کتابخانه روایات شیعه
بِالشَّامِ جُودٌ لَيْسَ فِيهِ سَوْفْ 1898
أَنَا الْمُرَادِيُّ وَ رَهْطِي زَوْفْ 1899
أَنَا ابْنُ مَجْزَأَةٍ وَ اسْمِي عَوْفْ
هَلْ مِنْ عِرَاقِيٍّ عَصَاهُ سَيْفْ
يَبْرُزُ لِي وَ كَيْفَ لِي وَ كَيْفْ .
فَبَرَزَ إِلَيْهِ الْعَكْبَرُ وَ هُوَ يَقُولُ:-
الشَّامُ مَحْلٌ وَ الْعِرَاقُ تُمْطَرُ
بِهَا الْإِمَامُ وَ الْإِمَامُ مُعْذَرُ 1900
وَ الشَّامُ فِيهَا لِلْإِمَامِ مُعْوِرُ 1901
أَنَا الْعِرَاقِيُّ وَ اسْمِي اْلَعْكَبُر
ابْنُ جَدِيرٍ وَ أَبُوهُ الْمُنْذِرُ
ادْنُ فَإِنِّي لِلْكَمِيِّ مُصْحِرُ 1902
فَاطَّعَنَا فَصَرَعَهُ الْعَكْبَرُ فَقَتَلَهُ وَ مُعَاوِيَةُ عَلَى التَّلِّ فِي أُنَاسٍ مِنْ قُرَيْشٍ 1903 وَ نَفَرٍ مِنَ النَّاسِ قَلِيلٍ 1904 - فَوَجَّهَ الْعَكْبَرُ فَرَسَهُ فَمَلَأَ فُرُوجَهُ رَكْضاً يَضْرِبُهُ بِالسَّوْطِ مُسْرِعاً نَحْوَ التَّلِّ فَنَظَرَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ أَوْ مُسْتَأْمِنٌ فَاسْأَلُوهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ وَ هُوَ فِي حِمَي فَرَسِهِ 1905 فَنَادَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ فَمَضَى مُبَادِراً حَتَّى انْتَهَى إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ جَعَلَ يَطْعُنُ فِي أَعْرَاضِ الْخَيْلِ وَ رَجَا الْعَكْبَرُ أَنْ يُفْرِدُوا لَهُ مُعَاوِيَةَ فَقَتَلَ رِجَالًا 1906 وَ قَامَ الْقَوْمُ دُونَ مُعَاوِيَةَ بِالسُّيُوفِ وَ الرِّمَاحِ فَلَمَّا لَمْ يَصِلْ إِلَى مُعَاوِيَةَ نَادَى أَوْلَى لَكَ يَا ابْنَ هِنْدٍ أَنَا الْغُلَامُ الْأَسَدِيُّ فَرَجَعَ إِلَى عَلِيٍ 1907 فَقَالَ لَهُ: «مَا ذَا دَعَاكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ
يَا عَكْبَرُ؟ لَا تُلْقِ نَفْسَكَ إِلَى التَّهْلُكَةِ» قَالَ: أَرَدْتُ غِرَّةَ ابْنِ هِنْدٍ.
وَ كَانَ شَاعِراً فَقَالَ:-
قَتَلْتُ الْمُرَادِيَّ الَّذِي جَاءَ بَاغِياً
يُنَادِي وَ قَدْ ثَارَ الْعَجَاجُ نَزَالِ
يَقُولُ: أَنَا عَوْفُ بْنُ مَجْزَأَةَ وَ الْمُنَى
لِقَاءُ ابْنِ مَجْزَاةٍ بِيَوْمِ قِتَالٍ
فَقُلْتُ لَهُ: لَمَّا عَلَا الْقَوْمَ صَوْتُهُ
مُنِيتَ بِمَشْبُوحِ الذِّرَاعِ طُوَالِ
فَأَوْجَرْتُهُ فِي مُعْظَمِ النَّقْعِ صَعْدَةً
مَلَأْتُ بِهَا رُعْباً قُلُوبَ رِجَالٍ
فَغَادَرْتُهُ يَكْبُو صَرِيعاً لِوَجْهِهِ
يُنَادِي مِرَاراً فِي مَكَرِّ مَجَالِ
فَقَدَّمْتُ مُهْرِي آخِذاً حَدَّ جَرْيِهِ
فَأَضْرِبُهُ فِي حَوْمَةٍ بِشِمَالِي 1908
أُرِيدُ بِهِ التَّلَّ الَّذِي فَوْقَ رَأْسِهِ
مُعَاوِيَةُ الْجَانِي لِكُلِّ خَبَالِ
يَقُولُ وَ مُهْرِي يَغْرِفُ الْجَرْيَ جَامِحاً
بِفَارِسِهِ قَدْ بَانَ كُلُّ ضَلَالٍ 1909
فَلَمَّا رَأَوْنِي أَصْدُقُ الطَّعْنَ فِيهِمُ
جَلَا عَنْهُمْ رَجْمُ الْغُيُوبِ فَعَالِي
فَقَامَ رِجَالٌ دُونَهُ بِسُيُوفِهِمْ
وَ قَامَ رِجَالٌ دُونَهُ بِعَوَالِي
فَلَوْ نِلْتُهُ نِلْتُ الَّتِي لَيْسَ بَعْدَهَا
مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ غَيْرُ قِيلٍ وَ قَالِ 1910
وَ لَوْ مِتُّ فِي نَيْلِ الْمُنَى أَلْفَ مَيْتَةٍ
لَقُلْتُ إِذَا مَا مِتُّ لَسْتُ أُبَالِي .
وَ انْكَسَرَ أَهْلُ الشَّامِ لِقَتْلِ عَوْفٍ الْمُرَادِيِّ وَ هَدَرَ مُعَاوِيَةُ دَمَ الْعَكْبَرِ فَقَالَ الْعَكْبَرُ: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ يَدِ مُعَاوِيَةَ فَأَيْنَ دِفَاعُ اللَّهِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ 1911 .
وَ قَالَ نَصْرٌ حَيْثُ شَرِكَ النَّاسُ عَلِيّاً فِي الرَّأْيِ. 1912
فَجَزِعَ النَّجَاشِيُّ مِنْ ذَلِكَ وَ قَالَ-:
كَفَى حُزْناً أَنَّا عَصَيْنَا إِمَامَنَا
عَلِيّاً وَ أَنَّ الْقَوْمَ طَاعُوا مُعَاوِيَهْ 1913
وَ أَنَّ لِأَهْلِ الشَّامِ فِي ذَاكَ فَضْلَهُمْ
عَلَيْنَا بِمَا قَالُوهُ فَالْعَيْنُ بَاكِيَهْ
فَسُبْحَانَ مَنْ أَرْسَى ثَبِيراً مَكَانَهُ
وَ مَنْ أَمْسَكَ السَّبْعَ الطِّبَاقَ كَمَا هِيَهْ
أَ يُعْصَى إِمَامٌ أَوْجَبَ اللَّهُ حَقَّهُ
عَلَيْنَا وَ أَهْلُ الشَّامِ طَوْعٌ لِطَاغِيَهْ 1914 .
ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً ع دَعَا قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْراً وَ سَوَّدَهُ عَلَى الْأَنْصَارِ وَ كَانَتْ طَلَائِعُ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَلْتَقُونَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَ يَتَنَاشَدُونَ الْأَشْعَارَ وَ يَفْخَرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَ يُحَدِّثُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عَلَى أَمَانٍ فَالْتَقَوْا يَوْماً وَ فِيهِمُ النَّجَاشِيُّ فَتَذَاكَرَ الْقَوْمُ رَجْرَاجَةَ عَلِيٍّ وَ خُضْرِيَّةَ مُعَاوِيَةَ فَافْتَخَرَ كُلٌّ بِكَتِيبَتِهِمْ فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ: إِنَّ الْخُضْرِيَّةَ مِثْلُ الرَّجْرَاجَةِ وَ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ أَرْبَعَةُ آلَافٍ مُجَفِّفٍ 1915 مِنْ هَمْدَانَ مَعَ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ رَجْرَاجَةٌ وَ كَانَ عَلَيْهِمُ الْبَيْضُ وَ السِّلَاحُ وَ الدُّرُوعُ وَ كَانَ الْخُضْرِيَّةُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ عَلَيْهِمُ الْخُضْرَةُ فَقَالَ فَتًى مِنْ جُذَامٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِمَّنْ كَانَ فِي طَلِيعَةِ مُعَاوِيَةَ:
أَلَا قُلْ لِفُجَّارِ أَهْلِ الْعِرَاقِ
وَ لِينُ الْكَلَامِ لَهُمْ سَيَّهٌ 1916
مَتَى مَا تَجِيئُوا بِرَجْرَاجَةٍ
نَجِئْكُمْ بِجَأْوَاءَ 1917 خُضْرِيَّهْ
فَوَارِسُهَا كَأُسُودِ الضِّرَابِ
طِوَالِ الرِّمَاحِ يَمَانِيَّهْ
قِصَارُ السُّيُوفِ بِأَيْدِيهِمْ
يُطَوِّلُهَا الْخَطْوُ وَ النِّيَّهْ 1918
يَقُولُ ابْنُ هِنْدٍ إِذَا أَقْبَلَتْ
جَزَى اللَّهُ خَيْراً جُذَامِيَهْ .
فَقَالَ الْقَوْمُ لِلنَّجَاشِيِّ: أَنْتَ شَاعِرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ فَارِسُهُمْ فَأَجِبِ الرَّجُلَ فَتَنَحَّى سَاعَةً ثُمَّ أَقْبَلَ يَهْدِرُ مُزْبِداً يَقُولُ:-
مُعَاوِيَّ إِنْ تَأْتِنَا مُزْبِداً
بِخُضْرِيَّةٍ تَلْقَ رَجْرَاجَهْ
أَسِنَّتُهَا مِنْ دِمَاءِ الرِّجَالِ
إِذَا جَالَتِ الْخَيْلُ مَجَّاجَهْ
فَوَارِسُهَا كَأُسُودِ الضِّرَابِ
إِلَى اللَّهِ فِي الْقَتْلِ مُحْتَاجَهْ
وَ لَيْسَتْ لَدَى الْمَوْتِ وَقَّافَةً
وَ لَيْسَتْ لَدَى الْخَوْفِ فَجْفَاجَهْ 1919
وَ لَيْسَ بِهِمْ غَيْرُ جِدِّ اللِّقَاءِ
إِلَى طُولِ أَسْيَافِهِمْ حَاجَهْ
خُطَاهُمْ مُقَدَّمُ أَسْيَافِهِمْ
وَ أَذْرُعُهُمْ غَيْرُ خَدَّاجَهْ
وَ عِنْدَكَ مِنْ وَقْعِهِمْ مُصْدَقٌ
وَ قَدْ أَخْرَجَتْ أَمْسِ إِخْرَاجَهْ
فَشُنَّتْ عَلَيْهِمْ بِبِيضِ السُّيُوفِ
بِهَا فَقْعُ لَجَّاجَهْ . 1920
فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ: يَا أَخَا بَنِي الْحَارِثِ أَرُونَاهَا فَإِنَّهَا جَيِّدَةٌ فَأَعَادَهَا عَلَيْهِمْ حَتَّى رَوَوْهَا وَ كَانَتِ الطَّلَائِعُ تَلْتَقِي يَسْتَأْمِنُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَتَحَدَّثُونَ.
[كلام معاوية بن خديج]
قَالَ نَصْرٌ وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ عَنْ [ابْنِ] أَبِي
الْكَنُودِ قَالَ: : جَزِعَ أَهْلُ الشَّامِ 1921 عَلَى قَتْلَاهُمْ جَزَعاً شَدِيداً فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ خَدِيجٍ: يَا أَهْلَ الشَّامِ قَبَّحَ اللَّهُ مُلْكاً يَمْلِكُهُ الْمَرْءُ بَعْدَ حَوْشَبٍ وَ ذِي الْكَلَاعِ وَ اللَّهِ لَوْ ظَفِرْنَا بِأَهْلِ الْعِرَاقِ بَعْدَ قَتْلِهِمَا بِغَيْرِ مَئُونَةٍ مَا كَانَ ظَفَراً وَ قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَنَسٍ لِمُعَاوِيَةَ: لَا خَيْرَ فِي أَمْرٍ لَا يُشْبِهُ أَوَّلَهُ آخِرُهُ لَا يُدْمَلُ جَرِيحٌ 1922 وَ لَا يُبْكَى عَلَى قَتِيلٍ حَتَّى تَنْجَلِيَ هَذِهِ الْفِتْنَةُ فَإِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ لَكَ دَمَلْتَ 1923 وَ بَكَيْتَ عَلَى قَرَارٍ وَ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ لِغَيْرِكَ فَمَا أَصَبْتَ فِيهِ أَعْظَمُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا أَهْلَ الشَّامِ مَا جَعَلَكُمْ أَحَقَّ بِالْجَزَعِ عَلَى قَتْلَاكُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى قَتْلَاهُمْ فَوَ اللَّهِ مَا ذُو الْكَلَاعِ فِيكُمْ بِأَعْظَمَ مِنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِيهِمْ وَ لَا حَوْشَبٌ فِيكُمْ بِأَعْظَمَ مِنْ هَاشِمٍ فِيهِمْ وَ مَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيكُمْ بِأَعْظَمَ مِنِ ابْنِ بُدَيْلٍ فِيهِمْ وَ مَا الرِّجَالُ إِلَّا أَشْبَاهٌ وَ مَا التَّمْحِيصُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَأَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ قَتَلَ مِنَ الْقَوْمِ ثَلَاثَةً قَتَلَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَ هُوَ كَانَ فَتَاهُمْ وَ قَتَلَ هَاشِماً وَ كَانَ جَمْرَتَهُمْ وَ قَتَلَ ابْنَ بُدَيْلٍ وَ هُوَ فَاعِلُ الْأَفَاعِيلِ وَ بَقِيَ الْأَشْعَثُ وَ الْأَشْتَرُ وَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ فَأَمَّا الْأَشْعَثُ فَحَمَاهُ مِصْرُهُ وَ أَمَّا الْأَشْتَرُ وَ عَدِيٌّ فَغَضِبَا لِلْفِتْنَةِ وَ اللَّهُ قَاتِلُهُمَا غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ ابْنُ خَدِيجٍ: إِنْ يَكُنِ الرِّجَالُ عِنْدَكَ أَشْبَاهاً فَلَيْسَتْ عِنْدَنَا كَذَلِكَ وَ غَضِبَ مُعَاوِيَةُ مِنْ ابْنِ خَدِيجٍ وَ قَالَ الْحَضْرَمِيِّ فِي ذَلِكَ شِعْراً 1924 :
مُعَاوِيَّ قَدْ نِلْنَا وَ نِيلَتْ سَرَاتُنَا
وَ جُدِّعَ أَحْيَاءُ الْكَلَاعِ وَ يَحْصُبِ
بِذِي كَلَعٍ لَا يُبْعِدُ اللَّهُ دَارَهُ
وَ كُلُّ يَمَانٍ قَدْ أُصِيبَ بِحَوْشَبٍ
هُمَا مَا هُمَا كَانَا مُعَاوِيَّ عِصْمَةً
مَتَى مَا أَقُلْهُ جَهْرَةً لَا أُكَذَّبُ
وَ لَوْ قُبِلَتْ فِي هَالِكٍ بَذْلُ فِدْيَةٍ
فَدَيْنَاهُمَا بِالنَّفْسِ وَ الْأُمِّ وَ الْأَبِ
وَ قَدْ عَلِقَتْ أَرْمَاحُنَا بِفَوَارِسِ
مُنَى قَوْمِهِمْ مِنَّا بِجَدْعٍ مُوَعَّبٍ 1925
وَ لَيْسَ ابْنُ قَيْسٍ أَوْ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ
وَ الْأَشْتَرُ إِنْ ذَاقُوا فَنًا بِتَحَوُّبِ 1926 .
.
[مرور الأسود بعبد الله بن كعب و هو في آخر رمق]
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ 1927 : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ 1928 قُتِلَ يَوْمَ صِفِّينَ فَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ 1929 بِآخَرِ رَمَقٍ فَقَالَ: عَزَّ عَلَيَّ وَ اللَّهِ مَصْرَعُكَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ شَهِدْتُكَ لَآسَيْتُكَ وَ لَدَافَعْتُ عَنْكَ وَ لَوْ رَأَيْتُ الَّذِي أَشْعَرَكَ 1930 لَأَحْبَبْتُ أَلَّا يُزَايِلَنِي حَتَّى أَقْتُلَهُ أَوْ يُلْحِقَنِي بِكَ ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ جَارُكَ لَيَأْمَنُ بَوَائِقَكَ وَ إِنْ كُنْتَ لَمِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً أَوْصِنِي رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ: أُوصِيكَ
بِتَقْوَى اللَّهِ وَ أَنْ تُنَاصِحَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْ تُقَاتِلَ مَعَهُ الْمُحِلِّينَ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَقُّ أَوْ تَلْحَقَ بِاللَّهِ وَ أَبْلِغْهُ عَنِّي السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُ: قَاتِلْ عَلَى الْمَعْرَكَةِ حَتَّى تَجْعَلَهَا خَلْفَ ظَهْرِكَ فَإِنَّهُ مَنْ أَصْبَحَ وَ الْمَعْرَكَةُ خَلْفَ ظَهْرِهِ كَانَ الْغَالِبَ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ فَأَقْبَلَ الْأَسْوَدُ إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «رَحِمَهُ اللَّهُ جَاهَدَ مَعَنَا عَدُوَّنَا فِي الْحَيَاةِ وَ نَصَحَ لَنَا فِي الْوَفَاةِ» ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً غَلَّسَ بِالنَّاسِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ زَحَفَ بِهِمْ فَخَرَجَ النَّاسُ عَلَى رَايَاتِهِمْ وَ أَعْلَامِهِمْ وَ زَحَفَ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الشَّامِ.
[بعض مبارزات علي ع بصفين و وقائع أخرى]
قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ وَ الْحَارِثِ بْنِ أَدْهَمَ أَنَّ أَبْرَهَةَ بْنَ الصَّبَّاحِ بْنِ أَبْرَهَةَ الْحِمْيَرِيَّ قَامَ فَقَالَ: وَيْلَكُمْ يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الْيَمَنِ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّ أَنْ قَدْ أُذِنَ بِفَنَائِكُمْ وَيْحَكُمْ خَلُّوا بَيْنَ هَذَيْنِ الرِّجْلَيْنِ فَلْيَقْتَتِلَا فَأَيُّهُمَا قَتَلَ صَاحِبَهُ مِلْنَا مَعَهُ جَمِيعاً وَ كَانَ أَبْرَهَةُ مِنْ رُؤَسَاءَ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً فَقَالَ: «صَدَقَ أَبْرَهَةُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِخُطْبَةٍ مُنْذُ وَرَدْتُ الشَّامَ أَنَا بِهَا أَشَدُّ سُرُوراً مِنِّي بِهَذِهِ» وَ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ كَلَامُ أَبْرَهَةَ فَتَأَخَّرَ آخِرَ الصُّفُوفِ وَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ: إِنِّي لَأَظُنُّ أَبْرَهَةَ مُصَاباً فِي عَقْلِهِ فَأَقْبَلَ أَهْلُ الشَّامِ يَقُولُونَ وَ اللَّهِ إِنَّ أَبْرَهَةَ لَأَفْضَلُنَا دِيناً وَ رَأْياً وَ بَأْساً وَ لَكِنَّ مُعَاوِيَةَ كَرِهَ مُبَارَزَةَ عَلِيٍّ فَقَالَ أَبْرَهَةُ فِي ذَلِكَ:
لَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبْرَهَةَ مَقَالًا
وَ خَالَفَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حَرْبٍ
لِأَنَّ الْحَقَّ أَوْضَحُ مِنْ غُرُورٍ
مُلَبَّسَةً غَرَائِضُهُ بِحَقْبٍ 1931
رَمَى بِالْفَيْلَقَيْنِ بِهِ جِهَاراً
وَ أَنْتُمْ وُلْدُ قَحْطَانٍ بِحَرْبٍ
فَخَلُّوا عَنْهُمَا لَيْثَيْ عِرَاكٍ
فَإِنَّ الْحَقَّ يَدْفَعُ كُلَّ كِذْبٍ
وَ مَا إِنْ يَعْتَصِمْ يَوْماً بِقَوْلٍ