کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ رَفَعَ زَيْدٌ صَوْتَهُ يَبْكِي وَ خَرَجَ وَ هُوَ يَقُولُ مَلَكَ عَبْدٌ حُرّاً أَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ الْعَبِيدُ بَعْدَ الْيَوْمِ قَتَلْتُمُ ابْنَ فَاطِمَةَ وَ أَمَّرْتُمُ ابْنَ مَرْجَانَةَ حَتَّى يَقْتُلَ خِيَارَكُمْ وَ يَسْتَعْبِدَ أَشْرَارَكُمْ رَضِيتُمْ بِالذُّلِّ فَبُعْداً لِمَنْ رَضِيَ 22033 وَ قَالَ الْمُفِيدُ فَأُدْخِلَ عِيَالُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا عَلَى ابْنِ زِيَادٍ فَدَخَلَتْ زَيْنَبُ أُخْتُ الْحُسَيْنِ ع فِي جُمْلَتِهِمْ مُتَنَكِّرَةً وَ عَلَيْهَا أَرْذَلُ ثِيَابِهَا وَ مَضَتْ حَتَّى جَلَسَتْ نَاحِيَةً وَ حَفَّتْ بِهَا إِمَاؤُهَا فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ مَنْ هَذِهِ الَّتِي انْحَازَتْ فَجَلَسَتْ نَاحِيَةً وَ مَعَهَا نِسَاؤُهَا فَلَمْ تُجِبْهُ زَيْنَبُ فَأَعَادَ الْقَوْلَ ثَانِيَةً وَ ثَالِثَةً يَسْأَلُ عَنْهَا فَقَالَتْ لَهُ بَعْضُ إِمَائِهَا هَذِهِ- زَيْنَبُ بِنْتُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا ابْنُ زِيَادٍ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَحَكُمْ وَ قَتَلَكُمْ وَ أَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكُمْ فَقَالَتْ زَيْنَبُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ص وَ طَهَّرَنَا مِنَ الرِّجْسِ تَطْهِيراً إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ إِلَى آخِرِ مَا مَرَّ 22034 وَ قَالَ السَّيِّدُ وَ ابْنُ نَمَا ثُمَّ الْتَفَتَ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقِيلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَقَالَ أَ لَيْسَ قَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ فَقَالَ عَلِيٌّ قَدْ كَانَ لِي أَخٌ يُسَمَّى عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ قَتَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ بَلِ اللَّهُ قَتَلَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ- اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها 22035 فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ وَ لَكَ جُرْأَةٌ عَلَى جَوَابِي اذْهَبُوا بِهِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَسَمِعَتْ عَمَّتُهُ زَيْنَبُ فَقَالَتْ يَا ابْنَ زِيَادٍ إِنَّكَ لَمْ تُبْقِ مِنَّا أَحَداً فَإِنْ عَزَمْتَ عَلَى قَتْلِهِ فَاقْتُلْنِي مَعَهُ وَ قَالَ الْمُفِيدُ وَ ابْنُ نَمَا فَتَعَلَّقَتْ بِهِ زَيْنَبُ عَمَّتُهُ وَ قَالَتْ يَا ابْنَ زِيَادٍ حَسْبُكَ مِنْ دِمَائِنَا وَ اعْتَنَقَتْهُ وَ قَالَتْ وَ اللَّهِ لَا أُفَارِقُهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَاقْتُلْنِي مَعَهُ 22036 فَنَظَرَ ابْنُ زِيَادٍ إِلَيْهَا وَ إِلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ عَجَباً لِلرَّحِمِ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّهَا وَدَّتْ أَنِّي قَتَلْتُهَا مَعَهُ
دَعُوهُ فَإِنِّي أَرَاهُ لِمَا بِهِ وَ قَالَ السَّيِّدُ فَقَالَ عَلِيٌّ لِعَمَّتِهِ اسْكُتِي يَا عَمَّةِ حَتَّى أُكَلِّمَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ ع فَقَالَ أَ بِالْقَتْلِ تُهَدِّدُنِي يَا ابْنَ زِيَادٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَتْلَ لَنَا عَادَةٌ وَ كَرَامَتَنَا الشَّهَادَةُ ثُمَّ أَمَرَ ابْنُ زِيَادٍ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَ أَهْلِهِ فَحُمِلُوا إِلَى دَارٍ إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ- لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْنَا عَرَبِيَّةٌ إِلَّا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مَمْلُوكَةٌ فَإِنَّهُنَّ سُبِينَ وَ قَدْ سُبِينَا وَ قَالَ ابْنُ نَمَا رُوِّيتُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ شَهِدْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَ هُوَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ عَلَى أَسْنَانِ الْحُسَيْنِ وَ يَقُولُ إِنَّهُ كَانَ حَسَنَ الثَّغْرِ فَقُلْتُ أَمَ وَ اللَّهِ لَأَسُوأَنَّكَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يُقَبِّلُ مَوْضِعَ قَضِيبِكَ مِنْ فِيهِ وَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُعَاذٍ وَ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُمَا حَضَرَا عُبَيْدَ اللَّهِ يَضْرِبُ بِقَضِيبِهِ أَنْفَ الْحُسَيْنِ وَ عَيْنَيْهِ وَ يَطْعَنُ فِي فَمِهِ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ ارْفَعْ قَضِيبَكَ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهُ وَاضِعاً شَفَتَيْهِ عَلَى مَوْضِعِ قَضِيبِكَ ثُمَّ انْتَحَبَ بَاكِياً فَقَالَ لَهُ أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَيْكَ عَدُوَّ اللَّهِ لَوْ لَا أَنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ وَ ذَهَبَ عَقْلُكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ فَقَالَ زَيْدٌ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثاً هُوَ أَغْلَظُ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص أَقْعَدَ حَسَناً عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَ حُسَيْناً عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى يَافُوخِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ إِيَّاهُمَا وَ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ كَانَ وَدِيعَتُكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص و قال و لما اجتمع عبيد الله بن زياد و عمر بن سعد- بعد قتل الحسين ع قال عبيد الله لعمر ائتني بالكتاب الذي كتبته إليك في معنى قتل الحسين ع و مناجزته فقال ضاع فقال لتجيئنني به أ تراك معتذرا في عجائز قريش قال عمر و الله لقد نصحتك في الحسين نصيحة لو استشارني بها أبي سعد كنت قد أديت حقه فقال عثمان بن زياد أخو عبيد الله صدق و الله لوددت أنه ليس من بني زياد رجل إلا و في أنفه خزامة إلى يوم القيامة و أن حسينا لم يقتل قال عمر بن سعد و الله ما رجع أحد بشر مما رجعت أطعت عبيد الله و عصيت الله و قطعت الرحم
وَ قَالَ السَّيِّدُ ثُمَّ أَمَرَ ابْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع فَطِيفَ بِهِ فِي سِكَكِ الْكُوفَةِ وَ يَحِقُّ لِي أَنْ أَتَمَثَّلَ هَاهُنَا بِأَبْيَاتٍ لِبَعْضِ ذَوِي الْعُقُولِ يَرْثِي بِهَا قَتِيلًا مِنْ آلِ الرَّسُولِ ص فَقَالَ-
رَأْسُ ابْنِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ وَ وَصِيِّهِ -
لِلنَّاظِرِينَ عَلَى قَنَاةٍ يُرْفَعُ -
وَ الْمُسْلِمُونَ بِمَنْظَرٍ وَ بِمَسْمَعٍ -
لَا مُنْكِرٌ مِنْهُمْ وَ لَا مُتَفَجِّعُ -
كُحِلَتْ بِمَنْظَرِكَ الْعُيُونُ عَمَايَةً -
وَ أَصَمَّ رُزْؤُكَ كُلَّ أُذُنٍ تَسْمَعُ -
مَا رَوْضَةٌ إِلَّا تَمَنَّتْ أَنَّهَا -
لَكَ حُفْرَةٌ وَ لِخَطِّ قَبْرِكَ مَضْجَعُ -
أَيْقَظْتَ أَجْفَاناً وَ كُنْتَ لَهَا كَرًى -
وَ أَنَمْتَ عَيْناً لَمْ يَكُنْ بِكَ تَهْجَعُ 22037
قَالَ ثُمَّ إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ قَالَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ الْحَقَّ وَ أَهْلَهُ وَ نَصْرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَشْيَاعَهُ وَ قَتَلَ الْكَذَّابَ ابْنَ الْكَذَّابِ فَمَا زَادَ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ شَيْئاً حَتَّى قَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَفِيفٍ الْأَزْدِيُّ وَ كَانَ مِنْ خِيَارِ الشِّيعَةِ وَ زُهَّادِهَا وَ كَانَتْ عَيْنُهُ الْيُسْرَى ذَهَبَتْ فِي يَوْمِ الْجَمَلِ وَ الْأُخْرَى فِي يَوْمِ صِفِّينَ وَ كَانَ يُلَازِمُ الْمَسْجِدَ الْأَعْظَمَ فَيُصَلِّي فِيهِ إِلَى اللَّيْلِ فَقَالَ يَا ابْنَ مَرْجَانَةَ إِنَّ الْكَذَّابَ ابْنَ الْكَذَّابِ أَنْتَ وَ أَبُوكَ وَ مَنِ اسْتَعْمَلَكَ وَ أَبُوهُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَ تَقْتُلُونَ أَبْنَاءَ النَّبِيِّينَ وَ تَتَكَلَّمُونَ بِهَذَا الْكَلَامِ عَلَى مَنَابِرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَغَضِبَ ابْنُ زِيَادٍ ثُمَّ قَالَ مَنْ هَذَا الْمُتَكَلِّمُ فَقَالَ أَنَا الْمُتَكَلِّمُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ تَقْتُلُ الذُّرِّيَّةَ الطَّاهِرَةَ الَّتِي قَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ تَزْعُمُ أَنَّكَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَا غَوْثَاهْ أَيْنَ أَوْلَادُ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ- لَا يَنْتَقِمُونَ مِنْ طَاغِيَتِكَ اللَّعِينِ ابْنِ اللَّعِينِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ فَازْدَادَ غَضَبُ ابْنِ زِيَادٍ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ وَ قَالَ عَلَيَّ بِهِ فَبَادَرَ إِلَيْهِ الْجَلَاوِزَةُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ لِيَأْخُذُوهُ فَقَامَتِ الْأَشْرَافُ مِنَ الْأَزْدِ مِنْ بَنِي عَمِّهِ فَخَلَّصُوهُ مِنْ أَيْدِي الْجَلَاوِزَةِ وَ أَخْرَجُوهُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ وَ انْطَلَقُوا بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ اذْهَبُوا إِلَى هَذَا الْأَعْمَى أَعْمَى الْأَزْدِ أَعْمَى اللَّهُ قَلْبَهُ كَمَا أَعْمَى عَيْنَهُ فَأْتُونِي بِهِ
فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْأَزْدَ اجْتَمَعُوا وَ اجْتَمَعَتْ مَعَهُمْ قَبَائِلُ الْيَمَنِ لِيَمْنَعُوا صَاحِبَهُمْ قَالَ وَ بَلَغَ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ فَجَمَعَ قَبَائِلَ مُضَرَ وَ ضَمَّهُمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ وَ أَمَرَهُمْ بِقِتَالِ الْقَوْمِ قَالَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيداً حَتَّى قُتِلَ بَيْنَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ وَ وَصَلَ أَصْحَابُ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَفِيفٍ فَكَسَرُوا الْبَابَ وَ اقْتَحَمُوا عَلَيْهِ فَصَاحَتْ ابْنَتُهُ أَتَاكَ الْقَوْمُ مِنْ حَيْثُ تَحْذَرُ فَقَالَ لَا عَلَيْكِ نَاوِلِينِي سَيْفِي فَنَاوَلَتْهُ إِيَّاهُ فَجَعَلَ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ وَ يَقُولُ-
أَنَا ابْنُ ذِي الْفَضْلِ عَفِيفِ الطَّاهِرِ -
عَفِيفٌ شَيْخِي وَ ابْنُ أُمِّ عَامِرِ -
كَمْ دَارِعٍ مِنْ جَمْعِكُمْ وَ حَاسِرِ -
وَ بَطَلٍ جَدَّلْتُهُ مُغَادِرِ -
قَالَ وَ جَعَلَتْ ابْنَتُهُ تَقُولُ يَا أَبَتِ لَيْتَنِي كُنْتُ رَجُلًا أُخَاصِمُ بَيْنَ يَدَيْكَ الْيَوْمَ هَؤُلَاءِ الْفَجَرَةَ قَاتِلِي الْعِتْرَةِ الْبَرَرَةِ قَالَ وَ جَعَلَ الْقَوْمُ يَدُورُونَ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَ هُوَ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَ كُلَّمَا جَاءُوا مِنْ جِهَةٍ قَالَتْ يَا أَبَهْ قَدْ جَاءُوكَ مِنْ جِهَةِ كَذَا حَتَّى تَكَاثَرُوا عَلَيْهِ وَ أَحَاطُوا بِهِ فَقَالَتْ بِنْتُهُ وَا ذُلَّاهْ يُحَاطُ بِأَبِي وَ لَيْسَ لَهُ نَاصِرٌ يَسْتَعِينُ بِهِ فَجَعَلَ يُدِيرُ سَيْفَهُ وَ يَقُولُ-
أُقْسِمُ لَوْ يُفْسَحُ لِي عَنْ بَصَرِي -
ضَاقَ عَلَيْكُمْ مَوْرِدِي وَ مَصْدَرِي -
قَالَ فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى أَخَذُوهُ ثُمَّ حُمِلَ فَأُدْخِلَ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْزَاكَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَفِيفٍ يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَ بِمَا ذَا أَخْزَانِيَ اللَّهُ-
وَ اللَّهِ لَوْ فُرِّجَ لِي عَنْ بَصَرِي -
ضَاقَ عَلَيْكَ مَوْرِدِي وَ مَصْدَرِي -
فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ يَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ يَا عَبْدَ بَنِي عِلَاجٍ يَا ابْنَ مَرْجَانَةَ وَ شَتَمَهُ مَا أَنْتَ وَ عُثْمَانَ إِنْ أَسَاءَ أَمْ أَحْسَنَ وَ أَصْلَحَ أَمْ أَفْسَدَ وَ اللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ خَلْقِهِ يَقْضِي بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ عُثْمَانَ بِالْعَدْلِ وَ الْحَقِّ وَ لَكِنْ سَلْنِي عَنْ أَبِيكَ وَ عَنْكَ وَ عَنْ يَزِيدَ وَ أَبِيهِ فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ وَ اللَّهِ لَا سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ أَوْ تَذُوقَ الْمَوْتَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَفِيفٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمَا إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَسْأَلُ اللَّهَ رَبِّي أَنْ يَرْزُقَنِيَ الشَّهَادَةَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَكَ أُمُّكَ وَ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَلَى يَدَيْ أَلْعَنِ
خَلْقِهِ وَ أَبْغَضِهِمْ إِلَيْهِ فَلَمَّا كُفَّ بَصَرِي يَئِسْتُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَ الْآنَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِيهَا بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْهَا وَ عَرَّفَنِيَ الْإِجَابَةَ مِنْهُ فِي قَدِيمِ دُعَائِي فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ اضْرِبُوا عُنُقَهُ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ صُلِبَ فِي السَّبَخَةِ 22038 وَ قَالَ الْمُفِيدُ فَلَمَّا أَخَذَتْهُ الْجَلَاوِزَةُ نَادَى شِعَارَ الْأَزْدِ فَاجْتَمَعَ مِنْهُمْ سَبْعُمِائَةٍ فَانْتَزَعُوهُ مِنَ الْجَلَاوِزَةِ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَيْتِهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَ صَلَبَهُ فِي السَّبَخَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ 22039 وَ قَالَ ابْنُ نَمَا ثُمَّ دَعَا جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيَّ وَ كَانَ شَيْخاً فَقَالَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَ لَسْتَ صَاحِبَ أَبِي تُرَابٍ قَالَ بَلَى لَا أَعْتَذِرُ مِنْهُ قَالَ مَا أَرَانِي إِلَّا مُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ بِدَمِكَ قَالَ إِذَنْ لَا يُقَرِّبُكَ اللَّهُ مِنْهُ بَلْ يُبَاعِدُكَ قَالَ شَيْخٌ قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ وَ خَلَّى سَبِيلَهُ ثُمَّ قَالَ الْمُفِيدُ وَ لَمَّا أَصْبَحَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بَعَثَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع فَدِيرَ بِهِ فِي سِكَكِ الْكُوفَةِ وَ قَبَائِلِهَا فَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ مُرَّ بِهِ عَلَيَّ وَ هُوَ عَلَى رُمْحٍ وَ أَنَا فِي غُرْفَةٍ لِي فَلَمَّا حَاذَانِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ- أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً فَقَفَّ وَ اللَّهِ شِعْرِي عَلَيَّ وَ نَادَيْتُ رَأْسُكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَعْجَبُ وَ أَعْجَبُ وَ قَالَ السَّيِّدُ وَ كَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ يُخْبِرُهُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ وَ خَبَرِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ كَتَبَ أَيْضاً إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَ قَالَ الْمُفِيدُ وَ لَمَّا أَنْفَذَ إلى ابْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع إِلَى يَزِيدَ تَقَدَّمَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الْحَارِثِ السُّلَمِيِّ فَقَالَ انْطَلِقْ حَتَّى تَأْتِيَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْمَدِينَةِ فَبَشِّرْهُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي وَ سِرْتُ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَلَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَا الْخَبَرُ فَقُلْتُ الْخَبَرُ عِنْدَ الْأَمِيرِ تَسْمَعُهُ
قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ قُتِلَ وَ اللَّهِ الْحُسَيْنُ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ مَا وَرَاكَ فَقُلْتُ مَا سَرَّ الْأَمِيرَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ اخْرُجْ فَنَادِ بِقَتْلِهِ فَنَادَيْتُ فَلَمْ أَسْمَعْ وَ اللَّهِ وَاعِيَةً قَطُّ مِثْلَ وَاعِيَةِ بَنِي هَاشِمٍ فِي دُورِهِمْ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ حِينَ سَمِعُوا النِّدَاءَ بِقَتْلِهِ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ إِلَيَّ ضَاحِكاً ثُمَّ أَنْشَأَ مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ-
عَجَّتْ نِسَاءُ بَنِي زِيَادٍ عَجَّةً -
كَعَجِيجِ نِسْوَتِنَا غَدَاةَ الْأَرْنَبِ -
ثُمَّ قَالَ عَمْرٌو هَذِهِ وَاعِيَةٌ بِوَاعِيَةِ عُثْمَانَ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَأَعْلَمَ النَّاسَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ع وَ دَعَا لِيَزِيدَ وَ نَزَلَ 22040 و قال صاحب المناقب قال في خطبته إنها لدمة بلدمة و صدمة بصدمة كم خطبة بعد خطبة و موعظة بعد موعظة- حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ و الله لوددت أن رأسه في بدنه و روحه في جسده أحيانا كان يسبنا و نمدحه و يقطعنا و نصله كعادتنا و عادته و لم يكن من أمره ما كان و لكن كيف نصنع بمن سل سيفه يريد قتلنا إلا أن ندفعه عن أنفسنا 22041 فقام عبد الله بن السائب فقال لو كانت فاطمة حية فرأت رأس الحسين لبكت عليه فجبهه عمرو بن سعيد و قال نحن أحق بفاطمة منك أبوها عمنا و زوجها أخونا و ابنها ابننا لو كانت فاطمة حية لبكت عينها و حرت كبدها و ما لامت من قتله و دفعه عن نفسه ثُمَّ قَالَ الْمُفِيدُ فَدَخَلَ بَعْضُ مَوَالِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَنَعَى إِلَيْهِ ابْنَيْهِ فَاسْتَرْجَعَ فَقَالَ أَبُو السَّلَاسِلِ 22042 مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ هَذَا مَا لَقِينَا مِنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَحَذَفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِنَعْلِهِ ثُمَّ قَالَ يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ أَ لِلْحُسَيْنِ تَقُولُ هَذَا
وَ اللَّهِ لَوْ شَهِدْتُهُ لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أُفَارِقَهُ حَتَّى أُقْتَلَ مَعَهُ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمِمَّا يَسْخَى بِنَفْسِي عَنْهُمَا وَ يُعَزِّي عَنِ الْمُصَابِ بِهِمَا أَنَّهُمَا أُصِيبَا مَعَ أَخِي وَ ابْنِ عَمِّي مُوَاسِيَيْنِ لَهُ صَابِرَيْنِ مَعَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَزَّ عَلَيَّ مَصْرَعُ الْحُسَيْنِ إِنْ لَا أَكُنْ آسَيْتُ حُسَيْناً بِيَدِي فَقَدْ آسَاهُ وَلَدَايَ فَخَرَجَتْ أُمُّ لُقْمَانَ بِنْتُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ سَمِعَتْ نَعْيَ الْحُسَيْنِ ع حَاسِرَةً وَ مَعَهَا أَخَوَاتُهَا أُمُّ هَانِئٍ وَ أَسْمَاءُ وَ رَمْلَةُ وَ زَيْنَبُ بَنَاتُ عَقِيلٍ تَبْكِي قَتْلَاهَا بِالطَّفِّ وَ هِيَ تَقُولُ-
مَا ذَا تَقُولُونَ إِذْ قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ -
مَا ذَا فَعَلْتُمْ وَ أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ -
بِعِتْرَتِي وَ بِأَهْلِي بَعْدَ مُفْتَقَدِي -
مِنْهُمْ أُسَارَى وَ قَتْلَى ضُرِّجُوا بِدَمِ -
مَا كَانَ هَذَا جَزَائِي إِذْ نَصَحْتُ لَكُمْ -
أَنْ تُخْلِفُونِي بِسُوءٍ فِي ذَوِي رَحِمِي -
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي خَطَبَ فِيهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ع بِالْمَدِينَةِ سَمِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مُنَادِياً يُنَادِي يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَ لَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ-
أَيُّهَا الْقَاتِلُونَ جَهْلًا حُسَيْناً -
أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَ التَّنْكِيلِ -
كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ يَدْعُو عَلَيْكُمْ -
مِنْ نَبِيٍّ وَ مُرْسَلٍ وَ قَبِيلِ 22043 -
قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَى لِسَانِ ابْنِ دَاوُدَ -
وَ مُوسَى وَ صَاحِبِ الْإِنْجِيلِ 22044
و قال ابن نما و روي أن يزيد بن معاوية لعنهما الله بعث بمقتل الحسين ع إلى المدينة محرز بن حريث بن مسعود الكلبي من بني عدي بن حباب و رجلا من يهرا 22045 و كانا من أفاضل أهل الشام فلما قدما خرجت امرأة من بنات عبد المطلب قيل هي زينب بنت عقيل ناشرة شعرها واضعة كمها على رأسها تتلقاهم و هي تبكي-
ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم