کتابخانه روایات شیعه
شُفَعَاءَكَ فَإِنِّي آلَيْتُ 117 عَلَى نَفْسِي قَسَماً حَقّاً لَا أَخِيبَ بِهِمْ آمِلًا وَ لَا أَرُدَّ بِهِمْ سَائِلًا فَلِذَلِكَ حِينَ نَزَلَتْ 118 مِنْهُ الْخَطِيَّةُ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِمْ فَتَابَ عَلَيْهِ وَ غَفَرَ لَهُ.
تأويله
قَالَ الْإِمَامُ ع إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا لَعَنَ إِبْلِيسَ بِإِبَائِهِ وَ أَكْرَمَ الْمَلَائِكَةَ بِسُجُودِهَا لِآدَمَ وَ طَاعَتِهِمْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ بِآدَمَ وَ حَوَّى 119 إِلَى الْجَنَّةِ وَ قَالَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً وَاسِعاً حَيْثُ شِئْتُما بِلَا تَعَبٍ وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ شَجَرَةَ الْعِلْمِ عِلْمَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ الَّذِي آثَرُهُمُ اللَّهُ بِهِ دُونَ سَائِرِ خَلْقِهِ.
فَإِنَّهَا لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ خاصةً دون غيرهم لا يتناول منها بأمر الله إلا هم و منها كان يتناول النبي ص و علي و فاطمة و الحسن و الحسين ص بعد إطعامهم المسكين و اليتيم و الأسير حتى لم يحسوا 120 بعد بجوع و لا عطش و لا تعب و هي شجرة تميزت من بين أشجار الجنة إن سائر أشجار الجنة كان كل نوع منها يحمل أنواعا من الثمار و المأكول و كانت هذه الشجرة وحدها 121 تحمل البر و العنب و التين و العناب و سائر أنواع الثمار و الفواكه و الأطعمة فلذلك اختلف الحاكون لذكر الشجرة فقال بعضهم
هي برة و قال آخرون هي عنبة و قال آخرون هي تينة و قال آخرون هي عنابة قال الله تعالى وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ تلتمسان بذلك درجة محمد و آل محمد في فضلهم فإن الله خصهم بهذه الدرجة دون غيرهم و هي الشجرة التي من تناول منها بإذن الله ألهم علم الأولين و الآخرين بغير تعلم و من تناول منها بغير إذن الله خاب من مراده و عصى ربه فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ بمعصيتكما و التماسكما درجة قد أوثر بها غيركما كما أردتما 122 بغير حكم الله.
ثم قال الله تعالى فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ الآية.
و قوله تعالى فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .
تأويله معنى قوله فَتَلَقَّى أَيْ قَبِلَ وَ أَخَذَ و تَنَاوَلَ على سبيل الطاعة من ربه و قوله كَلِماتٍ و هِيَ أَسْمَاءُ أَهْلِ الْبَيْتِ ع كما
جَاءَ عَنْهُمْ ص أَنَّ آدَمَ ع رَأَى مَكْتُوباً عَلَى الْعَرْشِ أَسْمَاءً مُكَرَّمَةً مُعَظَّمَةً فَسَأَلَ عَنْهَا فَقِيلَ لَهُ هَذِهِ أَسْمَاءُ أَجَلِّ الْخَلْقِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَ الْأَسْمَاءُ مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ص فَتَوَسَّلَ آدَمُ إِلَى رَبِّهِ بِهِمْ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَ رَفْعِ مَنْزِلَتِهِ فَتابَ عَلَيْهِ .
و يؤيد هذا التأويل
مَا ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِ الْإِمَامِ الْعَسْكَرِيِّ ع قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ التَّوَّابُ الْقَابِلُ لِلتَّوْبَاتِ الرَّحِيمِ بِالتَّائِبِينَ فَلَمَّا زَلَّتْ 123 مِنْ آدَمَ الْخَطِيَّةُ فَاعْتَذَرَ 124 إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ يَا رَبِّ تُبْ عَلَيَّ وَ اقْبَلْ مَعْذِرَتِي وَ أَعِدْنِي إِلَى
مَرْتَبَتِي وَ ارْفَعْ لَدَيْكَ دَرَجَتِي فَلَقَدْ تَبَيَّنَ نَقْصُ الْخَطِيَّةِ وَ ذِلَّتُهَا بِأَعْضَائِي وَ سَائِرِ بَدَنِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَا آدَمُ أَ مَا تَذْكُرُ أَمْرِي إِيَّاكَ أَنْ تَدْعُوَنِي بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ عِنْدَ شَدَائِدِكَ وَ دَوَاهِيكَ وَ فِي النَّوَازِلِ الَّتِي تَبْهَظُكَ 125 قَالَ آدَمُ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَهُمْ مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ص خُصُوصاً ادْعُنِي أُجِبْكَ إِلَى مُلْتَمَسِكَ وَ أَزِدْكَ فَوْقَ مُرَادِكَ فَقَالَ آدَمُ يَا رَبِّ وَ إِلَهِي فَقَدْ بَلَغَ عِنْدَكَ مِنْ مَحَلِّهِمْ أَنَّكَ بِالتَّوَسُّلِ بِهِمْ تَقْبَلُ تَوْبَتِي وَ تَغْفِرُ خَطِيئَتِي وَ أَنَا الَّذِي أَسْجَدْتَ لَهُ مَلَائِكَتَكَ وَ أَبَحْتَهُ 126 جَنَّتَكَ وَ زَوَّجْتَهُ أَمَتَكَ وَ أَخْدَمْتَهُ كِرَامَ مَلَائِكَتِكَ قَالَ يَا آدَمُ إِنَّمَا أَمَرْتَ الْمَلَائِكَةَ بِتَعْظِيمِكَ بِالسُّجُودِ إِذْ كُنْتَ وِعَاءً لِهَذِهِ الْأَنْوَارِ وَ لَوْ كُنْتَ سَأَلْتَنِي بِهِمْ قَبْلَ خَطِيَّتِكَ أَنْ أَعْصِمَكَ مِنْهَا وَ أَنْ أُفَطِّنَكَ لِدَوَاعِي عَدُوِّكَ إِبْلِيسَ حَتَّى تَحْتَرِزَ مِنْهَا لَكُنْتَ قَدْ فَعَلْتَ ذَلِكَ وَ لَكِنَّ الْمَعْلُومَ فِي سَابِقِ عِلْمِي 127 يَجْرِي مُوَافِقاً لِعِلْمِي فَالْآنَ فَبِهِمْ فَادْعُنِي لِأُجِيبَكَ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ آدَمُ اللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ الطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِمْ لَمَّا تَفَضَّلْتَ عَلَيَّ بِقَبُولِ تَوْبَتِي وَ غُفْرَانِ زَلَّتِي وَ إِعَادَتِي مِنْ كَرَامَاتِكَ إِلَى مَرْتَبَتِي فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ قَبِلْتُ تَوْبَتَكَ وَ أَقْبَلْتُ بِرِضْوَانِي عَلَيْكَ وَ صَرَفْتُ آلَائِي وَ نَعْمَائِي إِلَيْكَ وَ أَعَدْتُكَ إِلَى مَرْتَبَتِكَ مِنْ كَرَامَاتِي وَ وَفَّرْتُ نَصِيبَكَ مِنْ رَحَمَاتِي فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .
وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ: يَا عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ آدَمَ لَمَّا رَأَى النُّورَ سَاطِعاً مِنْ صُلْبِهِ إِذْ كَانَ اللَّهُ قَدْ نَقَلَ أَشْبَاحَنَا مِنْ ذِرْوَةِ الْعَرْشِ إِلَى ظَهْرِهِ رَأَى النُّورَ وَ لَمْ يَتَبَيَّنِ
الْأَشْبَاحَ فَقَالَ يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْأَنْوَارُ 128 فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْوَارُ أَشْبَاحٍ نَقَلْتُهُمْ مِنْ أَشْرَفِ بِقَاعِ عَرْشِي إِلَى ظَهْرِكَ وَ لِذَلِكَ أَمَرْتُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لَكَ إِذْ كُنْتَ وِعَاءً لِتِلْكَ الْأَشْبَاحِ فَقَالَ آدَمُ يَا رَبِّ لَوْ بَيَّنْتَهَا لِي فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ انْظُرْ يَا آدَمَ إِلَى ذِرْوَةِ الْعَرْشِ فَنَظَرَ آدَمُ إِلَى ذِرْوَةِ الْعَرْشِ وَ وَاقَعَ أَنْوَارَ أَشْبَاحِنَا مِنْ ظَهْرِ آدَمَ إِلَى ذِرْوَةِ الْعَرْشِ فَانْطَبَعَ فِيهِ صُوَرُ أَنْوَارِ أَشْبَاحِنَا الَّتِي فِي ظَهْرِهِ كَمَا يَنْطَبِعُ وَجْهُ الْإِنْسَانِ فِي الْمِرْآةِ الصَّافِيَةِ فَرَأَى أَشْبَاحَنَا فَقَالَ مَا هَذِهِ الْأَشْبَاحُ يَا رَبِّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَا آدَمُ هَذِهِ أَشْبَاحُ أَفْضَلِ خَلَائِقِي وَ بَرِيَّاتِي هَذَا مُحَمَّدٌ وَ أَنَا الْحَمِيدُ الْمَحْمُودُ فِي أَفْعَالِي شَقَقْتُ لَهُ اسْماً مِنْ اسْمِي وَ هَذَا عَلِيٌّ وَ أَنَا الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ شَقَقْتُ لَهُ اسْماً مِنْ اسْمِي وَ هَذِهِ فَاطِمَةُ وَ أَنَا فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضِ أُفَاطِمُ أَعْدَائِي مِنْ رَحْمَتِي يَوْمَ فَصْلِ قَضَائِي وَ أُفَاطِمُ أَوْلِيَائِي عَمَّا يَعِّيُرُهُمْ 129 وَ يَشِينُهُمْ وَ شَقَقْتُ لَهَا اسْماً مِنْ أَسْمَائِي وَ هَذَا الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ أَنَا الْمُحْسِنُ الْمُجْمِلُ شَقَقْتُ اسْمَهُمَا مِنْ اسْمِي هَؤُلَاءِ خِيَارُ خَلْقِي وَ أَكْرَمُ بَرِيَّتِي 130 بِهِمْ آخُذُ وَ بِهِمْ أُعْطِي وَ بِهِمْ أُعَاقِبُ وَ بِهِمْ أُثِيبُ فَتَوَّسْل بِهِمْ إِلَيَّ يَا آدَمُ وَ إِذَا دَهَتْكَ دَاهِيَةٌ فَاجْعَلْهُمْ إِلَيَّ شُفَعَاءَكَ فَإِنِّي آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي قَسَماً حَقّاً أَنْ لَا أَخِيبَ بِهِمْ آمِلًا وَ لَا أَرُدَّ بِهِمْ سَائِلًا فَلِذَلِكَ حِينَ زَلَّتْ 131 مِنْهُ الْخَطِيَّةُ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِمْ فَتابَ عَلَيْهِ وَ غَفَرَ لَهُ 132 .
وَ يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ الطُّوسِيُّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ عَنْ رِجَالِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ عَطَسَ فَأَلْهَمَهُ اللَّهُ أَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فَقَالَ اللَّهُ يَرْحَمُكَ رَبُّكَ فَلَمَّا أَسْجَدَ لَهُ الْمَلَائِكَةَ تَدَاخَلَهُ الْعُجْبُ فَقَالَ يَا رَبِّ خَلَقْتَ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنِّي فَلَمْ يُجِبْ فَقَالَ الثَّانِيَةَ
فَلَمْ يُجِبْ فَقَالَ الثَّالِثَةَ فَلَمْ يُجِبْ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى نَعَمْ وَ لَوْلَاهُمْ مَا خَلَقْتُكَ فَقَالَ يَا رَبِّ فَأَرِنِيهِمْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مَلَائِكَةِ الْحُجُبِ ارْفَعُوا الْحُجُبَ فَلَمَّا رُفِعَتْ فَإِذَا بِخَمْسَةِ أَشْبَاحٍ قُدَّامَ الْعَرْشِ فَقَالَ يَا رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ يَا آدَمُ هَذَا مُحَمَّدٌ نَبِيِّي وَ هَذَا عَلِيٌّ ابْنُ عَمِّهِ وَ وَصِيُّهُ وَ هَذِهِ فَاطِمَةُ ابْنَةُ نَبِيِّي وَ هَذَانِ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ابْنَاهُمَا وَ وَلَدَا نَبِيِّي ثُمَّ قَالَ يَا آدَمُ هُمْ وُلْدُكَ فَفَرِحَ آدَمُ بِذَلِكَ فَلَمَّا اقْتَرَفَ الْخَطِيَّةَ قَالَ يَا رَبِّ أَسْأَلُكَ بِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ إِلَّا مَا غَفَرْتَ لِي فَغَفَرَ لَهُ وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 133 .
و مما ورد أن آدم و غيره من أولي العزم سألوا الله تعالى بحق محمد و آل محمد ع فاستجاب لهم الدعاء و نجاهم من البلاء و هذا يدل على أنهم ليسوا في الفضل سواء بل فيه دلالة أن المسئول به أفضل من السائل و هذه الدلالة من أوضح الدلائل و يؤيده
مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ بَابَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَمَالِيهِ عَنْ رِجَالِهِ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقَ ع يَقُولُ أَتَى يَهُودِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ جَعَلَ يُحِدُّ النَّظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا يَهُودِيُّ مَا حَاجَتُكَ قَالَ أَنْتَ أَفْضَلُ أَمْ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ النَّبِيُّ الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ وَ الْعَصَا وَ فَلَقَ لَهُ الْبَحْرَ وَ ظَلَّلَهُ الْغَمَامَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص إِنَّهُ يُكْرَهُ لِلْعَبْدِ أَنْ يُزَكِّيَ نَفْسَهُ وَ لَكِنْ أَقُولُ إِنَّ آدَمَ لَمَّا أَصَابَ الْخَطِيئَةَ كَانَتْ تَوْبَتُهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا غَفَرْتَ لِي فَغَفَرَهَا اللَّهُ لَهُ وَ إِنَّ نُوحاً لَمَّا رَكِبَ السَّفِينَةَ وَ خَافَ الْغَرَقَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا نَجَّيْتَنِي مِنَ الْغَرَقِ فَنَجَّاهُ اللَّهُ مِنْهُ وَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا نَجَّيْتَنِي مِنَ النَّارِ فَنَجَّاهُ اللَّهُ مِنْهَا فَجَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ بَرْداً وَ سَلاماً وَ إِنَّ مُوسَى لَمَّا أَلْقَى عَصَاهُ وَ أَوْجَسَ
فِي نَفْسِهِ خِيفَةً قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا آمَنْتَنِي 134 فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى 135 يَا يَهُودِيُّ لَوْ أَدْرَكَنِي مُوسَى ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنْ بِي وَ بِنُبُوَّتِي مَا نَفَعَهُ إِيمَانُهُ شَيْئاً وَ لَا نَفَعَتْهُ النُّبُوَّةُ يَا يَهُودِيُّ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي الْمَهْدِيُّ إِذَا خَرَجَ نَزَلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِنُصْرَتِهِ وَ قَدَّمَهُ وَ صَلَّى خَلْفَهُ 136 .
و هذا يدل على أن القائم ع أفضل من عيسى ع.
وَ قَالَ الْإِمَامُ ع ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا الدَّالَّاتُ عَلَى صِدْقِ مُحَمَّدٍ وَ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ أَخْبَارِ الْقُرُونِ السَّالِفَةِ وَ عَلَى مَا أَدَّاهُ إِلَى عِبَادِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ تَفْضِيلِهِ لِعَلِيٍّ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ خَيْرِ الْفَاضِلِينَ وَ الْفَاضِلَاتِ بَعْدَ مُحَمَّدِ سَيِّدِ الْبَرِيَّاتِ أُولئِكَ الدَّافِعُونَ لِصِدْقِ مُحَمَّدٍ فِي إِنْبَائِهِ وَ الْمُكَذِّبُونَ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَ تَصْدِيقِهِ لِأَوْلِيَائِهِ عَلِيٍّ سَيِّدِ الْأَوْصِيَاءِ وَ الْمُنْتَجَبِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.
تنبيه اعلم أن في هذه السورة آيات و الخطاب فيها لبني إسرائيل و لكن يتضمن تأويلها ذكر محمد و آله ع فاقتضت الحال أن نأخذ منه موضع ذكرهم و نترك الباقي مخافة التطويل و إذا كان غير مطول ذكرناه جميعه على حسب ما يقتضيه الحال و إلى الله المآل.
منها قوله تعالى يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ
قَالَ الْإِمَامُ ع قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ وُلْدَ يَعْقُوبَ إِسْرَائِيلِ اللَّهِ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَّا بَعَثْتُ مُحَمَّداً وَ أَقْرَرْتُهُ فِي
مَدِينَتِكُمْ وَ لَمْ أُجَشِّمْكُمُ 137 الْحَطَّ وَ التِّرْحَالِ إِلَيْهِ وَ أَوْضَحْتُ عَلَامَاتِهِ وَ دَلَائِلَ صِدْقِهِ لِئَلَّا يَشْتَبِهَ عَلَيْكُمْ حَالُهُ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي الَّذِي أَخَذْتُهُ عَلَى أَسْلَافِكُمْ وَ أَنْبِيَائِهِمْ 138 أَمَرُوهُمْ أَنْ يُؤَدُّوهُ إِلَى أَخْلَافِهِمْ لَيُؤْمِنَنَّ بِمُحَمَّدٍ الْعَرَبِيِّ الْقُرَشِيِّ الْمُبَانِ بِالْآيَاتِ وَ الْمُؤَيَّدِ بِالْمُعْجِزَاتِ الَّتِي مِنْهَا أَنْ كَلَّمَهُ ذِرَاعٌ مَسْمُومٌ وَ نَاطَقَهُ ذِئْبٌ وَ حَنَّ إِلَيْهِ عُودُ الْمِنْبَرِ وَ كَثَّرَ اللَّهُ لَهُ الْقَلِيلَ مِنَ الطَّعَامِ وَ لَانَ 139 لَهُ الصَّلْبُ مِنَ الْأَحْجَارِ وَ صَلُبَتْ لَدَيْهِ الْمِيَاهُ السَّائِلَةُ وَ لَمْ يُؤَيِّدْ نَبِيّاً مِنْ أَنْبِيَائِهِ بِدَلَالَةٍ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا وَ الَّذِي جَعَلَ مِنْ أَكْبَرِ آيَاتِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ شَقِيقُهُ وَ رَفِيقُهُ عَقْلُهُ مِنْ عَقْلِهِ وَ عِلْمُهُ مِنْ عِلْمِهِ وَ حِلْمُهُ مِنْ حِلْمِهِ مُؤَيَّدٌ دِينُهُ بِسَيْفِهِ الْبَاتِرِ بَعْدَ أَنْ قَطَعَ مَعَاذِيرَ الْمُعَانِدِينَ بِدَلِيلِهِ الْقَاهِرِ وَ عِلْمِهِ الْفَاضِلِ وَ فَضْلِهِ الْكَامِلِ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ الَّذِي أَوْجَبْتُ بِهِ لَكُمْ نَعِيْمَ الْأَبَدِ فِي دَارِ الْكَرَامَةِ وَ مُسْتَقَرِّ الرَّحْمَةِ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ فِي مُخَالِفَةِ مُحَمَّدٍ ص فَإِنِّي الْقَادِرُ عَلَى صَرْفِ بَلَاءِ مَنْ يُعَادِيكُمْ عَلَى مُوَافَقَتِي وَ هُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى صَرْفِ انْتِقَامِي عَنْكُمْ 140 إِذَا آثَرْتُمْ مُخَالَفَتِي.