کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير مقاتل بن سليمان

الجزء الثالث

الجزء الرابع

الجزء الخامس

مقدمة

القسم الأول مقاتل بن سليمان

القسم الثاني منهج مقاتل فى تفسير القرآن الكريم

الباب الثاني النسخ عند مقاتل

تعقيب:

تفسير مقاتل بن سليمان


صفحه قبل

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏3، ص: 223

سورة الفرقان‏ «1» سورة الفرقان مكية و هي سبع و سبعون آية كوفية «2» .

(1) مقصود السورة.

المقصود الإجمالى لسورة الفرقان ما يأتى:

المنة بإنزال القرآن، و منشور رسالة سيد ولد عدنان، و تنزيه الحق- تعالى- عن الولد و الشريك و ذم الأوثان، و الشكاية من المشركين بطعنهم فى المرسلين، و طلبهم مجالات المعجزات من الأنبياء كل أوان، و ذل المشركين فى العذاب و الهوان، و عز المؤمنين فى ثوابهم بفراديس الجنان و خطاب الحق مع الملائكة فى القيامة تهديدا لأهل الكفر، و الطغيان، و بشارة الملائكة للمجرمين بالعقوبة النسران، و بطلان أعمال الكفار يوم ينصب الميزان، و الإخبار بمقر المؤمنين فى درجات الجنان، و انشقاق السموات بحكم الهول و سياسة العبدان، و الإخبار عن ندامة الظالمين يوم الهيبة و نطق الأركان، و ذكر الترتيب و الترتيل فى نزول القرآن، و حكاية حال القرون الماضية، و تمثيل الكفار-

(2) فى المصحف المتداول بيننا:

(25) سورة الفرقان مكية، الا الآيات 68، 69، 70 فمدنية، و آياتها 77 نزلت بعد يس.

و فى كتاب بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز للفيروزآبادي تحقيق الأستاذ النجار ما يأتى:

السورة مكية بالاتفاق، و عدد آياتها سبع و سبعون.

و سميت سورة الفرقان لأن فى فاتحتها ذكر الفرقان فى قوله: «... نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى‏ عَبْدِهِ ...» .

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏3، ص: 224

بالأنعام، أخس الحيوان، و تفضيل الأنعام عليهم فى كل شأن، و عجائب صنع اللّه فى ضمن الغلل و الشمس و تخليق الليل، و النهار، و الأوقات، و الأزمان، و المنة بإنزال الأمطار، و إثبات الأشجار فى كل مكان، و ذكر الحجة فى المياه المختلفة فى البحار، و ذكر النسب، و الصهر، فى نوع الإنسان، و عجائب الكواكب، و البروج و دور الفلك، و سير الشمس، و القمر و تفصيل صفات العباد، و خواصهم بالتواضع، و حكم قيام الليل، و الاستعاذة من النيران، و ذكر الإقتار و الاقتصاد فى الفقه، و الاحتراز من الشرك و الزنا و قتل النفس بالظلم و العدوان و الإقبال على التوبة و الابتعاد عن اللغو و الزور و الوعد بالغرف للصابرين على عبادة الرحمن، و بيان أن الحكمة فى تخليق الحلق التضرع و الدعاء و الابتهال إلى اللّه الكريم المنان، بقوله: «قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً» .

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏3، ص: 225

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ «تَبارَكَ» «1» حدثنا أبو جعفر محمد بن هانى، قال: حدثنا أبو القاسم الحسين ابن عون، قال: حدثنا أبو صالح الهذيل بن حبيب الزيدانى، قال: حدثنا مقاتل ابن سليمان «فى» «2» قوله- عز و جل «تبارك» يقول افتعل البركة الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى‏ عَبْدِهِ‏ يعنى القرآن و هو المخرج من الشبهات على عبده محمد- صلى اللّه عليه و سلم- لِيَكُونَ‏ محمد- صلى اللّه عليه و سلم- بالقرآن‏ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً - 1- يعنى للإنس و الجن نذيرا نظيرها فى فاتحة الكتاب‏ «... رَبِّ الْعالَمِينَ» «3» ثم عظم الرب- عز و جل- نفسه عن شركهم فقال- سبحانه-: الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ وحده‏ وَ لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً لقول اليهود و النصارى عزيز ابن اللّه و المسيح ابن اللّه‏ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ‏ من الملائكة و ذلك أن العرب قالوا: إن للّه- عز و جل- شريكا من الملائكة فعبدوهم‏ «4» فأكذبهم اللّه- عز و جل- نظيرها فى آخر بنى إسرائيل‏ «5» وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً - 2- كما ينبغي أن يخلقه‏ «6» وَ اتَّخَذُوا يعنى كفار مكة مِنْ دُونِهِ آلِهَةً

(1) تفسيرها من ز، و هو مضطرب فى ا.

(2) «فى»: زيادة للتوضيح اقتضاها السياق.

(3) سورة الفاتحة آية 2 و هي‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» أى رب الإنس و الجن.

(4) فى أ: يعبدونهم، ز: فعبدوهم.

(5) يشير إلى الآية 111 من سورة الإسراء و هي: ن و قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً» .

(6) فى أ: يخلقهم، ز: يخلقه.

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏3، ص: 226

يعنى اللات و العزى يعبدونهم‏ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً ذبابا و لا غيره‏ وَ هُمْ يُخْلَقُونَ‏ يعنى الآلهة لا تخلق شيئا و هي تخلق ينحتونها بأيديهم ثم يعبدونها، نظيرها فى مريم، و فى يس، و فى الأحقاف، ثم أخبر عن الآلهة فقال- تعالى-: وَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا يقول لا تقدر الآلهة أن تمتنع ممن أراد بها سوءا وَ لا نَفْعاً يقول و لا تسوق الآلهة إلى أنفسها نفعا، ثم قال- تعالى-: وَ لا يَمْلِكُونَ‏ يعنى الآلهة مَوْتاً يعنى أن تميت أحدا، ثم قال- عز و جل-: وَ لا حَياةً يعنى و لا يحيون أحدا يعنى الآلهة وَ لا نُشُوراً - 3- أن تبعث الأموات، فكيف تعبدون من لا يقدر على شي‏ء من هذا و تتركون عبادة ربكم الذي يملك ذلك‏ «1» كله‏ وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ‏ قال النضر بن الحارث من بنى عبد الدار ما هذا القرآن الا كذب اختلفه محمد- صلى اللّه عليه و سلم- من تلقاء نفسه، ثم قال: وَ أَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ‏ يقول النضر عاون محمدا- صلى اللّه عليه و سلم- عداس مولى حو يطب بن عبد العزى و يسار غلام العامر ابن الحضرمي و جبر [43 أ] مولى عامر بن الحضرمي كان يهوديا فأسلم و كان هؤلاء الثلاثة من أهل الكتاب. يقول اللّه- تعالى-: فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَ زُوراً - 4- قالوا شركا و كذبا حين يزعمون أن الملائكة بنات اللّه- عز و جل-، و حين قالوا إن القرآن ليس من اللّه- عز و جل- إنما اختلفه محمد- صلى اللّه عليه و سلم- من تلقاء نفسه‏ وَ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ‏ و قال النضر هذا القرآن حديث الأولين أحاديث رستم و اسفندباز اكْتَتَبَها محمد- صلى اللّه عليه و سلم‏ فَهِيَ تُمْلى‏ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا - 5- يقول‏ «2» : هؤلاء النفر الثلاثة

(1) فى ا زيادة: عز و جل، و ليست فى ز.

(2) كذا فى ا، ز، و المراد يقول النضر بن الحارث.

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏3، ص: 227

يعلمون محمدا- صلى اللّه عليه و سلم- طرفي النهار بالغداة و العشى‏ قُلْ‏ لهم يا محمد أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ و ذلك أنهم قالوا بمكة سرا «... هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ» لأنه إنسى مثلكم، بل هو ساحره‏ «... أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ» إلى آيتين‏ «1» فأنزل اللّه- عز و جل «قل أنزله الذي يعلم السر» فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً فى تأخير العذاب عنهم‏ رَحِيماً - 6- حين لا يعجل عليهم بالعقوبة وَ قالُوا «ما لِهذَا» «2» الرَّسُولِ‏ يعنى النبي- صلّى اللّه عليه و سلم- يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً - 7- يعنى رسولا يصدق محمدا- صلّى اللّه عليه و سلم- بما جاء أَوْ يُلْقى‏ إِلَيْهِ كَنْزٌ يعنى أو ينزل إليه مال من السماء فيقسمه بيننا أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يعنى بستانا يَأْكُلُ مِنْها هذا قول النضر بن الحارث، و عبد اللّه بن أمية، و نوفل ابن خويلد، كلهم من قريش‏ وَ قالَ الظَّالِمُونَ‏ يعنى هؤلاء إِنْ‏ يعنى ما تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً - 8- يعنى أنه مغلوب على عقله فأنزل اللّه- تبارك و تعالى- فى قولهم للنبي- صلّى اللّه عليه و سلم-: إنه يأكل الطعام و يمشى فى الأسواق‏ «وَ ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَ يَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ‏ «3» ...» يقول هكذا كان المرسلون‏ «4» من قبل محمد- صلّى اللّه عليه و سلم- و نزل فى قولهم إن محمدا مسحور «5» قوله- تعالى‏ «6» -: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ‏

(1) يشير الى الآيات 3، 4، 5 من سورة الأنبياء و تمامها: لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ، قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ».

(2) فى ا، ز: مال هذا، و كذلك فى رسم المصحف الشريف.

(3) سورة الفرقان: 20.

(4) فى ا: المرسلين، ز: المرسلون.

(5) فى ا: مسحورا، ز: مسحور.

(6) فى ا: فقال- تعالى، ز: فقال.

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏3، ص: 228

يقول انظر كيف و صفوا لك الأشياء حين زعموا أنك ساحر فَضَلُّوا عن الهدى‏ فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا - 9- يقول لا يجدون مخرجا مما قالوا لك بأنك ساحر و نزل فى قولهم: لو لا أنزل، يعنى هلا ألقى، إليه كنز «1» ، أو تكون له جنة يأكل منها، فقال- تبارك و تعالى-: تَبارَكَ الَّذِي‏ [43 ب‏] إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ‏ يعنى أفضل من الكنز و الجنة فى الدنيا جعل لك فى الآخرة جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يقول بينها الأنهار وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً - 10- يعنى بيوتا فى الجنة و ذلك أن قريشا يسمون بيوت الطين القصور بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ يعنى- عز و جل- بالقيامة و ذلك أن النبي- صلّى اللّه عليه و سلم- أخبرهم بالبعث فكذبوه. يقول اللّه- تعالى-: وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً - 11- يعنى وقودا إِذا رَأَتْهُمْ‏ السعير و هي جهنم‏ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ يعنى مسيرة مائة سنة سَمِعُوا لَها من شدة «2» غضبها عليهم‏ تَغَيُّظاً وَ زَفِيراً - 12- يعنى آخر نهيق الحمار وَ إِذا أُلْقُوا مِنْها يعنى جهنم‏ مَكاناً ضَيِّقاً لضيق الرمح فى الزج‏ مُقَرَّنِينَ‏ يعنى موثقين فى الحديد قرناء مع الشياطين‏ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً - 13- يقول دعوا عند ذلك بالويل يقول الخزان: لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً يعنى ويلا واحدا وَ ادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً - 14- يعنى ويلا كثيرا لأنه دائم لهم أبدا قُلْ‏ لكفار مكة: أَ ذلِكَ‏ الذي ذكر من النار خَيْرٌ أفضل‏ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ يعنى‏

(1) نص الآية «... لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أَوْ يُلْقى‏ إِلَيْهِ كَنْزٌ، أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها» .

صفحه بعد