کتابخانه روایات شیعه
النّار، و أبعد النّاس من دنس أو عار، و هو مالك بن الحارث الأشتر لا نابي الضّريبة و لا كليل الحدّ 1436 ، حليم في الجدّ 1437 رزين في الحرب. ذو رأى أصيل و صبر جميل، فاسمعوا له و أطيعوا أمره، فإن أمركم بالنّفر فانفروا، و إن أمركم بالمقام فأقيموا، فإنّه لا يقدم و لا يحجم إلّا بأمرى. و قد آثرتكم به على نفسي نصيحة لكم و شدّة شكيمة على عدوّكم، عصمكم اللَّه بالهدى و ثبّتكم بالتّقى، و وفّقنا و إيّاكم لما يحبّ و يرضى، و السّلام عليكم و رحمة اللَّه و بركاته 1438 .
قال جابر: عن الشّعبيّ: انّه هلك حين أتى عقبة أفيق 1439 .
عن عاصم بن كليب 1440 ، عن أبيه: أنّ عليّا عليه السّلام لمّا بعث الأشتر إلى مصر واليا عليها و بلغ معاوية خبره بعث رسولا يتبع الأشتر إلى مصر يأمره باغتياله فحمل معه مزودين فيهما شراب و صحب الأشتر [فاستسقى الأشتر] يوما فسقاه من أحدهما ثمّ استسقى ثانية 1441 فسقاه من الآخر و فيه سمّ فشربه فمالت 1442 عنقه، فطلبوا الرّجل ففاتهم.
عن مغيرة الضّبيّ 1443 أنّ معاوية دسّ للأشتر مولى لآل عمر فلم يزل المولى يذكر للأشتر فضل عليّ و بنى هاشم حتّى اطمأنّ إليه الأشتر و استأنس [به] فقدّم الأشتر يوما ثقله أو تقدّم ثقله [فاستسقى ماء] فقال له مولى عمر: هل لك- أصلحك اللَّه- في شربة سويق؟- فسقاه شربة سويق فيها سمّ فمات.
قال: و قد كان معاوية قال لأهل الشّام لمّا دسّ اليه مولى عمر: ادعوا على الأشتر، فدعوا عليه، فلمّا بلغه موته قال: ألا ترون كيف استجيب لكم.
و بلغنا من وجه آخر عن بعض العلماء 1444 أن الأشتر قتل بمصر بعد قتال شديد و وجه الأمر 1445 أنّه سقى السّمّ قبل أن يبلغ مصر.
عن عليّ بن محمّد المدائنيّ، عن بعض أصحابه: أنّ معاوية 1446 أقبل يقول لأهل الشّام:
أيّها النّاس انّ عليّا قد وجّه الأشتر إلى أهل مصر فادعوا اللَّه أن يكفيكموه، فكانوا [كلّ يوم 1447 ] يدعون اللَّه عليه في دبر كلّ صلاة، و أقبل الّذي سقاه السّمّ إلى معاوية فأخبره بهلاك 1448 الأشتر، فقام معاوية في النّاس خطيبا فقال 1449 :
أمّا بعد فإنّه كان 1450 لعليّ بن أبي طالب يدان يمينان، فقطعت إحداهما يوم صفّين يعنى 1451 عمّار بن ياسر، و قطعت الأخرى اليوم و هو 1452 مالك الأشتر.
عن الشّعبيّ، عن صعصعة بن صوحان قال: فلمّا بلغ 1453 عليّا عليه السّلام موت الأشتر قال: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، و الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، اللَّهمّ إنّي أحتسبه عندك، فإنّ موته من مصائب الدّهر، فرحم اللَّه مالكا فقد وفى بعهده، و قضى نحبه، و لقي ربّه، مع أنّا قد وطّنّا أنفسنا على أن نصبر على كلّ مصيبة بعد مصابنا برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فإنّها أعظم المصائب 1454 .
عن مغيرة الضّبيّ 1455 قال: لم يزل أمر عليّ شديدا حتّى مات الأشتر، و كان
الأشتر بالكوفة أسود 1456 من الأحنف بالبصرة.
عن فضيل بن خديج 1457 ، عن أشياخ النّخع 1458 قالوا: دخلنا على عليّ عليه السّلام حين بلغه موت الأشتر، فجعل 1459 يتلهّف و يتأسّف عليه و يقول: للَّه درّ مالك ..! و ما مالك ..! لو كان جبلا لكان فندا، و لو كان حجرا لكان صلدا 1460 ، أما و اللَّه ليهدّن موتك عالما و ليفرحنّ 1461 عالما، على مثل مالك فلتبك البواكي، و هل موجود كما لك؟! 1462 .
قال: فقال علقمة بن قيس النّخعيّ 1463 : فما زال عليّ يتلهّف و يتأسّف حتّى
ظننّا أنّه المصاب به دوننا، و قد عرف ذلك في وجهه أيّاما.
عن فضيل بن خديج، عن مولى الأشتر 1464 قال: لمّا هلك الأشتر وجدنا 1465 في ثقله رسالة عليّ إلى أهل مصر:
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم، من عبد اللَّه أمير المؤمنين إلى النّفر من المسلمين الّذين غضبوا للَّه إذ عصى في الأرض 1466 و ضرب الجور برواقه 1467 على البرّ و الفاجر، فلا حقّ 1468 يستراح اليه و لا منكر يتناهى عنه، سلام عليكم فإنّي أحمد إليكم اللَّه الّذي لا إله إلّا هو.
أمّا بعد فقد وجّهت إليكم عبدا من عباد اللَّه لا ينام أيّام الخوف، و لا ينكل عن الأعداء حذار الدّوائر 1469 ، أشدّ على الكفّار من حريق النّار، و هو مالك بن الحارث
الأشتر أخو مذحج 1470 فاسمعوا له و أطيعوا، فإنّه سيف من سيوف اللَّه لا نابي الضّريبة و لا كليل الحدّ، فإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، و ان أمركم أن تنفروا فانفروا و إن أمركم أن تحجموا فأحجموا 1471 ، فإنّه لا يقدم و لا يحجم إلّا بأمرى، و قد آثرتكم به على نفسي لنصيحته و شدّة شكيمته على عدوّه، عصمكم اللَّه بالحقّ و ثبّتكم باليقين 1472 و السّلام عليكم و رحمة اللَّه و بركاته 1473 .