کتابخانه روایات شیعه
[المقدمات]
الإهداء
إلى مكتبة الجامعة العلميّة الكبرى.
إلى مكتبة كلّيّة الفقه و العلم و الدّين.
إلى مكتبة معقد العزّ و الفخر و العظمة (النّجف الأشرف).
إلى أمّ المكتبات الّتي تنتهي إليها حلقات المجد المؤثّل.
إلى مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام العامّة.
نهدي هذا السّفر الكريم بيد الولاء الخالص، تقديرا لها، و إكبارا لمقامها، و إعجابا بها، راجيا من المولى سبحانه القبول و له الحمد.
كلمة طيبة [من مديرية المكتبة العامرة]
أتتنا من مديريّة المكتبة العامرة [مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام العامّة] في النجف الأشرف، نعتزّ بها، و نجلّ محلّها، و نعظّم ساحة صدورها، ننشرها بنصّها و فصّها، ردفها الشكر المتواصل منّا غير مجذوذ. ألا و هي:
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
حمدا لك يا من خلق فرزق، و ألهم فأنطق، و ابتدع فشرع، و علا فارتفع، و قدّر فأحسن، و صوّر فأتقن، و احتجّ فأبلغ، و أنعم فأسبغ، و أعطى فأجزل، و منح فأفضل؛ حمدا لك و ألف حمد.
و صلاة عليك يا أبا القاسم، نبيّ الرّحمة، و منقذ الأمّة، و سيّد ولد آدم، و علّة الكون، و سرّ الوجود، و نور الأرض و السّماوات العلى، و قطب مدار الفلك، و مهبط الوحي و الملك! و على أهل بيتك الّذين أذهب اللّه عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا.
ما هي تحف العقول؟
لم يحظّ الإنسان بنفيس أثمن و أغلى من العقل، و هو دعامته، و لا مال أعود منه، أتحفه إيّاه ربّه و حباه، و شرّفه و فوّقه بذلك على ما سواه، هي غريزة تأبى ذميم الفعل؛ و فضيلة تدرك بها سعادة الأبد، و ينال بها الفوز و الفلاح في الحياة الدّنيا، هي طرّة صحائف الفضائل الإنسانيّة، و غرّة طرّة الإنسان الكامل، و بلج جبهته، و عنوان بشائر فضائله و فواضله، هي بضاعة حياة البشر السعيد في نشأتيه، و بذرة كلّ خير كسبت يداه، و جمال كلّ محمدة و مكرمة يتحلّى بها.
و إنّما قيمة المرء عقله، و هو نظامه، و على قدره يكون الدّين و الطاعة، و هو أفضل رائد، و جمال السرائر و الظواهر، و به توزن الأعمال، و يجازى به الإنسان، و به تتأتّى سعادته، و ينجو عن البوار و البوائق؛ و هو دليل شرفه، و مقياس ما اكتسبه
أو اقترفه في ورده و صدره، من خير أو شرّ، من حسنة أو سيّئة، و إنّما يناقش اللّه العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدّنيا.
و للعقل سمات و علامات، و به تحدّ الصفات، و تقيّد الفعال و الخصال، يوقف صاحبها على حدّ، و يعرّفه الملأ بمعروفه و منكره، و يعرب عن مدى حياته، و مبلغ رشده، و غاية سيره و سلوكه.
و هو كما قال مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام: عقلان: مطبوع و مكتسب. يدوران في قوسي الصعود و النزول، و يقبلان التعالي و الانحطاط، فصاحبهما بين سعادة و شقاء، سعيد أسعد اللّه حظّه، و أصلح باله، و رافقه توفيقه، يعبد الرّحمن، و يكتسب الجنان، فبالعقل طاب كسبه، و كثر خيره، و صلحت سريرته، و حسنت سيرته، و استقامت خليقته.
و آخر: ذو نكراء منكر، فطنته الدّهاء، و فكرته المكر و الخديعة، يتوانى عن البر و يبطئ عنه، و إن تكلّم أثم، و إن قال مال، و إن عرضت له فتنة سارع إليها، و إن رأى سوأة قحم فيها.
و إنّما العلم نور العقل و دليله، يقيم أوده، و يبرأ أمته، يقوده إلى الخير، و يدلّه على سبل السّلام، و مناهج السعادة، و جدد الصلاح، و مهيع العمل الناجع، و به يتأتّى كماله، و يتمّ نضجه، و يبدو صلاحه، و قد جاء في حكم الإمام أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قوله: لا يصلح من لا يعقل و لا يعقل من لا يعلم.
و الكلم الطيّب في العلم و الدّين و الحكم و الآداب و الأخلاق و المعارف هي:
تحف العقول. يتفكّه بها النّهى، و يتمتّع بها الحجي، و يأنس بها اللّبيب. و لغرر الكلم و درر الحكم ينابيع جارية فجّرها اللّه على ألسنة ناطقة من الصلحاء و الصادقين، و لتلكم الدّروس العالية من العلوم الرّاقية حملة من أهل بيت الوحي و لتربية العقول السليمة أئمّة معصومون لم يدنّسهم لوث الجاهليّة، و لم تلبسهم مدلهمّات ثيابها، فإن عطفت النظرة إلى كلم الأنبياء و الأوصياء الماضين و التابعين لهم باحسان من وليّ صالح، و حكيم إلهيّ، و متكلّم مفوّه، و خطيب مصقع، و عارف نابه، و إمام مقتدى من لدن آدم عليه السّلام و هلمّ جرّا تجدها دون ما نطق به سيّد من نطق بالضاد، نبيّ العظمة
رسول الكتاب و الحكمة، و أوصياؤه المصطفون، تقصر لدى كلمهم الكلم، و عند حكمهم الحكم، و يعجز عن أن يأتي بمثلها الحكماء البلغاء من السلف و الخلف، و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا، و يكلّ عن ندّها لسان كلّ طلق ذلق، و يحسر عن وصفها بيان كلّ ذرب اللّسان منطيق، و لا يبلغ مداه، و لا يسعه الاستكناه.
نعم تلكم الكلم الصادرة عن ينابيع الوحي الفيّاضة من أهل بيت العصمة:
تحف العقول. و هي آية في البلاغة و الفصاحة و المتانة في اللّفظ و المعنى، دون كلام الخالق و فوق مقال البشر، و من أمعن فيها يجدها أقوى برهنة و أدلّ دليل على إمامة اولئك السّادة القادة أئمّة الكلام، و مداره الحكمة، و يراها أكبر معجز و أعظم كرامة لأولئك النّفوس القدسيّة الطاهرة، تبقى مدى الأبد تذكر و تشكر.
و حسب أولئك الذّرّيّة الطيّبة عظمة و فخرا ما خلّده صدق منطقهم في الدّهر من غرر الآثار، أو مآثر بثّتها ألسنتهم ممّا نفث اللّه من الحكمة في روعهم، يفتقر إليها المجتمع البشريّ، و تصلح بها الأمّة المسلمة، و يحتاج إليها كلّ حكيم بارع، و عاقل محنّك، و خلقي كريم، و فيلسوف نابه، و عارف ناصح، و إمام مصلح. و لا مندح عنها لأيّ ابن انثى إن عقل صالحه.
جير: متى ما سمعت كلمة قيّمة تعزى إلى أحد من عظماء الدّنيا تقرّطت الآذان فثق بأنّها من مستقى ذلك العذب النمير، و مهما قرعت سمعك حكمة بالغة أو موعظة حسنة تلوكها الأشداق فأيقن بأنّها قطرة من ذلك البحر الطّامي، و إن أعجبك صلاح أو صالح أخذ الأمر بالأوثق فلتعلم أنّهما ينتهيان إلى أولئك العترة الهادية عليهم صلوات من ربّهم و رحمة.