کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)

خطبة الكتاب‏ المقدمة في بيان ما يشترك فيه الأنبياء ع و في عددهم و بيان أولي العزم منهم و الفرق بين النبي و الإمام و جملة من أحوالهم‏ خاتمة في بيان عصمة الأنبياء و تأويل ما يوهم خلافه‏ الباب الأول في قصص آدم و حواء و أولادهما الفصل الأول في فضلهما و العلة في تسميتهما و بدو خلقهما و سؤال الملائكة في ذلك‏ الفصل الثاني في سجود الملائكة و له معناه و أنها أية جنة كانت و معنى تعليمه الأسماء الفصل الثالث في أن ذنبه كان ترك الأولى و كيفية قبول توبته و الكلمات التي تلقاها من ربه و كيفية نزوله من الجنة و حزنه عليها الفصل الرابع في تزويج آدم و حواء و كيفية ابتداء النسل و قصة قابيل و هابيل و بقية أحوال آدم ع‏ الباب الثاني في قصص إدريس ع‏ الباب الثالث في قصص نوح النبي ع و فيه فصلان‏ الفصل الأول في مدة عمره و وفاته و علل تسميته و نقش خاتمه و مكارم أخلاقه‏ الفصل الثاني في بعثته إلى قومه و قصة الطوفان‏ الباب الرابع في قصص هود النبي ع و قومه و عاد الباب الخامس في قصص نبي الله صالح ص‏ الباب السادس في قصص إبراهيم ع‏ الفصل الأول في علة تسميته و فضائله و سننه و نقش خاتمه‏ الفصل الثاني في بيان ولادته ع و كسر الأصنام و حال أبيه و ما جرى له مع فرعون‏ الفصل الثالث في إراءته ملكوت السماوات و الأرض و سؤاله إحياء الموتى و جملة من حكمه و مناقبه ع و فيه وفاته ع‏ الفصل الرابع في أحوال أولاده و أزواجه ص و بناء البيت الحرام‏ الفصل الخامس في قصة الذبح و تعيين المذبوح‏ الباب السابع في قصص لوط ع و قومه‏ الباب الثامن في قصص ذي القرنين ع‏ الباب التاسع في قصص يعقوب و يوسف ع‏ خاتمة في تأويل قوله تعالى‏ [البحث في السجدة ليوسف‏] الباب العاشر في قصص أيوب ع‏ الباب الحادي عشر في قصص شعيب ع‏ الباب الثاني عشر في قصص موسى و هارون‏ الفصل الأول فيما يشتركان فيه من علل التسمية و الفضائل‏ الفصل الثاني في أحوال موسى ع من حين ولادته إلى نبوته‏ الفصل الثالث في معنى قوله تعالى‏ و قولِ مُوسَى‏ و تسميةِ الجبلِ طور سيناء الفصل الرابع في بعثه موسى و هارون إلى فرعون و تفصيل الأحوال إلى وقت غرق فرعون و قومه‏ الفصل الخامس في أحوال مؤمن آل فرعون و امرأة فرعون و خروج موسى ع و قومه من البحر و حال ابتلائهم بالتقية الفصل السادس في نزول التوراة و سؤال الرؤية و عبادة العجل و ما يتعلق بها الفصل السابع في قصة قارون و ذبح البقرة و ما يتعلق بها الفصل الثامن في لقاء موسى ع للخضر و سائر أحوال الخضر ع‏ الفصل التاسع في مناجاة موسى و ما جرى بينه و بين إبليس و في وفاة موسى و هارون و موضع قبرهما و ما يتبع ذلك من النوادر الفصل العاشر في قصة بلعم بن باعوراء و أحوال إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد و أنه غير إسماعيل بن إبراهيم و قصة إلياس و إليا و اليسع و قصص ذي الكفل ع‏ [قصة إسماعيل صادق الوعد ع‏] و أما قصة إلياس و إليا و اليسع ع‏ و أما قصص ذي الكفل ع‏ باب فيه قصص لقمان و حكمه ع و قصة أشموئيل و طالوت و جالوت و تابوت السكينة [قصص لقمان‏] قِصَّةُ أُشْمُوئِيلَ وَ طَالُوتَ وَ جَالُوتَ‏ باب قصص داود ع‏ الفصل الأول في عمره و وفاته و فضائله و ما آتاه الله تعالى‏ و أما قصته ع مع أوريا الفصل الثاني فيما أوحى إليه و ما صدر عنه من الحكم‏ الفصل الثالث في قصة أصحاب السبت‏ باب فيه قصص سليمان ع‏ الفصل الأول في فضله و مكارم أخلاقه و جمل من أحواله‏ الفصل الثاني في معنى قول سُلَيْمَانَ‏ ... و في قصة مروره بوادي النمل و في قوله تعالى‏ و أما مروره ع بوادي النمل‏ و أما حكاية الخيل‏ الفصل الثالث في قصته مع بلقيس و فيه نفش الغنم و وفاته ع‏ باب في قصة قوم سبأ و أهل الثرثار و قصة أصحاب الرس و حنظلة و قصة شعيا و حبقوق‏ [قصة أصحاب الرس و حنظلة النبي‏] [قصة شعيا و حبقوق‏] باب فيه قصص زكريا و يحيى ع‏ باب في قصص عيسى و أمه ع‏ الفصل الأول في ولادة مريم و بعض أحوالها الفصل الثاني في ولادة عيسى ع و في معجزاته و نقش خاتمه و طرف مما يلائم ذلك‏ الفصل الثالث فيما جرى بينه و بين إبليس و في حواريه و أصحابه و في مواعظه و حكمه ع‏ الفصل الرابع في تفسير ما يقوله الناقوس و في رفعه ع إلى السماء باب في قصص أرميا و دانيال و عزير و بخت‏نصر باب في قصص يونس ع و فيه أحوال أبيه متى‏ باب في قصة أصحاب الكهف و الرقيم‏ باب في قصة أصحاب الأخدود و قصة جرجيس و قصة خالد بن سنان العبسي‏ باب ما ورد بلفظ نبي من الأنبياء و فيه ذكر نبي المجوس‏ خاتمة الكتاب في نوادر أخبار بني إسرائيل و أحوال بعض الملوك‏

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)


صفحه قبل

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 217

وَ عَفَّرَ خَدَّيْهِ فِي التُّرَابِ تَذَلُّلًا مِنْهُ لِرَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُوسَى وَ مُرَّ يَدَكَ عَلَى مَوْضِعِ سُجُودِكَ وَ امْسَحْ بِهَا وَجْهَكَ وَ مَا نَالَتْهُ مِنْ بَدَنِكَ فَإِنَّهُ أَمَانٌ مِنْ كُلِّ سُقْمٍ وَ دَاءٍ وَ آفَةٍ وَ عَاهَةٍ

وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مُوسَى ع أَ تَدْرِي لِمَ اصْطَفَيْتُكَ بِكَلَامِي دُونَ خَلْقِي فَقَالَ مُوسَى لَا يَا رَبِّ فَقَالَ يَا مُوسَى إِنِّي قَلَّبْتُ عِبَادِي ظَهْراً لِبَطْنٍ فَلَمْ أَجِدْ أَحَداً فِيهِمْ أَذَلَّ لِي مِنْكَ نَفْساً يَا مُوسَى إِنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ وَضَعْتَ خَدَّيْكَ عَلَى التُّرَابِ‏

وَ رُوِيَ‏ أَنَّ مُوسَى ع كَانَ إِذَا صَلَّى لَمْ يَنْفَتِلْ حَتَّى يُلْصِقَ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ بِالْأَرْضِ وَ الْأَيْسَرِ

أقول هذا الوضع على التراب بعد الصلاة هو سجدة الشكر الذي قال به علماؤنا و نطقت به أخبارنا و شنع المخالفون به علينا تشنيعا شنيعا و قالوا إن سجدة الشكر من مبتدعات اليهود و الرافضة و

رَوَوْا فِي أَخْبَارِهِمْ‏ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ سَجَدَ سَجْدَةَ الشُّكْرِ فِي الْإِسْلَامِ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَمَّا أُمِرَ بِالْمَبِيتِ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ ص لَيْلَةَ الْغَارِ

تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ‏ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا يَقُولُونَ لَيْسَ لِمُوسَى مَا لِلرِّجَالِ وَ كَانَ مُوسَى ع إِذَا أَرَادَ الِاغْتِسَالَ ذَهَبَ إِلَى مَوْضِعٍ لَا يَرَاهُ فِيهِ أَحَدٌ وَ كَانَ يَوْماً يَغْتَسِلُ عَلَى شَطِّ نَهَرٍ وَ قَدْ وَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَةٍ فَأَمَرَ اللَّهُ الصَّخْرَةَ فَتَبَاعَدَتْ عَنْهُ حَتَّى نَظَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَيْهِ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ كَمَا قَالُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى‏ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا الْآيَةِ

قال أمين الإسلام الطبرسي اختلفوا فيما آذوا به موسى ع على أقوال أحدها

أَنَّ مُوسَى وَ هَارُونَ ع صَعِدَا الْجَبَلَ فَمَاتَ هَارُونُ فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنْتَ قَتَلْتَهُ فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَحَمَلَتْهُ حَتَّى مَرُّوا بِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ تَكَلَّمَتِ الْمَلَائِكَةُ بِمَوْتِهِ حَتَّى عَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ.

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 218

رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ ع وَ ابْنِ عَبَّاسٍ‏

. و ثانيها

أَنَّ مُوسَى ع كَانَ جُنُباً يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ فَقَالُوا مَا يَتَسَتَّرُ مِنَّا إِلَّا لِعَيْبِ بِجِلْدِهِ إِمَّا بَرَصٍ وَ إِمَّا أُدْرَةٍ فَذَهَبَ مَرَّةً لِيَغْتَسِلَ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَمَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ فَطَلَبَهُ مُوسَى فَرَآهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ عُرْيَاناً كَأَحْسَنِ الرِّجَالِ خَلْقاً فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً

. و قال قوم إن ذلك لا يجوز لأن فيها اشتهار النبي و إبداء سوءته على رءوس الأشهاد و ذلك ينفر عنه. و ثالثها

أَنَّ قَارُونَ اسْتَأْجَرَ مُومِسَةً لِتَقْذِفَ مُوسَى ع بِنَفْسِهَا عَلَى رُءُوسِ الْمَلَأِ فَعَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ‏ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ

. و رابعها

أَنَّهُمْ آذَوْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ نَسَبُوهُ إِلَى السِّحْرِ وَ الْجُنُونِ وَ الْكَذِبِ بَعْدَ مَا رَأَوْا الْآيَاتِ‏ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ‏

انتهى. و أما السيد قدس الله ضريحه فقد رد الثاني بأنه ليس يجوز أن يفعل الله تعالى بنبيه ما ذكروه من هتك العورة لتنزيهه عن عاهة أخرى فإنه تعالى قادر أن ينزهه مما قذفوه به على وجه لا يلحقه معه فضيحة أخرى و ليس يرمي بذلك أنبياء الله من يعرف أقدارهم. ثم قال و الذي روي في ذلك من الصحيح معروف و ذكر الوجه الأول. و قال جماعة من أهل الحديث لا استبعاد فيه بعد ورود الخبر الصحيح و إن رؤيتهم له على ذلك الوضع الذي لم يتعمده موسى ع و لم يعلم أن أحدا ينظر إليه أم لا و أن مشيه عريانا لتحصيل ثيابه مضافا إلى تبعيده عما نسبوه إليه ليس من المنفرات‏

وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع‏ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ مُوسَى أَمْ هَارُونُ قَالَ هَارُونُ مَاتَ قَبْلَ مُوسَى ص وَ سُئِلَ أَيُّهُمَا كَانَ أَكْبَرَ قَالَ هَارُونُ وَ كَانَ اسْمُ ابْنَيْ هَارُونَ شَبَراً وَ شَبِيراً وَ تفسيرهما بِالْعَرَبِيَّةِ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ‏

وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَ مُوسَى وَ عِيسَى ص‏ 2

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 219

فَأَمَّا مُوسَى فَرَجُلٌ طُوَالٌ سَبِطُ يُشْبِهُ رِجَالَ الزُّطِّ وَ رِجَالَ أَهْلِ شَيْوَةَ وَ أَمَّا عِيسَى فَرَجُلٌ أَحْمَرُ جَعْدٌ رَبِعَةٌ ثُمَّ سَكَتَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِبْرَاهِيمُ قَالَ فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ يَعْنِي نَفْسَهُ ص‏

الفصل الثاني في أحوال موسى ع من حين ولادته إلى نبوته‏

تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ إِنَّ مُوسَى ع لَمَّا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا إِلَّا عِنْدَ وَضْعِهِ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ قَدْ وَكَّلَ بِنِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ نِسَاءً مِنَ الْقِبْطِ يَحْفَظْنَهُنَّ وَ لِذَلِكَ لَمَّا كَانَ بَلَغَهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ يَلِدُ فِينَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ يَكُونُ هَلَاكُ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابِهِ عَلَى يَدَيْهِ فَقَالَ فِرْعَوْنُ عِنْدَ ذَلِكَ لَأَقْتُلَنَّ ذُكُورَ أَوْلَادِهِمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مَا يُرِيدُونَ وَ فَرَّقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ حَبَسَ الرِّجَالَ فِي الْمَحَابِسِ فَلَمَّا وَضَعَتْ أُمُّ مُوسَى بِمُوسَى نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَ اغْتَمَّتْ وَ قَالَتْ يُذْبَحُ السَّاعَةَ فَعَطَفَ اللَّهُ بِقَلْبِ الْمُوَكَّلَةِ بِهَا عَلَيْهِ فَقَالَتْ لِأُمٍّ مُوسَى مَا لَكِ قَدْ اصْفَرَّ لَوْنُكِ فَقَالَتْ أَخَافُ أَنْ يَذْبَحَ وَلَدِي فَقَالَتْ لَا تَخَافِي وَ كَانَ مُوسَى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا أَحَبَّهُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ‏ وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي‏ فَأَحَبَّتْهُ الْقِبْطِيَّةُ الْمُوَكَّلَةُ بِهِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى أُمِّ مُوسَى التَّابُوتَ وَ نُودِيَتْ ضَعِيهِ‏ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ‏ وَ هُوَ الْبَحْرُ وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ‏ فَوَضَعَتْهُ فِي التَّابُوتِ وَ أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ وَ أَلْقَتْهُ فِي النِّيلِ وَ كَانَ لِفِرْعَوْنَ قُصُورٌ عَلَى شَطِّ النِّيلِ مُتَنَزَّهَاتٍ فَنَظَرَ مِنْ قَصْرِهِ وَ مَعَهُ آسِيَةُ امْرَأَتُهُ إِلَى سَوَادٍ فِي النِّيلِ تَرْفَعُهُ الْأَمْوَاجُ وَ تَضْرِبُهُ الرِّيَاحُ حَتَّى جَاءَتْ بِهِ إِلَى قَصْرِ فِرْعَوْنَ وَ أَمَرَ فِرْعَوْنُ بِأَخْذِهِ فَأُخِذَ التَّابُوتُ وَ دُفِعَ إِلَيْهِ وَ لَمَّا فَتَحَهُ وَجَدَ فِيهِ صَبِيّاً فَقَالَ هَذَا إِسْرَائِيلِيٌّ فَأَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ فِرْعَوْنَ لِمُوسَى مَحَبَّةً شَدِيدَةً وَ كَذَلِكَ فِي قَلْبِ آسِيَةَ وَ أَرَادَ فِرْعَوْنُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَالَتْ آسِيَةُ لا تَقْتُلُوهُ عَسى‏ أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 220

وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ‏ أَنَّهُ مُوسَى وَ لَمْ يَكُنْ لِفِرْعَوْنَ وَلَدٌ فَقَالَ الْتَمِسُوا لَهُ ظِئْراً تُرَبِّيهِ فَجَاءُوا بِعِدَّةِ نِسَاءٍ قَدْ قَتَلَ أَوْلَادَهُمْ فَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَ أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ‏ وَ حَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ‏ وَ بَلَغَ أُمَّهُ أَنَّ فِرْعَوْنَ قَدْ أَخَذَهُ فَحَزِنَتْ ثُمَّ قَالَتْ لِأُخْتِ مُوسَى‏ قُصِّيهِ‏ أَيْ اتَّبِعِيهِ فَجَاءَتْ أُخْتُهُ إِلَيْهِ‏ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ‏ أَيْ مِنْ بَعْدُ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ‏ فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلْ مُوسَى ثَدْيَ أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ اغْتَمَّ فِرْعَوْنُ غَمّاً شَدِيداً فَقالَتْ‏ أُخْتُهُ‏ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى‏ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَ هُمْ لَهُ ناصِحُونَ‏ فَقَالُوا نَعَمْ فَجَاءَتْ بِأُمِّهِ فَلَمَّا أَخَذَتْهُ بِحَجْرِهَا وَ أَلْقَمَتْهُ ثَدْيَهَا الْتَقَمَهُ وَ شَرِبَ فَفَرِحَ فِرْعَوْنُ وَ أَهْلُهُ وَ أَكْرَمُوا أُمَّهُ فَقَالُوا لَهَا رَبِّيهِ لَنَا فَإِنَّا نَفْعَلُ بِكَ وَ نَفْعَلُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ‏ فَرَدَدْناهُ إِلى‏ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ‏ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ يَقْتُلُ أَوْلَادَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلَّمَا يَلِدُونَ وَ يُرَبِّي مُوسَى وَ يُكْرِمُهُ وَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ هَلَاكَهُ عَلَى يَدَيْهِ وَ لَمَّا دَرَجَ مُوسَى كَانَ يَوْماً عِنْدَ فِرْعَوْنَ فَعَطَسَ فَقَالَ‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَ لَطَمَهُ وَ قَالَ مَا هَذَا الَّذِي تَقُولُ فَوَثَبَ مُوسَى عَلَى لِحْيَتِهِ وَ كَانَ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ فَهَبَلَهَا أَيْ قَلَعَهَا فَهَمَّ فِرْعَوْنُ بِقَتْلِهِ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ غُلَامٌ حَدَثٌ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ فَقَالَ فِرْعَوْنُ بَلْ يَدْرِي فَقَالَتْ لَهُ ضَعْ بَيْنَ يَدَيْكَ تَمْراً وَ جَمْراً فَإِنْ مَيَّزَ بَيْنَ التَّمْرِ وَ الْجَمْرِ فَهُوَ الَّذِي تَقُولُ فَوَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَمْراً وَ جَمْراً فَقَالَ لَهُ كُلْ فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى التَّمْرِ فَجَاءَ جَبْرَئِيلُ ع فَصَرَفَهَا إِلَى الْجَمْرِ فَأَخَذَ الْجَمْرَ فَاحْتَرَقَ لِسَانُهُ وَ صَاحَ وَ بَكَى فَقَالَتْ آسِيَةُ لِفِرْعَوْنَ أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّهُ لَا يَعْقِلُ فَعَفَا عَنْهُ فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع فَكَمْ مَكَثَ مُوسَى غَائِباً عَنْ أُمِّهِ حَتَّى رَدَّهُ اللَّهُ عَلَيْهَا قَالَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْأَحْكَامِ وَ الْقَضَاءِ وَ الْأَمْرِ وَ النَّهْيِ أَ كَانَ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا قَالَ كَانَ مُوسَى الَّذِي يُنَاجِي رَبَّهُ وَ يَكْتُبُ الْعِلْمَ وَ يَقْضِي بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ هَارُونُ يَخْلُفُهُ إِذَا غَابَ عَنْ قَوْمِهِ لِلْمُنَاجَاةِ قُلْتُ فَأَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ قَالَ مَاتَ هَارُونُ قَبْلَ مُوسَى وَ مَاتَا جَمِيعاً فِي التِّيهِ قُلْتُ أَ وَ كَانَ لِمُوسَى وَلَدٌ قَالَ لَا كَانَ الْوَلَدُ لِهَارُونَ قَالَ فَلَمْ يَزَلْ مُوسَى عِنْدَ فِرْعَوْنَ فِي إِكْرَامِهِ حَتَّى بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَ كَانَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ مَا يَتَكَلَّمُ مِنَ التَّوْحِيدِ حَتَّى هَمَّ بِهِ فَخَرَجَ مُوسَى مِنْ عِنْدِهِ وَ دَخَلَ مَدِينَةً مِنْ مَدَائِنِ فِرْعَوْنَ فَإِذَا رَجُلَانِ يَقْتَتِلَانِ أَحَدُهُمَا يَقُولُ بِقَوْلِ مُوسَى وَ الْآخَرُ

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 221

يَقُولُ بِقَوْلِ فِرْعَوْنَ فَجَاءَ مُوسَى فَوَكَزَ صَاحِبَهُ وَ قَضَى عَلَيْهِ وَ تَوَارَى فِي الْمَدِينَةِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ آخَرُ فَتَشَبَّثَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يَقُولُ بِقَوْلِ مُوسَى فَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى فَلَمَّا نَظَرَ صَاحِبُهُ إِلَى مُوسَى قَالَ لَهُ‏ أَ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ‏ فَخَلَّى سَبِيلَهُ وَ هَرَبَ وَ كَانَ خَازِنُ فِرْعَوْنَ مُؤْمِناً بِمُوسَى قَدْ كَتَمَ إِيمَانَهُ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ وَ هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ‏ الْآيَةِ وَ بَلَغَ فِرْعَوْنَ خَبَرُ قَتْلِ مُوسَى الرَّجُلَ فَطَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ فَبَعَثَ الْمُؤْمِنُ إِلَى مُوسَى‏ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ‏ أَيْ يَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَ يَسْرَةً وَ مَرَّ نَحْوَ مَدْيَنَ وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَدْيَنَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ مَدْيَنَ رَأَى بِئْراً يُسْتَقَى مِنْهَا لِأَغْنَامِهِمْ فَقَعَدَ نَاحِيَةً وَ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ شَيْئاً فَنَظَرَ إِلَى جَارِيَتَيْنِ فِي نَاحِيَةٍ وَ مَعَهُمَا غُنَيْمَاتٌ لَا تَدْنُوَانِ مِنَ الْبِئْرِ فَقَالَ لَهُمَا مَا بَالُكُمَا لَا تَسْتَقِيَانِ فَقَالَتَا حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَ أَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَرَحِمَهُمَا مُوسَى وَ دَنَا مِنَ الْبِئْرِ فَقَالَ لِمَنْ عَلَى الْبِئْرِ اسْتَسْقِي لِي دَلْواً وَ لَكُمْ دَلْواً وَ كَانَ الدَّلْوُ يُمِدُّهُ عَشْرَةُ رِجَالٍ فَاسْتَسْقَى وَحْدَهُ دَلْواً لِابْنَتَيْ شُعَيْبٍ وَ سَقَى أَغْنَامَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِ‏ فَقَالَ‏ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ وَ اللَّهِ مَا سَأَلَ إِلَّا خُبْزاً يَأْكُلُهُ بِبَقْلَةِ الْأَرْضِ وَ لَقَدْ رَأَوْا خُضْرَةَ الْبَقْلِ فِي صِفَاقِ بَطْنِهِ مِنْ هُزَالِهِ فَلَمَّا رَجَعَتْ ابْنَتَا شُعَيْبٍ قَالَ لَهُمَا أَسْرَعْتُمَا الرُّجُوعَ فَأَخْبَرَتَاهُ بِقِصَّةِ مُوسَى وَ لَمْ تَعْرِفَاهُ فَقَالَ شُعَيْبٌ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ اذْهَبِي إِلَيْهِ فَادْعِيهِ لِنَجْزِيَهُ أَجْرَ مَا سَقَى لَنَا فَجَاءَتْ إِلَيْهِ‏ تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ فَقَالَتْ لَهُ‏ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَقَامَ مُوسَى مَعَهَا فَسَفَقَتْهَا الرِّيَاحُ فَبَانَ عَجُزُهَا فَقَالَ لَهَا مُوسَى تَأَخَّرِي وَ دُلِّينِي عَلَى الطَّرِيقِ فَأَنَا مِنْ قَوْمٍ لَا يَنْظُرُونَ فِي أَدْبَارِ النِّسَاءِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى شُعَيْبٍ قَصَّ إِلَيْهِ قِصَّتَهُ فَقَالَ شُعَيْبٌ‏ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ‏ قَالَتْ إِحْدَى بَنَاتِ شُعَيْبٍ‏ يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ‏ فَقَالَ لَهَا شُعَيْبٌ أَمَّا قُوَّتُهُ فَقَدْ عَرَفْتِيهِ بِسَقْيِ الدَّلْوِ وَحْدَهُ فَبِمَ عَرَفْتِ أَمَانَتَهُ فَقَالَتْ إِنَّهُ قَالَ لِي تَأَخَّرِي عَنِّي فَأَنَا مِنْ قَوْمٍ لَا يَنْظُرُونَ فِي أَدْبَارِ النِّسَاءِ فَهَذِهِ أَمَانَتُهُ فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ‏ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى‏ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ‏

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 222

عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ‏ فَقَالَ لَهُ مُوسَى‏ ذلِكَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ‏ فَلَا سَبِيلَ عَلَيَّ ثُمَّ إِنَّهُ أَتَمَّ عَشْراً قُلْتُ فَالرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَ يَشْتَرِطُ لِأَبِيهَا إِجَارَةَ شَهْرَيْنِ أَ يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ مُوسَى ع عَلِمَ أَنَّهُ يُتِمُّ بِشَرْطِهِ فَكَيْفَ لِهَذَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى يَفِيَ‏ فَلَمَّا قَضى‏ مُوسَى الْأَجَلَ‏ قَالَ لَا بُدَّ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى وَطَنِي وَ أُمِّي وَ أَهْلِ بَيْتِي فَمَا لِي عِنْدَكَ قَالَ شُعَيْبٌ مَا وَضَعَتْ أَغْنَامِي فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ بُلْقٍ فَهُوَ لَكَ فَعَمَدَ مُوسَى عِنْدَ مَا أَرَادَ أَنْ يُرْسِلَ الْفَحْلَ عَلَى الْغَنَمِ إِلَى عَصَاهُ فَقَشَرَ مِنْهَا بَعْضَهَا وَ تَرَكَ بَعْضَهَا وَ غَرَزَهَا فِي وَسَطِ مَرْبِضِ الْغَنَمِ وَ أَلْقَى عَلَيْهَا كِسَاءً أَبْلَقَ ثُمَّ أَرْسَلَ الْفَحْلَ عَلَى الْغَنَمِ فَلَمْ تَضَعِ الْغَنَمُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَّا بُلْقاً فَلَمَّا حَانَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ حَمَلَ مُوسَى امْرَأَتَهُ وَ زَوَّدَهُ شُعَيْبٌ مِنْ عِنْدِهِ وَ سَاقَ غَنَمَهُ فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ قَالَ لِشُعَيْبٍ أَعْطِنِي عَصًا تَكُونُ مَعِي وَ كَانَ عَصَا الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَهُ قَدْ وَرِثَهَا مَجْمُوعَةُ فِي بَيْتٍ فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ ادْخُلْ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَ خُذْ عَصًا مِنْ بَيْنِ تِلْكَ الْعِصِيِّ فَدَخَلَ فَوَثَبَتْ عَلَيْهِ عَصَا نُوحٍ وَ إِبْرَاهِيمَ ص وَ صَارَتْ فِي كَفِّهِ فَأَخْرَجَهَا وَ نَظَرَ إِلَيْهَا شُعَيْبٌ فَقَالَ رُدَّهَا وَ خُذْ غَيْرَهَا فَوَثَبَتْ إِلَيْهِ تِلْكَ الْعَصَا بِعَيْنِهَا حَتَّى فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا رَأَى شُعَيْبٌ ذَلِكَ قَالَ لَهُ اذْهَبْ بِهَا فَقَدْ خَصَّكَ اللَّهُ بِهَا فَخَرَجَ يُرِيدُ مِصْرَ فَلَمَّا صَارَ فِي مَفَازَةٍ وَ مَعَهُ أَهْلُهُ أَصَابَهُمْ بَرْدٌ شَدِيدٌ وَ رِيحٌ وَ ظُلْمَةٌ وَ قَدْ جَنَّهُمُ اللَّيْلُ وَ نَظَرَ مُوسَى إِلَى نَارٍ قَدْ ظَهَرَتْ فَأَقْبَلَ نَحْوَ النَّارِ فَإِذَا شَجَرَةٌ وَ نَارٌ تَلْتَهِبُ عَلَيْهَا فَلَمَّا ذَهَبَ إِلَى النَّارِ يَقْتَبِسُ مِنْهَا أَهْوَتْ إِلَيْهِ فَفَزِعَ وَ عَدَا وَ رَجَعَتِ النَّارُ إِلَى الشَّجَرَةِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهَا وَ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا وَ رَجَعَ الثَّانِيَةَ لِيَقْتَبِسَ فَأَهْوَتْ نَحْوَهُ فَعَدَا وَ تَرَكَهَا ثُمَّ الْتَفَتَ وَ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى الشَّجَرَةِ فَرَجَعَ إِلَيْهَا الثَّالِثَةَ فَأَهْوَتْ نَحْوَهُ فَعَدَا وَ لَمْ يَرْجِعْ فَنَادَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ‏ يا مُوسى‏ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ‏ قَالَ مُوسَى فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ‏ وَ ما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى‏ قالَ هِيَ عَصايَ‏ قَالَ أَلْقِهَا فَأَلْقَاهَا فَصَارَتْ حَيَّةً فَفَزِعَ مِنْهَا مُوسَى وَ عَدَا فَنَادَاهُ اللَّهُ‏ خُذْها ... وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ‏ وَ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ سُمْرَةٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَى كَانَ شَدِيدَ السُّمْرَةِ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ فَأَضَاءَتْ لَهُ الدُّنْيَا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَذَلِكَ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَ مَلَئِهِ فَقَالَ مُوسَى ع‏ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَ أَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ‏

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 223

مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ‏

الْكَافِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ كُنْ لِمَا تَرْجُو أَرْجَى مِنْكَ لِمَا لَا تَرْجُو فَإِنَّ مُوسَى ع ذَهَبَ يَقْتَبِسُ نَاراً فَانْصَرَفَ مِنْهَا وَ هُوَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ‏

عُيُونِ الْأَخْبَارِ فِي حَدِيثِ ابْنِ الْجَهْمِ قَالَ‏ سَأَلَ الْمَأْمُونُ الرِّضَا ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَوَكَزَهُ مُوسى‏ فَقَضى‏ عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ‏ قَالَ الرِّضَا ع إِنَّ مُوسَى ع دَخَلَ مَدِينَةً مِنْ مَدَائِنِ فِرْعَوْنَ‏ عَلى‏ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها وَ ذَلِكَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَ هذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ‏ فَقَضَى مُوسَى عَلَى الْعَدُوِّ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏ فَوَكَزَهُ‏ فَمَاتَ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الِاقْتِتَالِ الَّذِي كَانَ وَقَعَ بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ لَا مَا فَعَلَهُ مُوسَى ع مِنْ قَتْلِهِ‏ إِنَّهُ‏ يَعْنِي الشَّيْطَانَ‏ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ‏ قَالَ الْمَأْمُونُ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ مُوسَى‏ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي‏ قَالَ يَقُولُ إِنِّي وَضَعْتُ نَفْسِي غَيْرَ مَوْضِعِهَا بِدُخُولِي هَذِهِ الْمَدِينَةَ فَاغْفِرْ لِي‏ أَيْ اسْتُرْنِي مِنْ أَعْدَائِكَ لِئَلَّا يَظْفَرُوا بِي فَيَقْتُلُونِي‏ فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قالَ‏ مُوسَى ع‏ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَ‏ مِنَ الْقُوَّةِ حَتَّى قَتَلْتُ رَجُلًا بِوَكْزَةٍ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ‏ بَلْ أُجَاهِدُ فِي سَبِيلِكَ بِهَذِهِ الْقُوَّةِ حَتَّى تَرْضَى‏ فَأَصْبَحَ‏ مُوسَى‏ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ‏ عَلَى آخَرَ قالَ لَهُ مُوسى‏ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ‏ قَاتَلْتَ رَجُلًا بِالْأَمْسِ وَ تُقَاتِلُ هَذَا الْيَوْمَ لَأُؤَدِّبَنَّكَ وَ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما وَ هُوَ مِنْ شِيعَتِهِ‏ قالَ يا مُوسى‏ ... تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ [إِلَّا] أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَ ما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ‏ قَالَ الْمَأْمُونُ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً يَا أَبَا الْحَسَنِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ‏ فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ‏ قَالَ الرِّضَا ع إِنَّ فِرْعَوْنَ قَالَ لِمُوسَى لَمَّا أَتَاهُ‏ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ‏ قَالَ مُوسَى ع‏ فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ‏ عَنِ الطَّرِيقِ بِوُقُوعِي إِلَى مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِكَ‏ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ‏ الْخَبَرَ

صفحه بعد