کتابخانه روایات شیعه
الجزء الأول
ترجمة المؤلف
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه الذي استفاضت براهين وجوده بآثار قدرته، و انتشرت أحاديث شكره بمرسلات الرياح من رحمته، و الصلاة و السلام على أفضل رسله و أكرم بريته، و على الأصفياء من عترته التابعين لهديه و سيرته.
و بعد، فيقول العبد المستكين خادم علوم أهل بيت الوحي و الرسالة أبو المعالي شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي رزقه اللّه زيارة مراقدهم الشريفة في الأولى و النيل بشفاعتهم في الأخرى آمين آمين.
لما كان أحد الأصلين الأصيلين و الركنين الركينين، الأحاديث المأثورة، و الآثار المروية، عن هداة البرية، شمر الذيل علمائنا الكرام، حملة الفقه و أساطين الحديث في جمعها و تدوينها، حتى ملئوا الطوامير و سطروا السطور، و هم بين من اقتصر على روايات الفروع و الأحكام، و من جمع أخبار الأصول و من نقل الروايات الواردة في الوعظ و الاعتبار و الأخلاقيات، و سائر فنون الحديث فجادوا و أجادوا، سهروا الليالي و أتعبوا النفوس، ركبوا المشاق في تحصيلها من كل قطر و ناحية، كافأهم اللّه و جزاهم خير ما أعده للمحسنين، كيف و هم حفاظ الشريعة، الذين ائتمنوا على ودائع النبوة و كفالة أيتام الأئمة.
و ممن حظي في ذلك بالسهم الوافر و اصطف في زمرة المكثرين المجيدين العلامة الحبر المتبحر خريت علمي الحديث و الفقه نابغة الرواية مركز الإجازة، و قطب رحاها، علم الفضل و عيلمه النجم المضيء من القطر العاملي، أبو بجدة الآثار، يتيمة عقد النقل، جوهرة التقوى و العدالة، مولانا أبو جعفر الشيخ محمد بن الحسن آل الحر العاملي المشغري الجبعي حشره اللّه مع آل الرسول تحت لواء أمير المؤمنين عليه السّلام، فإنه (قده) لم يأل جهده في هذا الشأن، فكم له من تصنيف رائق، و تأليف فائق بين كتاب و رسالة. و من أشهر ما جادت به يراعته و سمح به قلمه الشريف كتاب إثبات الهداة في النصوص و المعجزات و لعمري أتى فيه بالعجب
العجاب، حيث أودع فيه أكثر من «عشرين الف» حديث، بأسانيد تقارب «سبعين الف» سند منقولة من (142) كتابا من كتب الخاصة بلا واسطة، و من (50) كتاباً لهم بالواسطة، و (24) كتابا من كتب العامة بلا واسطة و (223) كتابا من كتبهم بالواسطة، و رتبه على أبواب و كل باب فيه فصول، و كل فصل فيه أحاديث مع حسن الترتيب و التهذيب و ها هو بين يديك بمرأى و مسمع و ليس البيان كالعيان: فللّه دره و عليه أجره.
و حيث كانت نسخته مخطوطة في خبايا خزائن الكتب طالما كانت نفوس أرباب الفضائل مشتاقة إليها، متطلعة عليها، ممتدة الأعناق، إلى الأكناف و الآفاق رجاء اقتنائها و الفوز بها قيض اللّه همة الرجل الوجيه، الصفي الوفي؛ الورع الحفي الحاج أبي القاسم السالك أدام اللّه توفيقه في نشر آثار المعصومين، فقام بطبعها و نشرها راجيا به وجه اللطيف الخبير، و تصدى العلوي الشريف، عرنين السادة الأمجاد، المشرف بالانتساب إلى ثاني سيدي شباب أهل الجنان، العالم الورع التقي فخر الإسلام الحاج السيد هاشم نجل ذخر العلماء الكرام حجة الإسلام الحاج السيد حسين الحسيني الرسولي المحلاتي دامت بركاتهما، و ضوعفت حسناتهما، لتصحيح الكتاب على ما ينبغي و عرضها على النسخ المعتمدة مذيلا بالترجمة الفارسية، لتعميم النفع و شاركه فيها العالمان الجليلان؛ عمادا الإسلام الشيخ محمد النصر اللهي و الشيخ أحمد الجنتي أدام الباري سبحانه أيامهما و أسعد أعوامهما.
ثم طولبت بتأليف رسالة في ترجمة المؤلف العلامة، مع ما بي من الأحزان و الآلام؛ التي كاد الفؤاد أن يذوب منها و إلى اللّه المشتكى و لديه بث الشكوى و حيث لم أجد بدا من إسعاف المأمول حررت هذه الكراريس، مع كمال الاستعجال، و تشويش البال، مكتفيا بالقليل من الكثير، من أحوال هذا العلم الغطريف الذي يعد من مفاخر علماء الشيعة و العذر لدى الكرام مقبول، و أرجو من فضله العميم، و كرمه الشامل أن يوفقني في مستقبل الأوان بتأليف كتاب أبسط من هذا؛ و سميتها بسجع البلابل في ترجمة صاحب الوسائل.
و رتبتها على عناوين:
الميلاد- الأبوان- النسب- النوابغ في أعقابه- النوابغ في أسلافه- المشايخ- التلاميذ- التأليف- النظم- كلمات العلماء في حقه- الرحلات- كيفية الخط- صك الخاتم- الوفاة- تأثير الوفاة- المدفن- الأسانيد في روايته.
كل ذلك على سبيل الفهرس رعاية للاختصار، و أسأله تعالى أن يقبله منا، و أن يوفقني و الناشر و المصحح و المترجمين بما يحب و يرضى إنه القدير على ذلك و الجدير بما هنالك. فنقول:
ميلادته الشريف:
ولد في قرية (مشغر) بفتح الميم و الشين المعجمة و سكون الغين المعجمة ثم الراء المهملة الساكنة من قرى جبل عامل ليلة الجمعة ثامن رجب سنة (1033) و أنشد والده العلامة و غيره من أعلام الفضل القصائد الرائقة الرشيقة في مقام التهنئة.
والده المبرور:
هو العلامة الشيخ حسن بن العلامة علي بن العلامة الشيخ محمد بن العلامة الشيخ حسين الحر العاملي المشغري الجبعي المحدث الفقيه النبيه الثقة الشاعر من تلامذة شيخنا الشهيد الثاني و أبو زوجته كما في رسالة ابن العودي، توفي في طريق مشهد الرضا عليه السّلام سنة (1062) و كان مولده سنة (1000) و نقل إلى العتبة الرضوية على مشرفها السلام و دفن بها.
أمه الجليلة:
هي الكريمة بنت العلامة الشيخ عبد السلام بن الشيخ محمد بن الحسين الحر المذكور قريبا و كانت فاضلة أديبة.
نسبه:
ينتهي نسبه المنيف إلى شهيد الطف الحر بن يزيد الرياحي كما صرّح نفسه في هامش نسخة من الأمل، و هو المعروف بين أرباب التراجم و من ثم عرف هو و أسرته بآل الحر فلا تغفل.
البارعون في أعقابه و أخلافه:
أعقب (قده) و أنجب فبرع بينهم جماعة في فنون العلم و الأدب: منهم: العلامة الشيخ حسن ابن المؤلف أخذ عن والده وعدة من أعلام عصره، و روى عنهم له شرح كتاب الهداية في الأحكام المأثورة لوالده الجليل، و ديوان شعر و يقال إنه مدفون بجنب أبيه العلامة المؤلف.
و منهم: ابنه العلامة الشيخ أحمد بن الحسن ابن المؤلف الفقيه الشاعر المحدث، صاحب التعليقة على الكافي، أخذ عن والده و روى عنه.
و منهم: العلامة الشيخ محمد رضا المحدث المفسر الفقيه؛ كان من تلاميذ والده، توفي ليلة السبت الثالثة عشر من شعبان (1110) و دفن بجنب والده الجليل، و له تعاليق على الكتب الحديثية نافعة جدا.
و منهم: العلامة الشيخ مؤلف كتاب (جام گيتى نما) و كان ينزل في سده من أعمال أصفهان و بها أعقابه؛ و فيهم الأدباء و الخطباء كالأخ التقي الوفي الصفي الأديب الأريب المعاصر الحاج آقا محمد الراجي صاحب التأليف و الديوان أدام اللّه توفيقه في نشر فضائل الأئمة عليهم السّلام.
و منهم: العلامة المحدث الفقيه النبيه الأديب شاعر آل الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و المخلص في ولائهم، حجة الإسلام المرحوم الشيخ عبد الغني بن العلامة الشيخ أحمد بن العلامة الشيخ علي بن العلامة الشيخ أحمد بن الشيخ محمود ابن المؤلف صاحب الوسائل؛ هكذا ساق نسبه في آخر إجازته لنا، و كان هذا الشيخ من أتقى من أدركته من الفضلاء و أخلصهم في حب الأئمة عليهم السّلام؛ متفانيا في ذلك، و كلما أنشأ أو أنشد أو سمع في مدائحهم لم يملك نفسه من البكاء و إسالة الدموع؛ و له نظم رائق، طبع نبذ منه في الغري الشريف باهتمام حجة الإسلام الحاج السيد محمد الرضوي الكشميري، و كان (قده) عابدا ناسكا ورعا صائما قائما كثير الرجوع إلى كتب الحديث سيما الكتب الأربعة و الوسائل، حشره اللّه مع أحبّته و مواليه.
النوابغ في أسلافه و أقربائه:
قد نبغ فيهم و برع عدة فهاك أسماء بعضهم:
منهم: العلامة الفقيه الشيخ محمد بن الحسين الحر العاملي جده لأبيه كان من تلاميذ العلامة السعيد الشهيد الثاني و أبي حليلته كما في رسالة ابن العودي.
و منهم: ابنه الشيخ محمد بن محمد بن الحسين الحر العاملي الفقيه الأديب تلميذ شيخنا البهائي و صاحبي المعالم و المدارك، له كتاب نظم تلخيص المفتاح في علوم البلاغة، توفي سنة (980).