کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
يَسْتَسْلِمُوا أَوْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ الْأَمِيرِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَوِ الْقِتَالِ فَاخْتَارُوا الْقِتَالَ عَلَى الِاسْتِسْلَامِ فَعَدَوْنَا عَلَيْهِمْ مَعَ شُرُوقِ الشَّمْسِ فَأَحَطْنَا بِهِمْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ السُّيُوفُ مَأْخَذَهَا مِنْ هَامِ الْقَوْمِ جَعَلُوا يَهْرُبُونَ إِلَى غَيْرِ وَزَرٍ وَ يَلُوذُونَ مِنَّا بِالَآكَامِ وَ الْحُفَرِ لِوَاذاً كَمَا لَاذَ الْحَمَامُ مِنَ الصَّقْرِ فَوَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ إِلَّا جَزْرَ جَزُورٍ أَوْ نَوْمَةَ قَائِلٍ حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى آخِرِهِمْ فَهَاتِيكَ أَجْسَادُهُمْ مُجَرَّدَةً وَ ثِيَابُهُمْ مُرَمَّلَةً وَ خُدُودُهُمْ مُعَفَّرَةً تَصْهَرُهُمُ الشَّمْسُ وَ تَسْفِي عَلَيْهِمُ الرِّيحُ زُوَّارُهُمُ الرَّخَمُ وَ الْعِقْبَانُ 22057 فَأَطْرَقَ يَزِيدُ هُنَيْئَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ قَدْ كُنْتُ أَرْضَى مِنْ طَاعَتِكُمْ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ أَمَا لَوْ كُنْتُ صَاحِبَهُ لَعَفَوْتُ عَنْهُ ثُمَّ إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ بَعْدَ إِنْفَاذِهِ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع أَمَرَ فِتْيَانَهُ وَ صِبْيَانَهُ وَ نِسَاءَهُ فَجُهِّزُوا وَ أَمَرَ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَغُلَّ بِغُلٍّ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ سَرَّحَ بِهِمْ فِي أَثَرِ الرُّءُوسِ مَعَ مُخْفِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِيِّ وَ شِمْرِ بْنِ ذِي الْجَوْشَنِ فَانْطَلَقُوا بِهِمْ حَتَّى لَحِقُوا بِالْقَوْمِ الَّذِينَ مَعَهُمُ الرَّأْسُ وَ لَمْ يَكُنْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يُكَلِّمُ أَحَداً مِنَ الْقَوْمِ فِي الطَّرِيقِ كَلِمَةً وَاحِدَةً حَتَّى بَلَغُوا فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى بَابِ يَزِيدَ رَفَعَ مُخْفِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ صَوْتَهُ فَقَالَ هَذَا مُخْفِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْفَجَرَةِ اللِّئَامِ فَأَجَابَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مَا وَلَدَتْ أُمُّ مُخْفِرٍ أَشَرُّ وَ أَلْأَمُ 22058 وَ زَادَ فِي الْمَنَاقِبِ وَ لَكِنْ قَبَّحَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ قَالَ فِي الْمَنَاقِبِ وَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ قَاعِداً فِي مَجْلِسِ يَزِيدَ فَقَالَ-
لَهَامٌ بِجَنْبِ الطَّفِّ أَدْنَى قَرَابَةً -
مِنِ ابْنِ زِيَادِ الْعَبْدِ ذِي النَّسَبِ الْوَغْلِ -
سُمَيَّةُ أَمْسَى نَسْلُهَا عَدَدَ الْحَصَا -
وَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَتْ بِذِي نَسْلِ -
قَالَ يَزِيدُ نَعَمْ فَلَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ إِذْ أَقْدَمَ عَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ فَاطِمَةَ لَوْ كُنْتُ صَاحِبَهُ لَمَا سَأَلَنِي خَصْلَةً إِلَّا أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا وَ لَدَفَعْتُ عَنْهُ الْحَتْفَ بِكُلِّ مَا اسْتَطَعْتُ وَ لَوْ بِهَلَاكِ بَعْضِ وُلْدِي وَ لَكِنْ قَضَى اللَّهُ أَمْراً فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَرَدٌّ وَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ يَزِيدَ أَسَرَّ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَ مَا يَسَعُكَ السُّكُوتُ وَ قَالَ الْمُفِيدُ وَ لَمَّا وُضِعَتِ الرُّءُوسُ بَيْنَ يَدِي يَزِيدَ وَ فِيهَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ ع قَالَ يَزِيدُ-
نُفَلِّقُ هَاماً مِنْ أُنَاسٍ أَعِزَّةٍ -
عَلَيْنَا وَ هُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَ أَظْلَمَا - 22059
فَقَالَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ مَا مَرَّ ذِكْرُهُ فَضَرَبَ يَزِيدُ عَلَى صَدْرِ يَحْيَى يَدَهُ وَ قَالَ اسْكُتْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَهْلِ مَجْلِسِهِ فَقَالَ إِنَّ هَذَا كَانَ يَفْخَرُ عَلَيَّ وَ يَقُولُ- أَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِ يَزِيدَ وَ أُمِّي خَيْرٌ مِنْ أُمِّهِ وَ جَدِّي خَيْرٌ مِنْ جَدِّهِ وَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ فَهَذَا الَّذِي قَتَلَهُ فَأَمَّا قَوْلُهُ بِأَنَّ أَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِ يَزِيدَ فَلَقَدْ حَاجَّ أَبِي أَبَاهُ فَقَضَى اللَّهُ لِأَبِي عَلَى أَبِيهِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ بِأَنَّ أُمِّي خَيْرٌ مِنْ أُمِّ يَزِيدَ فَلَعَمْرِي لَقَدْ صَدَقَ إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أُمِّي وَ أَمَّا قَوْلُهُ جَدِّي خَيْرٌ مِنْ جَدِّهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يَقُولُ بِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ مُحَمَّدٍ وَ أَمَّا قَوْلُهُ بِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنِّي فَلَعَلَّهُ لَمْ يَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ وَ- قَالَ ابْنُ نَمَا نَقَلْتُ مِنْ تَارِيخِ دِمَشْقَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُرَشِيِ قَالَ أَنَا عِنْدَ يَزِيدَ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ مُخْفِرٍ يَقُولُ هَذَا مُخْفِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِاللِّئَامِ الْفَجَرَةِ فَأَجَابَهُ يَزِيدُ مَا وَلَدَتْ أُمُّ مُخْفِرٍ أَشَرُّ وَ أَلْأَمُ وَ قَالَ السَّيِّدُ ثُمَّ أُدْخِلَ ثَقَلُ الْحُسَيْنِ ع وَ نِسَاؤُهُ وَ مَنْ تَخَلَّفَ مِنْ أَهْلِهِ عَلَى يَزِيدَ وَ هُمْ مُقَرَّنُونَ فِي الْحِبَالِ فَلَمَّا وَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ قَالَ لَهُ عَلِيُ
بْنُ الْحُسَيْنِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا يَزِيدُ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنَا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَأَمَرَ يَزِيدُ بِالْحِبَالِ فَقُطِّعَتْ ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ ع بَيْنَ يَدَيْهِ وَ أَجْلَسَ النِّسَاءَ خَلْفَهُ لِئَلَّا يَنْظُرْنَ إِلَيْهِ فَرَآهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَلَمْ يَأْكُلِ الرُّءُوسَ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَداً 22060 - وَ قَالَ ابْنُ نَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أُدْخِلْنَا عَلَى يَزِيدَ وَ نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مُغَلَّلُونَ فَلَمَّا وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا يَزِيدُ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنَا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ يَا يَزِيدُ بَنَاتُ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا فَبَكَى النَّاسُ وَ بَكَى أَهْلُ دَارِهِ حَتَّى عَلَتِ الْأَصْوَاتُ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَقُلْتُ وَ أَنَا مَغْلُولٌ أَ تَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ فَقَالَ قُلْ وَ لَا تَقُلْ هُجْراً فَقَالَ لَقَدْ وَقَفْتُ مَوْقِفاً لَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أَنْ يَقُولَ الْهُجْرَ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنِي فِي الْغُلِّ فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ حُلُّوهُ حَدَّثَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لَمَّا أُتِيَ يَزِيدُ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ لَوْ كَانَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ ابْنِ مَرْجَانَةَ قَرَابَةٌ لَأَعْطَاكَ مَا سَأَلْتَ ثُمَّ أَنْشَدَ يَزِيدُ-
نُفَلِّقُ هَاماً مِنْ رِجَالٍ أَعِزَّةٍ -
عَلَيْنَا وَ هُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَ أَظْلَمَا -
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع- ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ 22061 ثُمَّ قَالُوا وَ أَمَّا زَيْنَبُ فَإِنَّهَا لَمَّا رَأَتْهُ أَهْوَتْ إِلَى جَيْبِهَا فَشَقَّتْهُ ثُمَّ نَادَتْ بِصَوْتٍ حَزِينٍ تُفْزِعُ الْقُلُوبَ يَا حُسَيْنَاهْ يَا حَبِيبَ رَسُولِ اللَّهِ يَا ابْنَ مَكَّةَ وَ مِنَى يَا ابْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةَ النِّسَاءِ يَا ابْنَ بِنْتِ الْمُصْطَفَى قَالَ فَأَبْكَتْ وَ اللَّهِ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ وَ يَزِيدُ سَاكِتٌ ثُمَّ جَعَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فِي دَارِ يَزِيدَ تَنْدُبُ عَلَى الْحُسَيْنِ ع وَ تُنَادِي وَا حَبِيبَاهْ يَا سَيِّدَ أَهْلِ بَيْتَاهْ يَا ابْنَ مُحَمَّدَاهْ يَا رَبِيعَ الْأَرَامِلِ وَ الْيَتَامَى يَا قَتِيلَ أَوْلَادِ الْأَدْعِيَاءِ قَالَ فَأَبْكَتْ كُلَّ مَنْ سَمِعَهَا ثُمَّ دَعَا يَزِيدُ بِقَضِيبِ خَيْزُرَانٍ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ ثَنَايَا الْحُسَيْنِ ع فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ
أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ وَ قَالَ وَيْحَكَ يَا يَزِيدُ أَ تَنْكُتُ بِقَضِيبِكَ ثَغْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ فَاطِمَةَ أَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ يَرْشُفُ ثَنَايَاهُ وَ ثَنَايَا أَخِيهِ الْحَسَنِ وَ يَقُولُ أَنْتُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَتَلَ اللَّهُ قَاتِلَكُمَا وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً قَالَ فَغَضِبَ يَزِيدُ وَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ فَأُخْرِجَ سَحْباً قَالَ فَجَعَلَ يَزِيدُ يَتَمَثَّلُ بِأَبْيَاتِ ابْنِ الزِّبَعْرَي شِعْرٌ-
لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا -
جَزِعَ الْخَزْرَجُ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ 22062 -
فَأَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً -
ثُمَّ قَالُوا يَا يَزِيدُ لَا تُشَلَ
أَقُولُ وَ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ
مِنْ بَنِي أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلَ
وَ فِي الْمَنَاقِبِ
لَسْتُ مِنْ عُتْبَةَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ
قَالَ السَّيِّدُ وَ غَيْرُهُ فَقَامَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ صَدَقَ اللَّهُ كَذَلِكَ يَقُولُ- ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ أَ ظَنَنْتَ يَا يَزِيدُ حَيْثُ أَخَذْتَ عَلَيْنَا أَقْطَارَ الْأَرْضِ وَ آفَاقَ السَّمَاءِ فَأَصْبَحْنَا نُسَاقُ كَمَا تُسَاقُ الْأُسَارَى أَنَّ بِنَا عَلَى اللَّهِ هَوَاناً وَ بِكَ عَلَيْهِ كَرَامَةً وَ أَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ عِنْدَهُ فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَ نَظَرْتَ فِي عِطْفِكَ جَذْلَانَ مَسْرُوراً حِينَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً وَ الْأُمُورَ مُتَّسِقَةً وَ حِينَ صَفَا لَكَ مُلْكُنَا وَ سُلْطَانُنَا مَهْلًا مَهْلًا أَ نَسِيتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ 22063
أَ مِنَ الْعَدْلِ يَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَ إِمَاءَكَ وَ سَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَ أَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ تَحْدُو بِهِنَّ الْأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَ يَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَاهِلِ وَ الْمَنَاقِلِ وَ يَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَ الْبَعِيدُ وَ الدَّنِيُّ وَ الشَّرِيفُ لَيْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالِهِنَّ وَلِيٌّ وَ لَا مِنْ حُمَاتِهِنَّ حَمِيٌّ وَ كَيْفَ يُرْتَجَى مُرَاقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكْبَادَ الْأَزْكِيَاءِ وَ نَبَتَ لَحْمُهُ بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ وَ كَيْفَ يَسْتَبْطِئُ فِي بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مَنْ نَظَرَ إِلَيْنَا بِالشَّنَفِ وَ الشَّنَآنِ وَ الْإِحَنِ وَ الْأَضْغَانِ ثُمَّ تَقُولُ غَيْرَ مُتَأَثِّمٍ وَ لَا مُسْتَعْظِمٍ-
وَ أَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً -
ثُمَّ قَالُوا يَا يَزِيدُ لَا تُشَلُ
مُنْتَحِياً عَلَى ثَنَايَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَنْكُتُهَا بِمِخْصَرَتِكَ وَ كَيْفَ لَا تَقُولُ ذَلِكَ وَ قَدْ نَكَأْتَ الْقَرْحَةَ وَ اسْتَأْصَلْتَ الشَّافَةَ بِإِرَاقَتِكَ دِمَاءَ ذُرِّيَّةِ مُحَمَّدٍ ص وَ نُجُومِ الْأَرْضِ مِنْ آلِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ تَهْتِفُ بِأَشْيَاخِكَ زَعَمْتَ أَنَّكَ تُنَادِيهِمْ فَلَتَرِدَنَّ وَشِيكاً مَوْرِدَهُمْ وَ لَتَوَدَّنَّ أَنَّكَ شَلَلْتَ وَ بَكِمْتَ وَ لَمْ يَكُنْ قُلْتَ مَا قُلْتَ وَ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ اللَّهُمَّ خُذْ بِحَقِّنَا وَ انْتَقِمْ مِنْ ظَالِمِنَا وَ أَحْلِلْ غَضَبَكَ بِمَنْ سَفَكَ دِمَاءَنَا وَ قَتَلَ حُمَاتَنَا فَوَ اللَّهِ مَا فَرَيْتَ إِلَّا جِلْدَكَ وَ لَا جَزَزْتَ إِلَّا لَحْمَكَ وَ لَتَرِدَنَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ ذُرِّيَّتِهِ وَ انْتَهَكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ فِي عِتْرَتِهِ وَ لُحْمَتِهِ حَيْثُ يَجْمَعُ اللَّهُ شَمْلَهُمْ وَ يَلُمُّ شَعَثَهُمْ وَ يَأْخُذُ بِحَقِّهِمْ- وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ حَسْبُكَ بِاللَّهِ حَاكِماً وَ بِمُحَمَّدٍ خَصِيماً وَ بِجَبْرَئِيلَ ظَهِيراً وَ سَيَعْلَمُ مَنْ سَوَّى لَكَ وَ مَكَّنَكَ مِنْ رِقَابِ الْمُسْلِمِينَ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا وَ أَيُّكُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً - وَ لَئِنْ جَرَّتْ عَلَيَّ الدَّوَاهِي مُخَاطَبَتَكَ إِنِّي لَأَسْتَصْغِرُ قَدْرَكَ وَ أَسْتَعْظِمُ تَقْرِيعَكَ وَ أَسْتَكْبِرُ تَوْبِيخَكَ لَكِنَّ الْعُيُونَ عَبْرَى وَ الصُّدُورَ حَرَّى أَلَا فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ حِزْبِ اللَّهِ النُّجَبَاءِ بِحِزْبِ الشَّيْطَانِ الطُّلَقَاءِ فَهَذِهِ الْأَيْدِي تَنْطِفُ مِنْ
دِمَائِنَا وَ الْأَفْوَاهُ تَتَحَلَّبُ مِنْ لُحُومِنَا وَ تِلْكَ الْجُثَثُ الطَّوَاهِرُ الزَّوَاكِي تَنْتَابُهَا الْعَوَاسِلُ وَ تَعْفُوهَا أُمَّهَاتُ الْفَرَاعِلِ وَ لَئِنِ اتَّخَذْتَنَا مَغْنَماً لَتَجِدُنَا وَشِيكاً مَغْرَماً حِينَ لَا تَجِدُ إِلَّا مَا قَدَّمْتَ وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فَإِلَى اللَّهِ الْمُشْتَكَى وَ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فَكِدْ كَيْدَكَ وَ اسْعَ سَعْيَكَ وَ نَاصِبْ جُهْدَكَ فَوَ اللَّهِ لَا تَمْحُو ذِكْرَنَا وَ لَا تُمِيتُ وَحْيَنَا وَ لَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا وَ لَا تَرْحَضُ عَنْكَ عَارَهَا وَ هَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَ أَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَ جَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ- أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَتَمَ لِأَوَّلِنَا بِالسَّعَادَةِ وَ لِآخِرِنَا بِالشَّهَادَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُكْمِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ وَ يُوجِبَ لَهُمُ الْمَزِيدَ وَ يُحْسِنَ عَلَيْنَا الْخِلَافَةَ إِنَّهُ رَحِيمٌ وَدُودٌ وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَقَالَ يَزِيدُ-
يَا صَيْحَةً تُحْمَدُ مِنْ صَوَائِحِ -
مَا أَهْوَنَ الْمَوْتَ عَلَى النَّوَائِحِ
قَالَ ثُمَّ اسْتَشَارَ أَهْلَ الشَّامِ فِيمَا يَصْنَعُ بِهِمْ فَقَالُوا لَا تَتَّخِذْ مِنْ كَلْبِ سَوْءٍ جَرْواً فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ انْظُرْ مَا كَانَ الرَّسُولُ يَصْنَعُهُ بِهِمْ فَاصْنَعْهُ بِهِمْ 22064 وَ قَالَ الْمُفِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ يَا ابْنَ حُسَيْنٍ أَبُوكَ قَطَعَ رَحِمِي وَ جَهِلَ حَقِّي وَ نَازَعَنِي سُلْطَانِي فَصَنَعَ اللَّهُ بِهِ مَا قَدْ رَأَيْتَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ- ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ 22065 فَقَالَ يَزِيدُ لِابْنِهِ خَالِدٍ ارْدُدْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَدْرِ خَالِدٌ مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ قُلْ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ 22066 وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَا ابْنَ مُعَاوِيَةَ وَ هِنْدٍ وَ صَخْرٍ لَمْ تَزَلِ النُّبُوَّةُ وَ الْإِمْرَةُ لِآبَائِي وَ أَجْدَادِي مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ وَ لَقَدْ كَانَ جَدِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي يَوْمِ بَدْرٍ وَ أُحُدٍ وَ الْأَحْزَابِ فِي يَدِهِ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَبُوكَ
وَ جَدُّكَ فِي أَيْدِيهِمَا رَايَاتُ الْكُفَّارِ ثُمَّ جَعَلَ عَلَيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ-
مَا ذَا تَقُولُونَ إِذْ قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ -
مَا ذَا فَعَلْتُمْ وَ أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ -
بِعِتْرَتِي وَ بِأَهْلِي عِنْدَ مُفْتَقَدِي -
مِنْهُمْ أُسَارَى وَ مِنْهُمْ ضُرِّجُوا بِدَمٍ -