کتابخانه روایات شیعه
كلمة المكتبة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد للّه الذي يؤتي الفضل من يشاء، و هو ذو الفضل العظيم، و الشكر للّه الذي منّ على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته و يزكّيهم و يعلّمهم الكتاب و الحكمة، و الصلاة و السلام على البشير النذير الذي أرسله اللّه بالهدى و دين الحقّ ليظهره على الدين كلّه و لو كره المشركون، و على آله الطيّبين، ثاني الثقلين، و المقرونين بالكتاب المبين، الهداة المهديّين، ذو الآيات الباهرات، و المعجزات الظاهرات، و المناقب الواضحات، و منهل الفضائل و المكرمات، نجوم الهدى و أعلام التقى؛ ما غرّد طير و شدا.
أمّا بعد؛ فممّا أكّد عليه الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله إثبات الفضل و الكرامة و سبق المنقبة و الدرجة العليا في حقّ مولى الموحّدين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام؛ و لم يكن هذا الإطراء و التثبيت لحقّ و فضل الإمام لقرابة أو لنزعة قبلية، أو لهوى نفس؛ (وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) 1 .
فقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «إن اللّه تعالى جعل لأخي عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فضائل لا تحصى كثرة، فمن قرأ فضيلة من فضائله مقرّا بها غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، و من كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة يستغفرون له ما بقي لتلك الكتابة رسم، و من استمع إلى فضيلة من فضائله غفر اللّه له الذنوب التي اكتسبها بالسمع ...
الحديث» 2 .
و لا يسع القارئ و المطالع و هو يرى الحديث النبويّ الشريف المبيّن لفضل الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام و الذي عجز العلماء عن استقصائه و الإحاطة به أن يتصوّر أنّ الغاية من وراء ذلك كلّه هي مجرّد تشريف و تسطير الثناء على الإمام عليه السّلام ثناء مجرّدا عن أيّ مغزى.
و من هنا تأتي أهمّية البحث عن فضل و فضائل و مناقب الأئمّة عليهم السّلام و بالخصوص عن خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بلا فصل أمير المؤمنين عليه السّلام، فمن خلاله نتعرّف على صفتهم في الإسلام و موقعهم في مسيرته بعد رحيل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و دورهم في تجسيد قيمه و مثله و أخلاقه و ما على الأمّة اتّجاههم من حقوق.
و لقد تصدّت «مكتبة العلّامة المجلسي رحمه اللّه» لتحقيق مجموعة من الكتب القيّمة بسلسلة مصادر بحار الأنوار، و منها هذا الكتاب الذي هو في مناقب و فضائل أبي الأئمّة الأطهار عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فعمدت إلى تحقيقه و إخراجه بحلّته القشيبة على يد أحد محقّقيها الأفاضل الأستاذ إسماعيل الضيغم الهمدانيّ- دام توفيقه- فأجاد في عمله ... خصوصا و أنّ الكتاب لم يطبع من قبل، و لم يعثر له على أكثر من نسختين إحداهما هي الأصل و الثانية هي الفرع و هذا ما يستلزم بذل الجهد الكبير و العناء الكثير في سبيل إخراج الكتاب بأفضل شكل و بلا أخطاء قدر الوسع و الطاقة، آملين من اللّه أن نكون قد وفّقنا للقيام بهذا العمل الجبّار، شاكرين سماحة السيّد حسن الموسويّ البروجرديّ- دام عزّه- لإشرافه و جهوده المشكورة التي بذلها في إحياء هذا الأثر النفيس فللّه درّه و عليه أجره ...
و آخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين ..
مكتبة العلّامة المجلسي رحمه اللّه ليلة الغدير الأغرّ عام 1426 ه
مقدّمة التحقيق
الحمد للّه ربّ العالمين على نعمة الإسلام و الولاية، و الصلاة و السلام على نبيّ الرحمة و الهدى محمّد بن عبد اللّه المصطفى، و على آل بيته النجباء المنعوتين بآل الكساء، لا سيّما صنوه المرتضى و ابنته الزكيّة فاطمة الزهراء و ابنيهما سيّدي شباب أهل الجنّة ...
أمّا بعد، فالكتاب الذي بين يديك أيّها المطالع النبيه نقلة ميسّرة لما امتاز به أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام من الفضائل و المناقب، و هو كتاب من ضمن مجموعة الكتب التي تناولت هذا الباب الواسع الكبير، إذ على الرغم من كثرة المؤلّفات التي دلى مؤلّفوها كلّ بدلوه إلّا أنّها جميعا لم تف بالغرض بصورته التامّة، كيف لا و قد قال عنه الموفّق الخوارزميّ في الصفحة الأولى من كتابه «المناقب»:
ذكر فضائل أمير المؤمنين أبي الحسن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، بل ذكر شيء منها، إذ ذكر جميعها يقصر عنه باع الإحصاء، بل ذكر أكثرها يضيق عنه نطاق طاقة الاستقصاء، يدلّك على صدق ما ذكرت ... عن ابن عبّاس، قال:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لو أنّ الغياض أقلام، و البحر مداد، و الجنّ حسّاب،
و الإنس كتّاب ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام» 3 .
أجل، فقد أطبق الجمهور أنّه ما جاء لأحد من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الفضائل كما جاء لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام؛ قال رجل لابن عبّاس:
سبحان اللّه، ما أكثر مناقب عليّ عليه السّلام و فضائله؟! إنّي لأحسبها ثلاثة آلاف.
فقال ابن عبّاس: أولا تقول: إنّها ثلاثين ألف، أقرب ...
و قال أحمد بن حنبل: ما جاء لأحد من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الفضائل مثل ما جاء لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام 4 .
قيل للخليل بن أحمد: ما الدليل على أنّ عليّا عليه السّلام إمام الكلّ في الكلّ؟
قال: احتياج الكلّ إليه، و استغناؤه عن الكلّ 5 .
و قال أيضا في موضع آخر: ما أقول في حقّ امرئ كتمت فضائله أولياؤه خوفا، و كتمت مناقبه أعداؤه حسدا، ثمّ ظهر من بين الكتمين ما ملأ الخافقين 6 .
و ضمّن محمّد بن إدريس الشافعيّ جوابه قول الخليل الفراهيديّ لمن سأله عن أمير المؤمنين عليه السّلام، قائلا: