کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ الْغَسْلُ عَلَى الْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ وَ جُعِلَ الْمَسْحُ عَلَى الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ وَ لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ غَسْلًا كُلُّهُ أَوْ مَسْحاً كُلُّهُ قِيلَ لِعِلَلٍ شَتَّى مِنْهَا أَنَّ الْعِبَادَةَ الْعُظْمَى إِنَّمَا هِيَ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ وَ إِنَّمَا يَكُونُ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ بِالْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ لَا بِالرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ وَ مِنْهَا أَنَّ الْخَلْقَ لَا يُطِيقُونَ فِي كُلِّ وَقْتٍ غَسْلَ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ وَ يَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي الْبَرْدِ وَ السَّفَرِ وَ الْمَرَضِ وَ أَوْقَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ أَخَفُّ مِنْ غَسْلِ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ وَ إِنَّمَا وُضِعَتِ الْفَرَائِضُ عَلَى قَدْرِ أَقَلِّ النَّاسِ طَاقَةً مِنْ أَهْلِ الصِّحَّةِ ثُمَّ عُمَّ فِيهَا الْقَوِيُّ وَ الضَّعِيفُ وَ مِنْهَا أَنَّ الرَّأْسَ وَ الرِّجْلَيْنِ لَيْسَا هُمَا فِي كُلِّ وَقْتٍ بَادِيَيْنِ ظَاهِرَيْنِ كَالْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ لِمَوْضِعِ الْعِمَامَةِ وَ الْخُفَّيْنِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ مِنَ الطَّرَفَيْنِ خَاصَّةً وَ مِنَ النَّوْمِ دُونَ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ قِيلَ لِأَنَّ الطَّرَفَيْنِ هُمَا طَرِيقُ النَّجَاسَةِ وَ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ طَرِيقٌ تُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ مِنْ نَفْسِهِ إِلَّا مِنْهُمَا فَأُمِرُوا بِالطَّهَارَةِ عِنْدَ مَا تُصِيبُهُمْ تِلْكَ النَّجَاسَةُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَمَّا النَّوْمُ فَإِنَّ النَّائِمَ 3705 إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ يُفْتَحُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ وَ اسْتَرْخَى وَ كَانَ أَغْلَبُ الْأَشْيَاءِ عَلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ مِنْهُ الرِّيحَ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالْغُسْلِ مِنْ هَذِهِ النَّجَاسَةِ كَمَا أُمِرُوا بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ قِيلَ لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ دَائِمٌ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِلْخَلْقِ الِاغْتِسَالُ مِنْهُ كُلَّمَا يُصِيبُ ذَلِكَ وَ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَ الْجَنَابَةُ لَيْسَ 3706 هِيَ أَمْراً دَائِماً إِنَّمَا هِيَ شَهْوَةٌ يُصِيبُهَا إِذَا أَرَادَ وَ يُمْكِنُهُ تَعْجِيلُهَا وَ تَأْخِيرُهَا الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ وَ الْأَقَلَّ وَ الْأَكْثَرَ وَ لَيْسَ ذَلِكَ هَكَذَا فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالْغُسْلِ مِنَ الْخَلَاءِ وَ هُوَ أَنْجَسُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ أَقْذَرُ قِيلَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْجَنَابَةَ مِنْ نَفْسِ الْإِنْسَانِ وَ هُوَ شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ جَمِيعِ جَسَدِهِ وَ الْخَلَاءُ لَيْسَ هُوَ مِنْ نَفْسِ الْإِنْسَانِ إِنَّمَا هُوَ غِذَاءٌ يَدْخُلُ مِنْ بَابٍ وَ يَخْرُجُ مِنْ بَابٍ.
أقول: في بعض نسخ علل الشرائع زيادة هي هذه.
فَإِنْ قَالَ فَلِمَ صَارَ الِاسْتِنْجَاءُ فَرْضاً قِيلَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُومَ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ وَ شَيْءٌ مِنْ ثِيَابِهِ وَ جَسَدِهِ نَجِسٌ.
قال مصنف هذا الكتاب غلط الفضل و ذلك لأن الاستنجاء به ليس بفرض و إنما هو سنة 3707 رجعنا إلى كلام الفضل انتهى.
و لنرجع إلى المشترك بين الكتابين.
فَإِنْ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْأَذَانِ لِمَ أُمِرُوا بِهِ قِيلَ لِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ تَذْكِيراً لِلسَّاهِي وَ تَنْبِيهاً لِلْغَافِلِ وَ تَعْرِيفاً لِمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ وَ اشْتَغَلَ عَنِ الصَّلَاةِ وَ لِيَكُونَ ذَلِكَ دَاعِياً إِلَى عِبَادَةِ الْخَالِقِ مُرَغِّباً فِيهَا مُقِرّاً لَهُ بِالتَّوْحِيدِ مُجَاهِراً بِالْإِيمَانِ مُعْلِناً بِالْإِسْلَامِ مُؤَذِّناً لِمَنْ نَسِيَهَا 3708 وَ إِنَّمَا يُقَالُ مُؤَذِّنٌ لِأَنَّهُ يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ بُدِئَ فِيهِ بِالتَّكْبِيرِ قَبْلَ التَّسْبِيحِ وَ التَّهْلِيلِ وَ التَّحْمِيدِ 3709 قِيلَ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَبْدَأَ بِذِكْرِهِ وَ اسْمِهِ لِأَنَّ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِ الْحَرْفِ وَ فِي التَّسْبِيحِ وَ التَّهْلِيلِ وَ التَّحْمِيدِ اسْمُ اللَّهِ فِي آخِرِ الْحَرْفِ فَبُدِئَ بِالْحَرْفِ الَّذِي اسْمُ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ لَا فِي آخِرِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ مَثْنَى مَثْنَى قِيلَ لِأَنْ يَكُونَ مُكَرَّراً فِي آذَانِ الْمُسْتَمِعِينَ مُؤَكَّداً عَلَيْهِمْ إِنْ سَهَا أَحَدٌ عَنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَسْهُ عَنِ الثَّانِي وَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْأَذَانُ مَثْنَى مَثْنَى فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ أَرْبَعاً قِيلَ لِأَنَّ أَوَّلَ الْأَذَانِ إِنَّمَا يَبْدُو غَفْلَةً وَ لَيْسَ قَبْلَهُ كَلَامٌ يَتَنَبَّهُ الْمُسْتَمِعُ لَهُ فَجُعِلَ ذَلِكَ تَنْبِيهاً لِلْمُسْتَمِعِينَ لِمَا بَعْدَهُ فِي الْأَذَانِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ شَهَادَتَيْنِ قِيلَ لِأَنَّ أَوَّلَ الْإِيمَانِ التَّوْحِيدُ وَ الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَ الثَّانِيَ الْإِقْرَارُ بِالرَّسُولِ بِالرِّسَالَةِ وَ أَنَّ طَاعَتَهُمَا
وَ مَعْرِفَتَهُمَا مَقْرُونَتَانِ وَ أَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ إِنَّمَا هُوَ الشَّهَادَةُ فَجَعَلَ شَهَادَتَيْنِ 3710 فِي الْأَذَانِ كَمَا جَعَلَ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ شَهَادَتَيْنِ فَإِذَا أُقِرَّ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَ أُقِرَّ لِلرَّسُولِ بِالرِّسَالَةِ فَقَدْ أُقِرَّ بِجُمْلَةِ الْإِيمَانِ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ إِنَّمَا هُوَ الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ الدُّعَاءُ إِلَى الصَّلَاةِ قِيلَ لِأَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا وُضِعَ لِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ وَ إِنَّمَا هُوَ نِدَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ فَجُعِلَ النِّدَاءُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي وَسَطِ الْأَذَانِ فَقَدَّمَ الْمُؤَذِّنُ قَبْلَهَا أَرْبَعاً التَّكْبِيرَتَيْنِ وَ الشَّهَادَتَيْنِ وَ أَخَّرَ بَعْدَهَا أَرْبَعاً يَدْعُو إِلَى الْفَلَاحِ حَثّاً عَلَى الْبِرِّ وَ الصَّلَاةِ ثُمَّ دَعَا إِلَى خَيْرِ الْعَمَلِ مُرَغِّباً فِيهَا وَ فِي عَمَلِهَا وَ فِي أَدَائِهَا ثُمَّ نَادَى بِالتَّكْبِيرِ وَ التَّهْلِيلِ لِيُتِمَّ بَعْدَهَا أَرْبَعاً كَمَا أَتَمَّ قَبْلَهَا أَرْبَعاً وَ لِيَخْتِمَ كَلَامَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فَتَحَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى 3711 فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ آخِرُهَا التَّهْلِيلَ وَ لَمْ يُجْعَلْ آخِرُهَا التَّكْبِيرَ كَمَا جُعِلَ فِي أَوَّلِهَا التَّكْبِيرُ قِيلَ لِأَنَّ التَّهْلِيلَ اسْمُ اللَّهِ فِي آخِرِهِ فَأَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَخْتِمَ الْكَلَامَ بِاسْمِهِ كَمَا فَتَحَهُ بِاسْمِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ يُجْعَلْ بَدَلَ التَّهْلِيلِ التَّسْبِيحُ أَوِ التَّحْمِيدُ وَ اسْمُ اللَّهِ فِي آخِرِهِمَا- 3712 قِيلَ لِأَنَّ التَّهْلِيلَ هُوَ إِقْرَارٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْحِيدِ وَ خَلْعِ الْأَنْدَادِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ هُوَ أَوَّلُ الْإِيمَانِ وَ أَعْظَمُ التَّسْبِيحِ وَ التَّحْمِيدِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ بُدِئَ فِي الِاسْتِفْتَاحِ وَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ الْقِيَامِ وَ الْقُعُودِ بِالتَّكْبِيرِ قِيلَ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْأَذَانِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ الدُّعَاءَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَ لِمَ جَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْقُنُوتَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قِيلَ لِأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَفْتَحَ قِيَامَهُ لِرَبِّهِ وَ عِبَادَتَهُ بِالتَّحْمِيدِ وَ التَّقْدِيسِ وَ الرَّغْبَةِ وَ الرَّهْبَةِ وَ يَخْتِمَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ لِيَكُونَ فِي الْقِيَامِ عِنْدَ الْقُنُوتِ طُولٌ 3713
فَأَحْرَى أَنْ يُدْرِكَ الْمُدْرِكُ الرُّكُوعَ فَلَا تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ 3714 فِي الْجَمَاعَةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ قِيلَ لِئَلَّا يَكُونَ الْقُرْآنُ مَهْجُوراً مُضَيَّعاً وَ لِيَكُونَ مَحْفُوظاً 3715 فَلَا يَضْمَحِلَّ وَ لَا يُجْهَلَ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ بُدِئَ بِالْحَمْدِ فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ دُونَ سَائِرِ السُّوَرِ قِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ 3716 وَ الْكَلَامِ جُمِعَ فِيهِ مِنْ جَوَامِعِ الْخَيْرِ وَ الْحِكْمَةِ مَا جُمِعَ فِي سُورَةِ الْحَمْدِ وَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِنَّمَا هُوَ أَدَاءٌ لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ مِنَ الشُّكْرِ وَ شُكْرٌ لِمَا وَفَّقَ عَبْدَهُ لِلْخَيْرِ رَبِّ الْعالَمِينَ تَمْجِيدٌ لَهُ وَ تَحْمِيدٌ وَ إِقْرَارٌ بِأَنَّهُ هُوَ الْخَالِقُ الْمَالِكُ لَا غَيْرُهُ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اسْتِعْطَافٌ وَ ذِكْرٌ لِآلَائِهِ وَ نَعْمَائِهِ 3717 عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِقْرَارٌ بِالْبَعْثِ وَ الْحِسَابِ وَ الْمُجَازَاةِ وَ إِيجَابٌ لَهُ مُلْكَ الْآخِرَةِ كَمَا أَوْجَبَ لَهُ مُلْكَ الدُّنْيَا إِيَّاكَ نَعْبُدُ رَغْبَةٌ وَ تَقَرُّبٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِخْلَاصٌ بِالْعَمَلِ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اسْتِزَادَةٌ مِنْ تَوْفِيقِهِ وَ عِبَادَتِهِ وَ اسْتِدَامَةٌ لِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ وَ نَصَرَهُ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ اسْتِرْشَادٌ لِأَدَبِهِ وَ اعْتِصَامٌ بِحَبْلِهِ وَ اسْتِزَادَةٌ فِي الْمَعْرِفَةِ بِرَبِّهِ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ كِبْرِيَائِهِ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ تَوْكِيدٌ فِي السُّؤَالِ وَ الرَّغْبَةِ وَ ذِكْرٌ لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ نِعَمِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ رَغْبَةٌ فِي ذَلِكَ النِّعَمِ 3718 غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ اسْتِعَاذَةٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُعَانِدِينَ الْكَافِرِينَ الْمُسْتَخِفِّينَ بِهِ وَ بِأَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ وَ لَا الضَّالِّينَ اعْتِصَامٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنَ الضَّالِّينَ الَّذِينَ ضَلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً فَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ مِنْ جَوَامِعِ الْخَيْرِ وَ الْحِكْمَةِ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ وَ الدُّنْيَا مَا لَا يَجْمَعُهُ شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ قِيلَ لِعِلَلٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ
الْعَبْدُ مَعَ خُضُوعِهِ وَ خُشُوعِهِ وَ تَعَبُّدِهِ وَ تَوَرُّعِهِ وَ اسْتِكَانَتِهِ وَ تَذَلُّلِهِ وَ تَوَاضُعِهِ وَ تَقَرُّبِهِ إِلَى رَبِّهِ مُقَدِّساً لَهُ مُمَجِّداً مُسَبِّحاً مُعَظِّماً 3719 شَاكِراً لِخَالِقِهِ وَ رَازِقِهِ وَ لِيَسْتَعْمِلَ التَّسْبِيحَ وَ التَّحْمِيدَ كَمَا اسْتَعْمَلَ التَّكْبِيرَ وَ التَّهْلِيلَ وَ لِيَشْغَلَ قَلْبَهُ وَ ذِهْنَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ فَلَا يَذْهَبَ بِهِ الْفِكْرُ وَ الْأَمَانِيُّ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ أَصْلُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَ لِمَ زِيدَ عَلَى بَعْضِهَا رَكْعَةٌ وَ عَلَى بَعْضِهَا رَكْعَتَانِ وَ لَمْ يُزَدْ عَلَى بَعْضِهَا شَيْءٌ قِيلَ لِأَنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ إِنَّمَا هِيَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَدَدِ وَاحِدٌ فَإِذَا نَقَصَتْ 3720 مِنْ وَاحِدٍ فَلَيْسَتْ هِيَ صَلَاةً فَعَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ الْعِبَادَ لَا يُؤَدُّونَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ الَّتِي لَا صَلَاةَ أَقَلُّ مِنْهَا بِكَمَالِهَا وَ تَمَامِهَا وَ الْإِقْبَالِ عَلَيْهَا فَقَرَنَ إِلَيْهَا رَكْعَةً لِيَتِمَّ بِالثَّانِيَةِ مَا نَقَصَ مِنَ الْأُولَى فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنَّ الْعِبَادَ لَا يُؤَدُّونَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ بِتَمَامِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَ كَمَالِهِ فَضَمَّ إِلَى الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ لِيَكُونَ فِيهِمَا تَمَامُ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ يَكُونُ شُغُلُ النَّاسِ فِي وَقْتِهَا أَكْثَرَ لِلِانْصِرَافِ إِلَى الْأَوْطَانِ وَ الْأَكْلِ وَ الْوُضُوءِ وَ التَّهْيِئَةِ لِلْمَبِيتِ فَزَادَ فِيهَا رَكْعَةً وَاحِدَةً لِيَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِمْ وَ لِأَنْ تَصِيرَ رَكَعَاتُ الصَّلَاةِ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ فَرْداً ثُمَّ تَرَكَ الْغَدَاةَ عَلَى حَالِهَا لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ فِي وَقْتِهَا أَكْثَرُ وَ الْمُبَادَرَةَ إِلَى الْحَوَائِجِ فِيهَا أَعَمُّ وَ لِأَنَّ الْقُلُوبَ فِيهَا أَخْلَى مِنَ الْفِكْرِ لِقِلَّةِ مُعَامَلَاتِ النَّاسِ بِاللَّيْلِ وَ لِقِلَّةِ الْأَخْذِ وَ الْإِعْطَاءِ فَالْإِنْسَانُ فِيهَا أَقْبَلُ عَلَى صَلَاتِهِ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ لِأَنَ 3721 الْفِكْرَ أَقَلُّ لِعَدَمِ الْعَمَلِ مِنَ اللَّيْلِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ 3722 التَّكْبِيرُ فِي الِاسْتِفْتَاحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ قِيلَ 3723 لِأَنَّ الْفَرْضَ
مِنْهَا وَاحِدٌ وَ سَائِرَهَا سُنَّةٌ وَ إِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ كُلَّهُ سَبْعُ تَكْبِيرَاتٍ تَكْبِيرَةِ الِاسْتِفْتَاحِ وَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَ تَكْبِيرَتَيِ السُّجُودِ وَ تَكْبِيرَةٍ أَيْضاً لِلرُّكُوعِ وَ تَكْبِيرَتَيْنِ لِلسُّجُودِ فَإِذَا كَبَّرَ الْإِنْسَانُ أَوَّلَ الصَّلَاةِ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ فَقَدْ أَحْرَزَ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ 3724 فَإِنْ سَهَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ نَقْصٌ فِي صَلَاتِهِ.
أَقُولُ وَ فِي الْعِلَلِ كَمَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ كَبَّرَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ أَجْزَأَهُ وَ يُجْزِي تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ إِنْ لَمْ يُكَبِّرْ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ أَجْزَأَهُ عَنْهُ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ إِذَا تَرَكَهَا سَاهِياً أَوْ نَاسِياً.
قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ غَلِطَ الْفَضْلُ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ فَرِيضَةٌ وَ إِنَّمَا هِيَ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ رَجَعْنَا إِلَى كَلَامِ الْفَضْلِ أَقُولُ رَجَعْنَا إِلَى الْمُشْتَرَكِ.
فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ رَكْعَةً وَ سَجْدَتَيْنِ 3725 قِيلَ لِأَنَّ الرُّكُوعَ مِنْ فِعْلِ الْقِيَامِ وَ السُّجُودَ مِنْ فِعْلِ الْقُعُودِ وَ صَلَاةَ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقِيَامِ فَضُوعِفَ السُّجُودُ لِيَسْتَوِيَ بِالرُّكُوعِ فَلَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إِنَّمَا هِيَ رُكُوعٌ وَ سُجُودٌ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّشَهُّدُ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ قِيلَ لِأَنَّهُ كَمَا قُدِّمَ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ الْأَذَانُ وَ الدُّعَاءُ وَ الْقِرَاءَةُ فَكَذَلِكَ أَيْضاً أُمِرَ 3726 بَعْدَهَا بِالتَّشَهُّدِ وَ التَّحْمِيدِ وَ الدُّعَاءِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّسْلِيمُ تَحْلِيلَ الصَّلَاةِ وَ لَمْ يُجْعَلْ بَدَلُهُ تَكْبِيراً أَوْ تَسْبِيحاً أَوْ ضَرْباً آخَرَ قِيلَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ تَحْرِيمُ الْكَلَامِ لِلْمَخْلُوقِينَ وَ التَّوَجُّهُ إِلَى الْخَالِقِ كَانَ تَحْلِيلُهَا كَلَامَ الْمَخْلُوقِينَ وَ الِانْتِقَالَ عَنْهَا وَ ابْتِدَاءُ الْمَخْلُوقِينَ بِالْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ بِالتَّسْلِيمِ