کتابخانه روایات شیعه
قطعها. و لذلك سمي باللقم، لأنه يلتقمهم أو يلتقمونه.
و قيل: يناسب ابتلاع الصراط السالك، السير الى اللّه. فان هذا السير، ينتهي الى فناء السالك، و ذلك هو ابتلاع الصراط ايّاه. و ابتلاع السالك الصراط، يناسب السير في اللّه. فان السالك حينئذ، يبقى ببقاء اللّه سبحانه. و يسير في صفاته. و يتحقق بها. فكأنه يتبلعها و يتغذى بها.
و «الصراط»، من قلب السين، صادا، لأجل الطاء. لأنها مستعلية. فتوافقها الصاد، لكونها- أيضا- من المستعلية. بخلاف السين، فإنها من المنخفضة. ففي الجمع بينهما، بعض الثقل. و يشم الصاد، صوت الزاي، ليكتسى بذلك نوع جهر فيزداد قربها من الطاء. و قيل: ليكون أقرب الى المبدل عنه. و قرئ بهن، جميعا.
و الأفصح، اخلاص الصاد. و هي لغة قريش. و الجمع، سرط، ككتب.
و «الصراط»، يذكر و يؤنث، كالطريق، 372 ، و السبيل. و قرأ ابن مسعود، أرشدنا.
قيل: المراد «بالمستقيم»، ما يؤدي الى المقصود، سواء كان أقرب الطرق، أم لا. فغير المستقيم، ما لا يؤدي الى المقصود، أصلا.
أو المراد، أقرب الطرق، الى المقصود. فان أقرب خط، وصل بين نقطتين، هو المستقيم. فغير المستقيم، على هذا، لا يجب أن يكون من طرق الضلال المطلق. بل يكون أعم.
أو المراد به، أعدل الطرق، و هو غير المائل عنه، يمنة و يسرة.
قيل: فطلب الهداية الى الأول، يناسب أهل السعادة، مطلقا.
و الى الثاني، يناسب المتوجهين اليه، بالوجه الخاص. فانه أقرب الطرق.
و الى الثالث، يناسب طالبي مرتبة الجمع بين الجمع و الفرق. فان طريقهم، غير مائل الى يمين الجمع و لا الى يسار الفرق.
و قيل 373 : المراد به، ملة الإسلام.
و في من لا يحضره الفقيه 374 : و في ما ذكره الفضل من العلل، عن الرضا- عليه السلام- أنه قال : اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، استرشاد لدينه. و اعتصام بحبله.
و استزادة في المعرفة، لربه- عز و جل- و لعظمته و كبريائه.
و في مجمع البيان 375 ، قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله -: ان اللّه تعالى، منّ عليّ بفاتحة الكتاب- الى قوله- اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صراط الأنبياء.
و هم الذين أنعم اللّه عليهم.
و فيه 376 : قيل في معنى «الصراط» وجوه. أحدها، أنه كتاب اللّه . و هو المروي عن النبي- صلى اللّه عليه و آله- و عن علي- عليه السلام.
و في تفسير علي بن ابراهيم 377 : في الموثق، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام - اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، قال: الطريق و معرفة الامام.
و بإسناده 378 ، الى أبي عبد اللّه- عليه السلام- قال : و اللّه! نحن الصراط المستقيم.
و في كتاب المعاني الأخبار 379 : بإسناده، الى أبي عبد اللّه- عليه السلام - في قول اللّه عز و جل وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ 380 ، و هو أمير المؤمنين-
عليه السلام- في أم الكتاب في قوله- عز و جل- اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ .
و بإسناده 381 ، الى المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السلام- عن «الصراط».
فقال: هو الطريق الى المعرفة اللّه- عز و جل. و هما صراطان، صراط في الدنيا، و صراط في الاخرة.
فأما الصراط [الذي] 382 في الدنيا، فهو الامام المفترض الطاعة. من عرفه في الدنيا و اقتدى بهداه، مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الاخرة، و من لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الاخرة. فتردى في نار جهنم.
و في تفسير علي بن ابراهيم 383 :- أيضا- بإسناده الى حفص بن غياث، قال :
وصف أبو عبد اللّه- عليه السلام- «الصراط»، فقال: ألف سنة، صعود، و ألف سنة، هبوط، و ألف سنة، حذاك 384 .
و الى سعدان بن مسلم 385 ، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام- قال : سألته عن «الصراط».
قال: هو أدق من الشعر و أحد من السيف. فمنهم من يمر عليه، مثل البرق.
و منهم من يمر عليه، مثل عدو الفرس. و منهم من يمر عليه، ماشيا. و منهم من يمر عليه، حبوا. و منهم من يمر عليه متعلقا، فتأخذ النار منه شيئا و تترك منه شيئا.
و في كتاب معاني الأخبار 386 - أيضا- بإسناده الى أبي عبد اللّه- عليه السلام- قال: الصراط المستقيم، أمير المؤمنين.
حدثنا 387 محمد بن القسم 388 الأسترآبادي المفسر. قال: حدثني يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار 389 ، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب- عليهم السلام - في قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، قال: أدم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ما مضى من 390 أيامنا، حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا.
و الصراط المستقيم، هو الصراطان: صراط في الدنيا، و صراط في الاخرة.
فأما الطريق المستقيم 391 ، في الدنيا، فهو ما قصر عن الغلو، و ارتفع عن التقصير، و استقام، فلم يعدل الى شيء من الباطل.
و 392 الطريق الاخر، [فهو] 393 طريق المؤمنين، الى الجنة، الذي هو مستقيم.
لا يعدلون عن الجنة الى النار، و لا الى غير النار، سوى الجنة.
قال: و قال جعفر بن محمد الصادق- عليه السلام - في قوله- عز و جل:
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، قال: يقول: أرشدنا الصراط المستقيم. أرشدنا للزوم
الطريق المؤدي الى محبتك، و المبلغ دينك، و المانع من أن نتبع هوانا 394 ، فنعطب، أو نأخذ بآرائنا، فنهلك.
و بإسناده 395 الى محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: حدثني ثابت الثمالي، عن سيد العابدين، علي بن الحسين- عليهما السلام- قال : نحن أبواب اللّه. و نحن الصراط المستقيم.
و بإسناده 396 الى سعد بن طريف، عن أبى جعفر- عليه السلام- قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله : يا علي! إذا كان يوم القيامة، أقعد أنا و أنت و جبرئيل، على الصراط. فلم يجز أحد الا من كان معه كتاب، فيه براءة بولايتك.
و في أصول الكافي 397 : بإسناده الى أبي جعفر- عليه السلام- قال : أوحى اللّه تعالى الى نبيه- صلى اللّه عليه و آله- فاستمسك بالذي أوحى اليك. انك على صراط مستقيم 398 .
قال: انك على ولاية علي- عليه السلام- و علي- عليه السلام- هو «الصراط المستقيم».
علي بن محمد 399 عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي- عليه السلام- قال : قلت:
قال: ان اللّه ضرب مثل من حاد عن ولاية علي، كمثل 401 من يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره. و جعل من تبعه سويا على صراط مستقيم. و الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ أمير المؤمنين- عليه السلام-.
و في شرح الآيات الباهرة 402 : قال الامام- عليه السلام-: قال جعفر بن محمد الصادق- عليهما السلام - فقوله عز و جل: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» :
يقول: أرشدنا الصراط المستقيم، للزوم الطريق المؤدي الى محبتك و المبلغ [الى] 403 جنتك، و المانع من أن نتبع أهواءنا، فنعطب، او نأخذ بآرائنا، فنهلك.
و قال أمير المؤمنين- عليه السلام-: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله- عن جبرئيل، عن اللّه- عز و جل- «انه قال» 404 : يا عبادي! كلكم ضال، الا من هديته. فسلوني الهدى أهدكم.
و منه: يا عبادي! اعملوا أفضل الطاعات و أعظمها لأسامحكم 405 ، و ان قصرتم فيما سواها. و اتركوا أعظم المعاصي و أقبحها لئلا 406 أناقشكم في ركوب ما عداها.
ان أعظم الطاعات، توحيدي و تصديق نبيي و التسليم لمن نصبه بعده، و هو علي ابن أبي طالب و الائمة الطاهرون- عليهم السلام- من نسله. و ان أعظم المعاصي
عندي، الكفر بي و بنبيي و منابذة وصي محمد من بعده، علي بن أبي طالب و أوليائه بعده. فان أردتم أن تكونوا عندي، في المنظر الأعلى، و الشرف الأشرف، فلا يكونن أحد من عبادي آثر عنده من محمد، و بعده من أخيه علي، و بعدهما من أبنائهما، القائمين بأمور عبادي، بعدهما. فان من كانت تلك عقيدته، جعلته من أشراف ملوك جناتي.
و اعلموا ان أبغض الخلق الي، من تمثل بي و ادعى ربوبيتي. و أبغضهم الي بعده، من تمثل بمحمد و نازعه نبوته، و ادعاها. و أبغضهم الي بعده، من تمثل بوصي محمد- صلى اللّه عليه و آله- و نازعه محله و شرفه، و ادعاهما. و أبغض الخلق الي من بعد هؤلاء، المدعين لما به 407 لسخطي، يتعرضون من كان لهم على ذلك من المعاونين. و أبغض الخلق الي بعد هؤلاء، من كان بفعلهم من الراضين و ان لم يكن لهم من المعاونين.
و كذلك أحب الخلق الي، القوامون بحقي. و أفضلهم لدي و أكرمهم عليّ، محمد، سيد الورى، و أكرمهم و أفضلهم بعده، علي، أخو المصطفى، المرتضى ثم بعدهما، القوامون بالقسط، من 408 أئمة الحق. و أفضل الناس بعدهم، من أعانهم على (حقهم. و أحب الخلق الي) 409 بعدهم، من أحبهم و أبغض أعداءهم و ان لم يمكنه معونتهم.
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ : بدل من الاول، بدل الكل، لفائدتين:
إحداهما: التأكيد بذكر «الصراط»، مرتين، لفظا. و تكرير العامل، تقديرا.