کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)

الجزء الأول‏ الباب الأول في ثواب الموعظة و النصيحة بها الباب الثاني في الزهد في الدنيا الباب الثالث في ذم الدنيا الباب الرابع في ترك الدنيا الباب الخامس في التخويف و الترهيب‏ الباب السادس في التحذير بالعقوبة في الدنيا الباب السابع في قصر الأمل‏ الباب الثامن في قصر الأعمار و سرعة انقضائها و ترك الاعتزاز بها الباب التاسع في المرض و مصلحته‏ الباب العاشر في ثواب عيادة المريض‏ الباب الحادي عشر في التوبة و شروطها الباب الثاني عشر في ذكر الموت و مواعظه‏ الباب الثالث عشر في المبادرة في العمل‏ الباب الرابع عشر في حال المؤمن عند موته‏ الباب الخامس عشر في الموعظة الباب السادس عشر في أشراط الساعة و أهوالها الباب السابع عشر في عقاب الزناء و الربا الباب الثامن عشر وصايا و حكم بليغة الباب التاسع عشر في قراءة القرآن المجيد الباب العشرون في خطبة بليغة الباب الحادي و العشرون في الذكر و المحافظة عليه‏ الباب الثاني و العشرون في فضل صلاة الليل‏ الباب الثالث و العشرون في البكاء من خشية الله تعالى‏ الباب الرابع و العشرون في الجهاد في سبيل الله‏ الباب الخامس و العشرون في مدح الخمول و الاعتزال‏ الباب السادس و العشرون في الورع و الترغيب منه‏ الباب السابع و العشرون في الصمت‏ الباب الثامن و العشرون في الخوف من الله تعالى‏ الباب التاسع و العشرون في الرجاء لله تعالى‏ الباب الثلاثون في الحياء من الله تعالى‏ الباب الحادي و الثلاثون في الحزن و فضله‏ الباب الثاني و الثلاثون في الخشوع لله سبحانه و التذلل له تعالى‏ الباب الثالث و الثلاثون في ذم الغيبة و النميمة و عقابها و حسن كظم الغيظ الباب الرابع و الثلاثون في القناعة و مصلحتها الباب الخامس و الثلاثون في التوكل على الله‏ الباب السادس و الثلاثون في شكر الله تعالى‏ الباب السابع و الثلاثون في اليقين‏ الباب الثامن و الثلاثون في الصبر الباب التاسع و الثلاثون في المراقبة لله تعالى‏ الباب الأربعون في ذم الحسد الباب الحادي و الأربعون في الفراسة بنور الله تعالى‏ الباب الثاني و الأربعون في حسن الخلق و ثوابه‏ الباب الثالث و الأربعون في السخاء و الجود الباب الرابع و الأربعون في سؤال أبي ذر ره‏ الباب الخامس و الأربعون في ولاية الله تعالى‏ الباب السادس و الأربعون من كلام أمير المؤمنين و الأئمة ع‏ الباب السابع و الأربعون في الدعاء و بركته و فضله‏ الباب الثامن و الأربعون في فضيلة الفقر و حسن عاقبته‏ الباب التاسع و الأربعون في الأدب مع الله تعالى‏ الباب الخمسون في توحيد الله تعالى‏ الباب الحادي و الخمسون في أخبار عن النبي ص و الأئمة الأطهار الباب الثاني و الخمسون في أحاديث منتخبة الباب الثالث و الخمسون في العقل و أن به النجاة الباب الرابع و الخمسون فيما سأل رسول الله ص ربه ليلة المعراج‏ الجزء الثاني‏ [باب في فضائل و مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و غزواته ع‏] [فصل: في عبادته و زهده‏] [فصل: في حلمه و جوده و حسن خلقه و إخباره بالغيب و إجابة دعائه‏] [فصل: في كسر الأصنام، و أنه ع أول من صلّى‏] [فصل: في مؤاخاته و قربه من النبي ص‏] [فصل: في حبه و التوعد على بغضه و فضائل فاطمة ع‏] [فصل: في جهاده ع‏] [جهاده مع رسول الله ص‏] الأولى غزوة بدر الثانية غزوة أحد الثالثة غزوة الأحزاب‏ الرابعة غزوة خيبر الخامسة غزوة ذات السلسلة [جهاده بعد رسول الله ص‏] [الجمع بين الفضائل المتضادّات‏] في فضائله من طريق أهل البيت ع‏ [في احتجاجه ع يوم الشورى‏] [في قول رسول الله ص لأبي بكر في مسجد قبا] [في حديث البساط و أصحاب الكهف‏] [في نزول سورة و النجم و تكلم الشمس معه‏] [في قوله ع لرجل اخسأ] [إغارة خيل معاوية على الشيعة و ضربه ع معاوية برجله‏] [قصّة اليهودي و افتقاده حميره‏] [خبر الذين بايعوا الضبّ‏] [في إعطائه ع الأمان لمروان، و تكلّمه مع الأسد و الأفعى‏] [في قضاء ديون النبي ص و قصّة الأعرابي‏] [في بيان أحوال عمرو بن الحمق الخزاعي‏] [في خبر رميلة، و أنّهم ع يمرضون لمرض شيعتهم و يحزنون لحزنهم‏] [في إنطاق المسوخ له ع‏] [في إحياء ميّت‏] [في إخباره عن القائم ع‏] [في شفائه ع للمكفوف و الزمن و الأبرص‏] [في إخباره ع بقتل عمر، و حوادث آخر الزمان‏] [في حديث الجام‏] [خبر حبابة الوالبيّة] [خبر اللوح الذي كان عند جابر] [أحاديث في فضائل أهل البيت ع و شيعتهم‏] [في خبر الحارث الهمداني‏] [في تأويل ما نزل فيهم ع من الآيات‏] [خبر النصراني الذي كان من ولد حواري عيسى ع‏] [حكاية الجاثليق الأوّل‏] [في إجابته ع سؤال يهودي‏] [في جوابه ع عن مسائل اليهوديين‏] [في جوابه ع عن مسألة يهودي آخر] [خبر حذيفة بن اليمان من تآمر القوم و نكثهم البيعة و تخلّفهم عن جيش أسامة] مكالمته ع مع رأس اليهود [جوابه ع عن مسائل أحبار اليهود، و فيه خبر أصحاب الكهف‏] [في إجابته ع عن مسائل قيصر] [خبر الراهب مع خالد بن الوليد] [إخباره ع بما يقول الناقوس‏] [خبر ذعلب، و قول عليّ ع: سلوني قبل أن تفقدوني‏] خبر خالد بن الوليد و الطوق في الجيد خبر الأشجع بن مزاحم‏ خبر وفاة أبي بكر و معاذ بن جبل‏ [بيانه ع في سبب قعوده عن القتال‏] [سؤال الخضر ع عن ثلاث مسائل‏] باب فيه بعض قضاياه ع في الحد و في أخذ الحد [في جوابه ع عن حبر اليهود] [أحاديث في فضائل أهل البيت ع‏] [باب: الفضائل الثابتة له ع بعد مضيّه و وفاته‏] [في فضائل مشهده الشريف ع‏] [الأوّل في ذكر قبره، و كيفيّة دفنه ع، و ما يتعلّق بذلك‏] [الثاني فضل مشهده الشريف الغروي و ما لتربته و الدفن فيها من المنزلة و الشرف‏] [الثالث: في فضل زيارته ع و ما جاء في ذلك من الأخبار و الآثار] [الرابع: في إيتاء ذي القربى‏] مقصيدة للشيخ رجب البرسي في مدح علي عليه السّلام‏ الفهرس‏

إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)


صفحه قبل

إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏1، ص: 116

الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ‏ -

وَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى‏ ذَكِّرْ خَلْقِي نَعْمَائِي وَ أَحْسِنْ إِلَيْهِمْ وَ حَبِّبْنِي إِلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُحِبُّونَ إِلَّا مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِمْ.

الباب الثالث و الثلاثون في ذم الغيبة و النميمة و عقابها و حسن كظم الغيظ

قال الله تعالى‏ وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ‏ فقد بالغ سبحانه في النهي عن الغيبة و جعلها شبه الميتة المحرمة من لحم الآدميين‏

وَ قَالَ ص‏ يَأْتِي الرَّجُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ قَدْ عَمِلَ الْحَسَنَاتِ فَلَا يَرَى فِي صَحِيفَتِهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئاً فَيَقُولُ أَيْنَ الَّتِي عَمِلْتُهَا فِي دَارِ الدُّنْيَا فَقَالَ لَهُ ذَهَبَتْ بِاغْتِيَابِكَ لِلنَّاسِ وَ هِيَ لَهُمْ عِوَضُ اغْتِيَابِهِمْ.

وَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى ع‏ مَنْ مَاتَ تَائِباً عَنِ الْغِيبَةِ فَهُوَ آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ إِلَى الْجَنَّةِ وَ مَنْ مَاتَ مُصِرّاً عَلَيْهَا فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ.

وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مَنِ اغْتِيبَ غُفِرَتْ نِصْفُ ذُنُوبِهِ.

وَ رُوِيَ‏ أَنَّ الرَّجُلَ يُعْطَى كِتَابَهُ فَيَرَى فِيهِ حَسَنَاتٍ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا فَيُقَالُ هَذِهِ بِمَا اغْتَابَكَ النَّاسُ.

قَالَ بَعْضُهُمْ‏ لَوِ اغْتَبْتُ أَحَداً لَمْ أَكُنْ لِأَغْتَابَ إِلَّا وُلْدِي لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ بِحَسَنَاتِي مِنَ الْغَرِيبِ.

وَ بَلَغَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ أَنَّ رَجُلًا اغْتَابَهُ فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فَقَالَ لَهُ وَ اللَّهِ مَا لِي عِنْدَكَ يَدٌ فَقَالَ بَلَى بَلَغَنِي أَنَّكَ تُهْدِي إِلَيَّ حَسَنَاتِكَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُكَافِيَكَ.

وَ مَنِ اغْتِيبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ الْمُؤْمِنُ فَلَمْ يَنْصُرْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ.

وَ قَالَ: إِذَا لَمْ تَنْفَعْ أَخَاكَ الْمُؤْمِنَ فَلَا تَضُرَّهُ وَ إِذَا لَمْ تَسُرَّهُ فَلَا تَغُمَّهُ وَ إِذَا لَمْ تَمْدَحْهُ فَلَا تَذُمَّهُ.

وَ قَالَ ع‏ لَا تَحَاسَدُوا وَ لَا تَبَاغَضُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَ كُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَاناً.

وَ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَ الْغِيبَةَ فَإِنَّهَا أَشَدُّ مِنَ الزِّنَاءِ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَزْنِي فَيَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ إِنَّ صَاحِبَ الْغِيبَةِ لَا يُغْفَرُ لَهُ إِلَّا إِذَا غَفَرَهَا صَاحِبُهَا.

وَ قَالَ ص‏ مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ عَلَى قَوْمٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ بِأَظْفَارِهِمْ فَسَأَلْتُ جَبْرَائِيلَ عَنْهُمْ فَقَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَغْتَابُونَ النَّاسَ.

إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏1، ص: 117

وَ خَطَبَ ص فَذَكَرَ الرِّبَا وَ عِظَمَ خَطَرِهِ وَ قَالَ إِنَّ الدِّرْهَمَ يُصِيبُهُ الرَّجُلُ مِنَ الرِّبَا أَعْظَمُ مِنْ سَبْعِينَ زَنْيَةً بِذَاتِ مَحْرَمٍ وَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ عِرْضُ الْمُسْلِمِ.

وَ رَوَى‏ فِي تَفْسِيرِهِ قَوْلَهُ تَعَالَى‏ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ أَنَّ الْهُمَزَةَ الطَّعْنُ فِي النَّاسِ وَ اللُّمَزَةَ أَكْلُ لُحُومِهِمْ.

و ينبغي لمن أراد ذكر عيوب غيره أن يذكر عيوب نفسه فليقلع عنها و يستغفر منها و عليكم بذكر الله فإنه شفاء و إياكم و ذكر الناس فإنه داء

وَ مَرَّ عِيسَى ع وَ مَعَهُ الْحَوَارِيُّونَ بِكَلْبٍ جَائِفٍ قَالُوا مَا أَجْيَفَهُ فَقَالَ هُوَ مَا أَبْيَضَ أَسْنَانَهُ يَعْنِي مَا عَوَّدَ لِسَانَهُ إِلَّا عَلَى الْخَيْرِ.

و الغيبة هي أن تذكر أخاك بما يكرهه لو سمعه سواء أن ذكرت نقصانا في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو دينه أو دنياه حتى في ثوبه‏

وَ قَالَ ع‏ حَدُّ الْغِيبَةِ أَنْ تَقُولَ فِي أَخِيكَ مَا هُوَ فِيهِ فَإِنْ قُلْتَ مَا لَيْسَ فِيهِ فَذَاكَ بُهْتَانٌ لَهُ وَ الْحَاضِرُ لِلْغِيبَةِ وَ لَمْ يُنْكِرْهَا شَرِيكٌ فِيهَا وَ مَنْ أَنْكَرَهَا كَانَ مَغْفُوراً لَهُ.

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ النَّارِ.

وَ قَالَ ع‏ طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ.

و منشأ الغيبة في الصدور الحسد و الغضب فإذا نفاهما الرجل عن نفسه قلت غيبته للناس‏

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ لِلنَّارِ بَابَا لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا مَنْ شَفَى غَيْظَهُ.

وَ قَالَ: مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى إِمْضَائِهِ خَيَّرَهُ اللَّهُ فِي أَيِّ حُورِ الْعِينِ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُنَّ.

وَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُنْزَلَةِ ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي عِنْدَ غَضَبِكَ أَذْكُرْكَ عِنْدَ غَضَبِي فَلَا أَمْحَقْكَ مَعَ مَنْ أَمْحَقُهُ.

و للعاقل شغل فيما خلق له عن نفسه و ماله و ولده فكيف عن أعراض الناس و إذا كان اشتغال الإنسان بغير ذكر الله بالغيبة

وَ قَالَ ع‏ وَ هَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ.

و كفى بذلك قوله تعالى‏ لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ‏ فنفى الخير في النطق إلا في هذه الأمور الثلاثة فسبحانه ما أنصحه لعباده و شفقته عليهم و أحبه لهم لو كانوا يعلمون و أما النميمة فإنها أعظم ذنبا و أكبر وزرا لأن النمام يغتاب و ينقلها إلى غيره فيغريه بأذى من ينقلها عنه و النمام يثير الشر و يدل عليه و لقد سد الله تعالى باب النميمة و منع من قبولها بقوله‏ إِنْ‏

إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏1، ص: 118

جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى‏ ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ‏ و سمى النمام فاسقا و نهى عن قبول قوله إلا بعد البيان و البينة أو الإقرار و سمى العامل بقوله جاهلا-

وَ قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع إِنَّ فُلَاناً يَقُولُ فِيكَ وَ يَقُولُ فَقَالَ لَهُ وَ اللَّهِ مَا حَفِظْتَ حَقَّ أَخِيكَ إِذَا خُنْتَهُ وَ قَدِ اسْتَأْمَنَكَ وَ لَا حَفِظْتَ حُرْمَتَنَا إِذَا سَمَّعْتَنَا مَا لَمْ يَكُنْ لَنَا حُجَّةٌ بِسَمَاعِهِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ نَقَلَةَ النَّمِيمَةِ هُمْ كِلَابُ النَّارِ قُلْ لِأَخِيكَ إِنَّ الْمَوْتَ يَعُمُّنَا وَ الْقَبْرَ يَضُمُّنَا وَ الْقِيَامَةَ مَوْعِدُنَا وَ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَنَا.

وَ كَتَبَ رَجُلٌ مِنْ عُمَّالِ الْمَأْمُونِ يَقُولُ لَهُ إِنَّ فُلَاناً الْعَامِلَ مَاتَ وَ خَلَّفَ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ وَ لَيْسَ لَهُ إِلَّا وَلَدٌ صَغِيرٌ فَإِنْ أَذِنَ مَوْلَانَا فِي قَبْضِ الْمَالِ وَ إِجْرَاءِ مَا يَحْتَاجُ الصَّغِيرُ إِلَيْهِ قَبَضْنَاهُ فَإِنَّمَا احْتَقَبَ هَذَا الْمَالَ مِنْ أَمْوَالِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ الْمَالُ نَمَاهُ اللَّهُ وَ الْوَلَدُ جَبَرَهُ اللَّهُ وَ السَّاعِي لَعَنَهُ اللَّهُ.

الباب الرابع و الثلاثون في القناعة و مصلحتها

جَاءَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً قَالَ نُعْطِيهِ الْقَنَاعَةَ.

وَ جَاءَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ سُلَيْمَانَ ع‏ وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي‏ قَالَ الْقَنَاعَةُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ مَعَ الْمَسَاكِينِ وَ يَقُولُ مِسْكِينٌ مَعَ الْمَسَاكِينِ.

وَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الْقَنَاعَةُ كَنْزٌ لَا يَفْنَى.

وَ قَالَ ص لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ‏ كُنْ وَرِعاً تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَ كُنْ قَنِعاً تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ وَ أَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِناً وَ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِماً وَ أَقْلِلْ مِنَ الضَّحِكِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ النَّاسُ أَمْوَاتٌ إِلَّا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْقَنَاعَةِ وَ مَا سَكَنَتْ بِالْقَنَاعَةِ إِلَّا قَلْبُ مَنِ اسْتَرَاحَ وَ الْقَنَاعَةُ مُلْكٌ لَا يَسْكُنُ إِلَّا قَلْبَ مُؤْمِنٍ وَ الرِّضَا بِالْقَنَاعَةِ رَأْسُ الزُّهْدِ.

و معناها السكون عند عدم الشبهات و الرضا بقليل الأقوات و ترك التأسف على ما فات‏

وَ جَاءَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى- لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً قَالَ الْقَنَاعَةُ.

لأن القناعة رضى النفس بما حضر من الرزق و إن كان قليلا

وَ قَالَ بَعْضُهُمْ‏ إِنَّ الْغِنَى وَ الْعِزَّ خَرَجَا يَجُولَانِ فَوَجَدَا الْقَنَاعَةَ فَاسْتَقَرَّا.

إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏1، ص: 119

وَ رُوِيَ‏ أَنَّ عَلِيّاً ع اجْتَازَ بِقَصَّابٍ وَ عِنْدَهُ لَحْمٌ سَمِينٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا اللَّحْمُ سَمِينٌ اشْتَرِ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ لَيْسَ الثَّمَنُ حَاضِراً فَقَالَ أَنَا أَصْبِرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَهُ أَنَا أَصْبِرُ عَنِ اللَّحْمِ.

و إن الله سبحانه وضع خمسة في خمسة العز في الطاعة و الذل في المعصية و الحكمة في خلو البطن و الهيبة في صلاة الليل و الغنى في القناعة.

وَ فِي الزَّبُورِ الْقَانِعُ غَنِيٌّ وَ لَوْ جَاعَ وَ عَرِيَ وَ مَنْ قَنِعَ اسْتَرَاحَ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ وَ اسْتَطَالَ عَلَى أَقْرَانِهِ.

وَ جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ قَالَ فَكُّهَا مِنَ الْحِرْصِ وَ الطَّمَعِ.

و من قنع فقد اختار العز على الذل و الراحة على التعب‏

قِيلَ‏ إِنَّ دَاوُدَ ع قَالَ يَا رَبِّ أَخْبِرْنِي بِقَرِينِي فِي الْجَنَّةِ فِي قَصْرِي فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ مَتَّى أَبُو يُونُسَ فَاسْتَأْذَنَ اللَّهَ تَعَالَى فِي زِيَارَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ فَأَخَذَ بِيَدِ وَلَدِهِ سُلَيْمَانَ حَتَّى أَتَيَا مَوْضِعَهُ فَإِذَا هُوَ بِبَيْتٍ مِنْ سَعَفٍ فَسَأَلَا عَنْهُ فَقِيلَ إِنَّهُ فِي الْحَطَّابِينَ يَقْطَعُ الْحَطَبَ وَ يَبِيعُهُ فَجَلَسَا يَنْتَظِرَانِهِ إِذْ أَقْبَلَ وَ عَلَى رَأْسِهِ حُزْمَةٌ مِنْ حَطَبٍ فَأَلْقَاهَا عَنْهُ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ قَالَ مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي طَيِّباً بِطَيِّبٍ فَسَاوَمَهُ وَاحِدٌ وَ اشْتَرَاهُ آخَرُ فَدَنَيَا مِنْهُ وَ سَلَّمَا عَلَيْهِ فَقَالَ انْطَلِقَا بِنَا إِلَى الْمَنْزِلِ وَ ابْتَاعَ بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ طَعَامٍ ثُمَّ وَضَعَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ قَدْ أَعَدَّهُمَا لِذَلِكَ وَ طَحَنَهُ ثُمَّ عَجَنَهُ فِي نَقِيرٍ لَهُ ثُمَّ أَجَّجَ نَاراً وَ أَوْقَدَهَا بِالْحَطَبِ ثُمَّ وَضَعَ الْعَجِينَ عَلَيْهَا ثُمَّ جَلَسَ يَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ هُنَيْهَةً ثُمَّ نَهَضَ وَ قَدْ نَضِجَتْ خُبُزَتُهُ فَوَضَعَهَا فِي النَّقِيرِ وَ فَلَقَهَا وَ وَضَعَ عَلَيْهَا مِلْحاً وَ وَضَعَ إِلَى جَانِبِهِ مِطْهَرَةً فِيهَا مَاءٌ وَ جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَ أَخَذَ لُقْمَةً وَ كَسَرَهَا وَ وَضَعَهَا فِي فِيهِ وَ قَالَ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* فَلَمَّا ازْدَرَدَهَا قَالَ‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ بِأُخْرَى فَأُخْرَى ثُمَّ أَخَذَ الْمَاءَ فَشَرِبَ مِنْهُ وَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَ قَالَ لَكَ الْحَمْدُ يَا رَبِّ مَنْ ذَا الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَ أَوْلَيْتَهُ مِثْلَ مَا أَوْلَيْتَنِي إِذْ صَحَّحْتَ بَدَنِي وَ سَمْعِي وَ بَصَرِي وَ جَوَارِحِي وَ قَوَّيْتَنِي حَتَّى ذَهَبْتُ إِلَى شَجَرٍ لَمْ أَغْرِسْهُ بِيَدِي وَ لَا زَرَعْتُهُ بِقُوَّتِي وَ لَمْ أَهْتَمَّ بِحِفْظِهِ فَجَعَلْتَهُ لِي رِزْقاً وَ أَعَنْتَنِي عَلَى قَطْعِهِ وَ حَمْلِهِ وَ سُقْتَ إِلَيَّ مَنِ اشْتَرَاهُ مِنِّي وَ اشْتَرَيْتُ بِثَمَنِهِ طَعَاماً لَمْ أَزْرَعْهُ وَ لَمْ أَتْعَبْ فِيهِ وَ سَخَّرْتَ لِي حَجَراً طَحَنْتُهُ وَ نَاراً أَنْضَجْتُهُ وَ جَعَلْتَ لِي شَهْوَةً قَابِلَةً لِذَلِكَ فَصِرْتُ آكُلُهُ بِشَهْوَةٍ وَ أَقْوَى بِذَلِكَ عَلَى‏

إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏1، ص: 120

طَاعَتِكَ فَلَكَ الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى وَ بَعْدَ الرِّضَا ثُمَّ بَكَى بُكَاءً عَالِياً فَقَالَ دَاوُدُ لِابْنِهِ سُلَيْمَانَ يَا بُنَيَّ يَحِقُّ لِمِثْلِ هَذَا الْعَبْدِ الشَّاكِرِ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الْمَنْزَلَةِ الْكُبْرَى فِي الْجَنَّةِ فَلَمْ أَرَ عَبْداً أَشْكَرَ مِنْ هَذَا.

الباب الخامس و الثلاثون في التوكل على الله‏

قال تعالى‏ وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏ و قال تعالى‏ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ‏ و قال تعالى‏ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ‏ و قال تعالى‏ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ‏ فأعظم مقام موسوم بعظمة الله و بمحبة الله المتوكل عليه لأنه مضمون بكفاية الله لأن من يكن حسبه و كافيه و محبه و مراعيه‏ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً و قد قال‏ أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ‏ فطالب الكفاية بغيره غير طالب التوكل و مكذب بالآية قال‏ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏ أي عزيز لا يذل من استجار به و لا يذل من لجأ إليه حكيم لا يقصر عن تدبير من اعتصم به و غير من لجأ إلى غيره بقوله‏ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ‏ يعني عاجزون عن حوائجكم أنتم و هم محتاجون إلى الله تعالى فهو أحق أن تدعوه و كلما ذكر سبحانه من التوكل عليه عنى قطع الملاحظة إلى خلقه و الانقطاع إليه‏

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَوْ أَنَّ الْعَبْدَ يَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَجَعَلَهُ كَالطَّيْرِ تَغْدُو خِمَاصاً وَ تَرُوحُ بِطَاناً.

وَ قَالَ: مَنِ انْقَطَعَ إِلَى اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ كُلَّ مَئُونَةٍ وَ مَنِ انْقَطَعَ إِلَى الدُّنْيَا وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَيْهَا وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْزُقَهُ اللَّهُ‏ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ‏ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ.

وَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى دَاوُدَ ع مَا مِنْ عَبْدٍ يَعْتَصِمُ بِي دُونَ خَلْقِي وَ تَكِيدُهُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا جَعَلْتُ لَهُ مَخْرَجاً.

وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَشْغَلْكُمُ الْمَضْمُونُ مِنَ الرِّزْقِ عَنِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَمَلِ.

و المتوكل لا يسأل و لا يرد و لا يمسك شيئا خوف الفقر و ينبغي لمن أراد سلوك طريق التوكل أن يجعل نفسه بين يدي الله تعالى فيما يجري عليه من الأمور كالميت بين يدي الغاسل يقلبه حيث يشاء

كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ص‏ عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْراً لَهُ.

و يعني بذلك أنه يرضى بقضاء الله له سواء كان شدة أو رخاء و التوكل هو

إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏1، ص: 121

الاعتصام بالله-

كَمَا قَالَ جَبْرَائِيلُ لِإِبْرَاهِيمَ ع وَ هُوَ فِي كِفَّةِ الْمَنْجَنِيقِ أَ لَكَ حَاجَةٌ يَا خَلِيلَ اللَّهِ فَقَالَ أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا اعْتِمَاداً عَلَى اللَّهِ وَ وُثُوقاً بِهِ فِي النَّجَاةِ.

فجعل الله تعالى عليه النار بَرْداً وَ سَلاماً و أرضها وردا و ثمارا و مدحه الله فقال‏ وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى‏ و ما استوى حاله و حال يوسف ع في قوله للذي معه في السجن‏ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ‏ ... فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ‏ و قال لي رجل من أين مئونتك فقلت‏ وَ لِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ‏

و رأى بعضهم شخصا في البرية يعبد الله تعالى فقال من أين قوتك فقال من رب العزيز العليم ثم أومأ إلى أسنانه و قال الذي خلق الرحى يأتيها بالهبل يعني بالحب.

و اعلموا أن التوكل محله القلب و الحركة في الطلب لا تنافي التوكل لأن الله تعالى أمر بها بقوله‏ فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ

وَ دَخَلَ الْأَعْرَابِيُّ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ ص فَقَالَ أَ عَقَلْتَ نَاقَتَكَ قَالَ لَا قَدْ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ اعْقِلْهَا وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ.

و قال الله له و لأصحابه‏ خُذُوا حِذْرَكُمْ‏ يعني رسول الله و أصحابه من الكذب أو يقول الرجل توكلت على الله و في قلبه غيره أو يكون غير راض بصنعه إليه لأن التوكل الاستسلام إلى الله و الانقطاع إليه دون خلقه فحقيقته الاكتفاء بالله و الاعتماد عليه فللمتوكل ثلاث درجات الانقطاع إلى الله و التسليم إليه و الرضا بقضائه فهو يسكن إلى وعده و يكتفي بتدبيره و يرضى بحكمه و قيل لبعضهم لم تركت التجارة فقال وجدت الكفيل ثقة.

وَ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ‏ مَنِ اعْتَصَمَ بِي دُونَ خَلْقِي ضَمَّنْتُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ رِزْقَهُ فَإِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ وَ إِنِ اسْتَعْطَانِي أَعْطَيْتُهُ وَ إِنِ اسْتَكْفَانِي كَفَيْتُهُ وَ مَنِ اعْتَصَمَ بِمَخْلُوقٍ دُونِي قَطَعْتُ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ دُونَهُ إِنْ دَعَانِي لَمْ أُجِبْهُ وَ إِنْ سَأَلَنِي لَمْ أُعْطِهِ وَ إِنِ اسْتَكْفَانِي لَمْ أَكْفِهِ.

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَجْلَانِ‏ نَزَلَتْ بِي فَاقَةٌ عَظِيمَةٌ وَ لَزِمَنِي دَيْنٌ لِغَرِيمٍ مُلِحٍّ وَ لَيْسَ لِمَضِيقِي صَدِيقٌ فَتَوَجَّهْتُ فِيهِ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ وَ كَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ لِمَعْرِفَةٍ كَانَتْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ فَلَقِيَنِي فِي طَرِيقِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْبَاقِرِ ع فَقَالَ قَدْ بَلَغَنِي مَا أَنْتَ فِيهِ مِنَ الضِّيقِ فَمَنْ أَمَّلْتَ لِمَضِيقِكَ قُلْتُ الْحَسَنَ بْنَ زَيْدٍ فَقَالَ إِذاً لَا تُقْضَى حَاجَتُكَ فَعَلَيْكَ بِمَنْ هُوَ

إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏1، ص: 122

أَقْدَرُ الْأَقْدَرِينَ وَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ عَمِّي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ع يَقُولُ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ فِي بَعْضِ وَحْيِهِ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ عَظَمَتِي وَ ارْتِفَاعِي لَأُقَطِّعَنَّ رَجَاءَ أَمَلِ كُلِّ مُؤَمِّلٍ يَأْمُلُ غَيْرِي بِالْيَأْسِ وَ لَأَكْسُوَنَّهُ ثَوْبَ الْمَذَلَّةِ فِي النَّاسِ وَ لَأُبْعِدَنَّهُ مِنْ فَرَجِي وَ فَضْلِي أَ يُؤَمِّلُ عَبْدِي فِي الشَّدَائِدِ غَيْرِي وَ الشَّدَائِدُ بِيَدِي وَ يَرْجُو سِوَايَ وَ أَنَا الْغَنِيُّ الْجَوَادُ أَبْوَابُ الْحَوَائِجِ عِنْدِي وَ بِيَدِي مَفَاتِيحُهَا وَ هِيَ مُغَلَّقَةٌ فَمَا لِي أَرَى عَبْدِي مُعْرِضاً عَنِّي وَ قَدْ أَعْطَيْتُهُ بِجُودِي وَ كَرَمِي مَا لَمْ يَسْأَلْنِي فَأَعْرَضَ عَنِّي وَ سَأَلَ فِي حَوَائِجِهِ غَيْرِي وَ أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا أَبْتَدِئُ بِالْعَطِيَّةِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أَ فَسَأَلَ وَ لَا أَجُودُ كَلَّا كَلَّا أَ لَيْسَ الْجُودُ وَ الْكَرَمُ لِي أَ لَيْسَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةُ بِيَدِي فَلَوْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ سَأَلَنِي مِثْلَ مُلْكِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ فَأَعْطَيْتُهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي مِثْلَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ فَيَا بُؤْساً لِمَنْ أَعْرَضَ عَنِّي وَ سَأَلَ فِي حَوَائِجِهِ وَ شَدَائِدِهِ غَيْرِي قَالَ فَقُلْتُ لَهُ أَعِدْ عَلَيَّ الْكَلَامَ فَأَعَادَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَحَفِظْتُهُ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَا وَ اللَّهِ لَا أَسْأَلُ أَحَداً حَاجَةً ثُمَّ لَزِمْتُ بَيْتِي فَمَا لَبِثْتُ أَيَّاماً إِلَّا وَ آتَانِيَ اللَّهُ بِرِزْقٍ قَضَيْتُ مِنْهُ دَيْنِي وَ أَصْلَحْتُ بِهِ أَمْرَ عِيَالِي‏ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* .

الباب السادس و الثلاثون في شكر الله تعالى‏

قال الله تعالى‏ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ‏ و قال سبحانه‏ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ‏ و قال‏ وَ مَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ يريد به الجحود للنعمة و حقيقة الشكر الاعتراف بنعمة المنعم‏

وَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ اشْكُرْنِي حَقَّ شُكْرِي فَقَالَ إِلَهِي كَيْفَ أَشْكُرُكَ حَقَّ شُكْرِكَ وَ شُكْرِي إِيَّاكَ نِعْمَةٌ مِنْكَ فَقَالَ الْآنَ شَكَرْتَنِي حَقَّ شُكْرِي وَ قَالَ دَاوُدُ كَيْفَ كَانَ آدَمُ شَكَرَكَ حَقَّ شُكْرِكَ وَ قَدْ جَعَلْتَهُ أَباً لِأَنْبِيَائِكَ وَ صَفْوَتِكَ وَ أَسْجَدْتَ لَهُ مَلَائِكَتَكَ فَقَالَ إِنَّهُ اعْتَرَفَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِي فَكَانَ اعْتِرَافُهُ بِذَلِكَ حَقَّ شُكْرِي.

و ينبغي للعبد أن يشكر على البلاء كما يشكر من الرخاء

صفحه بعد