کتابخانه روایات شیعه
ذكر الإمام الحادي عشر أبي محمد الحسن الخالص بن علي المتوكل بن محمد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن الصادق جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين
قال الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة رحمه الله تعالى الباب الحادي عشر في أبي محمد الحسن الخالص بن علي المتوكل بن محمد القانع بن علي الرضا ع
مولده
سَنَةَ إِحْدَى وَ ثَلَاثِينَ وَ مِائَتَيْنِ لِلْهِجْرَةِ.
و أما نسبه أبا و أما
فَأَبُوهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ الْمُتَوَكِّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَانِعِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا وَ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ وَ أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا سَوْسَنُ.
و أما اسمه
فَالْحَسَنُ وَ كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَ لَقَبُهُ الْخَالِصُ..
و أما مناقبه
فاعلم أن المنقبة العليا و المزية الكبرى التي خصه الله جل و علا بها فقلده فريدها و منحه تقليدها و جعلها صفة دائمة لا يبلى الدهر جديدها و لا تنسى الألسن تلاوتها و ترديدها أن المهدي من نسله المخلوق منه و ولده المنتسب إليه و بضعته المنفصلة عنه و سيأتي في الباب الذي يتلو هذا الباب شرح مناقبه و تفصيل أحواله إن شاء الله تعالى.
و كفى أبا محمد الحسن تشريفه من ربه أن جعل محمد المهدي من كسبه و أخرجه من صلبه و جعله معدودا من حزبه و لم يكن لأبي محمد ولد ذكر سواه و حسبه ذلك منقبة و كفاه لم تطل من الدنيا أيام مقامه و مثواه و لا امتد أمد حياته فيها ليظهر للناظرين مآثره و مزاياه.
و أما عمره
فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي الثَّامِنِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ لِلْهِجْرَةِ
فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَمَدِ وَ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وِلَادَتِهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَ ثَلَاثِينَ وَ مِائَتَيْنِ فَيَكُونُ عُمُرُهُ تِسْعاً وَ عِشْرِينَ سَنَةً كَانَ مَقَامُهُ مَعَ أَبِيهِ ثَلَاثاً وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ أَشْهُراً وَ بَقِيَ بَعْدَ أَبِيهِ خَمْسَ سِنِينَ وَ شُهُوراً وَ قَبْرُهُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى.
آخر كلام كمال الدين.
و أنا أعجب من كونه مع فضله و مكانه من العلم و ميله إلى تصنيف هذا الكتاب لم ينقب عن فضائلهم و لم يبالغ في إيضاح أخبارهم و دلائلهم فاقتصر على هذا القدر من ذكره و ذكر أبيه من قبله و اعتذر بقصر عمره عن عد فضله و لو طلب ذلك و اجتهد لحصل ما أراد و وجد و سعى إلى حيث لا أمد فإن مناقبهم ع لا تدخل تحت العدد و هي متزايدة مع الأبد واضحة الجدد.
وَ قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْجَنَابِذِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع يُلَقَّبُ بِالْعَسْكَرِيِّ مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَ ثَلَاثِينَ وَ مِائَتَيْنِ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ فَيَكُونُ عُمُرُهُ تِسْعاً وَ عِشْرِينَ سَنَةً فِي زَمَنِ الْمُعْتَزِّ وَ قَبْرُهُ بِسَامَرَّاءَ وَ قِيلَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ ثَلَاثِينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ قُبِضَ بِسُرَّ مَنْ رَأَى لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ كَانَ سِنُّهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانَ وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا حَرْبِيَّةٌ وَ قَبْرُهُ إِلَى جَانِبِ قَبْرِ أَبِيهِ بِسُرَّ مَنْ رَأَى.
وَ رَوَى عَنْ رِجَالِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ هَارُونَ الضُّبِّيُّ إِمْلَاءً قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ وَالِدِي حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِيُّ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا أَسْأَلُهُ لِمَ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّوْمَ فَكَتَبَ إِلَيَّ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّوْمَ لِيَجِدَ الْغَنِيُّ مَسَّ الْجُوعِ لِيَحْنُوَ عَلَى الْفَقِيرِ..
وَ رَوَى عَنْ رِجَالِهِ عَنِ الْحَافِظِ الْبَلاذِرِيِّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى إِمَامُ عَصْرِهِ عِنْدَ الْإِمَامِيَّةِ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُفْتِي قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّيِّدُ الْمَحْجُوبُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْمُرْتَضَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السَّجَّادُ
زَيْنُ الْعَابِدِينَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ حَدَّثَنِي جَبْرَئِيلُ سَيِّدُ الْمَلَائِكَةِ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَيِّدُ السَّادَاتِ إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَمَنْ أَقَرَّ لِي بِالتَّوْحِيدِ دَخَلَ حِصْنِي وَ مَنْ دَخَلَ حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي.
و قال الحاكم و لم نكتبه إلا عن هذا الشيخ تم كتاب معالم العترة و الحمد لله قال شيخنا المفيد رحمه الله تعالى في إرشاده باب ذكر القائم بعد أبي الحسن علي بن محمد ع و تاريخ مولده و دلائل إمامته و النص عليه من أبيه و مبلغ سنه و مدة خلافته و ذكر وفاته و موضع قبره و طرف من أخباره.
وَ كَانَ الْإِمَامُ بَعْدَ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ع لِاجْتِمَاعِ خِلَالِ الْفَضْلِ فِيهِ وَ تَقَدُّمِهِ عَلَى كَافَّةِ أَهْلِ عَصْرِهِ فِيمَا يُوجِبُ لَهُ الْإِمَامَةَ وَ يَقْتَضِي لَهُ الرِّئَاسَةَ مِنَ الْعِلْمِ وَ الزُّهْدِ وَ كَمَالِ الْعَقْلِ وَ الْعِصْمَةِ وَ الشَّجَاعَةِ وَ الْكَرَمِ وَ كَثْرَةِ الْأَعْمَالِ الْمُقَرِّبَةِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ اسْمُهُ ثُمَّ لِنَصِّ أَبِيهِ ع عَلَيْهِ وَ إِشَارَتُهُ بِالْخِلَافَةِ إِلَيْهِ وَ كَانَ مَوْلِدُهُ بِالْمَدِينَةِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ ثَلَاثِينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ قُبِضَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ لَهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً وَ دُفِنَ فِي دَارِهِ بِسُرَّ مَنْ رَأَى فِي الْبَيْتِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ أَبُوهُ ع وَ أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا حَدِيثَةُ وَ كَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ سِتَّ سِنِينَ.
باب ذكر طرف من الخبر الوارد بالنص عليه من أبيه ع و الإشارة إليه بالإمامة من بعده
عَنْ يَحْيَى بْنِ يَسَارٍ الْعَنْبَرِيِّ قَالَ: أَوْصَى أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ إِلَى ابْنِهِ الْحَسَنِ ع قَبْلَ مُضِيِّهِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَشْهَدَنِي عَلَى ذَلِكَ وَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَوَالِي.
وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَمْرٍو النَّوْفَلِيِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي الْحَسَنِ ع فِي صَحْنِ دَارِهِ فَمَرَّ بِنَا مُحَمَّدٌ ابْنُهُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا صَاحِبُنَا بَعْدَكَ فَقَالَ لَا صَاحِبُكُمْ
بَعْدِيَ الْحَسَنُ.
وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْفَهَانِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع صَاحِبُكُمْ بَعْدِيَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيَّ قَالَ وَ لَمْ نَعْرِفْ أَبَا مُحَمَّدٍ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ فَخَرَجَ أَبُو مُحَمَّدٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: كُنْتُ حَاضِراً أَبَا الْحَسَنِ ع لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ فَقَالَ لِلْحَسَنِ يَا بُنَيَّ أَحْدِثْ لِلَّهِ شُكْراً فَقَدْ أَحْدَثَ فِيكَ أَمْراً.
وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: كُنْتُ حَاضِراً عِنْدَ مُضِيِّ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ فَجَاءَ أَبُو الْحَسَنِ ع فَوُضِعَ لَهُ كُرْسِيٌّ فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَ حَوْلَهُ أَهْلُ بَيْتِهِ وَ أَبُو مُحَمَّدٍ ع قَائِمٌ فِي نَاحِيَةٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَمْرِ أَبِي جَعْفَرٍ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع فَقَالَ مِثْلَهُ.
وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع إِنْ كَانَ كَوْنٌ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ فَإِلَى مَنْ قَالَ عَهْدِي إِلَى الْأَكْبَرِ مِنْ وُلْدِي يَعْنِي الْحَسَنَ ع.
وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَمْرٍو الْعَطَّارِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ ع وَ ابْنِهِ أَبُو جَعْفَرٍ بِحَيَاةٍ وَ أَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ الْخَلَفِ مِنْ بَعْدِهِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَنْ أَخُصُّ مِنْ وُلْدِكَ فَقَالَ لَا تَخُصُّوا أَحَداً حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيْكُمْ أَمْرِي قَالَ فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ بَعْدُ فِيمَنْ يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيَّ فِي الْأَكْبَرِ مِنْ وُلْدِي وَ كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ ع أَكْبَرَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ..
وَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مِنْهُمُ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَفْطَسُ أَنَّهُمْ حَضَرُوا يَوْمَ تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي دَارِ أَبِي الْحَسَنِ ع وَ قَدْ بُسِطَ لَهُ فِي صَحْنِ دَارِهِ وَ النَّاسُ حَوْلَهُ جُلُوسٌ فَقَالُوا قَدَّرْنَا أَنْ يَكُونَ حَوْلَهُ مِنْ آلِ أَبِي طَالِبٍ وَ بَنِي الْعَبَّاسِ وَ قُرَيْشٍ مِائَةٌ وَ خَمْسُونَ رَجُلًا سِوَى مَوَالِيهِ وَ سَائِرِ النَّاسِ إِذْ نَظَرَ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنْ قِيَامِهِ وَ قَدْ جَاءَ مَشْقُوقَ الْجَيْبِ وَقَفَ عَلَى يَمِينِهِ وَ نَحْنُ لَا نَعْرِفُهُ فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ أَحْدِثْ لِلَّهِ شُكْراً فَقَدْ أَحْدَثَ اللَّهُ فِيكَ أَمْراً فَبَكَى الْحَسَنُ ع وَ اسْتَرْجَعَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ إِيَّاهُ أَسْأَلُ تَمَامَ نِعَمِهِ عَلَيْنَا وَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فَسَأَلْنَا عَنْهُ فَقِيلَ لَنَا هَذَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُهُ وَ قَدَّرْنَا لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عِشْرِينَ
سَنَةً وَ نَحْوَهَا فَيَوْمَئِذٍ عَرَفْنَاهُ وَ عَلِمْنَا أَنَّهُ أَشَارَ إِلَيْهِ بِالْإِمَامَةِ وَ أَقَامَهُ مَقَامَهُ.
وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ ع بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي جَعْفَرٍ ابْنِهِ فَعَزَّيْتُهُ عَنْهُ وَ أَبُو مُحَمَّدِ جَالِسٌ فَبَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ ع فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ فِيكَ خَلَفاً مِنْهُ فَاحْمَدِ اللَّهَ.
وَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ ع بَعْدَ مَا مَضَى ابْنُهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَ إِنِّي لَأُفَكِّرُ فِي نَفْسِي أُرِيدُ أَنْ أَقُولَ كَأَنَّهُمَا أَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ وَ أَبَا مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْوَقْتِ كَأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى وَ إِسْمَاعِيلَ ابْنَيْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع وَ إِنَّ قِصَّتَهُمَا كَقِصَّتِهِمَا فَأَقْبَلَ عَلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ قَبْلَ أَنْ أَنْطِقَ فَقَالَ نَعَمْ يَا أَبَا هَاشِمٍ بَدَا لِلَّهِ فِي أَبِي مُحَمَّدٍ بَعْدَ أَبِي جَعْفَرٍ مَا لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ لَهُ كَمَا بَدَا لَهُ فِي مُوسَى بَعْدَ مُضِيِّ إِسْمَاعِيلَ مَا كَشَفَ بِهِ عَنْ حَالِهِ وَ هُوَ كَمَا حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ وَ إِنْ كَرِهَ الْمُبْطِلُونَ أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنِي الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِي عِنْدَهُ عِلْمُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَ مَعَهُ آلَةُ الْإِمَامَةِ.
وَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْفَهْفَكِيِّ قَالَ: كَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ ع إِلَيَّ: أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنِي أَصَحُّ آلِ مُحَمَّدٍ غَرِيزَةً وَ أَوْثَقُهُمْ حُجَّةً وَ هُوَ الْأَكْبَرُ مِنْ وُلْدِي وَ هُوَ خَلِيفَتِي وَ إِلَيْهِ تَنْتَهِيَ عُرَى الْإِمَامَةِ 1880 وَ أَحْكَامُهَا فَمَا كُنْتَ سَائِلِي عَنْهُ فَاسْأَلْهُ عَنْهُ فَعِنْدَهُ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ..
وَ عَنْ شَاهَوَيْهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ ع فِي كِتَابٍ أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَ عَنِ الْخَلَفِ بَعْدَ أَبِي جَعْفَرٍ وَ قَلِقْتَ لِذَلِكَ فَلَا تَقْلَقُ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِلُ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ صَاحِبُكَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَ عِنْدَهُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ يُقَدِّمُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَ يُؤَخِّرُ وَ ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها وَ فِي هَذَا بَيَانٌ وَ إقناعٌ لِذِي عَقْلٍ يَقْظَانٍ..
وَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع يَقُولُ الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِي الْحَسَنُ فَكَيْفَ لَكُمْ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِ الْخَلَفِ فَقُلْتُ وَ لِمَ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَا تَرَوْنَ شَخْصَهُ وَ لَا يَحِلُّ لَكُمْ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ فَقُلْتُ فَكَيْفَ نَذْكُرُهُ قَالَ قُولُوا الْحُجَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ع.
و الأخبار في هذا الباب كثيرة يطول بها الكتاب
باب ذكر طرف من أخبار أبي محمد ع و مناقبه و آياته و معجزاته
عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَ غَيْرُهُمَا قَالُوا كَانَ أَحْمَدُ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ خَاقَانَ عَلَى الضِّيَاعَ وَ الْخَرَاجِ بِقُمَّ فَجَرَى يَوْماً فِي مَجْلِسِهِ ذَكَرَ الْعَلَوِيَّةِ وَ مَذَاهِبِهِمْ وَ كَانَ شَدِيدَ النُّصُبِ وَ الِانْحِرَافِ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ ع فَقَالَ مَا رَأَيْتُ وَ لَا عَرَفْتُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى رَجُلًا مِنَ الْعَلَوِيَّةِ مِثْلَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا فِي هَدْيِهِ وَ سُكُونِهِ وَ عَفَافِهِ وَ نُبْلِهِ وَ كُبْرَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ بَنِي هَاشِمٍ كَافَّةً وَ تَقْدِيمِهِمْ إِيَّاهُ عَلَى ذَوِي السِّنِّ مِنْهُمْ وَ الْخَطَرِ وَ كَذَلِكَ كَانَتْ حَالُهُ عِنْدَ الْقُوَّادِ وَ الْوُزَرَاءِ وَ عَامَّةِ النَّاسِ فَأَذْكُرُ أَنِّي كُنْتُ يَوْماً قَائِماً عَلَى رَأْسِ أَبِي وَ هُوَ يَوْمُ مَجْلِسِهِ لِلنَّاسِ إِذْ دَخَلَ حُجَّابُهُ فَقَالُوا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الرِّضَا بِالْبَابِ فَقَالَ بِصَوْتٍ عَالٍ ائْذَنُوا لَهُ فَعَجِبْتُ مِمَّا سَمِعْتُ مِنْهُمْ وَ مِنْ جَسَارَتِهِمْ أَنْ يُكَنُّوا رَجُلًا بِحَضْرَةِ أَبِي وَ لَمْ يَكُنْ يُكَنَّى عِنْدَهُ إِلَّا خَلِيفَةٌ أَوْ وَلِيُّ عَهْدٍ أَوْ مَنْ أَمَرَ السُّلْطَانُ أَنْ يُكَنَّى عِنْدَهُ فَدَخَلَ رَجُلٌ أَسْمَرُ اللَّوْنَ حَسَنُ الْقَامَةِ جَمِيلُ الْوَجْهِ جَيِّدُ الْبَدَنِ حَدِيثُ السِّنِّ لَهُ جَلَالَةٌ وَ هَيْبَةٌ حَسَنَةٌ.
فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ أَبِي قَامَ فَمَشَى إِلَيْهِ خُطُوَاتٍ وَ لَا أَعْلَمُهُ فَعَلَ هَذَا بِأَحَدٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ الْقُوَّادِ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عَانَقَهُ وَ قَبَّلَ وَجْهَهُ وَ صَدْرَهُ وَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَ أَجْلَسَهُ عَلَى مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَ جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ مُقْبِلًا عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ يُكَلِّمُهُ وَ يَفْدِيهِ بِنَفْسِهِ وَ أَنَا مُتَعَجِّبٌ مِمَّا أَرَى مِنْهُ إِذْ دَخَلَ الْحَاجِبُ فَقَالَ الْمُوَفَّقُ قَدْ جَاءَ وَ كَانَ الْمُوَفَّقُ إِذَا دَخَلَ عَلَى أَبِي يُقَدِّمَهُ حُجَّابُهُ وَ خَاصَّةُ قُوَّادِهِ فَقَامُوا بَيْنَ مَجْلِسِ أَبِي وَ بَيْنَ بَابِ الدَّارِ سِمَاطَيْنِ 1881 إِلَى أَنْ يَدْخُلَ وَ يَخْرُجَ فَلَمْ يَزَلْ أَبِي مُقْبِلًا عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُهُ حَتَّى نَظَرَ إِلَى غِلْمَانِهِ الْخَاصَّةِ فَقَالَ حِينَئِذٍ إِذَا شِئْتَ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ ثُمَّ قَالَ لِحُجَّابِهِ خُذُوا بِهِ مِنْ خَلْفِ السِّمَاطَيْنِ لَا يَرَاهُ هَذَا يَعْنِي الْمُوَفَّقَ فَقَامَ وَ قَامَ أَبِي وَ عَانَقَهُ وَ مَضَى فَقُلْتُ لِحُجَّابِ أَبِي وَ غِلْمَانِهِ وَيْلَكُمْ مَنْ هَذَا الَّذِي كَنَّيْتُمُوهُ بِحَضْرَةِ أَبِي وَ فَعَلَ بِهِ هَذَا الْفِعْلَ فَقَالَ هَذَا عَلَوِيٌّ يُقَالُ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يُعْرَفُ
بِابْنِ الرِّضَا فَازْدَدْتُ تَعَجُّباً وَ لَمْ أَزَلْ يَوْمِي ذَلِكَ قَلِقاً مُتَفَكِّراً فِي أَمْرِهِ وَ أَمْرِ أَبِي وَ مَا رَأَيْتُهُ مِنْهُ حَتَّى كَانَ اللَّيْلُ وَ كَانَتْ عَادَتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَتَمَةَ ثُمَّ يَجْلِسُ فَيَنْظُرُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُؤَامَرَاتِ وَ مَا يَرْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ.
فَلَمَّا صَلَّى وَ جَلَسَ جِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ فَقَالَ يَا أَحْمَدُ أَ لَكَ حَاجَةٌ قُلْتُ نَعَمْ يَا أَبَتِ فَإِنْ أَذِنْتَ سَأَلْتُكَ عَنْهَا قَالَ قَدْ أَذِنْتُ قُلْتُ يَا أَبَتِ مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْتُكَ الْغَدَاةَ فَعَلْتَ بِهِ مَا فَعَلْتَ مِنَ الْإِجْلَالِ وَ الْكَرَامَةِ وَ التَّبْجِيلِ وَ فَدَيْتَهُ بِنَفْسِكَ وَ أَبَوَيْكَ فَقَالَ يَا بُنَيَّ ذَاكَ إِمَامُ الرَّافِضَةِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الرِّضَا ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً وَ أَنَا سَاكِتٌ ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّ لَوْ زَالَتِ الْإِمَامَةُ عَنْ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ مَا اسْتَحَقَّهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ غَيْرُهُ لِفَضْلِهِ وَ عَفَافِهِ وَ هَدْيِهِ وَ صِيَانَتِهِ وَ زُهْدِهِ وَ عِبَادَتِهِ وَ جَمِيلِ أَخْلَاقِهِ وَ صَلَاحِهِ وَ لَوْ رَأَيْتَ أَبَاهُ رَأَيْتَ رَجُلًا جَزْلًا نَبِيلًا فَاضِلًا فَازْدَدْتُ قَلَقاً وَ غَيْظاً وَ تَفَكُّراً عَلَى أَبِي وَ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ فِيهِ وَ رَأَيْتُهُ مِنْ فِعْلِهِ فَلَمْ تَكُنْ لِي هِمَّةٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا السُّؤَالُ عَنْ خَبَرِهِ وَ الْبَحْثُ عَنْ أَمْرِهِ فَمَا سَأَلْتُ أَحَداً مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ الْقُوَّادِ وَ الْكُتَّابِ وَ الْقُضَاةِ وَ الْفُقَهَاءِ وَ سَائِرِ النَّاسِ إِلَّا وَجَدْتُهُ عِنْدَهُ فِي غَايَةِ الْإِجْلَالِ وَ الْإِعْظَامِ وَ الْمَحَلِّ الرَّفِيعِ وَ الْقَوْلِ الْجَمِيلِ وَ التَّقْدِيمِ لَهُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ مَشَايِخِهِ فَعَظُمَ قَدْرُهُ عِنْدِي إِذْ لَمْ أَرَ لَهُ وَلِيّاً وَ لَا عَدُوّاً إِلَّا وَ هُوَ يُحْسِنُ الْقَوْلَ فِيهِ وَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ.