کتابخانه روایات شیعه
يقاتلون حتى يرجعوا إلى الحق أو يقتلوا غير أنه 3253 لا يجاز 3254 على جريحهم و لا يتبع مدبرهم و لا تسبى أيضا ذراريهم و لا نساؤهم مثل الأولين سواء و الفريقان جميعا يدفنون في مقابر المسلمين و يوارثون و يصلى عليهم و أما من قتل من أهل الحق في جهاد الكفار و البغاة فإنه شهيد لا يجب غسله بل يدفن بدمه و ثيابه التي فيها دم و يصلى عليهم غير أنه يترحم على هؤلاء و يلعن البغاة بعد التكبيرة الرابعة. و أما الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فهما فرضان 3255 من فروض الكفايات عند كثير من أصحابنا و أكثر من خالفنا 3256 و الأقوى أنه من فروض الأعيان و هو ينقسم ثلاثة أقسام بالقلب و اللسان و اليد فمتى 3257 أمكن وجب الجميع و إن لم يمكن اقتصر على اللسان و القلب و إن لم يمكن اقتصر على ما في القلب و لا تسقط بحال و الأمر بالمعروف على ضربين واجب و ندب فالأمر بالواجب واجب و بالندب ندب و أما النهي عن المنكر فكله واجب لأن المنكر كله قبيح و شروط الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ثلاثة أحدها أن يعلم المعروف معروفا و المنكر منكرا و الثاني أن يجوز تأثير إنكاره 3258 و الثالث أن لا تكون فيه مفسدة بأن يؤدي إلى قتله أو جراحه أو قتل غيره أو أخذ ماله أو مال غيره فمتى عرض شيء من ذلك كان مفسدة و عند تكامل الشروط يجب على ما قلناه و متى اختل واحدة من الشروط سقط فرضه و تفصيل ذلك و فروعه بيناه في النهاية و المبسوط و الجمل و العقود
فصل في أحكام الزكاة
الزكاة على ضربين زكاة الأموال و زكاة الرءوس فزكاة الرءوس هي الفطرة و قد تقدم
شرحنا له و زكاة الأموال على ضربين واجب و ندب فالزكاة الواجبة تجب في تسعة أشياء الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الإبل و البقر و الغنم فشروط زكاة الذهب و الفضة الملك و النصاب و كمال العقل و التمكن من التصرف في المال و حئول الحول فالنصاب في الذهب أن يبلغ عشرين مثقالا دنانير مضروبة منقوشة فإنه يجب عند ذلك فيه نصف دينار ثم بعد ذلك كلما زاد أربعة دنانير كان فيها عشر دينار و ما بين النصابين أو ما نقص عن النصاب عفو و من شرط صحة أدائه الإسلام و أما الفضة فنصابها أن تكون مأتي درهم فضة مضروبة منقوشة و باقي شروط الذهب حاصلة فعند ذلك يجب فيها خمسة دراهم و بعد ذلك كل أربعين درهما فيه درهم بالغا ما بلغ و ما نقص عن المائتين أو الأربعين بعد المائتين لا تتعلق به زكاة و أما زكاة الغلات الأجناس الأربعة فشروطها الملك و النصاب و لا يراعى باقي الصفات فالنصاب أن تبلغ خمسة أوسق و الوسق ستون صاعا و الصاع تسعة أرطال يكون مبلغه ألفين و سبعمائة رطل خالصا من مؤن الأرض و ما يلزم عليه و ليس من شروط الغلات كمال العقل لأن غلات الأطفال و المجانين يجب فيها الزكاة و يلزم الولي إخراجها و حئول الحول ليس بشرط أيضا فإن عند حصول الغلة يجب إخراج الزكاة منها و ليس بعد النصاب الأول نصاب آخر بل يخرج من قليله و كثيره و إذا وجبت الزكاة فيها فإن كانت الأرض تسقى سيحا أو عذيا وجب فيه العشر و إن كانت تسقى بالغرب و الدوالي و ما يلزم عليه المؤن ففيه نصف العشر و أما الإبل و البقر و الغنم فشروط الزكاة فيها الملك و النصاب و كونها سائمة و حئول الحول و ليس كمال العقل شرطا فيها كما قلناه في الغلات فالنصب في الإبل أولها في كل خمس شاة إلى خمس و عشرين ففيها خمس شياه فإذا صارت ستا و عشرين ففيها بنت مخاض و هي التي حملت أمها بالبطن الثاني ثم ليس فيها شيء إلى ست و ثلاثين ففيها بنت لبون و هي التي ولدت أمها البطن الثاني فحصل بها لبن ثم ليس فيها شيء إلى ست و أربعين ففيها حقة و هي التي استحقت أن تركب أو يطرقها الفحل و هي إذا بلغت أربع سنين ثم ليس فيها شيء إلى إحدى و ستين فإذا بلغت ذلك ففيها جذعة و هي
[تصوير نسخه خطى]
التي استوفت خمس سنين و دخلت في السادسة ثم ليس فيها شيء إلى ست و سبعين ففيها بنتا لبون إلى إحدى و تسعين ففيها حقتان ثم ليس فيها شيء إلى مائة و إحدى و عشرين فعند ذلك يسقط هذا الاعتبار و أخرج من كل خمسين حقة و من كل أربعين بنت لبون و أما حئول الحول فشرط لا بد منه و السوم شرط أيضا لأن المعلوفة ليس فيها زكاة في الأجناس الثلاث و من ليس بكامل العقل يتعلق بمواشيه الزكاة و يلزم الولي إخراجه و أما البقر فنصابه الأول ثلاثون ففيها تبيع أو تبيعة و هي التي تم لها سنة و في أربعين مسنة و هي التي لها سنتان ثم على هذا الحساب بالغا ما بلغ و نصاب الغنم في الأربعين شاة و ليس بعد ذلك إلى مائة و إحدى 3259 و عشرين شيء فعند ذلك فيها شاتان ثم ليس فيها شيء إلى مائتين و واحدة ففيها ثلاث شياه ثم ليس فيها شيء إلى ثلاثمائة و واحدة ففيها أربع ثم ليس فيها شيء إلى أربعمائة فيسقط هذا الاعتبار و أخرج من كل مائة شاة و لا يعد من المواشي في الزكاة إلا ما حال عليه الحول و إذا وجبت الزكاة وجب إخراجها على الفور و لا تؤخر إلا لعذر و يجوز تقديمها بشهر و شهرين إذا حضر مستحقها يعطى على وجه القرض ثم يحتسب به عند الحول 3260 إذا بقيا على الصفة التي معها يستحق الزكاة أو تستحق عليه. و مستحق الزكاة أحد الأصناف الثمانية الذين 3261 ذكرهم الله تعالى و هم الفقراء و المساكين و العاملون عليها و هم جباة الزكوات و المؤلفة قلوبهم و هم الذين يستمالون إلى قتال الكفار ممن خالف الإسلام إذا كان حسن الرأي في الإسلام وَ فِي الرِّقابِ و هم المكاتبون أو العبيد الذين يكونون في شدة و الغارمون و هم الذين ركبتهم الديون 3262 فأنفقوها في مباح على الاقتصاد وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ و هو الجهاد و جميع مصالح المسلمين و ابن السبيل و هو المنقطع به و إن كان غنيا في بلده و يسقط سهم المؤلفة اليوم و هم 3263 السعاة و الجهاد و يفرق في الباقين أو في بعضهم على ما يختاره صاحبه من تفضيل بعضهم
على بعض أو اختصاص بعض منه به و يحتاج أن يجمع إلى ذلك أن يكون مسلما مؤمنا غير فاسق أو يكون بحكم الإيمان من أطفال المؤمنين و أقل ما يعطى الفقير من الزكاة ما يجب في نصاب أوله من الذهب نصف دينار و بعد ذلك عشر دينار و من الدراهم خمسة دراهم و بعد ذلك درهم درهم و يجوز أن يعطى زكاة مال كثير لواحد يغنيه به و أما ما يستحب فيه الزكاة فسبائك الذهب و الفضة و الأواني المصاغ 3264 منهما و ما ليس بمنقوش من الجنسين و زكاة الحلي إعارته إذا كان حليا مباحا و مال التجارة يستحب 3265 فيه الزكاة إذا طلب برأس المال فما زاد تقوم بالدراهم أو الدنانير و يخرج على حسابه عدا الأجناس الأربعة مما يكال أو يوزن من الغلات يستحب فيه الزكاة مثل باقي 3266 الأجناس الأربعة و من الحيوان تستحب الزكاة في الخيل المرسلة الإناث إذا كانت عربية في كل واحدة ديناران في كل سنة و في البراذين دينار واحد و لتفصيل هذه الأشياء و فروعها شرح طويل ذكرناه في كتبنا النهاية و المبسوط و الجمل و غير ذلك فمن أراده رجع إليه و هذا القدر فيه كفاية هاهنا لأن الغرض ألا نخلي شيئا من العبادات في هذا الكتاب و إن كان الاهتمام بعبادات الأبدان أكثر و قد وفينا بما شرطناه في صدر الكتاب و نسأل الله تعالى أن يجعله لوجهه خالصا و ينفعنا و لمن يعمل به أو ببعضه و نسأله أن لا يخلينا 3267 من دعائه عقيب العمل بما علمناه إن شاء الله تعالى- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و عليه توكلنا و به نستعين و صلواته على سيدنا محمد نبيه و عترته الأئمة الطاهرين و سلم تسليما و حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ
بسم اللّه الرحمن الرّحيم
تمهيد
[بيان من علي أصغر مرواريد]
لقد دأب المحقّقون و ناشر و الكتب على كتابة مقدّمات مستفيضة ليضعوها في أوّل صفحات الكتب، حيث أصبح هذا المنهج متعارفا عليه و مرسوما لا مناص للعدول عنه.
و لكنّني آثرت أن أكتب هذه الكلمات القصار مع بيان منهجنا في التحقيق و أضعها في آخر الكتاب خلافا لما هو متعارف عليه، فما أحببت أن استأثر لنفسي بهذه الصفحات في أوّل الكتاب لأنني أردت أن تصافح عيون القرّاء الكرام متن المصباح بما تضمّنه من الأدعية العظيمة قبل أن تصافح أعينهم كلماتي هذه، و لئلّا أكون قد سبقت الشيخ الطوسيّ في مصباحه.
و كذلك فقد اعتاد المحقّقون و الناشرون أيضا أن يضعوا في بداية الكتاب دراسة عن حياة المصنّف و أساتذته و طلابه و تآليفه ... إلى غير ذلك ممّا يتّصل به.
و لما كانت شخصيّة شيخنا الطوسيّ عظيمة و له مصنّفات كثيرة، فقد آثرنا أن نكتب له ترجمة منفردة نفصّل فيها حياته و آثاره بصورة مستفيضة لكي نتجنّب التكرار غير المفيد، فضلا عن أنّه قد كتب في حياة هذا الرّجل العظيم تراجم مطوّلة و هي موجودة لمن يطلبها.
و من ناحية أخرى فإنّ لشيخنا الطوسيّ الكثير من التّصانيف و المؤلّفات الفقهيّة و غير الفقهيّة، و طبع هذه المؤلّفات يستلزم منّا تكرار حياته في جميعها، فلا أرى في هذا أيّ فائدة تذكر، و لكن في منهجنا أننا نفرد لحياة المؤلّفين مجلدا كاملا يحتوي على حياتهم بصورة تفصيلية و هو كما عملناه في سلسلة الينابيع الفقهيّة حيث سنفرد جلدا كاملا لحياة أربعين مصنّفا مع تآليفهم.
ختاما أدعو اللّه مخلصا أن يوفق الجميع لإحياء تراث آل البيت عليهم السّلام و اللّه خير مجيب للدعاء.
منهجنا في التحقيق:
في بداية الأمر لا بدّ لي أن أذكر سبب اختياري لكتاب مصباح المتهجّد و سلاح المتعبّد للشيخ أبي جعفر الطوسيّ رضوان اللّه تعالى عليه فأقول:
لمّا كانت فطرة الإنسان تفتقر إلى الكمال، و أنّ شعور النقص إحساس مركّب في الطبع البشريّ يتّضح جليّا في طلب الطفل لثدي أمّه منذ الولادة.
و لمّا كان الإنسان عاجزا عن تلبية طلباته و حلّ مشكلاته بنفسه، من هنا كانت الحاجة ماسّة للتوجّه إلى الخالق المتكفّل بمخلوقه، و مدّ يد التضرّع و الابتهال إليه تعالى ليكون عونا لهذا المخلوق الضعيف العاجز أمام القدرة العظيمة للخالق المتفرّد بالعبوديّة.
و منذ بداية اشتغالي بتحصيل العلوم الدينيّة كنت مشغوفا بالدعاء، مؤمنا كلّ الإيمان بأنّ الاستجابة لا ريب فيها لو توجّه المؤمن بكلّ نفسه و قلبه و كيانه منصهرا و متّصلا بخالقه القادر، و يعود الفضل في ذلك إلى أستاذي الكبير علي أكبر دامغاني، فهو الذي شجّعني و إخواني طلبة الحوزة و شوّقني حيث كان يشكّل مجالس و تجمّعات- في أثناء درسه- خاصّة بالأدعية و الابتهال، فكنت آنذاك أشعر بحالة روحانية سامية ينسى فيها الإنسان نفسه و يغيب عن عالمه المادّي هذا متّصلا بعالم
الروح و الطهر.
و لمّا كنت موقنا بأنّ مصباح المتهجّد هو من أحسن و أفضل و أقدم المجاميع و التصانيف التي جمعت و صنّفت في الأدعية.
و لمّا كان جامع هذه الأدعية و مصنّفها هو الشيخ الطوسيّ شيخ الطائفة و رئيسها، و لمّا تأكّدت بأن ليس هناك مصنّف آخر- لا قبله و لا بعده- يضاهيه و يصل إلى مرتبته، بحيث أنّ كل ما صنّف بعد هذا الكتاب كان المصباح المصدر الأوّل لمادّة ما جمع و صنّف بعده.
فهذا اختيار المصباح لمصنّفه ابن الباقي- و الذي سيصدر بعونه تعالى عن مؤسستنا- يستمدّ مادّته و أدعيته من المصباح كما هو معلوم من اسمه.
و هذا العلّامة الحليّ الرجل الفذّ و العملاق في كلّ علم من العلوم الإسلاميّة لما عزم على تصنيف كتاب في الدعاء نظر في مصباح المتهجّد و استمدّ منه الأدعية و جعل كتابه هذا على أساس المصباح و سمّاه «منهاج الصّلاح».
لكل ما مضى من أسباب و موجبات فقد استقرّ رأيي و ثبت عزمي على تحقيق و إخراج هذا الكتاب بطريقة حديثة و طبع جديد و تبويب جميل يستهل للقارئ الكريم الحصول على ما يريد و يرغب دون أيّ عناء و جهد و ليكون مرجعا للمؤمنين يجدون فيه مرادهم.
و لمّا برزت عندي فكرة تحقيق و إخراج المصباح كان من حسن حظّي أن هاجر سماحة الفاضل الأديب حجّة الإسلام الشيخ أبو ذرّ بيدار من أردبيل إلى طهران حيث سكن بيتا قريبا من بيتنا ممّا سهّل مهمة التعاون و التنسيق بيننا لإنجاح هذا العمل، حيث دعوت سماحته و عرضت عليه الفكرة فاستجاب مشكورا فله عليّ المنّ و الفضل.