کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَئِذٍ قَدْ قُرِّبَ إِلَيْهِ فَرَسٌ لَهُ أُنْثَى بَعِيدَةُ الْبَطْنِ مِنَ الْأَرْضِ لِيَهْرُبَ عَلَيْهَا حَتَّى أَتَاهُ آتٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ لَهُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ ع فِي مِثْلِ لَيْلَةِ الصَّدَرِ مِنْ مِنًى فَأَقَمْتُ قَالَ نَصْرٌ وَ إِبْرَاهِيمُ أَيْضاً وَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَلِيٍّ ع أَمَّا بَعْدُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ قَدْ طَالَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ وَ كُلٌّ مِنَّا يَرَى أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ فِيمَا يَطْلُبُ مِنْ صَاحِبِهِ وَ لَنْ يُعْطِيَ وَاحِدٌ مِنَّا الطَّاعَةَ لِلْآخَرِ وَ قَدْ قُتِلَ فِيمَا بَيْنَنَا بَشَرٌ كَثِيرٌ وَ أَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ أَشَدَّ مِمَّا مَضَى وَ إِنَّا سَوْفَ نُسْأَلُ عَنْ هَذِهِ الْمَوَاطِنِ وَ لَا يُحَاسَبُ بِهِ غَيْرِي وَ غَيْرُكَ وَ قَدْ دَعْوَتُكَ إِلَى أَمْرٍ لَنَا وَ لَكَ فِيهِ حَيَاةٌ وَ عُذْرٌ وَ بَرَاءَةٌ وَ صَلَاحٌ لِلْأُمَّةِ وَ حَقْنُ الدِّمَاءِ وَ ذَهَابٌ لِلضَّغَائِنِ وَ الْفِتَنِ وَ أَنْ تُحَكِّمَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ حَكَمَيْنِ مَرْضِيَّيْنَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَصْحَابِي وَ الْآخَرُ مِنْ أَصْحَابِكَ فَيَحْكُمَانِ بَيْنَنَا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَهُوَ خَيْرٌ لِي وَ لَكَ وَ أَقْطَعُ لِهَذِهِ الْفِتَنِ فَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا دُعِيتَ إِلَيْهِ وَ ارْضَ بِحُكْمِ الْقُرْآنِ إِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ ع مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَفْضَلَ مَا شَغَلَ بِهِ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ اتِّبَاعُ مَا حَسَّنَ بِهِ فِعْلَهُ وَ اسْتَوْجَبَ فَضْلَهُ وَ سَلِمَ مِنْ عَيْبِهِ وَ إِنَّ الْبَغْيَ وَ الزُّورَ يُزْرِيَانِ بِالْمَرْءِ فِي دِينِهِ وَ دُنْيَاهُ وَ يُبْدِيَانِ مِنْ خَلَلِهِ عِنْدَ مَنْ يُغْنِيهِ مَا اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ مَا لَا يُغْنِي عَنْهُ تَدْبِيرَهُ فَاحْذَرِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَا فَرَحَ فِي شَيْءٍ وَصَلْتَ إِلَيْهِ مِنْهَا وَ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ غَيْرُ مُدْرِكٍ مَا قُضِيَ فَوَاتُهُ وَ قَدْ رَامَ قَوْمٌ أَمْراً بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ تَأَوَّلُوهُ عَلَى اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ فَأَكْذَبَهُمْ وَ مَتَّعَهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ اضْطَرَّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ فَاحْذَرْ يَوْماً يَغْتَبِطُ فِيهِ مَنْ أَحْمَدَ عَاقِبَةَ عَمَلِهِ وَ يَنْدَمُ فِيهِ مَنْ أَمْكَنَ الشَّيْطَانَ مِنْ قِيَادِهِ وَ لَمْ يُحَادَّهُ وَ غَرَّتْهُ الدُّنْيَا وَ اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا
ثُمَّ إِنَّكَ قَدْ دَعَوْتَنِي إِلَى حُكْمِ الْقُرْآنِ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَ لَا حُكْمَهُ تُرِيدُ وَ الْمُسْتَعَانُ اللَّهُ فَقَدْ أَجَبْنَا الْقُرْآنَ إِلَى حُكْمِهِ وَ لَسْنَا إِيَّاكَ أَجَبْنَا نَعَمْ فَبَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ حُكْمُ الْقُرْآنِ 4770 وَ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ الْقُرْآنِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً* فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَمَّا بَعْدُ عَافَانَا اللَّهُ وَ إِيَّاكَ فَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تُجِيبَ إِلَى مَا فِيهِ صَلَاحُنَا وَ أُلْفَةُ مَا بَيْنَنَا وَ قَدْ فَعَلْتَ الَّذِي فَعَلْتَ وَ أَنَا أَعْرِفُ حَقِّي وَ لَكِنِّي اشْتَرَيْتُ بِالْعَفْوِ صَلَاحَ الْأُمَّةِ وَ لَمْ أُكْثِرْ فَرَحاً بِشَيْءٍ جَاءَ وَ لَا ذَهَبَ وَ إِنَّمَا أَدْخَلَنِي فِي هَذَا الْأَمْرِ الْقِيَامُ بِالْحَقِّ فِيمَا بَيْنَ الْبَاغِي وَ الْمَبْغِيِّ عَلَيْهِ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيُ مِنَ الْمُنْكَرِ وَ دَعَوْتُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ فَإِنَّهُ لَا يَجْمَعُنَا وَ إِيَّاكُمْ إِلَّا هُوَ نُحْيِي مَا أَحْيَا الْقُرْآنُ وَ نُمِيتُ مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ وَ السَّلَامُ قَالَ نَصْرٌ فَكَتَبَ ع إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَعِظُهُ وَ يُرْشِدُهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا مَشْغَلَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَ لَنْ يُصِبْ صَاحِبُهَا مِنْهَا شَيْئاً إِلَّا فَتَحَتْ لَهُ حِرْصاً يَزِيدُهُ فِيهَا رَغْبَةً وَ لَنْ يَسْتَغْنِيَ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ عَمَّا لَمْ يَبْلُغْ وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ وَ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ فَلَا تُحْبِطْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَجْرَكَ وَ لَا تُجَارِ مُعَاوِيَةَ فِي بَاطِلِهِ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ الْجَوَابَ أَمَّا بَعْدُ فَالَّذِي فِيهِ صَلَاحُنَا وَ أُلْفَتُنَا الْإِنَابَةُ إِلَى الْحَقِّ وَ قَدْ جَعَلْنَا الْقُرْآنَ بَيْنَنَا حَكَماً وَ أَجَبْنَا إِلَيْهِ فَصَبَرَ الرَّجُلُ مِنَّا نَفْسَهُ عَلَى مَا حَكَمَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَ عَذَرَهُ النَّاسُ بَعْدَ الْمُحَاجَزَةِ وَ السَّلَامُ
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ ع أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الَّذِي أَعْجَبَكَ مِنَ الدُّنْيَا مِمَّا نَازَعَتْكَ إِلَيْهِ نَفْسُكَ وَ وَثِقْتَ بِهِ مِنْهَا لَمُنْقَلِبٌ عَنْكَ وَ مُفَارِقٌ لَكَ فَلَا تَطْمَئِنَّ إِلَى الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ وَ لَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَا مَضَى لَحَفِظْتَ مَا بَقِيَ وَ انْتَفَعْتَ مِنْهَا بِمَا وَعَظْتَ بِهِ وَ السَّلَامُ فَأَجَابَهُ عَمْرٌو أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَنْصَفَ مَنْ جَعَلَ الْقُرْآنَ إِمَاماً وَ دَعَا النَّاسَ إِلَى أَحْكَامِهِ فَاصْبِرْ أَبَا حَسَنٍ فَإِنَّا غَيْرُ مُنِيلِيكَ إِلَّا مَا أَنَالَكَ الْقُرْآنُ وَ السَّلَامُ قَالَ نَصْرٌ وَ جَاءَ الْأَشْعَثُ إِلَى عَلِيٍّ ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَرَى النَّاسَ إِلَّا وَ قَدْ رَضُوا وَ سَرَّهُمْ أَنْ يُجِيبُوا الْقَوْمَ إِلَى مَا دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ مِنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ فَإِنْ شِئْتَ أَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ فَسَأَلْتُهُ مَا يُرِيدُ وَ نَظَرْتُ مَا الَّذِي يَسْأَلُ قَالَ ائْتِهِ إِنْ شِئْتَ فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ يَا مُعَاوِيَةُ لِأَيِّ شَيْءٍ رَفَعْتُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفَ قَالَ لِنَرْجِعَ نَحْنُ وَ أَنْتُمْ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِيهَا فَابْعَثُوا رَجُلًا مِنْكُمْ تَرْضَوْنَ بِهِ وَ نَبْعَثُ مِنَّا رَجُلًا وَ نَأْخُذُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَعْمَلَا بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا يَعْدُوَانِهِ ثُمَّ نَتَّبِعُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَقَالَ الْأَشْعَثُ هَذَا هُوَ الْحَقُّ وَ انْصَرَفَ إِلَى عَلِيٍّ ع فَأَخْبَرَهُ فَبَعَثَ عَلِيٌّ ع قُرَّاءً مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ قُرَّاءً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَاجْتَمَعُوا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَ مَعَهُمُ الْمُصْحَفُ فَنَظَرُوا فِيهِ وَ تَدَارَسُوهُ وَ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يُحْيُوا مَا أَحْيَا الْقُرْآنُ وَ يُمِيتُوا مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ وَ رَجَعَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ إِنَّا قَدْ رَضِينَا وَ اخْتَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ قَالَ الْأَشْعَثُ وَ الْقُرَّاءُ الَّذِينَ صَارُوا خَوَارِجَ فِيمَا بَعْدُ وَ قَدْ رَضِينَا نَحْنُ وَ اخْتَرْنَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ ع فَإِنِّي لَا أَرْضَى بِأَبِي مُوسَى وَ لَا أَرَى أَنْ أُوَلِّيَهُ فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ زَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ وَ مِسْعَرُ بْنُ فَدَكِيٍّ فِي عِصَابَةٍ إِنَّا لَا نَرْضَى إِلَّا بِهِ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ حَذَّرَنَا مَا وَقَعْنَا فِيهِ فَقَالَ ع فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي بِرِضًا وَ قَدْ فَارَقَنِي وَ خَذَلَ النَّاسَ عَنِّي وَ هَرَبَ مِنِّي حَتَّى آمَنْتُهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ وَ لَكِنْ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ أُوَلِّيهِ ذَلِكَ قَالُوا وَ اللَّهِ مَا نُبَالِي أَ كُنْتَ أَنْتَ أَوِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ لَا نُرِيدُ إِلَّا رَجُلًا هُوَ مِنْكَ
وَ مِنْ مُعَاوِيَةَ سَوَاءٌ لَيْسَ إِلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا أَدْنَى مِنَ الْآخَرِ فَقَالَ عَلِيٌّ ع فَإِنِّي أَجْعَلُ الْأَشْتَرَ فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ هَلْ سَعَّرَ الْأَرْضَ عَلَيْنَا إِلَّا الْأَشْتَرُ وَ هَلْ نَحْنُ إِلَّا فِي حُكْمِ الْأَشْتَرِ قَالَ عَلِيٌّ ع وَ مَا حُكْمُهُ قَالَ حُكْمُهُ أَنْ يَضْرِبَ بَعْضُنَا بَعْضاً بِالسَّيْفِ حَتَّى يَكُونَ مَا أَرَدْتَ وَ مَا أَرَادَ.
452- قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ: لَمَّا أَرَادَ النَّاسُ عَلِيّاً أَنْ يَضَعَ الْحَكَمَيْنِ قَالَ لَهُمْ إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَكُنْ لِيَضَعَ لِهَذَا الْأَمْرِ أَحَداً هُوَ أَوْثَقُ بِرَأْيِهِ وَ نَظَرِهِ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ إِنَّهُ لَا يَصْلَحُ لِلْقُرَشِيِّ إِلَّا الْقُرَشِيُّ فَعَلَيْكُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَارْمُوهُ بِهِ فَإِنَّ عَمْراً لَا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلَّا حَلَّهَا عَبْدُ اللَّهِ وَ لَا يَحُلُّ عُقْدَةً إِلَّا عَقَدَهَا وَ لَا يُبْرِمُ أَمْراً إِلَّا نَقَضَهُ وَ لَا يَنْقُضُ أَمْراً إِلَّا أَبْرَمَهُ فَقَالَ الْأَشْعَثُ لَا وَ اللَّهِ لَا يَحْكُمُ فِينَا مُضَرِيَّانِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَ لَكِنْ نَجْعَلُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ إِذْ جَعَلُوا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مُضَرَ فَقَالَ ع إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُخْدَعَ يَمَنِيُّكُمْ فَإِنَّ عَمْراً لَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِذَا كَانَ لَهُ فِي أَمْرٍ هَوًى فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ اللَّهِ لَأَنْ يَحْكُمَا بِبَعْضِ مَا نَكْرَهُ وَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَا نُحِبُّ فِي حُكْمِهِمَا وَ هُمَا مُضَرِيَّانِ قال و ذكر الشعبي أيضا مثل ذلك قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عَمْرٍو فَقَالَ عَلِيٌّ ع قَدْ أَبَيْتُمْ إِلَّا أَبَا مُوسَى قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَاصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ فَبَعَثُوا إِلَى أَبِي مُوسَى وَ هُوَ بِأَرْضٍ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ يُقَالُ لَهَا عُرْضٌ 4771 قَدِ اعْتَزَلَ الْقِتَالَ فَأَتَاهُ مَوْلًى لَهُ فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ قَدِ اصْطَلَحُوا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قَالَ وَ قَدْ جَعَلُوكَ حَكَماً فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فَجَاءَ أَبُو مُوسَى حَتَّى دَخَلَ عَسْكَرَ عَلِيٍّ ع
وَ جَاءَ الْأَشْتَرُ عَلِيّاً فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلِزَّنِي بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ 4772 فَوَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَئِنْ مُلِئَتْ عَيْنِي مِنْهُ لَأَقْتُلَنَّهُ وَ جَاءَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ عَلِيّاً ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ قَدْ رُمِيتَ بِحَجَرِ الْأَرْضِ وَ مَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أَنْفَ الْإِسْلَامِ وَ إِنِّي قَدْ عَجَمْتُ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي أَبَا مُوسَى وَ حَلَبْتُ أَشْطُرَهُ فَوَجَدْتُهُ كَلِيلَ الشَّفْرَةِ قَرِيبَ الْقَعْرِ كَلِيلَ الْمُدْيَةِ وَ إِنَّهُ لَا يَصْلَحُ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِلَّا رَجُلٌ يَدْنُو مِنْهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي أَكُفِّهِمْ وَ يَتَبَاعَدُ مِنْهُمْ حَتَّى يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ النَّجْمِ مِنْهُمْ فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَجْعَلَنِي حَكَماً فَاجْعَلْنِي وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَجْعَلَنِي ثَانِياً أَوْ ثَالِثاً فَإِنَّ عَمْراً لَا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلَّا عَقَدْتُ لَكَ أَشَدَّ مِنْهَا فَعَرَضَ عَلِيٌّ ع ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فَأَبَوْهُ وَ قَالُوا لَا يَكُونُ إِلَّا أَبُو مُوسَى فَبَعَثَ أَيْمَنَ بْنَ خُرَيْمٍ الْأَسَدِيَ 4773 وَ كَانَ مُعْتَزِلًا لِمُعَاوِيَةَ بِأَبْيَاتٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاحَهُمْ فِي اخْتِيَارِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ تَرْكِ أَبِي مُوسَى فَطَارَتْ أَهْوَاءُ قَوْمٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ عَلِيٍّ ع وَ شِيعَتِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَ أَبَتِ الْقُرَّاءُ إِلَّا أَبَا مُوسَى قَالَ نَصْرٌ فَلَمَّا رَضِيَ أَهْلُ الشَّامِ بِعَمْرٍو وَ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِأَبِي مُوسَى أَخَذُوا فِي سَطْرِ كِتَابِ الْمُوَادَعَةِ وَ كَانَتْ صُورَتُهُ هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بِئْسَ الرَّجُلُ أَنَا إِنْ أَقْرَرْتُ أَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ قَاتَلْتُهُ وَ قَالَ عَمْرٌو لَا بَلْ نَكْتُبُ اسْمَهُ وَ اسْمَ أَبِيهِ إِنَّمَا هُوَ أَمِيرُكُمْ فَأَمَّا أَمِيرُنَا فَلَا فَلَمَّا أُعِيدَ إِلَيْهِ الْكِتَابُ أَمَرَ بِمَحْوِهِ فَقَالَ الْأَحْنَفُ لَا تَمْحُ اسْمَ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْكَ فَإِنِّي أَتَخَوَّفُ إِنْ مَحَوْتَهَا أَنْ لَا تَرْجِعَ إِلَيْكَ أَبَداً فَلَا تَمْحُهَا
فَقَالَ عَلِيٌّ ع إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ كَيَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ كَتَبْتُ الْكِتَابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص هَذَا مَا تَصَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ سُهَيْلٌ لَوْ أَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُقَاتِلْكَ وَ لَمْ أُخَالِفْكَ إِنِّي لَظَالِمٌ لَكَ إِنْ مَنَعْتُكَ أَنْ تَطُوفَ بَيْتَ اللَّهِ وَ أَنْتَ رَسُولُهُ وَ لَكِنِ اكْتُبْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ص يَا عَلِيُّ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ لَنْ يَمْحُوَ عَنِّي الرِّسَالَةَ كِتَابِي لَهُمْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَاكْتُبْهَا فَامْحُ مَا أَرَادَ مَحْوَهُ أَمَا إِنَّ لَكَ مِثْلَهَا سَتُعْطِيهَا وَ أَنْتَ مُضْطَهَدٌ 453 قَالَ نَصْرٌ وَ رُوِيَ أَنَّ عَمْراً عَادَ بِالْكِتَابِ إِلَيْهِ ع وَ طَلَبَ أَنْ يَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَصَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ وَ عَلَى مَنْ حَضَرَ قِصَّةَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ وَ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ أَنَا كَتَبْتُهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْيَوْمَ أَكْتُبُهُ إِلَى أَبْنَائِهِمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَتَبَهُ إِلَى آبَائِهِمْ شِبْهاً وَ مِثْلًا فَقَالَ عَمْرٌو سُبْحَانَ اللَّهِ أَ تُشَبِّهُنَا بِالْكُفَّارِ وَ نَحْنُ مُسْلِمُونَ فَقَالَ عَلِيٌّ ع يَا ابْنَ النَّابِغَةِ وَ مَتَى لَمْ تَكُنْ لِلْكَافِرِينَ وَلِيّاً وَ لِلْمُسْلِمِينَ عُدُّواً فَقَامَ عَمْرٌو وَ قَالَ وَ اللَّهِ لَا يَجْمَعُ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ مَجْلِسٌ بَعْدَ الْيَوْمِ فَقَالَ عَلِيٌّ ع أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَظْهَرَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَصْحَابِكَ 4774 وَ جَاءَتْ عِصَابَةٌ قَدْ وَضَعَتْ سُيُوفَهَا عَلَى عَوَاتِقِهَا فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُرْنَا بِمَا شِئْتَ فَقَالَ لَهُمْ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ فَلَقَدْ شَهِدْنَا صُلْحَ رَسُولِ اللَّهِ ص يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَ لَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا 4775 .