کتابخانه روایات شیعه
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
[قصة الحكمين]
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الثِّقَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَ أَنَا أَسْمَعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ: أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَرِيرِيُّ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ [مُحَمَّدِ] 2044 بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْرَفِيُّ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ هِشَامٍ النَّهْدِيُّ الْخَزَّازُ: قَالَ أَبُو الْفَضْلِ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ:
نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: : جَاءَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ قَدْ سَلُّوا سُيُوفَهُمْ وَاضِعِيهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَنْتَظِرُ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَنْ نَمْشِيَ إِلَيْهِمْ بِسُيُوفِنَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ: «قَدْ جَعَلْنَا حُكْمَ الْقُرْآنِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ وَ لَا يَحِلُّ قِتَالُهُمْ حَتَّى نَنْظُرَ بِمَ يَحْكُمُ الْقُرْآنُ».
قَالَ وَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَلِيٍّ أَمَّا بَعْدُ عَافَانَا اللَّهُ وَ إِيَّاكَ فَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تُجِيبَ إِلَى مَا فِيهِ صَلَاحُنَا وَ أُلْفَةٌ بَيْنَنَا وَ قَدْ فَعَلْتُ وَ أَنَا أَعْرِفُ حَقِّي وَ لَكِنْ
اشْتَرَيْتُ بِالْعَفْوِ صَلَاحَ الْأُمَّةِ وَ لَا أُكْثِرُ فَرَحاً بِشَيْءٍ جَاءَ وَ لَا ذَهَبَ 2045 وَ إِنَّمَا أَدْخَلَنِي فِي هَذَا الْأَمْرِ الْقِيَامُ بِالْحَقِّ فِيمَا بَيْنَ الْبَاغِي وَ الْمَبْغِيِّ عَلَيْهِ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَدَعَوْتُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ فَإِنَّهُ لَا يَجْمَعُنَا وَ إِيَّاكَ إِلَّا هُوَ نُحْيِي مَا أَحْيَا الْقُرْآنُ وَ نُمِيتُ مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ وَ السَّلَامُ.
وَ كَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَعِظُهُ وَ يُرْشِدُهُ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا مَشْغَلَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَ لَمْ يُصِبْ صَاحِبُهَا مِنْهَا شَيْئاً إِلَّا فَتَحَتْ لَهُ حِرْصاً يَزِيدُهُ فِيهَا رَغْبَةً وَ لَنْ يَسْتَغْنِيَ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ عَمَّا لَمْ يَبْلُغْهُ وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ وَ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ فَلَا تُحْبِطْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَجْرَكَ وَ لَا تُجَارِ مُعَاوِيَةَ فِي بَاطِلِهِ» فَأَجَابَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَا فِيهِ صَلَاحُنَا وَ أُلْفَتُنَا الْإِنَابَةُ إِلَى الْحَقِّ وَ قَدْ جَعَلْنَا الْقُرْآنَ حَكَماً بَيْنَنَا فَأَجَبْنَا إِلَيْهِ وَ صَبَّرَ الرَّجُلُ مِنَّا نَفْسَهُ عَلَى مَا حَكَمَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَ عَذَرَهُ النَّاسُ بَعْدَ الْمُحَاجَزَةِ وَ السَّلَامُ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الَّذِي أَعْجَبَكَ مِنَ الدُّنْيَا مِمَّا نَازَعَتْكَ إِلَيْهِ نَفْسُكَ وَ وَثِقْتَ بِهِ مِنْهَا لَمُنْقَلِبٌ عَنْكَ وَ مُفَارِقٌ لَكَ فَلَا تَطْمَئِنَّ إِلَى الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ وَ لَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَا مَضَى لَحَفِظْتَ مَا بَقِيَ وَ انْتَفَعْتَ بِمَا وُعِظْتَ بِهِ وَ السَّلَامُ».
فَأَجَابَهُ عَمْرٌو: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَنْصَفَ مَنْ جَعَلَ الْقُرْآنَ إِمَاماً وَ دَعَا النَّاسَ إِلَى أَحْكَامِهِ فَاصْبِرْ أَبَا حَسَنٍ وَ أَنَا غَيْرُ مُنِيلِكَ 2046 إِلَّا مَا أَنَالَكَ الْقُرْآنُ.
وَ جَاءَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى عَلِيِّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَرَى النَّاسَ إِلَّا وَ قَدْ رَضُوا وَ سَرَّهُمْ أَنْ يُجِيبُوا الْقَوْمَ إِلَى مَا دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ مِنْ حُكْمِ
الْقُرْآنِ فَإِنْ شِئْتَ أَتَيْتَ مُعَاوِيَةَ فَسَأَلْتَهُ مَا يُرِيدُ وَ نَظَرْتَ مَا الَّذِي يَسْأَلُ.
قَالَ: «ائْتِهِ إِنْ شِئْتَ» فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ لِأَيِّ شَيْءٍ رَفَعْتُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفَ؟ قَالَ: لِنَرْجِعَ نَحْنُ وَ أَنْتُمْ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ 2047 فَابْعَثُوا مِنْكُمْ رَجُلًا تَرْضَوْنَ بِهِ وَ نَبْعَثُ مِنَّا رَجُلًا ثُمَّ نَأْخُذُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَعْمَلَا بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ لَا يَعْدُوَانِهِ ثُمَّ نَتَّبِعَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَقَالَ الْأَشْعَثُ: هَذَا هُوَ الْحَقُّ فَانْصَرَفَ إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَالَ: وَ قَالَ النَّاسُ قَدْ رَضِينَا وَ قَبِلْنَا فَبَعَثَ عَلِيٌّ قُرَّاءَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ قُرَّاءَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَاجْتَمَعُوا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَ مَعَهُمُ الْمُصْحَفُ فَنَظَرُوا فِيهِ وَ تَدَارَسُوهُ وَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يُحْيُوا مَا أَحْيَا الْقُرْآنُ وَ أَنْ يُمِيتُوا مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ ثُمَّ رَجَعَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ قَالَ النَّاسُ: قَدْ رَضِينَا بِحُكْمِ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ: فَإِنَّا قَدْ رَضِينَا وَ اخْتَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ قَالَ الْأَشْعَثُ وَ الْقُرَّاءُ الَّذِينَ صَارُوا خَوَارِجَ فِيمَا بَعْدُ: فَإِنَّا قَدْ رَضِينَا وَ اخْتَرْنَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ- فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ: «إِنِّي لَا أَرْضَى بِأَبِي مُوسَى وَ لَا أَرَى أَنْ أُوَلِّيَهُ» فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ زَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ 2048 وَ مِسْعَرُ بْنُ فَدَكِيٍّ فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ-: إِنَّا لَا نَرْضَى إِلَّا بِهِ فَإِنَّهُ قَدْ حَذَّرَنَا مَا وَقَعْنَا فِيهِ قَالَ عَلِيٌّ: «فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي بِرِضاً وَ قَدْ فَارَقَنِي وَ خَذَّلَ النَّاسَ عَنِّي 2049 ثُمَّ هَرَبَ حَتَّى أَمَّنْتُهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ وَ لَكِنَّ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ أُوَلِّيهِ ذَلِكَ» قَالُوا: وَ اللَّهِ مَا نُبَالِي أَ كُنْتَ أَنْتَ أَوْ ابْنَ عَبَّاسٍ وَ لَا نُرِيدُ إِلَّا رَجُلًا هُوَ مِنْكَ وَ مِنْ مُعَاوِيَةَ سَوَاءً وَ لَيْسَ إِلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا بِأَدْنَى مِنَ الْآخَرِ قَالَ عَلِيٌّ: «فَإِنِّي أَجْعَلُ الْأَشْتَرَ.» قَالَ نَصْرٌ قَالَ عَمْرٌو فَحَدَّثَنِي أَبُو جَنَابٍ قَالَ: قَالَ الْأَشْعَثُ وَ هَلْ سَعَّرَ
الْأَرْضَ عَلَيْنَا غَيْرُ الْأَشْتَرِ؟ وَ هَلْ نَحْنُ إِلَّا فِي حُكْمِ الْأَشْتَرِ؟ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ «وَ مَا حُكْمُهُ؟» قَالَ: حُكْمُهُ أَنْ يَضْرِبَ بَعْضُنَا بَعْضاً بِالسُّيُوفِ حَتَّى يَكُونَ مَا أَرَدْتَ وَ مَا أَرَادَ.
. نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: : لَمَّا أَرَادَ النَّاسُ عَلِيّاً عَلَى أَنْ يَضَعَ حَكَمَيْنِ قَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ: «إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَكُنْ لِيَضَعَ لِهَذَا الْأَمْرِ أَحَداً هُوَ أَوْثَقَ بِرَأْيِهِ وَ نَظَرِهِ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْقُرَشِيِّ إِلَّا مِثْلُهُ فَعَلَيْكُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَاْرُموُه بِهِ فَإِنَّ عَمْراً لَا يَعْقِدُ عُقْدَةَ إِلَّا حَلَّهَا عَبْدُ اللَّهِ وَ لَا يَحِلُّ عُقْدَةً إِلَّا عَقَدَهَا وَ لَا يُبْرِمُ أَمْراً إِلَّا نَقَضَهُ وَ لَا يَنْقُضُ أَمْراً إِلَّا أَبْرَمَهُ» فَقَالَ الْأَشْعَثُ: لَا وَ اللَّهِ لَا يُحَكَّمُ فِيهَا مُضَرِيَّان حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَ لَكِنِ اجْعَلْهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ إِذْ جَعَلُوا رَجُلًا مِنْ مُضَرَ فَقَالَ عَلِيٌّ: «إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُخْدَعَ يَمَنِيُّكُمْ فَإِنَّ عَمْراً لَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِذَا كَانَ لَهُ فِي أَمْرٍ هَوًى» 2050 فَقَالَ الْأَشْعَثُ: وَ اللَّهِ لَأَنْ يَحْكُمَا بِبَعْضِ مَا نَكْرَهُ وَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَا نُحِبُّ فِي حُكْمِهِمَا وَ هُمَا مُضَرِيَّانِ وَ ذَكَرَ الشَّعْبِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «قَدْ أَبَيْتُمْ إِلَّا أَبَا مُوسَى قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: «فَاصْنَعُوا مَا أَرَدْتُمْ» فَبَعَثُوا إِلَى أَبِي مُوسَى وَ قَدِ اعْتَزَلَ بِأَرْضٍ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ يُقَالُ لَهَا عُرْضٌ 2051 وَ اعْتَزَلَ الْقِتَالَ فَأَتَاهُ مَوْلًى لَهُ فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اصْطَلَحُوا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* قَالَ: وَ قَدْ جَعَلُوكَ حَكَماً قَالَ:
إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فَجَاءَ أَبُو مُوسَى حَتَّى دَخَلَ عَسْكَرَ عَلِيٍّ وَ جَاءَ الْأَشْتَرُ حَتَّى أَتَى عَلِيّاً فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلِزَّنِي بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ 2052 فَوَ اللَّهِ الَّذِي
لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَئِنْ مَلَأْتُ عَيْنِي مِنْهُ لَأَقْتُلَنَّهُ قَالَ: وَ جَاءَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ قَدْ رُمِيتَ بِحَجَرِ الْأَرْضِ 2053 وَ مَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أَنْفَ الْإِسْلَامِ 2054 وَ إِنِّي قَدْ عَجَمْتُ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي أَبَا مُوسَى وَ حَلَبْتُ أَشْطُرَهُ فَوَجَدْتُهُ كَلِيلَ الشُّفْرَةِ قَرِيبَ الْقَعْرِ وَ إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِلَّا رَجُلٌ يَدْنُو مِنْهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي أَكُفِّهِمْ وَ يَتَبَاعَدُ مِنْهُمْ حَتَّى يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ النَّجْمِ مِنْهُمْ فَإِنْ تَجْعَلْنِي حَكَماً فَاجْعَلْنِي وَ إِنْ أَبَيْتَ أَنْ تَجْعَلَنِي حَكَماً فَاجْعَلْنِي ثَانِياً أَوْ ثَالِثاً 2055 فَإِنَّهُ لَا يَعْقِدُ عُقْدَةَ إِلَّا حَلَلْتُهَا وَ لَنْ يَحِلَّ عُقْدَةً إِلَّا عَقَدْتُهَا وَ عَقَدْتُ لَكَ أُخْرَى أَشَدَّ مِنْهَا فَعَرَضَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فَأَبَوْهُ وَ قَالُوا: لَا يَكُونُ إِلَّا أَبَا مُوسَى.
نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ قَالَ: قَامَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي خَيَّرْتُكَ يَوْمَ الْجَمَلِ أَنْ آتِيَكَ فِيمَنْ أَطَاعَنِي وَ أَكُفَّ عَنْكَ بَنِي سَعْدِ فَقُلْتَ: «كُفَّ قَوْمِكَ فَكَفِّي بِكَفِّكَ نَصِيراً» 2056 فَأَقَمْتُ بِأَمْرِكَ وَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ 2057 رَجُلٌ قَدْ حَلَبْتُ أَشْطُرَهُ فَوَجَدْتُهُ قَرِيبَ الْقَعْرِ كَلِيلَ الْمُدْيَةِ وَ هُوَ رَجُلٌ يَمَانٍ وَ قَوْمُهُ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَ قَدْ رُمِيتَ بِحَجَرِ الْأَرْضِ وَ بِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ إِنَّ صَاحِبَ الْقَوْمِ مَنْ يَنْأَى حَتَّى يَكُونَ مَعَ النَّجْمِ وَ يَدْنُوَ حَتَّى يَكُونَ فِي أَكُفِّهِمْ فَابْعَثْنِي وَ وَ اللَّهِ لَا يَحِلُّ عُقْدَةً إِلَّا عَقَدْتُ لَكَ أَشَدَّ مِنْهَا-
فَإِنْ قُلْتَ: إِنِّي لَسْتُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَابْعَثْ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ 2058 وَ ابْعَثْنِي مَعَهُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: «إِنَّ الْقَوْمَ أَتَوْنِي بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ مُبَرْنَساً فَقَالُوا 2059 : ابْعَثْ هَذَا فَقَدْ رَضِينَا بِهِ وَ اللَّهُ بَالِغُ أَمْرِهِ.» وَ ذَكَرُوا أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ قَامَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ وَافِدُ أَهْلِ الْيَمَنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ صَاحِبُ مَقَاسِمِ أَبِي بَكْرٍ 2060 وَ عَامِلُ عُمَرَ وَ قَدْ رَضِيَ بِهِ الْقَوْمُ وَ عَرَضْنَا عَلَى الْقَوْمِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ مِنْكَ ظَنُونٌ فِي أَمْرِكَ 2061 .
فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الشَّامِ فَبَعَثَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمٍ الْأَسَدِيُّ وَ هُوَ مُعْتَزِلٌ لِمُعَاوِيَةَ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ وَ كَانَ هَوَاهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَمْرُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ:
لَوْ كَانَ لِلْقَوْمِ رَأْيٌ يُعْصَمُونَ بِهِ
مِنَ الضَّلَالِ رَمَوْكُمْ بِابْنِ عَبَّاسٍ 2062
لِلَّهِ دَرُّ أَبِيهِ أَيِّمَا رَجُلٍ
مَا مِثْلُهُ لِفِصَالِ الْخَطْبِ فِي النَّاسِ
لَكِنْ رَمَوْكُمْ بِشَيْخٍ مِنْ ذَوِي يَمَنٍ
لَمْ يَدْرِ مَا ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لِأَسْدَاسِ
إِنْ يَخْلُ عَمْرٌو بِهِ يَقْذِفْهُ فِي لُجَجِ
يَهْوِي بِهِ النَّجْمُ تَيْساً بَيْنَ أَتْيَاسِ
أَبْلِغْ لَدَيْكَ عَلِيّاً غَيْرَ عَاتِبِهِ 2063
قَوْلَ امْرِئٍ لَا يَرَى بِالْحَقِّ مِنْ بَأْسِ
مَا الْأَشْعَرِيُّ بِمَأْمُونٍ أَبَا حَسَنِ
فَاعْلَمْ هُدِيْتَ وَ لَيْسَ الْعَجْزِ كَالرَّأْسِ
فَاصْدِمْ بِصَاحِبِكَ الْأَدْنَى زَعِيمَهُمُ
إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ عَبَّاسٍ هُوَ الْآسِي .
قَالَ فَلَمَّا بَلَغَ النَّاسَ قَوْلُ أَيْمَنَ طَارَتْ أَهْوَاءُ قَوْمٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ عَلِيِّ ع وَ شِيعَتِهِ 2064 إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَ أَبَتُ الْقُرَّاءُ إِلَّا أَبَا مُوسَى.
وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ: لَقَدْ رَضِيَ مُعَاوِيَةُ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ وَ لَئِنْ أَطَاعَنِي لَيَنْقُصَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةُ.
قَالَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ وَ كَانَ قَدِ اعْتَزَلَ عَلِيّاً وَ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ قَارَبَ أَهْلَ الشَّامِ وَ لَمْ يَبْسُطْ يَداً:-
أَمَّا وَ الَّذِي أَرْسَى ثَبِيراً مَكَانَهُ
وَ أَنْزَلَ ذَا الْفُرْقَانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
لَئِنْ عَطَفَتْ خَيْلُ الْعِرَاقِ عَلَيْكُمْ
وَ لِلَّهِ لَا لِلنَّاسِ عَاقِبَةُ الْأَمْرِ
تَقَحَّمَهَا قُدْماً عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ
وَ الْأَشْتَرُ يَهْدِي الْخَيْلَ فِي وَضَحِ الْفَجْرِ
وَ طَاعَنَكُمْ فِيهَا شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ
وَ زَحْرُ بْنُ قَيْسٍ بِالْمُثَقَّفَةِ السُّمْرِ
وَ شَمَّرَ فِيهَا الْأَشْعَثُ الْيَوْمَ ذَيْلَهُ
تُشَبِّهُهُ 2065 بِالْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرِ
لَتَعْرِفُهُ يَا بُسْرُ يَوْماً عَصَبْصَباً
يُحَرِّمُ أَطْهَارَ النِّسَاءِ مِنَ الذُّعْرِ 2066
يُشِيبُ وَلِيدَ الْحَيِّ قَبْلَ مَشِيبِهِ
وَ فِي بَعْضِ مَا أَعْطَوْكَ رَاغِيَةُ الْبِكْرِ 2067
وَ عَهْدُكَ يَا بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ وَ الْقَنَا
رِوَاءٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَظْمَاؤُهَا تَجْرِي
وَ عَمْرُو بْنُ سُفْيَانَ عَلَى شَرِّ آلَةٍ
بِمُعْتَرَكٍ حَامٍ أَحَرَّ مِنَ الْجَمْرِ 2068 .