کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

السقيفة و فدك


صفحه قبل

السقيفة و فدك، ص: 88

قال الشعبى: و قدم طلحة من الشام بعد ما بويع عثمان، فقيل له: رد هذا الأمر حتى ترى فيه رأيك، فقال: و اللّه لو بايعتم شركم لرضيت، فكيف و قد بايعتم خيركم، قال: ثم عدا عليه بعد ذلك و صاحبه حتى قتلاه، ثم زعما انهما يطلبان بدمه.

قال الشعبي: فأما ما يذكره الناس من المناشدة، و قول عليّ عليه السلام، الشورى: أ فيكم أحد قال له رسول الله صلى اللّه عليه و آله و سلم كذا، فانه لم يكن يوم البيعة، و إنما كان بعد ذلك بقليل، دخل عليّ عليه السلام على عثمان و عنده جماعة من الناس، منهم أهل الشورى، و قد كان بلغه عنهم هنات و قوارص، فقال لهم: أفيكم أفيكم، كل ذلك يقولون لا قال: لكني أخبركم عن أنفسكم، أما أنت يا عثمان ففررت يوم حنين، و توليت يوم التقى الجمعان، و أما أنت يا طلحة فقلت: إن مات محمد لتركضن بين خلاخيل نسائه كما ركض بين خلاخيل نسائنا، و أما أنت يا عبد الرحمن، فصاحب قراريط، و أما أنت يا سعد فتدق عن أن تذكر.

قال: ثم خرج فقال عثمان: أما كان فيكم أحد يردّ عليه قالوا: و ما منعك من ذلك و أنت أمير المؤمنين، و تفرّقوا.

قال عوانة 146 : قال اسماعيل: قال الشعبي: فحدثني عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه جندب ابن عبد اللّه الأزدي، قال‏ : كنت جالسا بالمدينة حيث بويع عثمان، فجئت فجلست الى المقداد بن عمرو، فسمعته يقول: و اللّه ما رأيت مثل ما أتى الى أهل هذا البيت، و كان عبد الرحمن بن عوف جالسا فقال:

السقيفة و فدك، ص: 89

و ما أنت و ذاك يا مقداد، قال المقداد: اني و اللّه أحبهم لحب رسول الله صلى اللّه عليه و آله، و إني لأعجب من قريش و تطاولهم على الناس بفضل رسول اللّه، ثم انتزاعهم سلطانه من أهله، قال عبد الرحمن: أما و اللّه لقد أجهدت نفسي لكم، قال المقداد: أما و اللّه لقد تركت رجلا من الذين يأمرون‏ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ‏ ، أما و اللّه لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي اياهم ببدر و أحد، فقال عبد الرحمن، ثكلتك أمك، لا يسمعن هذا الكلام الناس، فإني أخاف أن تكون صاحب فتنة و فرقة.

قال المقداد: ان من دعا الى الحق و أهله و ولاة الأمر لا يكون صاحب فتنة، و لكن من أقحم الناس في الباطل، و آثر الهوى على الحق، فذلك صاحب الفتنة و الفرقة.

قال: فتربد وجه عبد الرحمن ثم قال: لو أعلم انك أياي تعني لكان لي و لك شأن.

قال المقداد: أياي تهدد يا ابن ام عبد الرحمن، ثم قام عن عبد الرحمن فانصرف.

قال جندب بن عبد اللّه: فاتبعته و قلت له: يا عبد اللّه، أنا من اعوانك، فقال: رحمك اللّه، أن هذا الأمر لا يغنى فيه الرجلان و لا الثلاثة، قال: فدخلت من فوري ذلك على عليّ عليه السلام، فلما جلست اليه قلت: يا أبا الحسن، و اللّه ما أصاب قومك بصرف هذا الأمر عنك، فقال: صبر جَمِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ‏ فقلت: و اللّه انك لصبور قال: فان لم أصبر فماذا أصنع قلت: اني جلست الى المقداد ابن عمرو آنفا و عبد الرحمن بن عوف، فقالا كذا و كذا، ثم قام المقداد فاتّبعته، فقلت له كذا، فقال لي كذا، فقال عليّ عليه السلام، لقد صدق المقداد فما أصنع، فقلت: تقوم في الناس فتدعوهم الى نفسك، و تخبرهم انك اولى بالنبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم، و تسألهم النصر على هؤلاء المظاهرين‏

السقيفة و فدك، ص: 90

عليك، فان أجابك عشرة من مائة شددت بهم على الباقين، فان دانوا لك فذاك، و إلا قاتلتهم و كنت أولى بالعذر، قتلت أو بقيت، و كنت أعلى عند اللّه حجة.

فقال: أ ترجوا يا جندب أن يباعني من كل عشرة واحد، قلت: أرجوا ذلك قال: لكني لا ارجو ذلك، لا و اللّه و لا من المائة واحد، و سأخبرك أن الناس انما ينظرون الى قريش فيقولون: هم قوم محمد و قبيله، و أما قريش بينها فتقول:

أن آل محمد يرون لهم على الناس بنبوته فضلا، و يرون انهم اولياء هذا الأمر دون قريش، و دون غيرهم من الناس، و هم ان ولوه لم يخرج السلطان منهم الى أحد أبدا، و متى كان في غيرهم تداولته قريش بينها، لا و اللّه لا يدفع الناس الينا هذا الأمر طائعين أبدا.

قلت: جعلت فداك يا ابن عم رسول اللّه، لقد صدعت قلبي بهذا القول، أفلا ارجع الى المصر، فأؤذن الناس بمقالتك، و أدعو الناس اليك، فقال: يا جندب ليس هذا زمان ذاك.

قال: فانصرفت الى العراق فكنت اذكر فضل عليّ على الناس فلا أعدم رجلا يقول لي ما اكره، و أحسن ما أسمعه قول من يقول: دع عنك هذا و خذ فيما ينفعك، فأقول: إن هذا مما ينفعني و ينفعك، فيقوم عني و يدعني. حتى رفع ذلك من قولي الى الوليد بن عقبة، ايام ولينا، فبعث الي فحبسني حتى كلّم فيّ، فخلى سبيلي.

و نادى عمار بن ياسر ذلك اليوم: يا معشر المسلمين، انا قد كنا و ما كنا نستطيع الكلام، قلة و ذلة، فأعزنا اللّه بدينه، و أكرمنا برسوله، ف الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* ، يا معشر قريش، الى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم، تحولونه هاهنا مرة، و هاهنا مرة، و ما أنا آمن أن ينزعه اللّه منكم، و يضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله، و وضعتموه في غير أهله.

فقال له هاشم بن الوليد بن المغيرة: يا ابن سمية، لقد عدوت طورك و ما عرفت قدرك، ما أنت و ما رأت قريش لأنفسها، إنك لست في شي‏ء من أمرها و إمارتها فتنح عنها.

السقيفة و فدك، ص: 91

و تكلمت قريش بأجمعها، فصاحوا بعماد و انتهروه؛ فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* ، ما زال أعوان الحق اذلاء، ثم قام فانصرف‏ 147 .

حدثني عمر بن شبه، عن عليّ بن محمد، عن قتادة ، قال: كان المغيرة بن شعبة- و هو أمير البصرة- يختلف الى امرأة من ثقيف، يقال لها: الرقطاء، فلقيه ابو بكرة يوما فقال له: اين تريد قال: أذكروا آل فلان، فأخذ بتلابيبه و قال: إن الأمير يزار و لا يزور.

و كانت المرأة التي يأتيها جارة لأبي بكرة فقال: فبينا أبو بكرة في غرفة له مع أخويه، نافع و زياد و رجل آخر يقال له: شبل بن معبد، و كانت غرفة جارته تلك محاذية غرفة أبي بكرة فضربت الريح باب غرفة المرأة، ففتحته، فنظر القوم فاذا هم بالمغيرة ينكحها، فقال أبو بكرة: هذه بلية قد ابتليتم بها، فانظروا، فنظروا حتى أثبتوا، فنزل أبو بكرة، فجلس حتى خرج عليه المغيرة، من بيت المرأة، فقال له أبو بكرة: إنه قد كان من أمرك ما قد علمت، فاعتزلنا، فذهب المغيرة و جاء ليصلي بالناس الظهر، فمنعه أبو بكرة و قال: لا و اللّه لا تصلّي بنا، و قد فعلت ما فعلت، فقال الناس: دعوه فليصلّ، انه الأمير و اكتبوا الى عمر، فكتبوا اليه، فورد كتابه أن يقدموا عليه جميعا، المغيرة و الشهود.

فبعث عمر بأبي موسى، و عزم عليه ألا يضع كتابه من يده حتى يرحّل المغيرة، فخرج أبو موسى حتى صلى صلاة الغداة بظهر المربد 148 و أقبل انسان فدخل على المغيرة، فقال: اني رأيت أبا موسى قد دخل المسجد الغداة، و عليه برنس، و ها هو في جانب المسجد، فقال المغيرة: إنه لم يأت زائرا و لا تاجرا.

و جاء أبو موسى حتى دخل على المغيرة و معه صحيفة مل‏ء يده فلما رآه قال:

السقيفة و فدك، ص: 92

أمير فأعطاه أبو موسى الكتاب، فلما ذهب يتحرك عن سريره قال له: مكانك تجهز ثلاثا. و قال آخرون: إن أبا موسى أمره أن يرحل من وقته، فقال المغيرة: قد علمت ما وجهت له، فالا تقدمت و صلّيت، فقال: ما أنا و أنت في هذا الأمر إلا سواء، فقال المغيرة: إني أحب أن اقيم ثلاثا لأتجهز. فقال أبو موسى: قد عزم أمير المؤمنين ألا اضع عهدي من يدي، اذ قرأته حتى ارحلك اليه، قال: ان شئت شفعتني، و أبررت قسم امير المؤمنين بأن تؤجلني الى الظهر، و تمسك الكتاب في يدك.

فلقد رئي أبو موسى مقبلا و مدبرا، و إن الكتاب في يده معلق بخيط، فتجهز المغيرة، و بعث الى أبي موسى بعقيلة، جارية عربية من سبي اليمامة، من بني حنيفة، و يقال: انها مولدة الطائف، و معها خادم، و سار المغيرة حين صلى الظهر، حتى قدم على عمر.

قال أبو زيد عمربن شبة: فجلس له عمر و دعا به و بالشهود، فتقدم أبو بكرة فقال: أرأيته بين فخذيها قال: نعم و اللّه، لكأني أنظر الى تشريم جدري بفخذيها، قال المغيرة: لقد ألطفت النظر، قال أبو بكرة: لم آل أن اثبت ما يخزيك اللّه به، فقال عمر: لا و اللّه حتى تشهد. لقد رأيته يلج فيها كما يلج المرود في المكحلة، قال: نعم أشهد على ذلك، فقال عمر: اذهب عنك مغيرة، ذهب ربعك.

ثم دعا نافعا فقال: علام تشهد قال: على مثل شهادة أبي بكرة، فقال عمر: لا حتى تشهد إنك رأيته يلج فيها ولوج المرود في المكحلة، قال نعم: حتى بلغ قذذه‏ 149 فقال: اذهب عنك مغيرة، ذهب نصفك، ثم دعا الثالث، و هو شبل بن معبد فقال: علام تشهد قال: على مثل شهادة صاحبي، فقال: اذهب عنك مغيرة، ذهب ثلاثة ارباعك. قال: فجعل المغيرة يبكي الى المهاجرين، و بكى‏

السقيفة و فدك، ص: 93

الى امهات المؤمنين حتى بكين معه، قال: و لم يكن زياد حضر ذلك المجلس، فأمر عمر ان ينحي الشهود الثلاثة، و ألا يجالسهم أحد من أهل المدينة، و انتظر قدوم زياد، فلما قدم جلس في المسجد، و اجتمع رؤوس المهاجرين و الأنصار.

قال المغيرة: و كنت قد أعددت كلمة أقولها، فلما رأى عمر زيادا مقبلا، قال:

اني لأرى رجلا لن يخزي اللّه على لسانه رجلا من المهاجرين.

و في حديث أبي زيد عمربن شبة، عن السري، عن عبد الكريم بن رشيد، عن أبي عثمان الهندي، انه لما شهد الشاهد الأول عند عمر تغير الثالث لذلك لون عمر، ثم جاء الثاني فشهد، فانكسر لذلك انكسارا شديدا، ثم جاء فشهد، فكأنّ الرماد نثر على وجه عمر فلما جاء زياد، جاء شاب يخطر بيديه، فرفع عمر رأسه اليه و قال: ما عندك أنت يا سلح العقاب، و صاح أبو عثمان الهندي، صيحة تحكي صيحة عمر، قال عبد الكريم بن رشيد، لقد كدت أن يغشى عليّ لصحيته.

فكان المغيرة يحدث، قال: فقمت الى زياد فقلت: لا مخبأ لعطر بعد عروس يا زياد، اذكرك اللّه و اذكرك موقف القيامة و كتابه و رسوله، ان تتجاوز الى ما لم تر، ثم صمت، يا أمير المؤمنين أن هؤلاء قد احتقروا دمي فاللّه اللّه في دمي، قال: فتدفقت عينا زياد، و احمر وجهه و قال: يا أمير المؤمنين، أما ان أحق ما حق القوم، فليس عندي و لكني رأيت مجلسا قبيحا، و سمعت نفسا حثيثا، و انتهارا، و رأيته متبطّنها، فقال عمر: أرأيته يدخل و يخرج كالميل في المكحلة قال: لا.

و روي انه قال: رأيته رافعا برجليها، و رأيت خصيتيه مترددتين بين فخذيها، و سمعت حفزا شديدا، و سمعت نفسا عاليا، فقال عمر: أرأيته يدخله و يخرجه كالميل في المكحلة قال: لا. فقال عمر: اللّه اكبر. قم يا مغيرة اليهم فاضربهم، فجاء المغيرة الى ابي بكرة فضربه ثمانين و ضرب الباقين.

و روى قوم أن الضارب لهم الحد لم يكن المغيرة، و أعجب عمر قول زياد،

السقيفة و فدك، ص: 94

و درأ الحدّ عن المغيرة، فقال أبو بكرة بعد ان ضرب: أشهد ان المغيرة فعل كذا و كذا، فهمّ عمر بضربه فقال له عليّ عليه السلام: ان ضربته رجمت صاحبك، و نهاه عن ذلك.

فاستتاب عمر أبا بكرة فقال: انما تستتيبني لتقبل شهادتي، قال: أجل، قال: فإني لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا، قال: فلما ضربوا الحد قال المغيرة: اللّه اكبر، الحمد للّه الذي أخزاكم، فقال عمر: اسكت أخزى اللّه مكانا رأوك فيه.

و أقام أبو بكرة على قوله، و كان يقول: و اللّه ما أنسى قط فخذيها، و تاب الاثنان فقبل شهادتهما، و كان أبو بكرة بعد ذلك اذا طلب إلى شهادة قال: اطلبوا غيري، فإن زيادا أفسد عليّ شهادتي.

صفحه بعد