کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير من وحى القرآن

الجزء الأول

مقدمة الطبعة الثانية تأملات في المنهج البياني للقرآن مقدمة الطبعة الأولى

سورة البقرة مدنية و آياتها مائتان و سبع و ثمانون

سورة البقرة بين الاسم و المسمى مواضيع السورة

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

الجزء الثالث

بقية سورة البقرة

الجزء الرابع

بقية سورة البقرة

الجزء الخامس

بقية سورة البقرة

سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان 1 - 41

مدخل عام

الجزء السادس

بقية سورة آل عمران

الجزء السابع

سورة النساء مدنية و اياتها مائة و ست و سبعون

سبب التسمية القرآن يتحدث عن النساء في أكثر من سورة المفهوم الإسلامي عن المرأة في النظرة و التشريع كيف نفهم موقف التشريع من شهادة المرأة؟ الضعف ليس قدر المرأة الحتمي القران يضرب المثل بالمرأة القوية لماذا هذا التأكيد على الضعف في التشريع؟ الآيات‏[سورة النساء(4): الآيات 131 الى 134]

الجزء الثامن

سورة المائدة مدنية و آياتها مائة و عشرون

سبب التسمية أغراض هذه السورة

الجزء التاسع

سورة الأنعام مكية و آياتها مائة و خمس و ستون

سورة الأنعام مكية خصائص السور المكية و المدنية بين أسلوب القرآن و أسلوب الفلسفة دروس سورة الأنعام

الجزء العاشر

سورة الأعراف مكية و آياتها مائتان و ست

في أجواء السورة

سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون

سبب التسمية مناسبة النزول موضوع السورة

الجزء الحادي عشر

سورة التوبة مدنية و آياتها مائة و تسع و عشرون

سورة يونس مكية و آياتها مائة و تسعة

الأجواء العامة لسورة يونس

الجزء الثاني عشر

سورة هود مكية و آياتها مائة و ثلاث و عشرون

سورة يوسف مكية و آياتها مائة و احدى عشرة

جولة في آفاق السورة

الجزء الثالث عشر

سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون

آفاق سورة الرعد

سورة إبراهيم مكية و آياتها اثنان و خمسون

أجواء سورة إبراهيم العامة

سورة الحجر مكية و آياتها تسعة و تسعون

أجواء سورة الحجر العامة الآيات‏[سورة الحجر(15): الآيات 1 الى 5]

سورة النحل مكية و آياتها مائة و ثمان و عشرون

أجواء سورة النحل العامة

الجزء الرابع عشر

سورة الإسراء مكية و آياتها مائة و خمس و ثلاثون

سبب التسمية سورة بني إسرائيل الإسراء بين الإجمال و التفصيل الخلاف في كيفية الإسراء حجية الخبر الواحد و قضايا الدين في أجواء السورة

سورة الكهف مكية و آياتها مائة و عشرة

سورة الكهف بين الاسم و المضمون

الجزء الخامس عشر

سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون

سبب التسمية في أجواء السورة

سورة طه مكية و آياتها مائة و خمس و ثلاثون

مدخل عام للسورة

سورة الأنبياء مكية و آياتها مائة و اثنتا عشرة

جولة في آفاق السورة بين الإنسان الغافل و النبي الداعية

الجزء السادس عشر

سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون

سبب التسمية

سورة المؤمنون مكية و آياتها مائة و تسع عشرة

سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون

سبب التسمية مضمون السورة

الجزء السابع عشر

سورة الفرقان مكية و آياتها سبع و سبعون

سورة الشعراء مكية و آياتها مائتان و سبع و عشرون

سورة النمل مكية و آياتها ثلاث و سبعون

سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون

الجزء الثامن عشر

سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون

الآية[سورة العنكبوت(29): آية 69]

سورة الروم مكية و آياتها ستون

الأجواء العامة لسورة الروم

سورة لقمان مكية و آياتها أربع و ثلاثون

في آفاق سورة لقمان شخصية لقمان أغراض السورة

سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون

الآيات‏[سورة الأحزاب(33): الآيات 45 الى 48]

الجزء التاسع عشر

سورة سبأ مكية و آياتها أربع و خمسون

في أجواء السورة

سورة فاطر مكية و آياتها خمس و أربعون

سورة يس مكية و آياتها ثلاث و ثمانون

في آفاق السورة

سورة الصافات مكية و آياتها مائة و اثنان و ثمانون

في أجواء السورة

سورة ص مكية و آياتها ثمان و ثمانون

في أجواء السورة الآيات‏[سورة ص(38): الآيات 27 الى 29] الآيتان‏[سورة ص(38): الآيات 65 الى 66]

سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون

في أجواء السورة

الجزء العشرون

سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون

في أجواء السورة سبب التسمية

سورة فصلت مكية و آياتها أربع و خمسون

في أجواء السورة أصل تسمية السورة

سورة الشورى مكية و آياتها ثلاث و خمسون

في أجواء السورة

سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون

في أجواء السورة و تسميتها

سورة الجاثية مكية و آياتها سبع و ثلاثون

في أجواء السورة و سبب التسمية الآيتان‏[سورة الجاثية(45): الآيات 14 الى 15]

الجزء الحادي و العشرون

سورة الأحقاف مكية و آياتها خمس و ثلاثون

في أجواء السورة اسم السورة

سورة محمد مكية و آياتها ثمان و ثلاثون

في أجواء السورة

سورة الفتح مدنية و آياتها تسع و عشرون

في أجواء السورة صلح الحديبية: الصلح الفاتح

سورة الحجرات مدنية و آياتها ثماني عشرة

أجواء، السورة و تسميتها

سورة الذاريات مكية و آياتها ستون

في أجواء السورة

الجزء الثاني و العشرون

سورة الحديد مدنية و آياتها تسعه و عشرون

في أجواء السورة سبب التسمية الآيتان‏[سورة الحديد(57): الآيات 28 الى 29]

سورة المجادلة مدنية و آياتها اثنتان و عشرون

الجزء الثالث و العشرون

سورة المدثر مكية و آياتها ست و خمسون

في أجواء السورة

الجزء الرابع و العشرون

تفسير من وحى القرآن


صفحه قبل

تفسير من وحى القرآن، ج‏1، ص: 40

العامة للوجه الإسلامي الأصيل، و أن نواجه ذلك كله بالموقف الذي يؤكد على أن المسألة ليست مجرد كلمة تذكر أو تحذف، بل هي عنوان للخط، و حركة في المسيرة، مما يجعل الاستهانة بها استهانة بالمعنى الأصيل الذي تمثله في معنى العقيدة الإسلامية.

بِسْمِ اللَّهِ‏

أي: أبتدئ باسم اللَّه. و هذا هو المعنى المتبادر من جوّ الكلمة في متعلّق الجار و المجرور، لأنّ المقصود هو الابتداء باسم اللَّه في إيحاءاته بارتباط الفعل و هو القراءة، أو الانفتاح على المضمون الذي تشتمل عليه السورة في المعاني العامّة التي أراد اللَّه بيانها في تفاصيل آياتها، لأن البداية عند ما تكون‏ بِسْمِ اللَّهِ‏ ، فإنها تفتح و عي الإنسان على كلام اللَّه النازل من خلال وحيه، مما يجعل من الابتداء باسمه مدخلًا للانفتاح عليه على أساس ما يرمز إليه اسم اللَّه من الذات المقدسة المطلقة التي يرجع إليها الأمر كله، فتكون بداية كل شي‏ء منه و نهايته إليه.

و كلمة الجلالة «اللَّه» لا تدل إلا على ذاته سبحانه، بالوضع، أو لغلبة الاستعمال، و ذلك من خلال التبادر الذي يوحي بذلك.

و على ضوء هذا، فإن الكلمة تحمل الوضوح الصافي المشرق الذي يجعل التصور في مستوى الحقيقة التي لا مجال فيها للغموض أو الاشتباه، بحيث لا يبقى هناك مجال للحاجة إلى أيّ تأويل أو تفسير، و لذلك كانت كلمة التوحيد: «لا إله إلّا اللَّه» تعني الالتزام بالوحدانية من دون حاجة إلى أيّ لفظ آخر يكمل المعنى، لتعيّن المعنى التوحيدي من خلال الكلمة.

تفسير من وحى القرآن، ج‏1، ص: 41

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

هاتان الكلمتان الدالّتان على وصف واحد هو الرحمة، التي تمثل، في مدلولها الإنساني، حالة انفعال إيجابيّ، تصيب القلب بفعل احتضانه لآلام الآخرين و آمالهم و مشاكلهم، في رعاية محبّبة، و عناية و دودة، و حنان دافق، و تنفذ إلى عمق حاجتهم، إلى العاطفة المنفتحة على كل كيانهم الجائع إلى الحنان الظامئ و إلى الحب المتحرك نحو احتواء الموقف كله.

أمّا في الجانب الإلهي، فهي لا تقترب من مشاعر الانفعال الممتنع على اللَّه، لأنه من حالات الجسد المادّي، و لكنها تنطلق في النتائج العملية المنفتحة على وجود الإنسان الذي يمثل وجها من وجوه حركة الرحمة الإلهية لديه، و على كل تفاصيل حياته في النعم التي يغدقها اللَّه عليه، و على كل مواقع خطاياه التي يغفرها اللَّه له، و على كل مجالات حركته العامة أو الخاصة في آلامه و مشاكله ليخفّفها عنه أو ليبعدها عن حياته، و على كل تطلعاته في أحلامه، ليحقّقها له، و على كل مصيره في الدنيا و الآخرة ليجعل السعادة له في دائرة رضوانه في ذلك كله.

الوجود مظهر الرحمة الإلهية

إن الوجود كله هو مظهر الرحمة الإلهية التي هي صفة من صفات الكمال للَّه في ما تعبّر عنه من الموقع الرحيم الذي يطل به اللَّه على الوجود و على‏

تفسير من وحى القرآن، ج‏1، ص: 42

الإنسان في كل مواقعه في داخل طبيعة الوجود و في عمق حركته، و هذا ما يريد اللَّه في الإنسان أن يتصوره به، ليشعر- دائماً- بقربه إليه من خلال حركة الرحمة التي وسعت كل شي‏ء، باعتبار أنها تلاحق الإنسان لتضمّد له جراحة، و لتفتح قلبه على الأمل كله و الخير كله، و لتعده بمستقبل مشرق كبير. و هذا هو ما يوحي به‏

الدعاء المأثور: «اللهم إن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك فإن رحمتك أهل أن تبلغني و تسعني لأنها وسعت كل شي‏ء».

و لعل هذا هو الأسلوب التربوي الذي يعمل على تأكيد التصور الإنساني للَّه من موقع الرحمة، بيبقى قريبا منه في مواقع حاجته إليه، من حيث الأفق الواسع الملي‏ء بالعطف و الطف و الحنان و الرضوان. و لعل هذا الأسلوب أيضا، هو الذي أوجب التعبير عن الرحمة بكلمتين، ليزداد تأكيد هذا المضمون في الوعي الشعوري للإنسان تجاه ربه.

و إذا كان التأكيد يمثل لونا من التكرار للفكرة، فإنّ الحاجة إليه لا تقتصر على دفع احتمال الاشتباه، كما يقرر النحويون، بل قد تكون المسألة فيه هي الحاجة إلى تعميق المعنى الذي تتضمنه الكلمة بشكل عميق واسع، مما لا يحصل الإنسان عليه بالكلمة الواحدة فلا ينافي ذلك بلاغة القرآن، لأن التأكيد في مدلوله التصويري التعميقي لا يكرّر المعنى بشكل جامد، بل يعمقه بشكل حيّ متحرك.

المفسرون و الفرق بين الرحمن و الرحيم‏

و قد أفاض المفسرون في توضيح الفرق بين الكلمتين، فذهب بعض‏

تفسير من وحى القرآن، ج‏1، ص: 43

منهم إلى أن‏ الرَّحْمنِ‏ هو المنعم بجلائل النعم، و أن‏ الرَّحِيمِ‏ هو المنعم بدقائقها، و ذهب آخرون إلى أن‏ الرَّحْمنِ‏ هو المنعم على جميع الخلق، و أن‏ الرَّحِيمِ‏ هو المنعم على المؤمنين خاصة، و ذهب رأي ثالث إلى أن الوصفين بمعنى واحد، و أن الثاني تأكيد للأول.

و ذكر بعض المفسرين أن صيغة الرحمن مبالغة في الرحمة، و يعلّق السيد الخوئي (قده) عليه فيقول:

«و هو كذلك في خصوص هذه الكلمة، سواء أ كانت هيئة فعلان مستعملة في المبالغة أم لم تكن، فإن كلمة الرَّحْمنِ‏ في جميع موارد استعمالها محذوفة المتعلق، فيستفاد منها العموم و أن رحمته وسعت كل شي‏ء، و مما يدلنا على ذلك، أنه لا يقال: إن اللَّه بالناس أو بالمؤمنين لرحمن، كما يقال:

إن اللَّه بالناس أو بالمؤمنين لرحيم».

أمّا صفة الرَّحِيمِ‏ فهي «صفة مشبّهة أو صيغة مبالغة. و من خصائص هذه الصيغة أنها تستعمل غالباً في الغرائز و اللوازم غير المنفكّة عن الذات كالعليم و القدير و الشريف و الوضيع و السخي و البخيل و العلي و الدانيّ.

فالفارق بين الصفتين: أن الرحيم يدل على لزوم الرحمة للذات و عدم انفكاكها عنها، و الرحمن يدل على ثبوت الرحمة فقط، و مما يدلّ على أن الرحمة في كلمة «الرَّحِيمِ» غريزة و سجيّة: أن هذه الكلمة، لم ترد في القرآن عند ذكر متعلقها إلّا متعدية بالباء، فقد قال تعالى:

إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ‏ [البقرة: 143]، وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب: 43].

فكأنها عند ذكر متعلقها انسلخت عن التعدية إلى اللزوم» «1» .

(1) الخوئي، أبو القاسم، البيان في تفسير القرآن، دار الزهراء، ط: 6، 1412 ه- 1992 م، ص: 429- 430.

تفسير من وحى القرآن، ج‏1، ص: 44

و هناك وجوه أخرى، و لكنا لا نجد وجها واضحا لهذه الاحتمالات، فهي لم ترتكز إلى دليل واضح.

نقاش رأي السيد الخوئي (قده)

أمّا ما ذكره أستاذنا المحقق السيد الخوئي- قده-، من دلالة كلمة الرَّحْمنِ‏ على المبالغة في الرحمة، إمّا لكونها من صيغ المبالغة، كما ذكر البعض، و إمّا لحذف المتعلق مما يفيد العموم، فهو غير واضح، لأنّ دلالتها على المبالغة لم تثبت، و ربما كانت ملاحظة ما كان على هذا الوزن من الكلمات الأخرى تدفع ذلك، كما أن حذف المتعلق لا يفيد العموم دائما، فربما كان ذلك من أجل التركيز على المبدأ. أمّا بالنسبة إلى صيغة «فعيل» فقد تستعمل في ما يكون من قبيل الغرائز، و لكنها قد تستعمل في غيره.

و هناك وجه آخر قد يكون أقرب الوجوه إلى الاعتبار، و هو الذي ذكره بعض المتأخرين؛ و خلاصته أن الوصفين متغايران تمام التغاير، فالرحمن صفة ذاتية هي مبدأ الرحمة و الإحسان، و الرحيم صفة فعل تدل على وصول الرحمة و الإحسان و تعدّيهما إلى المنعم عليه. و يدلّ على هذا أن الرحمن لم تذكر في القرآن إلّا مجرى عليها الصفات كما هو شأن أسماء الذات: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ‏ [الإسراء: 110] لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ‏ [الزخرف: 33] أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً [مريم: 91] إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ‏ [مريم: 45] الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ‏ [الرحمن: 1- 2] الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ [طه:

5] و هكذا ...

أمّا الرَّحِيمِ‏ فقد كثر استعمالها و صفا فعليا، و جاءت بأسلوب‏

تفسير من وحى القرآن، ج‏1، ص: 45

التعدية و التعلق بالمنعم عليه: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ‏ [البقرة: 143] وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب: 43] وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏ [يونس:

107]، كما جاءت الرحمة كثيرا على هذا الأسلوب: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ [الأعراف: 156] يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ‏ [الكهف: 16]، و لم ير في القرآن تعبير ما برحمانية اللَّه‏ «1» .

و قد نستطيع التعبير عن هذا الوجه بأن كلمة الرَّحْمنِ‏ هي صفته في ذاته، بينما الرَّحِيمِ‏ تمثل صفته في حركة الرحمة في خلقه. و لعلّ هذا هو المتبادر للذهن من موارد استعمالها؛ و اللَّه العالم.

موقع البسملة في القرآن‏

و يبقى لنا سؤال آخر و هو: هل البسملة آية من القرآن أو أنها آية من الفاتحة فقط، أو أنها آية مستقلة نزلت للفصل بين السور مرّة واحدة؟

يذكر بعض المفسرين، في ما نقله عن كثير من العلماء، أنها لم تعرف بتمامها عند المسلمين، إلّا بعد أن نزلت سورة «النمل»، و أنهم كانوا يقولون أولا: «باسمك اللهم»، ثم قالوا: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» تبعاً لما جاء في السورة من قوله تعالى: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ «2» [النمل:

30].

و نحن لم نجد لهذا القول مصدراً ثابتا من الناحية التاريخية التي ذكرها هؤلاء.

(1) شلتوت، محمود، تفسير القرآن الكريم، ص: 26.

(2) م. ن، ص: 18.

تفسير من وحى القرآن، ج‏1، ص: 46

و قد «اتفقت الشيعة الإمامية على أن البسملة آية من كل سورة بدئت بها.

و ذهب إليه ابن عباس، و ابن المبارك، و أهل مكة كابن كثير، و أهل الكوفة كعاصم، و الكسائي، و غير هما ما سوى حمزة، و ذهب إليه أيضا غالب أصحاب الشافعي، و جزم به قرّاء مكة و الكوفة، و حكي هذا القول عن ابن عمر، و ابن الزبير، و أبي هريرة، و عطاء و طاوس، و سعيد بن جبير، و مكحول، و الزهري، و أحمد بن حنبل في رواية عنه، و إسحاق بن راهويه، و أبو عبيد القاسم بن سلام، و عن البيهقي نقل هذا القول عن الثوري، و محمد بن كعب، و اختاره الرازي في تفسيره و نسبه إلى قرّاء مكة و الكوفة و أكثر فقهاء الحجاز، و إلى ابن المبارك و الثوري، و اختاره أيضا جلال الدين السيوطي مدّعيا تواتر الروايات الدّالة عليه معنى.

و قال بعض الشافعية و حمزة: إنها آية من فاتحة الكتاب خاصة دون غيرها. و نسبت ذلك إلى أحمد بن حنبل، كما نسبت إليه القول الأول.

و ذهب جماعة منهم: مالك، و أبو عمرو، و يعقوب إلى أنها آية فذّة، و ليست جزءاً من فاتحة الكتاب و لا من غيرها، و قد أنزلت لبيان رؤوس السور تيمناً و للفصل بين السورتين، و هو مشهور بين الحنفية.

غير أن أكثر الحنفية ذهبوا إلى وجوب قراءتها في الصلاة قبل الفاتحة، و ذكر الزاهدي عن المجتبى أن وجوب القراءة في كل ركعة هي الرواية الصحيحة عن أبي حنيفة.

و أمّا مالك فقد ذهب إلى كراهة قراءتها في نفسها، و استحبابا لأجل الخروج من الخلاف» «1» .

و قد نلاحظ في هذه المسألة، أن المشكلة المطروحة التي تخضع لها

صفحه بعد