کتابخانه روایات شیعه
الجمل و النصرة لسيد العترة في حرب البصرة
الإهداء
إلى يعسوب الدين، سيّد الوصيّين، مولى الموحّدين، أمير المؤمنين عليه السلام.
إلى من دفع الناكثين و وضع القاسطين و دمغ المارقين.
إلى شهيد العدالة و الحريّة و الإنسانيّة و التقوى، الذي لم يرض بأن يعطي أيّ امتياز لأيّ من الناس، فتحمّل من أجل ذلك كلّه خوض حرب ضروس، هي حرب الجمل و بعدها صفّين و النهروان.
فإليك يا عليّ بن أبي طالب أقدّم هذا المجهود المتواضع، الذي ما قصدت به إلّا وجه الحقّ الذي استشهدت في طريق إقامته.
راجيا منك القبول
المحقّق
مقدّمة التحقيق
الفصل الأول المؤلّف
اسمه و لقبه
هو أعلم العلماء و أفقه الفقهاء، رئيس المتكلّمين و أستاذ الأصوليين، شيخ المحدثين و أمين المؤرخين، محيي الإسلام و حامي الدين، علم الأمة و فخر الشيعة، أعجوبة الدهر و نادرة الزمان، أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي العكبري البغداديّ، المعروف بالشيخ المفيد أعلى اللّه مقامه الشريف.
و يروى في سبب تسميته بالمفيد أنّ أستاذه، أبا ياسر غلام أبي الجيش، قال له:
«لم لا تقرأ على عليّ بن عيسى الرمّاني الكلام و تستفيد منه؟ فقال: ما أعرفه و لا لي به أنس، فأرسل معي من يدلّني عليه. قال: ففعل ذلك و أرسل معي من أوصلني إليه، فدخلت عليه- و المجلس غاصّ بأهله- و قعدت حيث انتهى بي المجلس، فكلّما خفّ الناس قربت منه، فدخل إليه داخل فقال:
بالباب إنسان يؤثر الحضور بمجلسك و هو من أهل البصرة. فقال: أ هو من أهل العلم؟ فقال غلامه:
لا أعلم إلّا أنّه يؤثر الحضور بمجلسك. فأذن له، فدخل عليه فأكرمه فطال الحديث بينهما، فقال الرجل لعليّ بن عيسى: ما تقول في يوم الغدير و الغار؟ فقال: أمّا خبر الغار فدراية و أمّا خبر الغدير فرواية، و الرواية لا توجب ما توجب الدراية. قال: فانصرف البصري و لم يجر جوابا يورد إليه. قال المفيد رضي اللّه عنه: فتقدّمت فقلت: أيّها الشيخ مسألة. فقال: هات مسألتك. فقلت: ما تقول فيمن قاتل الإمام
العادل؟ فقال: يكون كافرا، ثمّ استدرك فقال: فاسقا. فقلت: ما تقول في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام؟ فقال: إمام. قلت: فما تقول في يوم الجمل و طلحة و الزبير؟ قال: تابا. قلت:
أمّا خبر الجمل فدراية و أمّا خبر التوبة فرواية. فقال لي: أ كنت حاضرا و قد سألنى البصريّ؟ فقلت:
نعم. قال: رواية برواية و دراية بدراية! فقال: بمن تعرف و على من تقرأ؟ قلت: أعرف بابن المعلّم و أقرأ على الشيخ أبي عبد اللّه الجعل. فقال: موضعك؛ و دخل منزله و خرج و معه رقعة قد كتبها و ألصقها و قال لي: أوصل هذه الرقعة إلى أبي عبد اللّه. فجئت بها إليه فقرأها و لم يزل يضحك هو و نفسه؛ ثمّ قال لي: أيّ شيء جرى لك في مجلسه، فقد وصّاني بك و لقبك المفيد؟ فذكرت له المجلس بقصّته، فتبسّم» 1 .
مولده و نشأته
ولد رحمه اللّه في الحادي عشر من ذي القعدة سنة 336 ه بسويقة ابن البصري من عكبراء 2 ؛ و ترعرع في كنف أبيه، و تعلّم القرآن و بعض المبادئ الأدبية؛ ثمّ انحدر مع أبيه إلى بغداد و اشتغل فيها بالقراءة على أبي عبد اللّه الحسين بن علي البصري المعتزلي المعروف بالجعل، ثمّ قرأ على أبي ياسر غلام أبى الجيش. و بعد مضي عدّة سنوات في الدرس و التحصيل أصبح عالما بصيرا و فقيها عظيما و متكلّما كبيرا، و لقّب بالمفيد و انتهت إليه رئاسة الإماميّة. و برغم حداثة سنّه كان السلطان عضد الدولة الديلميّ البويهي يزوره في داره و يعوده إذا مرض. 3
مشايخه
و كان عصر المفيد عصر النهضة العلمية، و قد أدرك رضوان اللّه عليه كثيرا من أعاظم الشيوخ من المحدثين و المتكلّمين و الفقهاء من الفريقين و سمع منهم و قرأ عليهم، و من أشهرهم و أعرفهم:
أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ الشيخ الصدوق (ت 381 ه)؛
و أبو علي محمّد بن أحمد بن الجنيد الإسكافي (ت 381 ه)؛