کتابخانه روایات شیعه
الباب الثالث عشر: ذكر الإمام بعد أبي الحسن عليّ بن محمّد عليه السّلام و تاريخ مولده، و دلائل 522 إمامته، و النّصّ عليه من أبيه، و مبلغ سنّه، و مدّة خلافته، و ذكر وفاته، و سببها، و موضع قبره، و عدد ولده، و طرف من أخباره
و كان الإمام بعد أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهما السّلام ابنه أبا محمّد الحسن بن عليّ عليهما السّلام لاجتماع خلال الفضل فيه و تقدّمه على كافّة أهل عصره فيما يوجب له الإمامة و يقتضي له الرّياسة من العلم، و الزّهد، و كمال العقل، و العصمة، و الشّجاعة، و الكرم، و كثرة الأعمال المقرّبة إلى اللّه جلّ اسمه، ثمّ لنصّ أبيه عليه و إشارته بالخلافة إليه.
ولادته عليه السّلام
: و كان مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر من سنة اثنين و ثلاثين و مائتين.
وفاته عليه السّلام
: و قبض عليه السّلام يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأوّل سنة ستين و مائتين و له يومئذ ثمان و عشرون سنة و دفن في داره بسرّ من رأى في البيت الّذي دفن فيه أبوه عليه السّلام.
أمّه عليه السّلام
: و أمّه أمّ ولد يقال لها: حديثة.
مدة إمامته عليه السّلام
: و كانت مدّة خلافته ستّ سنين.
ذكر طرف من الخبر الوارد بالنّصّ عليه من أبيه عليه السّلام و الإشارة إليه بالإمامة من بعده
: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النّهدي، عن يحيى بن يسار العنبري، قال: أوصى أبو الحسن عليّ بن محمّد عليهم السّلام إلى ابنه الحسن عليه السّلام قبل مضيّه بأربعة أشهر، و أشار إليه بالأمر من بعده، و أشهدني على ذلك و جماعة من الموالي.
و بالإسناد عن عليّ بن عمرو النّوفلي قال: كنت مع أبي الحسن عليه السّلام في صحن داره، فمرّ بنا محمّد ابنه فقلت: جعلت فداك هذا صاحبنا بعدك؟
فقال: «لا، صاحبكم من بعدي الحسن عليه السّلام».
و بهذا الإسناد عن عليّ بن مهزيار قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: إن كان كون و أعوذ باللّه فإلى من؟ قال: «عهدي إلى الأكبر من ولدي» يعني الحسن عليه السّلام.
و بهذا الإسناد، عن جماعة من بني هاشم، منهم الحسن بن الحسين الأفطس ، أنّهم حضروا يوم توفّي محمّد بن عليّ بن محمّد دار أبي الحسن عليه السّلام و قد بسط له في صحن داره و النّاس جلوس حوله، فقالوا:
قدّرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب و بني العبّاس و قريش مائة و خمسون رجلا سوى مواليه و سائر 523 النّاس إذ نظر إليّ الحسن بن عليّ عليهما السّلام و قد
جاء مشقوق الجيب حتّى قام عن يمينه و نحن لا نعرفه، فنظر إليه أبو الحسن بعد ساعة من قيامه، ثمّ قال له: «يا بنيّ أحدث للّه شكرا فقد أحدث فيك أمرا» فبكى الحسن عليه السّلام و استرجع، فقال: « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* و إيّاه اسأل تمام نعمه علينا، و إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » فسألنا عنه فقيل لنا: هذا الحسن بن عليّ ابنه، و قدّرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة و نحوها، فيومئذ عرفناه و علمنا أنّه قد أشار إليه بالإمامة و أقامه مقامه.
ذكر طرف من أخبار أبي محمّد الحسن بن علي عليه السّلام و مناقبه، و آياته، و معجزاته
: روى إسحاق بن محمّد النّخعي قال: حدّثني أبو هاشم الجعفري، قال: شكوت إلى أبي محمّد عليه السّلام ضيق الحبس و كلب 524 القيد، فكتب إليّ:
«أنت تصلّي اليوم الظّهر في منزلك» فأخرجت وقت الظّهر فصلّيت في منزلي كما قال، و كنت مضيقا فأردت أن أطلب منه معونة في الكتاب الّذي كتبته إليه فاستحييت، فلمّا صرت إلى منزلي وجّه إليّ بمائة دينار، و كتب إليّ «إذا كانت لك حاجة فلا تستحي و لا تحتشم و اطلبها تأتك على ما تحبّ إن شاء اللّه».
و الأخبار في ذلك ممّا يطول به الكتاب.
ذكر وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السّلام و موضع قبره، و ذكر ولده
: و مرض أبو محمّد الحسن بن عليّ عليهما السّلام في أوّل شهر ربيع الأوّل سنة ستّين و مائتين، و مات في يوم الجمعة لثمان ليال خلون من هذا الشّهر في السّنة المذكورة، و له يوم وفاته ثمان و عشرون سنة، و دفن في البيت الّذي دفن فيه أبوه من دارهما بسرّ من رأى.
و خلّف ابنه المنتظر لدولة الحقّ و كان قد أخفى مولده و ستر أمره، لصعوبة الوقت، و شدّة طلب سلطان الزّمان له، و اجتهاده في البحث عن
أمره، و لما شاع من مذهب الشّيعة الإماميّة فيه، و عرف من انتظارهم له، فلم يظهر ولده عليه السّلام في حياته و لا عرفه الجمهور بعد وفاته.
و تولّى جعفر بن عليّ أخو أبي محمّد عليه السّلام أخذ تركته، و سعى في حبس جواري أبي محمّد عليه السّلام و اعتقال حلايله، و شنّع على أصحابه بانتظارهم ولده و قطعهم بوجوده و القول بإمامته، و أغرى بالقوم حتّى أخافهم و شرّدهم، و جرى على مخلّفي أبي محمّد عليه السّلام بسبب ذلك كلّ عظيمة من اعتقال، و حبس، و تهديد، و تصغير، و استخفاف، و ذلّ، و لم يظفر السّلطان منهم بطايل، و حاز جعفر ظاهرا تركة أبي محمّد عليه السّلام و اجتهد فيه القيام عند الشّيعة مقامه، و لم يقبل أحد منهم ذلك، و لا أعتقده فيه، فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه، و بذل مالا جليلا، و تقرّب بكلّ ما ظنّ أنّه يتقرّب به، فلم ينتفع بشيء من ذلك.
و لجعفر أخبار كثيرة في هذا المعنى، رأيت الإضراب 525 عن ذكرها لأسباب لا يحتمل الكتاب شرحها، و هي مشهورة عند الإماميّة، و من عرف أخبار النّاس و باللّه نستعين.
الباب الرابع عشر: ذكر الإمام القائم بعد أبي محمّد الحسن عليه السّلام و تاريخ مولده، و دلائل 526 إمامته، و ذكر طرف من أخباره و غيبته، و سيرته، عند قيامه، و مدّة دولته
و كان الإمام بعد أبي محمّد الحسن عليه السّلام ابنه المسمّى باسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المكنّى بكنيته، و لم يخلّف أبوه ولدا ظاهرا و لا باطنا غيره، و خلّفه غائبا مستترا على ما قدّمنا ذكره.
[أولا في بيان حالات الإمام المهدي ع و جملة من مختصاته]
ولادته عليه السّلام
: و كان مولده عليه السّلام ليلة النّصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين.
أمّه عليه السّلام
: و أمّه أمّ ولد يقال لها: نرجس 527
سنّه عند وفاة أبيه عليه السّلام
: و كان سنّه عند وفاة أبيه عليه السّلام خمس سنين آتاه اللّه فيها الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ ، و جعله آيَةً لِلْعالَمِينَ* ، و آتاه الحكمة كما آتاها ليحيى صبيّا، و جعله
إماما في حال الطّفوليّة الظّاهرة، كما جعل عيسى بن مريم عليه السّلام في المهد نبيّا.
النص على إمامته عليه السّلام
: و قد سبق النّصّ عليه في ملّة الإسلام من نبيّ الهدى عليه السّلام، ثمّ من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، و نصّ عليه الأئمّة واحدا بعد واحد إلى أبيه الحسن عليه السّلام و نصّ أبوه عليه عند ثقاته و خاصّة شيعته، و كان الخبر بغيبته ثابتا قبل وجوده و بدولته مستفيضا قبل غيبته، و هو صاحب السّيف من أئمّة الهدى عليهم السّلام و القائم بالحقّ المنتظر لدولة الإيمان.
غيبتاه عليه السّلام
: و له قبل قيامه غيبتان:
إحداهما: أطول من الأخرى كما جاءت بذلك الأخبار، فأمّا القصرى منهما: منذ وقت مولده إلى انقطاع السّفارة بينه و بين شيعته و عدم السّفراء بالوفاة، و أمّا الطّولى: فهي بعد الأولى و في آخرها يقوم بالسّيف، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ 528 ، و قال جلّ اسمه: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ 529 ،
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لن تنقضي الأيّام و اللّيالي حتّى يبعث اللّه رجلا من أهل بيتي يواطىء 530 اسمه اسمى، يملأها عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا».