ، الرّازق «5» ، الرّقيب، الرّؤوف، الرّائي، السّلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبّار، المتكبّر، السّيّد، السّبّوح، الشّهيد، الصّادق، الصّانع، الطّاهر، العدل، العفوّ، الغفور، الغنيّ، الغياث، الفاطر، الفرد «6» ، الفتّاح، الفالق، القديم، الملك، القدّوس، القويّ، القريب، القيّوم، القابض، الباسط، قاضي الحاجات، المجيد، الوليّ «7» ، المنّان، المحيط، المبين، المقيت، المصوّر، الكريم، الكبير، الكافي، كاشف الضّرّ، الوتر، النّور، الوهّاب، النّاصر، الواسع، الودود، الهادي، الوفيّ، الوكيل، الوارث، البرّ، الباعث، التّوّاب، الجليل، الجواد، الخبير، الخالق، خير النّاصرين، الدّيّان، الشّكور، العظيم، اللّطيف، الشّافي.
و
بإسناده «8» إلى عبد السّلام بن صالح الهرويّ: عن الرّضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ- عليهم السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: للّه تسعة و تسعون اسما، من دعا اللّه بها، استجاب له، و من أحصاها، دخل الجنّة.
(1) ليس في ن.
(2) التوحيد/ 194- 195.
(3) الظاهر معنى الإحصاء هنا هو الإحاطة بها و الوقوف عي معانيها، و ليس معنى الإحصاء:
عدّها.
(4) من المصدر.
(5) المصدر: الرزّاق.
(6) ن: المتفرّد.
(7) المصدر: المولى.
(8) نفس المصدر/ 195، ح 9.
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج13، ص: 197
سورة الممتحنة
مدنيّة.
و آيها ثلاث عشرة آية بالإجماع.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في كتاب ثواب الأعمال «1» ، بإسناده: عن عليّ بن الحسين- عليهما السّلام- قال: من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه و نوافله امتحن اللّه قلبه للإيمان، و نوّر له بصره، و لا يصيبه فقر أبدا، و لا جنون في بدنه و لا في ولده.
و
في مجمع البيان «2» : ابيّ بن كعب قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: من قرأ سورة الممتحنة، كان المؤمنون و المؤمنات شفعاء له يوم القيامة.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ : تفضون إليهم المودّة.
و الجملة ال من فاعل «تتّخذوا»، أو صفة «أولياء». جرت على غير من هي له فلا حاجة فيها إلى إبراز الضّمير فيها، لأنّه مشروط في الاسم دون الفعل.
و
في تفسير عليّ بن إبراهيم «3» : نزلت في حاطب بن أبي بلتعة. و لفظ الآية عامّ، و معناه خاصّ.
و كان سبب ذلك، أنّ حاطب بن أبي بلتعة كان قد أسلم و هاجر إلى المدينة،
(1) ثواب الأعمال/ 145، ح 1.
(2) المجمع 5/ 267.
(3) تفسير القمّي 2/ 361- 362.
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج13، ص: 198
و كان عياله بمكّة، و كانت قريش تخاف أن يغزوهم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- [فصاروا إلى عيال حاطب و سألوهم أن يكتبوا إلى حاطب يسألوه عن خبر محمّد- صلّى اللّه عليه و آله-] «1» و هل يريد أن يغزو مكّة؟
فكتبوا إلى حاطب يسألوه عن ذلك، فكتب إليهم حاطب، أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- يريد ذلك، و دفع الكتاب إلى امرأة تسمّى صفيّة، فوضعته في قرونها «2» و مرّت.
فنزل جبرئيل على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و أخبره بذلك.
فبعث رسول اللّه أمير المؤمنين- عليه السّلام- و الزّبير بن العوّام في طلبها، فلحقوها، فقال لها أمير المؤمنين: أين الكتاب؟
فقال: ما معي شيء. ففتّشوها فلم يجدوا معها شيئا.
فقال الزّبير: ما نرى معها شيئا.
فقال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: و اللّه، ما كذبنا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-، و لا كذب رسول اللّه على جبرئيل، و لا كذب جبرئيل على اللّه، و اللّه، لئن لم تظهري الكتاب، لأردّنّ رأسك إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-.
فقالت: تنحيّا عنّي حتّى أخرجه. فأخرجت الكتاب من قرونها، فأخذه أمير المؤمنين- عليه السّلام- و جاءا به إلى رسول اللّه.
فقال رسول اللّه: يا حاطب، و اللّه، يا رسول اللّه، ما نافقت و لا غيّرت و لا بدّلت، و أنّي أشهد أن لا إله إلّا اللَّه و أنّك رسول اللّه حقّا، و لكن أهلي و عيالي كتبوا إليّ بحسن صنيع قريش إليهم فأحببت أن أجازي قريشا بحسن معاشرتهم.
فأنزل اللّه على رسوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ إلى قوله: لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ .
و
في مجمع البيان «3» : نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، و ذلك أنّ سارة، مولاة أبي عمرو بن صفي «4» بن هشام، أتت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- من مكّة إلى المدينة بعد
(1) ليس في ن، ي.
(2) القرن: الخصلة من الشّعر. الذؤابة.
(3) المجمع 5/ 269- 270.
(4) المصدر: صيفي.
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج13، ص: 199
بدر بسنتين.
فقال لها رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: أ مسلمة جئت؟
قالت: لا.
[قال: أ مهاجرة جئت؟
قالت: لا.] «1» قال: فما جاء بك؟
قالت: كنتم الأصل و العشيرة و الموالي، و قد ذهب مواليّ، و احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني و تكسوني و تحملوني.
قال: فأين أنت من شباب مكّة؟ و كانت مغنيّة نائحة.
قالت: ما طلب منّي بعد وقعة بدر.
فحثّ رسول اللّه عليها بني عبد المطّلب فكسوها و حملوها و أعطوها نفقة، و كان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- يتجهّز لفتح مكّة، فأتاها حاطب بن أبي بلتعة فكتب معها [كتابا] «2» إلى أهل «3» مكّة، و أعطاها عشرة دنانير ... عن ابن عبّاس، و عشرة دراهم ...
عن مقاتل بن حيّان، و كساها بردا على أن توصل الكتاب إلى أهل مكّة، [و كتب في الكتاب: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكّة:] «4» انّ رسول اللّه يريدكم، فخذوا حذركم.
فخرجت سارة، و نزل جبرئيل فأخبر النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- بما فعل، فأرسل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- عليّا و عمّارا و عمر و الزّبير و طلحة و المقداد بن أسود و أبا مرشد «5» ، و كانوا كلّهم فرسانا، و قال لهم: انطلقوا حتّى تأتوا روضة خاخ، فإنّ [بها ظعينة] «6» معها كتاب من حاطب إلى المشركين، فخذوه منها.
فخرجوا حتّى أدركوها في ذلك المكان الّذي ذكره رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-، فقالوا لها: أين الكتاب؟ فحلفت باللّه ما معها من كتاب، فنحّوها و فتّشوا متاعها
(1) يوجد في ق، ش، المصدر.
(2) من المصدر.
(3) ليس في ق، ش.
(4) من المصدر.
(5) المصدر: أبا مرثد.
(6) يوجد في ق، ش، المصدر.
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج13، ص: 200
فلم يجدوا «1» معها كتابا، فهمّوا بالرّجوع.
فقال عليّ- عليه السّلام-: و اللّه، ما كذبنا و لا كذبنا. و سلّ سيفه، و قال:
أخرجي الكتاب و إلّا، و اللّه، لأضربنّ عنقك.
فلمّا رأت الجدّ، أخرجت من ذؤابتها قد خبّأته في شعرها، فرجعوا بالكتاب إلى رسول اللّه، فأرسل إلى حاطب فأتاه.
فقال له: هل تعرف الكتاب؟
قال: نعم.
قال: ما حملك على ما صنعت؟
فقال: يا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و اللّه، ما كفرت مذ أسلمت، و لا غششتك مذ نصحتك، و لا أحببتهم مذ فارقتهم، و لكن لم يكن أحد من المهاجرين إلّا و له بمكّة من يمنع عشيرته، و كنت عريرا، أي غريبا، و كان أهلي بين ظهرانيهم، فخشيت على أهلي فأردت أن أتّخذ عندهم يدا، و قد علمت أنّ اللّه ينزل بهم بأسه و أن كتابي لا يغني عنهم شيئا. فصدّقه رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و عذره.
فقام عمر بن الخطّاب و قال: يا رسول اللّه، دعني أضرب عنق هذا المنافق.
فقال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: و ما يدريك [يا عمر] «2» لعلّ اللّه اطّلع على أهل بدر فغفر لهم، فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفر لكم.
و
روى البخاريّ و مسلم «3» ، في صحيحيهما، عن عبد اللّه بن أبي رافع قال:
سمعت عليّا- عليه السّلام- يقول: بعثنا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- أنا و المقداد و الزّبير، و قال: انطلقوا حتّى تأتوا روضة خاخ «4» ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب فخرجنا و ذكر نحوه.
و
في كتاب التّوحيد «5» ، بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام- لرجل: إن كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل رزقه، و إن كنت واليت عدوّه فاخرج من ملكه. (الحديث)
(1) المصدر: فلم يجدا.
(2) من المصدر.
(3) نفس المصدر و الموضع.
(4) ليس في ق، ش، م.