کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
من دعاء عمرو بن عبيد 4900 اللهم أغنني بالافتقار إليك و لا تفقرني بالاستغناء عنك اللهم أعني على الدنيا بالقناعة و على الدين بالعصمة.
شكا رجل إلى الحسن رحمه الله تعالى رجلا يظلمه فقال له إذا صليت الركعتين بعد المغرب فاسجد و قل يا شديد القوى يا شديد المحال يا عزيز أذللت لعزك جميع من خلقت فصل على محمد و آل محمد و اكفني مئونة فلان بما شئت فدعا بها فلم يرعه إلا الواعية 4901 بالليل فسأل فقيل مات فلان فجأة.
قال موسى ع يا رب إنك لتعطيني أكثر من أملي قال لأنك تكثر من قول ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ .
كان بعض الصالحين يقول قبل الصلاة يا محسن قد جاءك المسيء و قد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك اللهم ارزقني عمل الخائفين و خوف العاملين حتى أنعم بترك 4902 التنعم طمعا فيما وعدت و خوفا مما أوعدت.
و من الأدعية الجامعة اللهم أغنني بالعلم و زيني بالحلم و جملني بالعافية و كرمني بالتقوى.
أحمد بن يوسف كاتب المأمون إذا دخل عليه حياة بتحية أبرويز الملك عشت الدهر و نلت المنى و جنبت طاعة النساء.
و من الدعاء المروي عن رسول الله ص اللهم اغفر لي ذنوبي و خطاياي كلها اللهم أنعشني و أجزني و انصرني و اهدني لصالح الأعمال و الأخلاق
إنه لا يهدي لصالحها و لا يصرف عن سيئها إلا أنت اللهم إني أسألك الثبات في الأمر و العزيمة على الرشد و أسألك شكر نعمتك و حسن عبادتك و أسألك قلبا سليما و لسانا صادقا و أسألك من خير ما تعلم و أعوذ بك من شر ما تعلم و أستغفرك لما تعلم إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ .
آداب الدعاء
قالوا و من آداب الدعاء أن ترصد له الأوقات الشريفة كما بين الأذان و الإقامة و كوقت السجود و وقت السحر و يستحب أن يدعو مستقبل القبلة رافعا يديه
لما روى سلمان عن النبي ص أن ربكم كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا و يستحب أن يمسح بهما وجهه بعد الدعاء فإن ذلك قد روي عن رسول الله ص
و يكره أن يرفع بصره إلى السماء
لقوله ع لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء عند الدعاء أو لتخطفن أبصارهم.
و قد رخص في ذلك للصديقين و الأئمة العادلين و يستحب أن يخفض صوته لقوله تعالى ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً 4903 و قد روي أن عمر سمع رجلا يجهر بالدعاء فقال لكن زكريا نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا .
و يكره أن يتكلف 4904 الكلام المسجوع و يستحب الإتيان بالمطبوع منه
لقوله ص إياكم و السجع في الدعاء بحسب أحدكم أن يقول اللهم إني أسألك الجنة و ما قرب إليها من قول أو عمل و أعوذ بك من النار و ما قرب إليها من قول أو عمل.
و قيل في الوصية الصالحة ادع ربك بلسان الذلة و الاحتقار لا بلسان الفصاحة و التشدق.
و قال سفيان بن عيينة لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلمه من نفسه فإن الله تعالى أجاب دعاء شر خلقه إبليس حيث قال أَنْظِرْنِي 4905 .
النبي ص إذا سأل أحدكم ربه مسألة فتعرف الإجابة 4906 فليقل الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و من أبطأ عنه شيء من ذاك فليقل الحمد لله على كل حال.
و من الآداب أن يفتتح بالذكر و إلا يبتدئ بالمسألة
كان رسول الله ص قبل أن يدعو يقول سبحان ربي العلي الوهاب.
أبو سليمان الداراني من أراد أن يسأل الله تعالى حاجته فليبدأ بالصلاة على رسول الله ص ثم يسأل حاجته ثم يختم بالصلاة على رسول الله ص فإن الله تعالى يقبل الصلاتين و هو أكرم من أن يدع ما بينهما.
و من دعاء علي ع اللهم صن وجهي باليسار و لا تبذل جاهي بالإقتار فأسترزق طالبي رزقك و أستعطف شرار خلقك و أبتلي بحمد من أعطاني و أفتتن بذم من منعني و أنت من وراء ذلك كله ولي الإعطاء و المنع إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
و من دعاء الحسن رحمه الله تعالى اللهم إني أعوذ بك من قلب يعرف و لسان يصف و أعمال تخالف.
و من دعاء أهل البيت ع و فيه رائحة من كلام أمير المؤمنين ع الذي نحن في شرحه اللهم إني أستغفرك لما تبت منه إليك ثم عدت فيه و أستغفرك
لما وعدتك من نفسي ثم أخلفتك و أستغفرك للنعم التي أنعمت بها علي فتقويت على معصيتك و أستغفرك من كل ذنب تمكنت منه بعافيتك و نالته يدي بفضل نعمتك و انبسطت إليه بسعة رزقك و احتجبت فيه عن الناس بسترك و اتكلت فيه على أكرم عفوك اللهم إني أعوذ بك أن أقول حقا ليس فيه رضاك ألتمس به أحدا سواك و أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك و أعوذ بك أن أكون عبرة لأحد من خلقك و أن يكون أحد من خلقك أسعد بما علمتني مني و أعوذ بك أن أستعين بمعصية لك على ضر يصيبني.
كان أبو مسلم الخولاني إذا أهمه أمر قال يا مالك يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ .
و من دعاء علي ع اللهم إن تهت عن مسألتي و أعميت عن طلبتي فدلني على مصالحي و خذ بقلبي إلى مراشدي اللهم احملني على عفوك و لا تحملني على عدلك.
78 و من كلام له ع قاله لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى الخوارج
و قد قال له إن سرت يا أمير المؤمنين في هذا الوقت خشيت ألا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم فَقَالَ ع: أَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدِي إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا صُرِفَ عَنْهُ السُّوءُ وَ تُخَوِّفُ مِنَ السَّاعَةِ الَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا حَاقَ بِهِ الضُّرُّ فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْآنَ وَ اسْتَغْنَى عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ فِي نَيْلِ الْمَحْبُوبِ وَ دَفْعِ الْمَكْرُوهِ وَ تَبْتَغِي فِي قَوْلِكَ لِلْعَامِلِ بِأَمْرِكَ أَنْ يُولِيَكَ الْحَمْدَ دُونَ رَبِّهِ لِأَنَّكَ بِزَعْمِكَ أَنْتَ هَدَيْتَهُ إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي نَالَ فِيهَا النَّفْعَ وَ أَمِنَ الضُّرَّ ثُمَّ أَقْبَلَ ع عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَ تَعَلُّمَ النُّجُومِ إِلَّا مَا يُهْتَدَى بِهِ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَى الْكَهَانَةِ الْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ وَ الْكَاهِنُ كَالسَّاحِرِ وَ السَّاحِرُ كَالْكَافِرِ وَ الْكَافِرُ فِي النَّارِ سِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ.
حاق به الضر أي أحاط به قال تعالى وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ 4907 .
و يوليك الحمد مضارع أولاك و أولاك معدى بالهمزة من ولي يقال ولي
الشيء ولاية و أوليته ذلك أي جعلته واليا له و متسلطا عليه و الكاهن واحد الكهان و هم الذين كانوا يخبرون عن الشياطين بكثير من الغائبات
القول في أحكام النجوم
و اعلم أن الناس قد اختلفوا في أحكام النجوم فأنكرها جمهور المسلمين و المحققون من الحكماء و نحن نتكلم هاهنا في ذلك و نبحث فيه بحثين بحثا كلاميا و بحثا حكميا.
أما البحث الكلامي هو أن يقال أما أن يذهب المنجمون إلى أن النجوم مؤثرة أو أمارات.
و الوجه الأول ينقسم قسمين أحدهما أن يقال إنها تفعل بالاختيار و الثاني أن تفعل بالإيجاب.
و القول بأنها تفعل بالاختيار باطل لأن المختار لا بد أن يكون قادرا حيا و الإجماع من المسلمين حاصل على أن الكواكب ليست حية و لا قادرة و الإجماع حجة و قد بين المتكلمون أيضا أن من شرط الحياة الرطوبة و أن تكون الحرارة على قدر مخصوص متى أفرط امتنع حلول الحياة في ذلك الجسم فإن النار على صرافتها يستحيل أن تكون حية و أن تحلها الحياة لعدم الرطوبة و إفراط الحرارة فيها و اليبس و الشمس أشد حرارة من النار لأنها على بعدها تؤثره النار على قربها و ذلك دليل على أن حرارتها أضعاف حرارة النار و بينوا أيضا أنها لو كانت حية قادرة لم يجز أن تفعل في غيرها ابتداء لأن القادر بقدرة لا يصح منه الاختراع و إنما يفعل في غيره على سبيل التوليد و لا بد من وصلة بين الفاعل و المفعول فيه و الكواكب غير مماسة لنا فلا وصلة بينها و بيننا فيستحيل أن تكون فاعلة فينا.
فإن ادعى مدع أن الوصلة هي الهواء فعن ذلك أجوبة أحدها أن الهواء لا يجوز أن يكون وصلة و آلة في الحركات الشديدة و حمل الأثقال لا سيما إذا لم يتموج.
و الثاني أنه كان يجب أن نحس بذلك و نعلم أن الهواء يحركنا و يصرفنا كما نعلم في الجسم إذا حركنا و صرفنا بآلة موضع تحريكه لنا بتلك الآلة.
و الثالث أن في الأفعال الحادثة فينا ما لا يجوز أن يفعل بآلة و لا يتولد عن سبب كالإرادات و الاعتقادات و نحوها.
و قد دلل أصحابنا أيضا على إبطال كون الكواكب فاعلة للأفعال فينا بأن ذلك يقتضي سقوط الأمر و النهي و المدح و الذم و يلزمهم ما يلزم المجبرة و هذا الوجه يبطل كون الكواكب فاعلة فينا بالإيجاب كما يبطل كونها فاعلة بالاختيار.
و أما القول بأنها أمارات على ما يحدث و يتجدد فيمكن أن ينصر بأن يقال لم لا يجوز أن يكون الله تعالى أجرى العادة بأن يفعل أفعالا مخصوصة عند طلوع كوكب أو غروبه أو اتصاله بكوكب آخر.
و الكلام على ذلك بأن يقال هذا غير ممتنع لو ثبت سمع مقطوع به يقتضي ذلك فإن هذا مما لا يعلم بالعقل.
فإن قالوا نعلم بالتجربة.