کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير مقاتل بن سليمان

الجزء الثالث

الجزء الرابع

الجزء الخامس

مقدمة

القسم الأول مقاتل بن سليمان

القسم الثاني منهج مقاتل فى تفسير القرآن الكريم

الباب الثاني النسخ عند مقاتل

تعقيب:

تفسير مقاتل بن سليمان


صفحه قبل

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏4، ص: 283

فاضطربت، و انكشفت فلما رأى ذلك، و لم يكن له عهد بالنساء وقع بها، قال الشيطان: يا برصيصا يا أعبد بنى إسرائيل ما صنعت؟ الزنا بعد العبادة يا برصيصا؟ إن هذه تخبر إخوتها بما أتيت لها فتفتضح فى بنى إسرائيل فاعمد إليها، فاقتلها و ادفنها فى التراب، ثم اصعد إلى صومعتك، و تب إلى اللّه، و تعبد فإذا جاء إخوتها، فسألوا عنها، فأخبرهم أنك دعوت لها، و أن الجنى طار عنها، و أنهم طاروا بها، فمن هذا الذي يتهمك فى بنى إسرائيل، فقتلها و دفنها فى الخربة، فلما جاء إخوتها، قالوا: أين أختنا؟ فقال: أختكم طارت بها الجن، فرجعوا و هم لا يتهمونه، فأتاهم الشيطان فى المنام، فقال: إن برصيصا قد فضح أختكم، فلما أصبحوا جعل كل واحد منهم يكلم صاحبه بما رأى، فتكلم بما رأى. فقال الآخر: لقد رأيت مثل ما رأيت. فقال الثالث:

مثل ذلك، فلم يرفعوا بذلك رأسا حتى رأوا ثلاث ليال، فانطلقوا إلى برصيصا، فقالوا: أين أختنا؟ فقال: لا أدرى طارت بها الجن، فدخلوا الخربة، فإذا هم بالتراب ناتئ فى الخربة فضربوه بأرجلهم فإذا هم بأختهم فأتوه، فقالوا:

يا عدو اللّه، قتلت أختنا. فانطلقوا إلى الملك فأخبروه، فبعث إليه فاستنزله، من صومعته، و نحتوا له خشبة، فأوثقوه عليها فأتاه الشيطان [191 ب‏] فقال: أ تعرفني يا برصيصا. قال: لا. قال: أنا الذي أنزلتك هذه المنزلة، فإن فعلت ما آمرك به استنقذتك، مما أنت فيه و أطلعتك إلى صومعتك؟ قال:

و بماذا؟ قال: أ نمثل لك فى صورتي، فتسجد لي سجدة واحدة و أنجيك مما هنا؟ قال: نعم. فتمثل له الشيطان فى صورته فسجد له و كفر باللّه، فانطلق الشيطان، و تركه، و قتل برصيصا، فذلك قوله: «كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ» قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ‏

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏4، ص: 284

- 16- فَكانَ عاقِبَتَهُما يعنى الشيطان و الإنسان‏ أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها الشيطان و الراهب‏ وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ‏ - 17- يقول هكذا ثواب المنافقين و اليهود النار، ثم حذر المؤمنين ولاية اليهود، فقال:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ‏ يعنى و لتعلم نفس‏ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ يعنى ما عملت لغد يعنى ليوم القيامة وَ اتَّقُوا اللَّهَ‏ يحذرهم ولاية اليهود إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ‏ - 18- من الخير و الشر، و من معاونة اليهود، ثم وعظ المؤمنين ألا يتركوا أمره «و لا يكونوا» «1» بمنزلة أهل الكتاب، فقال: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ‏ يعنى تركوا أمر اللّه‏ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ‏ أن يقدموا لها خيرا أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ‏ - 19- يعنى العاصين، ثم ذكر مستقر الفريقين فقال: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ يوم القيامة فى الثواب و المنزلة أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ‏ - 20- يعنى هم الناجون من النار، و أصحاب النار هم فى النار خالدون فيها أبدا، ثم وعظهم فقال: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ‏ الذي فيه أمره و نهيه، و وعده و وعيده، و حرامه و حلاله‏ عَلى‏ جَبَلٍ‏ و حملته إياه‏ لَرَأَيْتَهُ‏ يا محمد خاشِعاً يعنى خاضعا مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ‏ فكيف لا يرق هذا الإنسان و لا يخشى اللّه فأمر اللّه الناس الذين «هم» «2» أضعف من الجبل الأصم الذي عروقه فى الأرض السابعة و رأسه فى السماء أن يأخذوا القرآن بالخشية و الشدة، و التخشع، فضرب اللّه لذلك مثلا فقال:

(1) فى أ، ل، م: «يكونوا»، و فى ف: «و لا يكونوا».

(2) «هم»: زيادة اقتضاها السياق.

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏4، ص: 285

«وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ» «1» لَعَلَّهُمْ‏ يعنى لكي‏ يَتَفَكَّرُونَ‏ - 21- فى أمثال اللّه فيعتبروا فى الربوبية، فوحد الرب نفسه فقال: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ‏ يعنى غيب ما كان و ما يكون‏ وَ الشَّهادَةِ يعنى شهادته بالحق فى كل شي‏ء هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ‏ - 22- اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر، فلما ذكر «الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ» قال مشركون العرب ما نعرف الرحمن الرحيم إنما اسمه اللّه، فأراد اللّه- تعالى- أن يخبرهم أن له أسماء كثيرة فقال:

«هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ» اسم الرب- تعالى- هو اللّه و تفسير اللّه: «اسم» «2» «الربوبية» «3» القاهر لخلقه [192 أ] و سائر أسمائه على فعاله‏ «4» هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فوحد نفسه، فقال لنفسه: الْمَلِكُ‏ يعنى يملك كل شي‏ء دونه‏ الْقُدُّوسُ‏ يعنى الطاهر السَّلامُ‏ يسلم عباده من ظلمه‏ الْمُؤْمِنُ‏ يؤمن أولياؤه من عذابه‏ الْمُهَيْمِنُ‏ يعنى الشهيد على عباده بأعمالهم من خير أو شر، كقوله‏ «... وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ‏ «5» ...» كقوله: «... شاهِداً عَلَيْكُمْ‏ «6» ...» على عباده بأعمالهم من خير أو شر

(1) «وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ» : ساقط من أ.

(2) فى أ: «اسما»، و فى ف: «اسم».

(3) فى أ: «لربوبيته»، و فى ف: «الربوبية».

(4) فى أ: زيادة: «قال أبو صالح أله العباد كلهم إليه كما بله الطفل إلى ثدي أمه أله العباد إليه أى أحوجهم إليه»، و ليست فى ف.

(5) سورة المائدة: 48، و تمامها: «وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ» .

(6) سورة المزمل: 15 و تمامها: «إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى‏ فِرْعَوْنَ رَسُولًا» .

و قد سقطت «عليكم» من الأصل فأثبتها طبقا لمنطوق الآية.

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏4، ص: 286

المصدق بكتابه الذي أنزله على محمد- صلى اللّه عليه و سلم- الْعَزِيزُ يعنى المنيع بقدرته فى ملكه‏ الْجَبَّارُ يعنى القاهر على ما أراد بخلقه‏ الْمُتَكَبِّرُ يعنى المتعظم على كل شي‏ء سُبْحانَ اللَّهِ‏ نزه الرب نفسه عن قولهم البهتان‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏ - 23- معه فنزه الرب نفسه أن يكون له شريك فقال:

«سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ» معه غيره أن يكون له شريك، ثم «قال عن نفسه» «1» هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ‏ يعنى خالق كل شي‏ء خلق النطفة و المضغة، ثم قال:

الْبارِئُ‏ الأنفس حين «برأها» «2» بعد مضغة إنسانا فجعل له العينين، و الأذنين، و اليدين، و الرجلين، ثم قال: الْمُصَوِّرُ فى الأرحام، كيف يشاء ذكر و أنثى، أبيض و أسود، سوى و غير سوى، ثم قال: لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ يعنى الرحمن الرحيم العزيز الجبار المتكبر ... و نحوها من الأسماء يعنى هذه الأسماء التي ذكرها فى هذه السورة، ثم قال: يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ يعنى يذكره: «يوحده» «3» ما فى السموات و الأرض «و ما فيهما» «4» ، من الخلق و غيره‏ وَ هُوَ الْعَزِيزُ فى ملكه‏ الْحَكِيمُ‏ - 24- فى أمره، قوله: «الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ» الرحيم أرق من الرحمن يعنى المترحم يعنى المتعطف بالرحمة على خلقه.

حدثنا عبد اللّه قال: حدثني أبى: و حدثنا الهذيل عن سعيد بن بشير: عن قتادة: عن ابن سيرين: عن النبي- صلى اللّه عليه و سلم-: و بإسناده عن‏

(1) فى أ: «ثم قال لنفسه»، و لعل أصلها: «قال عن نفسه».

(2) فى أ: «براها».

(3) «يوحده»: كذا فى أ، ف، و الأنسب «و يوحده»، بزيادة واو المعطف.

(4) فى أ: «ما فيهما»، و فى ف: «و من فيهما».

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏4، ص: 287

مقاتل: عن قتادة: عن ابن سيرين: عن أبى هريرة عن النبي- صلى اللّه عليه و سلم- قال: «إن للّه تسعة و تسعين اسما فى القرآن فمن أحصاها دخل الجنة».

حدثنا عبد اللّه قال: حدثني أبى قال: حدثنا الهذيل عن المسيب:

قال‏ «سُبْحانَ اللَّهِ» : «انصاف» «1» للّه من السوء.

و

قال على بن أبى طالب- رضى اللّه عنه-: «سُبْحانَ اللَّهِ» كلمة رضيها اللّه لنفسه.

و قال الهذيل: قال مقاتل: «سُبْحانَ اللَّهِ» كل شي‏ء فى القرآن‏ «2» تنزيه نزه نفسه. من السوء إلا أول بنى إسرائيل‏ «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ» «3» يقول عجب، و «سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ» «4» يعنى عجب الذي خلق الأزواج، و قوله: «فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ» «5» يقول صلوا للّه.

حدثنا عبد اللّه قال: حدثني أبى قال: حدثنا الهذيل عن هشيم عن داود ابن أبى هند: عن مطرف بن الشخير قال: إن اللّه- تعالى- لم يكلنا فى القرآن على القدر.

(1) فى ف: «انكفأ»، و فى أ: «انكاف»، و لعل أصلها «انصاف».

(2) كذا فى أ، ف، «المراد»، كل لفظ «سُبْحانَ اللَّهِ» فى القرآن.

(3) سورة الإسراء: 1.

(4) سورة يس: 36، فى الأصل‏ «سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ» مع أن الواو حرف عطف و ليست فى الآية فالأولى كتابتها، سبحان الذي خلق الأزواج.

(5) سورة الروم الآية 17، رضوا بها (فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) ، بينا هي فى الأصل، و قوله ( فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) .

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏4، ص: 289

صفحه بعد