کتابخانه روایات شیعه
ثم مضى فمر على إبراهيم خليل الرحمن، فناداه من خلفه فقال: «يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، و أخبرهم أن الجنة ماؤها عذب، و تربتها طيبة، [فيها] قيعان بيض، غرسها سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ فمر أمتك فليكثروا من غرسها».
ثم مضى حتى مر بعير يقدمها جمل أورق، ثم أتى إلى أهل مكة فأخبرهم بمسيره، و قد كان بمكة قوم من قريش قد أتوا بيت المقدس فأخبرهم. ثم قال: «آية ذلك أنها تطلع عليكم الساعة عير مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق». قال: فنظروا فإذا هي قد طلعت، و أخبرهم [أنه] قد مر بأبي سفيان، و أن إبله قد نفرت في بعض الليل، و أنه نادى غلاما له في أول العير: يا فلان، إن الإبل قد نفرت، و إن فلانة قد ألقت حملها و انكسرت يدها، فسألوه عن الخبر فوجدوه كما قال النبي (صلى الله عليه و آله).
قال مصنف الكتاب: رجوع الخمسين صلاة إلى خمس صلوات بشفاعة موسى (عليه السلام) في خبر الإسراء متكرر في أحاديث خبر الإسراء 13285 ، اقتصرنا على ما أوردنا مخافة إلا طالة، و أما العلة في ذلك:
6204/ 13286 - فقد روى محمد بن علي بن بابويه في (من لا يحضره الفقيه): عن زيد بن علي بن الحسين، أنه قال: سألت أبي سيد العابدين (عليه السلام)، فقلت له: يا أبت، أخبرني عن جدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما عرج به إلى السماء، و أمره ربه عز و جل بخمسين صلاة، كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران (عليه السلام): «ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك»؟ فقال: «يا بني، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يقترح على ربه عز و جل، و لا يراجعه في شيء يأمره به، فلما سأله موسى (عليه السلام) ذلك، و صار شفيعا لامته إليه لم يجز له أن يرد شفاعة أخيه موسى (عليه السلام)، فرجع إلى ربه عز و جل فسأله التخفيف، إلى أن ردها إلى خمس صلوات».
قال: فقلت له: يا أبت، فلم لم يرجع إلى ربه عز و جل، و لم يسأله التخفيف من خمس صلوات، و قد سأله موسى (عليه السلام) أن يرجع إلى ربه عز و جل و يسأله التخفيف؟ فقال: «يا بني، أراد (عليه السلام) أن يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين صلاة، لقول الله عز و جل: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها 13287 ألا ترى أنه (صلى الله عليه و آله) لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام و يقول: إنها خمس بخمسين ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ 13288 ».
قال: فقلت له: يا أبت، أليس الله جل ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال: «بلى، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا».
قلت: فما معنى قول موسى (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه و آله): «ارجع إلى ربك»؟ فقال: «معناه معنى قول
إبراهيم (عليه السلام): إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ 13289 و معنى قول موسى (عليه السلام): وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى 13290 و معنى قوله عز و جل: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ 13291 يعني: حجوا إلى بيت الله. يا بني، إن الكعبة بيت الله فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله، و المساجد بيوت الله، فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله و قصد إليه، و المصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله عز و جل، فإن لله تبارك و تعالى بقاعا في سماواته فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به إلى الله، ألا تسمع الله عز و جل يقول: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ 13292 و يقول عز و جل في قصة عيسى بن مريم (عليه السلام): بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ 13293 و يقول الله عز و جل: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ 13294 ».
6205/ 13295 - و عنه: بإسناده عن ثابت بن دينار، قال: سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) عن الله عز و جل هل يوصف بمكان؟ فقال: «لا، تعالى الله عن ذلك».
قلت: فلم أسرى بنبيه (صلى الله عليه و آله) إلى السماء؟ قال: «ليريه ملكوت السماوات و ما فيها من عجائب صنعه و بدائع خلقه».
قلت: فقول الله عز و جل: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى 13296 ؟ قال: «ذاك رسول الله (صلى الله عليه و آله) دنا من حجب النور فرأى ملكوت السماوات، ثم تدلى (صلى الله عليه و آله) فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى».
6206/ 13297 - و عنه: بإسناده عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لما عرج بي إلى السماء السابعة، و منها إلى سدرة المنتهى، و من السدرة إلى حجب النور، ناداني ربي جل جلاله: يا محمد، أنت عبدي و أنا ربك فلي فاخضع 13298 و إياي فاعبد و علي فتوكل و بي فثق، فإني قد رضيت بك عبدا و حبيبا و رسولا و نبيا، و بأخيك علي خليفة و بابا، فهو حجتي على عبادي و إمام خلقي، و به يعرف أوليائي من أعدائي، و به يميز حزب الشيطان من حزبي، و به يقام ديني و تحفظ حدودي و تنفذ أحكامي، و بك و به و بالأئمة من ولده أرحم عبادي و إمائي،
و بالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي و تهليلي و تقديسي و تكبيري و تحميدي 13299 ، و به أطهر الأرض من أعدائي و أورثها أوليائي، و به اجعل كلمة الذين كفروا السفلى و كلمتي العليا، و به احيي عبادي و بلادي بعلمي به، و له اظهر الكنوز و الذخائر بمشيئتي، و إياه اظهر على الأسرار و الضمائر بإرادتي، و أمده بملائكتي، لتؤيده على إنفاذ أمري، و إعلاء 13300 ديني، ذلك وليي حقا، و مهدي عبادي صدقا».
6207/ 13301 - و عنه، قال: حدثنا حمزة بن محمد العلوي (رحمه الله)، قال حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن محمد بن حمزة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): لأي علة يجهر في صلاة الفجر و صلاة المغرب و صلاة العشاء الآخرة، و سائر الصلوات مثل: الظهر و العصر لا يجهر فيها؟
و لأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟
قال (عليه السلام): «لأن النبي (صلى الله عليه و آله) لما أسري به إلى السماء، كان أول صلاة فرضها الله عليه صلاة الظهر يوم الجمعة، فأضاف الله عز و جل إليه الملائكة تصلي خلفه، و أمر الله عز و جل نبيه (صلى الله عليه و آله) أن يجهر بالقراءة، ليبين لهم فضله، ثم افترض عليه العصر، و لم يضف إليه أحدا من الملائكة، و أمره أن يخفي القراءة، لأنه لم يكن وراءه أحد، ثم افترض عليه المغرب، ثم أضاف إليه الملائكة، فأمره بالإجهار و كذلك العشاء الآخرة، فلما قرب الفجر افترض الله تعالى عليه الفجر فأمره بالإجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة، فلهذه العلة يجهر فيها».
فقلت: لأي شيء صار التسبيح في الأخيرتين أفضل من القراءة؟
قال: «لأنه لما كان في الأخيرتين ذكر ما يظهر له من عظمة الله عز و جل، فدهش و قال: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر؛ فلتلك العلة صار التسبيح أفضل من القراءة».
6208/ 13302 - و عنه، قال: أخبرني علي بن حاتم، قال: حدثني القاسم بن محمد، قال: حدثنا حمدان بن الحسين، عن الحسن بن الوليد، عن الحسين بن إبراهيم، عن محمد بن زياد، عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قلت له: لأي علة صار التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات أفضل؟ و لأي علة يقال في الركوع:
سبحان ربي العظيم و بحمده، و يقال في السجود: سبحان ربي الأعلى و بحمده؟
قال: «يا هشام، إن الله تبارك و تعالى خلق السماوات سبعا و الأرضين، سبعا و الحجب سبعا، فلما أسري بالنبي (صلى الله عليه و آله) و كان من ربه كقاب قوسين أو أدنى رفع له حجاب من حجبه، فكبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) و جعل يقول الكلمات التي تقال في الافتتاح، فلما رفع له الثاني كبر، فلم يزل كذلك حتى بلغ سبع حجب و كبر سبع تكبيرات، فلتلك العلة يكبر في الافتتاح في الصلاة سبع تكبيرات، فلما ذكر ما رأى من عظمة الله ارتعدت فرائصه فابترك على ركبتيه و أخذ يقول: سبحان ربي العظيم و بحمده. فلما اعتدل من ركوعه قائما، نظر إليه في
موضع أعلى من ذلك الموضع، خر على وجهه و هو يقول: سبحان ربي الأعلى و بحمده. فلما قالها سبع مرات سكن ذلك الرعب، فلذلك جرت به السنة».
6209/ 13303 - و عنه، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن صباح الحذاء، عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) كيف صارت الصلاة ركعة و سجدتين، و كيف إذا صارت سجدتين لم تكن ركعتين؟
فقال: «إذا سألت عن شيء ففرغ قلبك لتفهم، إن أول صلاة صلاها رسول الله (صلى الله عليه و آله) إنما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك و تعالى قدام عرشه جل جلاله، و ذلك أنه لما أسري به و صار عند عرشه تبارك و تعالى، قال: يا محمد، ادن من صاد فاغسل مساجدك و طهرها و صل لربك، فدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى حيث أمره تبارك و تعالى، فتوضأ و أسبغ وضوءه، ثم استقبل الجبار تبارك و تعالى قائما، فأمره بافتتاح الصلاة ففعل. فقال:
يا محمد، اقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ إلى آخرها ففعل ذلك، ثم أمره أن يقرأ نسبة ربه تبارك و تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ ثم أمسك عنه القول، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ فقال: قل: لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ* وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ . فأمسك عنه القول فقال رسول الله: كذلك الله ربي، كذلك الله ربي. فلما قال ذلك، قال: اركع- يا محمد- لربك. فركع رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له و هو راكع: قل سبحان ربي العظيم و بحمده. ففعل ذلك ثلاثا. ثم قال:
ارفع رأسك يا محمد. ففعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقام منتصبا بين يدي الله عز و جل. فقال: اسجد لربك يا محمد. فخر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ساجدا، فقال: قل سبحان ربي الأعلى و بحمده. ففعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال له: استو جالسا، يا محمد. ففعل، فلما استوى جالسا ذكر جلال ربه جل جلاله، فخر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمره ربه عز و جل، فسبح أيضا ثلاثا، فقال: انتصب قائما، ففعل، فلم ير ما كان رأى من عظمة ربه جل جلاله، فقال له: اقرأ- يا محمد- و افعل كما فعلت في الركعة الأولى. ففعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله)، ثم سجد سجدة واحدة، فلما رفع رأسه ذكر جلالة ربه تبارك و تعالى الثانية، فخر رسول الله (صلى الله عليه و آله) ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمره ربه عز و جل فسبح أيضا، ثم قال له: ارفع رأسك ثبتك الله و اشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و أن الساعة آتية لا ريب فيها، و أن الله يبعث من في القبور، اللهم صل على محمد و آل محمد و أرحم محمدا و آل محمد، كما صليت و باركت و ترحمت و مننت على إبراهيم و آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم تقبل شفاعته في أمته و ارفع درجته. ففعل، فقال: سلم يا محمد. و استقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) ربه تبارك و تعالى و تقدس وجهه، مطرقا، فقال: السلام عليك. فأجابه الجبار جل جلاله فقال:
و عليك السلام- يا محمد- بنعمتي قويت على طاعتي، و برحمتي 13304 إياك اتخذتك نبيا و حبيبا».
ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): «و إنما كانت الصلاة التي امر بها ركعتين و سجدتين، و هو (صلى الله عليه و آله) إنما سجد سجدتين في كل ركعة عما أخبرتك من تذكرة لعظمة ربه تبارك و تعالى، فجعله الله عز و جل فرضا».
قلت:- جعلت فداك- و ما صاد الذي أمره أن يغتسل منه؟
فقال: «عين تنفجر من ركن من أركان العرش، يقال له: ماء الحياة، و هو ما قال الله عز و جل: ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ 13305 إنما أمره أن يتوضأ و يقرأ و يصلي».
6210/ 13306 - و عنه، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب، و علي بن عبد الله الوراق و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران و صالح بن السندي، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): لأي علة عرج الله بنبيه (صلى الله عليه و آله) إلى السماء، و منها إلى سدرة المنتهى، و منها إلى حجب النور و خاطبه و ناجاه هناك، و الله لا يوصف بمكان؟
فقال (عليه السلام): «إن الله لا يوصف بمكان، و لا يجري عليه زمان، و لكنه عز و جل أراد أن يشرف به ملائكته و سكان سماواته، و يكرمهم بمشاهدته، و يريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه، و ليس ذلك على ما يقوله المشبهون، سبحانه و تعالى عما يصفون».
6211/ 13307 - العياشي: عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن جبرئيل (عليه السلام) أتى بالبراق إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و كان أصغر من البغل و أكبر من الحمار، مضطرب الأذنين، عيناه في حوافره، خطوته مد البصر».
6212/ 13308 - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أسري بالنبي (صلى الله عليه و آله) أتي بالبراق و معها جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل، قال: فأمسك له واحد بالركاب، و أمسك الآخر باللجام، و سوى عليه الآخر ثيابه، فلما ركبها تضعضعت، فلطمها جبرئيل (عليه السلام) و قال لها: قري يا براق، فما ركبك أحد قبله مثله، و لا يركبك أحد بعده مثله، إلا أنه تضعضعت عليه».
6213/ 13309 - و في رواية اخرى: عن هشام، عنه (عليه السلام) قال: «لما أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله) حضرت الصلاة، فأذن جبرئيل و أقام للصلاة، فقال: يا محمد، تقدم. فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): تقدم يا جبرئيل.
فقال له: إنا لا نتقدم الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم».
6214/ 13310 - عن هارون بن خارجة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا هارون، كم بين منزلك و بين المسجد الأعظم؟». قلت: قريب. قال: «يكون ميلا؟». فقلت: لكنه أقرب فقال: «فما تشهد الصلاة كلها فيه؟». فقلت: لا و الله- جعلت فداك- ربما شغلت 13311 فقال لي: «أما إني لو كنت بحضرته ما فاتني فيه صلاة». قال: ثم قال هكذا بيده: «ما من ملك مقرب و لا نبي مرسل، و لا عبد صالح إلا و قد صلى في مسجد كوفان، حتى محمد (صلى الله عليه و آله) ليلة أسري به أمره به جبرئيل، فقال: يا محمد، هذا مسجد كوفان، فقال: استأذن لي حتى اصلي فيه ركعتين، فاستأذن له فهبط به و صلى فيه ركعتين.
ثم قال: أما علمت أن عن يمينه روضة من رياض الجنة، و عن يساره روضة من رياض الجنة، أما علمت أن الصلاة المكتوبة فيه تعدل ألف صلاة في غيره، و النافلة خمسمائة صلاة، و الجلوس 13312 فيه من غير قراءة القرآن عبادة». قال: ثم قال هكذا بإصبعه فحركها: «ما بعد المسجدين أفضل من مسجد كوفان» 13313 .
6215/ 13314 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن جبرئيل احتمل رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى انتهى به إلى مكان من السماء، ثم تركه و قال له: ما وطئ شيء قط مكانك».
6216/ 13315 - عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) لما أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى السماء الدنيا لم يمر بأحد من الملائكة إلا استبشر به، إلا مالك خازن جهنم، فقال لجبرئيل: يا جبرئيل، ما مررت بملك من الملائكة إلا استبشر بي إلا هذا الملك، فمن هذا؟ قال: هذا مالك خازن جهنم، و هكذا جعله الله.» قال: «فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): يا جبرئيل، سله أن يرينيها! فقال جبرئيل: يا مالك، هذا محمد رسول الله، و قد شكا إلي و قال: ما مررت بأحد من الملائكة إلا استبشر بي و سلم علي إلا هذا. فأخبرته أن الله تعالى هكذا جعله، و قد سألني أن أسألك أن تريه جهنم». قال: «فكشف له عن طبق من أطباقها، فما رؤي رسول الله (صلى الله عليه و آله) ضاحكا حتى قبض (صلى الله عليه و آله)».
6217/ 13316 - عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله) حضرت الصلاة فأذن جبرئيل (عليه السلام)، فلما قال: الله أكبر، الله أكبر. قالت الملائكة: الله أكبر، الله أكبر. فلما قال:
أشهد أن لا إله إلا الله؛ قالت الملائكة: خلع الأنداد. فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله؛ قالت: نبي بعث. فلما قال: حي على الصلاة؛ قالت: حث على عبادة ربه. فلما قال: حي على الفلاح؛ قالت: أفلح من تبعه».
6218/ 13317 - عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أخبرهم أنه أسري به، قال بعضهم لبعض: قد ظفرتم به فاسألوه عن أيلة 13318 - قال- فسألوه عنها- قال- فأطرق و مكث 13319 ، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال:
يا رسول الله، ارفع رأسك فإن الله قد رفع إليك أيلة، و قد أمر الله كل منخفض من الأرض فارتفع، و كل مرتفع فانخفض. فرفع رأسه فإذا أيلة قد رفعت له، فجعلوا يسألونه، و يخبرهم و هو ينظر إليها، ثم قال: إن علامة ذلك عير لأبي سفيان تحمل برا يقدمها جمل أحمر مجمع 13320 ، تدخل غدا مع الشمس، فأرسلوا الرسل، و قالوا لهم: حيث ما لقيتم العير فاحبسوها، ليكذبوا بذلك قوله- قال- فضرب الله وجوه الإبل فأقرت 13321 على الساحل، و أصبح الناس فأشرفوا». فقال أبو عبد الله: «فما رؤيت مكة أكثر مشرفا و لا مشرفة منها يومئذ، لينظروا ما قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأقبلت الإبل [من] ناحية الساحل، فكان يقول القائل: الإبل الشمس، الشمس الإبل- قال- فطلعتا جميعا».
6219/ 13322 - عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) صلى العشاء الآخرة و صلى الفجر في الليلة التي أسري به فيها بمكة».
6220/ 13323 - عن زرارة و حمران بن أعين و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «حدث أبو سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، قال: إن جبرئيل أتاني ليلة أسري بي و حين رجعت، فقلت: يا جبرئيل، هل لك من حاجة؟ فقال: حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله و مني السلام. و حدثنا عند 13324 ذلك أنها قالت حين لقيها نبي الله (صلى الله عليه و آله) فقال لها بالذي قال جبرئيل، قالت: إن الله هو السلام، و منه السلام، و إليه السلام، و على جبرئيل السلام».
6221/ 13325 - عن سالم 13326 الحناط، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن المساجد التي لها الفضل، فقال: «المسجد الحرام، و مسجد الرسول».
قلت: و المسجد الأقصى، جعلت فداك؟ فقال: «ذاك في السماء، إليه أسري برسول الله (صلى الله عليه و آله)».