کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
المسلمين و ليس له وارث إلا الله و المسلمون و أنا إمامكم و قد عفوت أ فتعفون عن عبيد الله ابن خليفتكم بالأمس قالوا نعم فعفا عنه فلما بلغ ذلك عليا تضاحك و قال سبحان الله لقد بدأ بها عثمان أ يعفو عن حق امرئ ليس بواليه تالله إن هذا لهو العجب قالوا فكان ذلك أول ما بدا من عثمان مما نقم عليه.
قال الشعبي و خرج المقداد من الغد فلقي عبد الرحمن بن عوف فأخذ بيده و قال إن كنت أردت بما صنعت وجه الله فأثابك الله ثواب الدنيا و الآخرة و إن كنت إنما أردت الدنيا فأكثر الله مالك فقال عبد الرحمن اسمع رحمك الله اسمع قال لا أسمع و الله و جذب يده من يده و مضى حتى دخل على علي ع فقال قم فقاتل حتى نقاتل معك قال علي فبمن أقاتل رحمك الله و أقبل عمار بن ياسر ينادي
يا ناعي الإسلام قم فانعه
قد مات عرف و بدا نكر .
أما و الله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم و الله لئن قاتلهم واحد لأكونن له ثانيا فقال علي يا أبا اليقظان و الله لا أجد عليهم أعوانا و لا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون و بقي ع في داره و عنده نفر من أهل بيته و ليس يدخل إليه أحد مخافة عثمان.
قال الشعبي و اجتمع أهل الشورى على أن تكون كلمتهم واحدة على من لم يبايع فقاموا إلى علي فقالوا قم فبايع عثمان قال فإن لم أفعل قالوا نجاهدك قال فمشى إلى عثمان حتى بايعه و هو يقول صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فلما بايع أتاه عبد الرحمن بن عوف فاعتذر إليه و قال إن عثمان أعطانا يده و يمينه و لم تفعل أنت فأحببت أن أتوثق للمسلمين فجعلتها فيه فقال إيها عنك إنما آثرته بها لتنالها بعده دق الله بينكما عطر منشم 6501 .
قال الشعبي و قدم طلحة من الشام بعد ما بويع عثمان فقيل له رد هذا الأمر حتى ترى فيه رأيك فقال و الله لو بايعتم شركم لرضيت فكيف و قد بايعتم خيركم قال ثم عدا عليه بعد ذلك و صاحبه حتى قتلاه ثم زعما أنهما يطلبان بدمه.
قال الشعبي فأما ما يذكره الناس من المناشدة و قول علي ع لأهل الشورى أ فيكم أحد قال له رسول الله ص كذا فإنه لم يكن يوم البيعة و إنما كان بعد ذلك بقليل دخل علي ع على عثمان و عنده جماعة من الناس منهم أهل الشورى و قد كان بلغه عنهم هنات و قوارص فقال لهم أ فيكم أ فيكم كل ذلك يقولون لا قال لكني أخبركم عن أنفسكم أما أنت يا عثمان ففررت يوم حنين و توليت يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ و أما أنت يا طلحة فقلت إن مات محمد لنركضن بين خلاخيل نسائه كما ركض بين خلاخيل نسائنا و أما أنت يا عبد الرحمن فصاحب قراريط و أما أنت يا سعد فتدق عن أن تذكر قال ثم خرج فقال عثمان أ ما كان فيكم أحد يرد عليه قالوا و ما منعك من ذلك و أنت أمير المؤمنين و تفرقوا.
قال عوانة قال إسماعيل قال الشعبي فحدثني عبد الرحمن بن جندب عن أبيه جندب بن عبد الله الأزدي قال كنت جالسا بالمدينة حيث بويع عثمان فجئت فجلست إلى المقداد بن عمر و فسمعته يقول و الله ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت و كان عبد الرحمن بن عوف جالسا فقال و ما أنت و ذاك يا مقداد قال المقداد إني و الله أحبهم لحب رسول الله ص و إني لأعجب من قريش و تطاولهم على الناس بفضل رسول الله ثم انتزاعهم سلطانه من أهله قال عبد الرحمن أما و الله لقد أجهدت نفسي
لكم قال المقداد أما و الله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ أما و الله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم ببدر و أحد فقال عبد الرحمن ثكلتك أمك لا يسمعن هذا الكلام الناس فإني أخاف أن تكون صاحب فتنة و فرقة.
قال المقداد إن من دعا إلى الحق و أهله و ولاة الأمر لا يكون صاحب فتنة و لكن من أقحم الناس في الباطل و آثر الهوى على الحق فذلك صاحب الفتنة و الفرقة.
قال فتربد وجه عبد الرحمن ثم قال لو أعلم أنك إياي تعني لكان لي و لك شأن.
قال المقداد إياي تهدد يا ابن أم عبد الرحمن ثم قام عن عبد الرحمن فانصرف.
قال جندب بن عبد الله فاتبعته و قلت له يا عبد الله أنا من أعوانك فقال رحمك الله إن هذا الأمر لا يغني فيه الرجلان و لا الثلاثة قال فدخلت من فوري ذلك على علي ع فلما جلست إليه قلت يا أبا الحسن و الله ما أصاب قومك بصرف هذا الأمر عنك فقال صبر جَمِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ .
فقلت و الله إنك لصبور قال فإن لم أصبر فما ذا أصنع قلت إني جلست إلى المقداد بن عمرو آنفا و عبد الرحمن بن عوف فقالا كذا و كذا ثم قام المقداد فاتبعته فقلت له كذا فقال لي كذا فقال علي ع لقد صدق المقداد فما أصنع فقلت تقوم في الناس فتدعوهم إلى نفسك و تخبرهم أنك أولى بالنبي ص و تسألهم النصر على هؤلاء المظاهرين عليك فإن أجابك عشرة من مائة شددت بهم على الباقين فإن دانوا لك فذاك و إلا قاتلتهم و كنت أولى بالعذر قتلت أو بقيت و كنت أعلى عند الله حجة.
فقال أ ترجو يا جندب أن يبايعني من كل عشرة واحد قلت أرجو ذلك قال لكني لا أرجو ذلك لا و الله و لا من المائة واحد و سأخبرك أن الناس إنما ينظرون
إلى قريش فيقولون هم قوم محمد و قبيله و أما قريش بينها فتقول إن آل محمد يرون لهم على الناس بنبوته فضلا و يرون أنهم أولياء هذا الأمر دون قريش و دون غيرهم من الناس و هم إن ولوه لم يخرج السلطان منهم إلى أحد أبدا و متى كان في غيرهم تداولته قريش بينها لا و الله لا يدفع الناس إلينا هذا الأمر طائعين أبدا.
فقلت جعلت فداك يا ابن عم رسول الله لقد صدعت قلبي بهذا القول أ فلا أرجع إلى المصر فأوذن الناس بمقالتك و أدعو الناس إليك فقال يا جندب ليس هذا زمان ذاك.
قال فانصرفت إلى العراق فكنت أذكر فضل علي على الناس فلا أعدم رجلا يقول لي ما أكره و أحسن ما أسمعه قول من يقول دع عنك هذا و خذ فيما ينفعك فأقول إن هذا مما ينفعني و ينفعك فيقوم عني و يدعني.
و زاد أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري حتى رفع ذلك من قولي إلى الوليد بن عقبة أيام ولينا فبعث إلي فحبسني حتى كلم في فخلى سبيلي.
و روى الجوهري قال نادى عمار بن ياسر ذلك اليوم يا معشر المسلمين إنا قد كنا و ما كنا نستطيع الكلام قلة و ذلة فأعزنا الله بدينه و أكرمنا برسوله ف الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يا معشر قريش إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم تحولونه هاهنا مرة و هاهنا مرة ما أنا آمن أن ينزعه الله منكم و يضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله و وضعتموه في غير أهله.
فقال له هاشم بن الوليد بن المغيرة يا ابن سمية لقد عدوت طورك و ما عرفت قدرك ما أنت و ما رأت قريش لأنفسها إنك لست في شيء من أمرها و إماراتها فتنح عنها.
و تكلمت قريش بأجمعها فصاحوا بعمار و انتهروه فقال الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ما زال أعوان الحق أذلاء ثم قام فانصرف.
140 و من كلام له ع في النهي عن غيبة الناس
وَ إِنَّمَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعِصْمَةِ وَ الْمَصْنُوعِ إِلَيْهِمْ فِي السَّلَامَةِ أَنْ يَرْحَمُوا أَهْلَ الذُّنُوبِ وَ الْمَعْصِيَةِ وَ يَكُونَ الشُّكْرُ هُوَ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ وَ الْحَاجِزَ لَهُمْ عَنْهُمْ فَكَيْفَ بِالْعَائِبِ الَّذِي عَابَ أَخَاهُ وَ عَيَّرَهُ بِبَلْوَاهُ أَ مَا ذَكَرَ مَوْضِعَ سَتْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِ مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي عَابَهُ بِهِ وَ كَيْفَ يَذُمُّهُ بِذَنْبٍ قَدْ رَكِبَ مِثْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَ ذَلِكَ الذَّنْبَ بِعَيْنِهِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ فِيمَا سِوَاهُ مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ وَ ايْمُ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَاهُ فِي الْكَبِيرِ وَ عَصَاهُ فِي الصَّغِيرِ [لَجُرْأَتُهُ] لَجَرَاءَتُهُ عَلَى عَيْبِ النَّاسِ أَكْبَرُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ فِي عَيْبِ أَحَدٍ بِذَنْبِهِ فَلَعَلَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ وَ لَا تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِكَ صَغِيرَ مَعْصِيَةٍ فَلَعَلَّكَ مُعَذَّبٌ عَلَيْهِ فَلْيَكْفُفْ مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عَيْبَ غَيْرِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَيْبِ نَفْسِهِ وَ لْيَكُنِ الشُّكْرُ شَاغِلًا لَهُ عَلَى مُعَافَاتِهِ مِمَّا ابْتُلِيَ [غَيْرُهُ بِهِ] بِهِ غَيْرُهُ.
ليس في هذا الفصل من غريب اللغة ما نشرح
أقوال مأثورة في ذم الغيبة و الاستماع إلى المغتابين
و نحن نذكر مما ورد في الغيبة لمعا نافعة على عادتنا في ذكر الشيء عند مرورنا على ما يقتضيه و يستدعيه.
و قد ورد في الكتاب العزيز ذم الغيبة قال سبحانه وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً 6502 و
قال رسول الله ص لا تحاسدوا و لا تباغضوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً و كونوا عباد الله إخوانا.
و
روى جابر و أبو سعيد عنه ص إياكم و الغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا إن الرجل يزني فيتوب الله عليه و إن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه.
و روى أنس عنه ص مررت ليلة أسري بي فرأيت قوما يخمشون وجوههم بأظافيرهم فسألت جبريل عنهم فقال هؤلاء الذين يغتابون الناس.
و في حديث سلمان قلت يا رسول الله علمني خيرا ينفعني الله به قال لا تحقرن من المعروف شيئا و لو أرفضت من دلوك في إناء المستقي و الق أخاك ببشر حسن و لا تغتابنه إذا أدبر.
و
في حديث البراء بن عازب خطبنا رسول الله ص حتى أسمع العواتق في بيوتهن فقال ألا لا تغتابوا المسلمين و لا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتتبع عورة أخيه تتبع الله عورته و من يتتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته.
و
في حديث أنس أن رسول الله ص قال في يوم صوم إن فلانة و فلانة كانتا تأكلان اليوم شحم امرأة مسلمة يعني الغيبة فمرهما فلتتقيئا فقاءت كل واحدة منهما علقة دم 6503 .
و
في الصحاح المجمع عليها أنه ع مر بقبرين جديدين فقال إنهما ليعذبان و ما يعذبان بكبير أما أحدهما فكان يغتاب الناس و أما الآخر فكان لا يتنزه من البول و دعا بجريدة رطبة فكسرها اثنتين أو قال دعا بجريدتين ثم غرسهما في القبرين و قال أما إنه سيهون من عذابهما ما دامتا رطبتين.
و
في حديث ابن عباس أن رجلين من أصحابه اغتابا بحضرته رجلا و هو يمشي ع و هما يمشيان معه فمر على جيفة فقال انهشا منها فقالا يا رسول الله أ و ننهش الجيفة فقال ما أصبتما من أخيكما أنتن من هذه.
و
في حديث أبي هريرة من أكل لحم أخيه حيا قرب إليه لحمه في الآخرة فقيل له كله ميتا كما أكلته حيا فيأكله و يضج و يكلح.
و روي أن رجلين كانا عند باب المسجد فمر بهما رجل كان مخنثا فترك ذلك فقالا لقد بقي عنده منه شيء فأقيمت الصلاة فصليا مع الناس و ذلك يجول في أنفسهما فأتيا عطاء بن أبي رباح فسألاه فأمرهما أن يعيدا الوضوء و الصلاة و إن كانا صائمين أن يقضيا صيام ذلك اليوم.
و عن مجاهد وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الهمزة الطعان في الناس و اللمزة النمام.