کتابخانه روایات شیعه
مقدّمة الناشر
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* ، و الصلاة و السلام على عبده المصطفى محمّد و آله الطاهرين و خيار صحابته أجمعين.
البلاغة المتفرّدة المتميّزة في كلمات الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام- إلى جوار تعبيرها عن الحقائق الدقيقة في الحياة- كانت و ما تزال تستهوي الكتّاب و الادباء و المحدّثين، فيزيّنون بها تعابيرهم الأدبيّة و يرصّعون بها ما يكتبون.
و قد توارد غير قليل من العلماء و الادباء على تأليف هذه الكلمات و جمع شملها في مجموعات، فكان حصيلة ذلك عدد كبير منها أورد أسماء أكثر من ثلاثين منها الاستاذ مدير شانه چى في مقدّمة كتاب «الحكم من كلام أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام». و كان أكبرها هذا الكتاب الّذي نضعه بين يديك؛ ذلك أنّ مؤلّفه قد انتفع في كتابه هذا ممّا ألّف في الموضوع من قبل، و من ضمنه كتاب «غرر الحكم». فإنّ الإحياء و تقديمه هو بمنزلة قطعة منسيّة تعاد إلى كيان الثقافة الشيعيّة الغنيّة و تلتحم به، ليتيسّر لجماهير الامّة أن تستمدّ من هذا النور العلويّ العظيم.
و نأمل أن يتمّم المترجمون المتقدرون المساعي الحميدة لمحقّق الكتاب العالم الشيخ حسين الحسني البيرجندي من أجل أن تعمّ الفائدة و يزداد تعرّف الجماهير الإيرانيّة على الميراث النّفيس لأهل البيت عليهم السّلام.
دار الحديث «قسم النشر»
مقدّمة المحقّق
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* و الصلاة و السلام على خيرته من خلقه محمّد و آله الطاهرين.
و بعد فهذه مقدّمة وجيزة حول المؤلّف و الكتاب و اسلوب التحقيق.
1- المؤلّف و الكتاب:
يكفي في تعريف المؤلّف و الكتاب ما كتبه المحقّق المرحوم السيّد عبد العزيز الطباطبائي (رحمه اللّه)، الّذي نشرته مجلة «تراثنا» في عددها الخامس.
قال: ابن الشرفيّة كافي الدين- أو فخر الدين- أبو الحسن عليّ بن محمد بن الحسن بن أبي نزار الليثي الواسطي، من أعلام الإماميّة في أواخر القرن السادس، و لعلّه أدرك السابع أيضا، و هو يلقّب عندهم كافي الدين، و ترجم له ابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ج 3 رقم 2249 بلقبه فخر الدين، فقال: «أبو الحسن عليّ بن محمد بن نزار الواسطي الأديب، أنشد ...» فأورد له أبياتا.
و في ترجمة ابن أبي طي الحلبي يحيى بن حميدة، المتوفّى سنة 630، في إنسان العيون في شعراء سادس القرون، قال: «قرأ يحيى بن حميدة المذكور على الشيخ شمس الدين يحيى بن الحسن بن البطريق، و على الشريف جمال الدين أبي القاسم عبد اللّه بن زهرة الحسيني الحلبي، و على الشيخ فخر الدين عليّ بن محمد بن نزار ابن الشرفيّة الواسطي ...» أقول: و ممّن يروي عن ابن الشرفيّة السيّد علاء الدين حسين بن عليّ بن مهدي
الحسيني السبزواري 1 ، روى عنه بمدينة الموصل في 17 شوّال سنة 593.
و ترجم له ميرزا عبد اللّه أفندي في رياض العلماء، فقال في ج 4 ص 251: «الشيخ عليّ بن محمد الليثي الواسطي، فاضل جليل، و عالم كبير نبيل، و هو من عظماء علماء الإماميّة، و له كتاب عيون الحكم و المواعظ ...».
و ترجم له في ج 4 ص 186 فقال: «الشيخ كافي الدين أبو الحسن علي بن محمد بن أبي نزار (ابن) الشرفيّة الواسطي. كان من أكابر العلماء ... و هذا الشيخ كافي الدين المذكور يروي عن الشيخ الفقيه رشيد الدين أبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمّي، كما يظهر من مطاوي كتاب مناهج النهج 2 لقطب الدين المذكور، و قد قال قطب الدين المذكور، في الكتاب المزبور، عند ذكر اسم هذا الشيخ في مدحه هكذا: الشيخ الأجلّ العالم، كافي الدين أبو الحسن عليّ بن محمد بن أبي نزار (ابن) الشرفية الواسطي» ...
و لابن الشرفية هذا قصّة مثبتة في نهاية مخطوطة مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام لابن المغازلي،
و هي:
«قال أبو الحسن عليّ بن محمّد بن الشرفيّة: حضر عندي في دكّاني بالورّاقين بواسط، يوم الجمعة خامس ذي القعدة من سنة ثمانين و خمسمائة، القاضي العدل، جمال الدين نعمة اللّه بن عليّ بن أحمد بن العطّار، و حضر أيضا شرف الدين أبو شجاع ابن العنبري الشاعر، فسأل شرف الدين القاضي جمال الدين أن يسمعه المناقب، فابتدأ بالقراءة عليه من نسختي التي بخطي، في دكّاني يومئذ، و هو يرويها عن جدّه لامّه العدل المعمّر محمد بن عليّ المغازلي، عن أبيه المصنّف فهما في القراءة و قد اجتمع عليهما جماعة إذ اجتاز أبو نصر قاضي العراق، و أبو العباس ابن زنبقة، و هما ينبزان بالعدالة، فوقفا يغوغيان و ينكران عليه قراءة المناقب، و أطنب أبو نصر قاضي العراق في التهزّي و المجون ...، فعجز القاضي نعمة اللّه بن العطّار، و قال بمحضر جماعة كانوا وقوفا: اللهم إن كان لأهل بيت نبيك عندك حرمة و منزلة، فاخسف به داره و عجّل نكايته، فبات ليلته تلك، و في صبيحة يوم السبت، سادس ذي القعدة، من سنة ثمانين و خمسمائة، خسف اللّه تعالى بداره، فوقعت هي و القنطرة و جميع المسنّاة إلى دجلة، و تلف منه فيها جميع ما كان يملك، من مال و أثاث و قماش.
فكانت هذه المنقبة من أطرف ما شوهد يومئذ من مناقب آل محمد صلوات اللّه عليهم.
فقال عليّ بن محمد بن الشرفيّة: (و قلت) في ذلك اليوم في هذا المعنى:
يا أيّها العدل الذي
هو عن طريق الحقّ عادل
متجنّبا سبل الهدى
و إلى سبيل الغيّ مائل
أبمثل أهل البيت يا مغرور
ويحك أنت هازل !
بالأمس حين جحدت من
أفضالهم بعض الفضائل
و جريت في سنن التمرّد
لست تسمع عذل عاذل
نزل القضاء على ديارك
في صباحك شرّ نازل
أضحت ديارك سائحات
في الثرى خسف الزلازل
قال علي بن محمد بن الشرفيّة: و قرأت المناقب التي صنّفها ابن المغازلي، بمسجد الجامع بواسط، الّذي بناه الحجّاج بن يوسف الثقفي- لعنه اللّه، و لقّاه ما عمل- في مجالس ستّة أوّلها الأحد رابع صفر، و آخرهنّ عاشر صفر من سنة ثلاث و ثمانين و خمسمائة، في امم لا يحصى عددهم، و كانت مجالس ينبغي أن تؤرّخ.
و كتب قارؤها بالمسجد الجامع: عليّ بن محمد بن الشرفيّة».
و ربّما خلطه بعضهم بسميّه و بلديّه ابن المغازلي، مؤلّف كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام المتوفى سنة 483، فإنّه أيضا أبو الحسن علي بن محمد، و من أهل واسط فاشتبه الأمر على بعضهم، ففي رياض العلماء ج 4 ص 209: «عليّ بن محمّد بن شاكر المؤدّب، من أهل واسط، من أصحابنا، و له كتاب في الأخبار في فضائل أهل البيت عليهم السّلام، و تاريخ تأليفه سنة سبع و خمسين و أربعمائة ...» فلاحظ فإنّه من بعض الإشتباهات.
و في تأسيس الشيعة ص 420: «الشيخ الربّاني عليّ بن محمد بن شاكر المؤدّب الليثي الواسطي، صاحب كتاب عيون الحكم و المواعظ و ذخيرة المتّعظ و الواعظ، كان فراغه من تأليف الكتاب سنة 457. و هو من أصحابنا بنصّ صاحب الرياض، و له كتاب في فضائل أهل البيت عليهم السّلام ...».
بقي هنا شيء: و هو أنّ الشرفيّة فيما وجدناه على الأكثر بالفاء، و لكن بالقاف اسم محلّة في واسط، و هو واسطي، فلعلّ الصحيح ابن الشرقيّة بالقاف، و لكن أكثر ما وجدناه بالفاء، و أكثر ما وجدناه الشرفيّة بدون ابن.
و أمّا كتابه عيون الحكم و المواعظ فهو أوسع و أجمع كتاب لحكم أمير المؤمنين عليه السّلام، يشتمل على 13628 كلمة، قال المؤلّف: