کتابخانه روایات شیعه
149/ 512 - و هو ما حدّث به صالح بن الأشعث البزّاز الكوفيّ، قال: كنت بين يدي المفضّل إذ وردت عليه رقعة من مولانا الصادق عليه السلام، فنظر فيها، فنهض قائما و اتكأ عليّ، ثمّ تسايرنا 513 إلى باب حجرة الصادق عليه السلام، فخرج إليه عبد اللّه بن وشاح، فقال:
أسرع يا مفضّل في خطواتك، أنت و صاحبك هذا.
فدخلنا فإذا بالمولى الصادق عليه السلام قد قعد على كرسي، و بين يديه امرأة، فقال: يا مفضّل، خذ هذه الامرأة و أخرجها إلى البرية في ظاهر البلد فانظر ما يكون من أمرها وعد إليّ سريعا.
فقال المفضل: فامتثلت ما أمرني به مولاي عليه السلام و سرت بها إلى برية البلد، فلمّا توسطتها سمعت مناديا ينادي: احذر يا مفضل. فتنحيت عن المرأة، فطلعت غمامة سوداء ثمّ أمطرت عليها حجارة حتّى لم يكن 514 للمرأة حسا و لا أثرا فهالني ما رأيته! و رجعت مسرعا إلى مولاي عليه السلام، و هممت أن أحدثه بما رأيت، فسبق إلي الحديث، فقال عليه السلام: «يا مفضل، أ تعرف المرأة؟» فقلت:
لا يا مولاي. فقال: «هذه امرأة الفضال بن عامر، و قد كنت سيّرته إلى فارس ليفقّه أصحابي بها، فلمّا كان عند خروجه من منزله قال لامرأته:
هذا مولاي جعفر شاهد عليك، لا تخونيني في نفسك. فقالت: نعم، إن خنتك في نفسي أمطر اللّه عليّ من السماء عذابا واقعا. فخانته في نفسها من ليلتها، فأمطر اللّه عليها ما طلبت، يا مفضل، إذا هتكت امرأة سترها، و كانت عارفة باللّه، هتكت حجاب اللّه، و قصمت ظهرها، و العقوبة إلى العارفين و العارفات أسرع».
و أمّا تظليل الغمام عليهم فهو أنّ موسى عليه السلام لمّا مكث
بقومه في التيه أربعين سنة أثّر فيهم حرّ الشمس، فظلل اللّه الغمام عليهم، وقاية لهم من حرّ الشمس، كما قال اللّه تعالى: وَ ظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى 515 فقد أعطى اللّه تعالى أمير المؤمنين عليه السلام ما يشابه ذلك و يدانيه و يحاكيه و هو.
150/ 516 - ما رواه جابر بن عبد اللّه الأنصاري- رحمه اللّه- عن رسول اللّه (ص) أنّه قال: «ما بعثته قط في سرية إلّا و رأيت جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، و ملك الموت أمامه في سحابة تظلله، حتّى يعطي اللّه حبيبي النصر و الظفر».
و أمّا إحياء الموتى، و هو ما قال اللّه تعالى: فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى 517 و شرح ذلك أنّه وجد على طريق سبط من الأسباط قتيل، فتدارءوا 518 به و التجئوا إلى موسى عليه السلام، فأمرهم اللّه تعالى بذبح بقرة على ما شرح في كتابه العزيز، فلمّا فعلوا ذلك و ضربوا ببعض لحمها القتيل 519 ، أحياه اللّه تعالى حتّى قال: قتلني فلان بن فلان.
و قد أعطى اللّه تبارك و تعالى أمير المؤمنين عليه السلام ما يشابه ذلك و هو:
151/ 520 - ما حدّث به الباقر عليه السلام، قال: «إنّ عليّا عليه السلام مرّ يوما في أزقة الكوفة فانتهى إلى رجل قد حمل جريثا 521
فقال: انظروا إلى هذا قد حمل إسرائيليا. فأنكر الرجل، و قال: متى كان الاسرائيلي جريثا؟!.
فقال عليه السلام: أما إنّه إذا كان اليوم الخامس ارتفع لهذا الرجل من صدغه دخان فيموت مكانه.
فأصابوه في اليوم الخامس كذلك، فمات فحمل إلى قبره، فلمّا دفن جاء أمير المؤمنين عليه السلام إلى قبره، فدعا اللّه، ثمّ رفسه برجله، فإذا الرجل قام قائما بين يديه، و هو يقول: الراد على عليّ كالراد على اللّه و على رسوله.
قال عليه السلام: عد في قبرك. فعاد فيه، فانطبق القبر عليه».
152/ 522 - و حدّث داود الرقيّ، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام إذ دخل عليه شاب يبكي فقال: إني نذرت أن أحجّ بأهلي، فلمّا دخلت المدينة ماتت. قال: «اذهب، فإنّها لم تمت» قال:
ماتت و سجيتها! قال: «اذهب، فإنّها لم تمت فخرج و رجع ضاحكا و قال: دخلت عليها و هي جالسة. قال: «يا داود، أو لم تؤمن»؟ قال:
بلى، و لكن ليطمئن قلبي.
فلمّا كان يوم التروية قال لي: «يا داود قد اشتقت إلى بيت ربّي» فقلت: يا سيّدي، هذا عرفات! قال: «إذا صلّيت العشاء الآخرة فارحل لي ناقتي، و شدّ زمامها» ففعلت، فخرج، و قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و يس ثمّ استوى على ظهر ناقته، و أردفني خلفه، فسرنا هدا من 523 الليل، و قعد في موضع ما كان ينبغي.
فلمّا طلع الفجر، قام فأذّن، و أقام، و أنا عن يمينه، فقرأ في أوّل
ركعة: الْحَمْدُ و الضُّحى و في الثانية الْحَمْدُ و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قنت، ثمّ سلّم و جلس، فلمّا طلعت الشمس مرّ الشاب و معه المرأة فقالت لزوجها: هذا الذي شفع إلى اللّه في إحيائي.
8- فصل: في بيان آيات داود ممّا ذكره الله تعالى في القرآن و فيه: أربعة أحاديث
قال اللّه تعالى: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَ الطَّيْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ. أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ 524 و التأويب: سير النهار، و قيل:
هو التسبيح، و معناه على القول الأوّل: يا جبال سيري معه.
و قد جعل اللّه تبارك و تعالى مثل ذلك لمولانا أبي عبد اللّه عليه السلام، و قد ذكرنا سير الجبال معه فيما ذكر في قوله: وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ 525 .
153/ 1 526 - و روى أبو بصير قال: جاء رجل إلى أبى عبد اللّه عليه السلام فسأله عن حقّ الإمام 527 ، قال له: «تأتي ناحية أحد». فخرج فإذا أبو عبد اللّه عليه السلام يصلّي، و دابّته قائمة، و إذا ذئب قد أقبل، فسارّ أبا عبد اللّه عليه السلام كما يسارّ الرجل، ثمّ قال له: «قد فعلت» فقلت: جئت أسألك عن شيء، فرأيت ما هو أعظم من مسألتي! فقال: «إنّ الذئب أخبرني أن زوجته بين الجبل قد عسر عليها الولادة
فادع اللّه تعالى لها أن يخلصها مما هي فيه، فقلت قد فعلت، على أن لا يسلط أحدا من نسلكم 528 على أحد من شيعتنا أبدا». فقلت: ما حق المؤمن على اللّه تعالى؟ قال: لو قال للجبال «أوبي لأوّبت» فأقبل الجبل يتداكّ بعضه إلى بعض، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: «ضربت له مثلا، ليس إيّاك عنيت» فرجع إلى مكانه.
و معناه على القول الثاني: سبحي معه.
و قد أعطى اللّه تبارك و تعالى لمولانا زين العابدين عليه السلام ما يماثل ذلك و يشاكله و هو:
154/ 2 529 - ما حدّث به سعيد بن المسيب- في رواية الزهريّ- قال: كان القوم لا يخرجون من مكّة حتّى يخرج زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام، فخرج، و خرجت معه، فنزل في بعض المنازل، و صلّى ركعتين، و سبّح في سجوده، فلم يبق شجر و لا مدر إلّا سبّح معه، ففزعنا فرفع رأسه، و قال: «يا سعيد أ فزعت؟» قلت: نعم، يا ابن رسول اللّه. فقال: «هذا التسبيح الأعظم».
و أمّا تسبيح الطير فقد ذكرنا في هذا الكتاب، في آيات أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام في آخر حديث و هو:
ما أجاب به عبد الملك بن مروان عامله، حين أمره بإخراج الباقر إليه، فقال: و إنّه ليقرأ في محرابه فتجتمع الطير و السباع تعجبا من صوته، فإنّ قراءته تشبه مزامير آل داود.
و أمّا قوله تعالى: وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ 530 فإنّه ألان له الحديد ليتخذ له الدروع منه كأنّه الشمعة في يده.
و قد أعطى اللّه تعالى لأمير المؤمنين عليه السلام مثل ذلك و هو:
155/ 3 531 - ما روى بعض مواليه أنّه دخل عليه، و رأى بين يديه حديدا، و هو يأخذ بيده منه، و يدققه، و يجعله حلقا و يسرده 532 كأنّه الشمعة في يده قال: فسألته عنه، فقال: «أصنع الدرع».
و ممّا يصحح ذلك، و يشهد بصحته، حديث خالد بن الوليد، و هو حديث طويل قد اقتصرنا على الموضع المقصود لشهرته.
156/ 4 533 - و حدث به عبد الرحمن بن العبّاس و جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قالا: كنا جلوسا عند أبي بكر و قد أضحى النهار، فإذا بخالد بن الوليد قد وافى في جيش قام غباره، و كثرت صواهل خيله، فإذا بقطب رحى ملوي في عنقه، و قد فتل فتلا، فنزل عن فرسه، و وقف بإزاء أبي بكر، فرمقه الناس بأعينهم و راعهم 534 منظره، فابتدأ و قال: اعدل يا بن أبي قحافة حيث جعلت في الموضع الذي لست له بأهل، و ما ارتفعت إلى هذا المكان إلّا كما يرتفع الطافي من السمك على الماء.- في كلام طويل أعرضنا عن ذكره-