کتابخانه روایات شیعه
[مقدمة الناشر]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف رسل اللّه و خاتم أنبيائه سيّدنا محمّد، و على آله الطيّبين الطاهرين سيّما بقية اللّه المنتظر الإمام الثاني عشر أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.
لا يخفى على أهل الفضيلة أنّ العلوم تختلف أهمّيتها و مكانتها باعتبار أهمّيّة و مكانة موضوعها، و أنّ لعلم الفقه المكانة السامية و الأهمّية الخاصّة، حيث إنّ موضوعه هي القوانين و الأحكام الإلهية التي تعني بتنظيم شئون حياة الإنسان بجميع أبعادها جماعية و انفرادية، و لذلك نرى الفحول من عظماء علمائنا الكرام قضوا حياتهم في تبيين تلك الأحكام و بسطها لكي تكون سهلة الوصول لكلّ وارد و طالب. و من أولئك الأعاظم شيخنا أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان، الذي يكفي في جلالته و عظمته ما نقل من التوقيعات الواردة من الناحية المقدّسة الحجّة ابن الحسن (عجّل اللّه تعالى فرجه) و الخطاب بأنه «الوليّ المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين ...» و في آخر «الأخ الوليّ و المخلص في ودّنا الصفي و الناصر لنا الوفي» و الذي تتلمذ على يده أعاظم فقهائنا منهم السيّد المرتضى علم الهدى و أخوه السيّد الرضي و شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسيّ- قدّس سرّهم- و الذي قام بتأليف عشرات المصنّفات في مجالات شتّى منها في الفقه، و من تلك التصنيفات في هذا الحقل كتاب «المقنعة». و لأجل عظمة
هذا السفر الجليل- كما لا يخفى على روّاد العلم و الفضيلة- قام بشرحه تلميذه الأعظم محمّد بن الحسن الطوسيّ- رضوان اللّه تعالى عليه- و سمّاه ب «تهذيب الأحكام» و هو أحد الكتب الأربعة عند الإماميّة.
و بما أنّ الكتاب لم يطبع بعد بصورة فنّية جيّدة و لذلك قامت مؤسّستنا- و الحمد للّه- بتحقيقه و استخراج منابعه بعد مقابلته على عدّة نسخ مخطوطة ثمّ طبعه و نشره بهذه الصورة الأنيفة.
و لا يسعنا أخيرا إلّا و أن نتقدّم بجزيل شكرنا لسماحة حجّة الإسلام و المسلمين الحاجّ الشيخ محمّد المؤمن القمّيّ على ما بذله من سعي حثيث في الإشراف و المتابعة لكلّ مراحل التحقيق، كما و نتقدّم بوافر تقديرنا للاخوة الأفاضل سماحة الحاجّ الشيخ علي المؤمن و الشيخ علي العندليب و الشيخ مهدي شبزندهدار و غيرهم- حفظهم اللّه تعالى أجمعين- على ما بذلوه من جهود و مساعي لتحقيق الكتاب و مقابلته و ضبط موارد الاختلاف من النسخ الخطّية و درجها في هوامش الكتاب، سائلين اللّه عزّ اسمه أن يوفّقهم و إيّانا لإحياء و نشر التراث الإسلامي إنّه خير ناصر و معين.
مؤسّسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
من حياة المؤلّف «قدّس سرّه»
بسم اللّه الرحمن الرحيم
اسمه و لقبه و نسبه:
ذكره- و هو أول من ذكره من أرباب الفهارس- معاصره محمّد بن إسحاق النديم (ت 385 ه) في موضعين من فهرسه يقول: ابن المعلم أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان، في عصرنا انتهت إليه رئاسة متكلّمي الشيعة، مقدّم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه، دقيق الفطنة، ماضي الخاطر، شاهدته فرأيته بارعا، و له من الكتب 1
ثمّ ذكره تلميذه الشيخ الطوسيّ في كتابيه «الرجال» و «الفهرست» و لكنه اكتفى في الأوّل بذكره فيمن لم يرو عنهم (عليهم السّلام). ثم توثيقه بجملة: جليل ثقة 2 . و لعلّه اكتفى في ذلك بما ذكره عنه في «الفهرست» فقال: «أبو عبد اللّه المعروف بابن المعلّم و من جملة (أو أجلّة) متكلمي الإماميّة. انتهت إليه رئاسة الإماميّة في وقته. و كان مقدّما في في العلم و صنعة الكلام، و كان فقيها متقدّما فيه، حسن الخاطرة دقيق الفطنة، حاضر الجواب و له قريب من مائتي مصنّف كبار و صغار، و فهرست كتبه معروف ثمّ عدّ زهاء عشرين كتابا من كتبه و قال: سمعنا منه هذه الكتب كلّها، بعضها قراءة عليه و بعضها
يقرأ عليه و هو يسمع غير مرّة.
ولد سنة ثمان و ثلاثين و ثلاثمائة، و توفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ثلاث عشرة و اربعمائة. و كان يوم وفاته يوما لم ير أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه، و كثرة البكاء من المخالف و المؤالف 3 .
أما تلميذه الآخر الشيخ النجاشيّ فلغرضه الذي ذكره في أوّل كتابه أوصل نسب المترجم له الى سعيد بن جبير ثمّ الى يعرب بن قحطان 4 ، ثمّ قال: شيخنا و استاذنا (رضي اللّه عنه) فضله أشهر من أن يوصف، في الفقه و الكلام و الرواية و الثقة و العلم. ثم عدّ 174 كتابا من كتبه.
و المعروف أن النجاشيّ شرع في كتابه «الفهرست» المعروف بالرجال بعد صدور كتابي الفهرست و الرجال للطوسيّ تصحيحا لما كان يخطئه فيه، و عليه فقد خالفه في تاريخ مولد المفيد و وفاته فقال: كان مولده يوم الحادي عشر من ذي القعدة سنة ست و ثلاثين و ثلاثمائة، و قيل: مولده سنة ثمان و ثلاثين و ثلاثمائة. و مات (رحمه اللّه) ليلة الجمعة لثلاث ليال خلون من شهر رمضان سنة ثلاث عشرة و اربعمائة. و صلّى عليه الشريف المرتضى أبو القاسم عليّ بن الحسين، بميدان الأشنان، و ضاق على الناس مع كبره. و دفن في داره سنين، و نقل الى مقابر قريش بالقرب من السيّد أبي جعفر (ع) 5 .
التوقيعات بشأنه: