کتابخانه روایات شیعه
قلبك، فأراد بذلك كسر قلبه، فقال أبو الحسن «هل أريك عسكري أيضا؟» فقال: نعم، فدعا اللّه فإذا بين السّماء و الأرض و الشّرق و الغرب ملائكة لهم الأسلحة، فخرّ الخليفة مغشيّا عليه، فلمّا أفاق قال له أبو الحسن:
«اشتغلوا بالدّنيا فإنّا لا نتعرّض لكم».
و عن أحمد بن الحرث القزويني قال: كان عند المستعين بغلة لم ير مثلها حسنا و كبرا، و كانت تمنع ظهرها و اللّجام، و قد جمع الروّاض فلم يكن لهم حيلة في ركوبها، فقال بعض ندمائه: ألا تبعث إلى الحسن حتّى يجيء، فأمّا أن يركبها و أمّا أن يقتله 320 فبعث إلى أبي محمّد الحسن و مضى معه أبي، فلمّا دخل الدّار كنت مع أبي فنظر أبو محمّد إلى البغلة واقفا 321 في صحن الدّار، فوضع يده على كتفها فتعرّقت البغلة، ثمّ صار إلى المستعين فرحّب به و قرب، فقال: الجم هذا البغل 322 فقال أبو محمّد لأبي: «الجمه» 323 فقال المستعين: الجمه 324 أنت، فوضع أبو محمّد طيلسانه ثمّ قام فألجمه 325 ، ثم رجع إلى مجلسه، ثمّ قال: يا أبا محمّد اسرجه 326 ، فقال أبو محمّد لأبي:
«اسرجه» 327 فقال المستعين: اسرجه 328 أنت يا أبا محمّد فقام ثانية فأسرجه 329 ، و رجع فقال: «ترى أن تركبه 330 قال «نعم»، فركبه 331 أبو
محمّد من غير أن يمتنع عليه، ثمّ ركضها في الدّار، ثمّ حمله 332 على الهملجة 333 ، فمشى 334 أحسن مشي، ثمّ نزل فرجع إليه، فقال المستعين:
قد حملناك عليه 335 فقال أبو محمّد لأبي: «خذه» 336 فأخذه أبي و قاده 337 .
و إنّ أبا محمّد سلّم إلى نحرير و حبس عنده، فقالت 338 له امرأة إنّك لا تدري من في منزلك، و ذكرت عبادته و صلاحه، قالت: و إنّي أخاف عليك منه، فقال: لأرمينّه بين السّباع، ثمّ استأذن في ذلك فأذن له، فرمى به إليها، و لم يشكّوا في أكلها له، فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال، فوجوده قائما يصلّي و السّباع حوله كالسّنانير.
و عن أبي هاشم الجعفري: كنت محبوسا مع أبي محمّد عليه السّلام في حبس المهتدي بن الواثق، فقال، لي: «إنّ هذا الطاغي أراد أن يتعبّث باللّه في هذه اللّيلة، و قد بتّر اللّه عمره، و سأرزق ولدا»، فلمّا أصبحنا شعب الأتراك على المهتدي فقتلوه، و ولي المعتمد مكانه و سلّمنا اللّه.
و عن أبي حمزة نصير الخادم قال: سمعت أبا محمّد عليه السّلام غير مرّة يكلّم غلمانه و غيرهم بلغاتهم، و فيهم روم و ترك و صقاليّة، فتعجّبت من ذلك و قلت: هذا ولد ههنا و لم يظهر لأحد حتّى مضى الحسن و لا رآه أحد، فكيف هذا، أحدّث نفسى بهذا فأقبل عليّ أبو محمّد، فقال: «إنّ اللّه ميّز حجّته من بين سائر 339 خلقه، و أعطاه معرفته كل شيء، فهو يعرف اللّغات و الأسباب و الحوادث، و لو لا ذلك لم يكن بين الحجّة و المحجوج فرق».
الباب الثالث عشر: في ذكر الإمام صاحب الزّمان عليه السّلام
هو سمّي رسول اللّه و كنيته، هو بقيّة اللّه في أرضه، هو الحجّة المنتظر، هو الهادي، المهتدي، الرّضيّ، الزّكيّ، التّقيّ، النّقيّ، المختفي، هو القائم المهدي، هو الغائب 340 المستور، هو صاحب المرأى و المسمع، هو الخلف المترقّب، هو المظفّر المنصور. و له أسماء و ألقاب يقال: الحمد، و الحامد، و الحميد، و المحمود، و محمّد، يكنّى: أبا القاسم و أبا جعفر، و يقال له: كنى الأحد عشر إماما، هو الإمام و المأمول، هو وتد الأرض، أتاه اللّه الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ كما آتى يحيى صبيّا، و جعله إماما في حال الطّفوليّة كما جعل عيسى بن مريم نبيّا.
مات أبوه الحسن عليه السّلام و له ستّ سنين و سبعة أشهر.
ولد في النّصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين 341 .
عن السّياري: حدّثتني مارية و نسيم قالتا: لمّا خرج صاحب الزّمان من بطن أمّه سقط جاثيا على ركبتيه، رافعا سبّابتيه نحو السّماء، ثمّ عطس فقال: « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* و صلّى اللّه على محمّد و آله عبدا داخرا للّه،
غير مستنكف و لا مستكبر» ثمّ قال: «زعمت الظّلمة أنّ حجّة اللّه داحضة، و لو أذن لنا في الكلام لزال الشّكّ».
و روي عن غيلان أن طريفا أبا نصر الخادم قال: دخلت على صاحب الزّمان عليه السّلام و هو في المهد، فقال لي:
«عليّ بالصّندل الأحمر» فأتيته به، فقال: «أتعرفني؟» قلت: نعم، أنت سيّدي و ابن سيّدي، فقال «ليس عن هذا سألتك؟» فقلت: فسّر لي، قال:
«أنا خاتم الأوصياء، و بي يرفع اللّه البلاء عن أهلي و شيعتي».
و عن حكيمة قال لي أبو محمّد: «بيتي عندنا الليلة، فإن اللّه سيظهر الخلف فيها» قلت: و ممّن؟ قال: «من مليكة» قلت: لا أرى بها حملا قال: «يا عمّه مثلها كمثل أمّ موسى» فلمّا انتصف اللّيل صلّيت صلاة اللّيل، فقلت في نفسي: قرب الفجر و لم يظهر ما قال أبو محمّد، فنادى أبو محمّد «لا تعجلي» فارتعدت مليكة فضممتها إلى صدري، و قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و إنّا أنزلناه و آية الكرسي، فأجابني الخلف من بطنها يقرأ كقرائتي، قالت: و أشرق نور البيت، فنظرت فإذا الخلف تحتها ساجدا إلى القبلة، فأخذته، فناداني أبو محمّد «هلمّي بابني يا عمّه». فأتيته به، فوضع لسانه في فمه، ثمّ أجلسه على فخذه و قال: «انطق بإذن اللّه يا بنيّ» فقال أعوذ باللّه السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ 342 و صلّى اللّه على محمّد المصطفى، و عليّ المرتضى، و فاطمة الزّهراء، و الحسن، و الحسين، و عليّ بن الحسين، و محمّد بن عليّ، و جعفر بن محمّد، و موسى بن جعفر و على بن موسى، و محمّد بن على، و على بن محمد، و الحسن بن عليّ عليهم السلام» قالت: و غمرتنا طيور خضر، فنظر أبو محمّد، إلى طائر 343 منها فقال له: «خذه فاحفظه حتّى يأذن اللّه فيه، ف إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ » قالت حكيمة: قلت لأبي محمّد: ما هذا الطائر 344 و ما هذه
الطّيور؟ قال: «هذا جبرئيل 345 ، و هذه ملائكة الرّحمة» ثمّ قال: «يا عمّه ردّيه إلى أمّه كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ، وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ و لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ* »، فرددته إلى أمّه، قالت: و كانت مطيعا مفروغا منه 346 و على ذراعه الأيمن مكتوب وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً 347 . قالت حكيمة: دخلت على أبي محمّد بعد أربعين يوما من ولادة صاحب الأمر عليه السّلام، فإذا مولانا الصّاحب عليه السّلام يمشي في الدّار، فلم أر لغة أفصح من لغته، فتبسّم أبو محمّد عليه السّلام 348 «إنّا معاشر الأئمّة ننشأ في يوم كما ينشأ غيرنا في السّنّة» قالت: ثمّ كنت أسأل أبا محمّد عنه بعد ذلك فقال: